مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

وزير الداخلية والانفتاح السياحي

عبدالرحمن المسفر
2025/08/10   08:42 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



بقلم عبدالرحمن المسفر
Almesfer2215@hotmail.com
يأتي القرار الوزاري الأخير(١٣٨٦ لسنة ٢٠٢٥) الصادر عن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح بالسماح للمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي بدخول الكويت، بشرط أن تكون لديهم إقامة صالحة لمدة لا تقل عن ستة أشهر، والحصول على التأشيرة السياحية مباشرة من المنافذ الكويتية، كخطوة نوعية تتجاوز كونها مجرد إجراء تنظيمي إلى كونها مؤشرًا على رؤية أوسع تتجه نحو الانفتاح السياحي وتعزيز مكانة الكويت في محيطها الخليجي.

هذا القرار لا يفتح الأبواب من الناحية الحدودية فحسب، بل يُشرّع معها آفاقًا اقتصادية وثقافية واجتماعية يمكن أن تثمر نتائج ملموسة على المدى القريب والبعيد، فالسياحة ليست نشاطًا ثانويًا في اقتصاد الدول الحديثة، بل أصبحت أداة استراتيجية للترويج الوطني، وتعزيز صورة البلد، وتنويع مصادر الدخل، وبناء جسور التواصل بين الشعوب.

وقد لمست شخصيًا أصداءً إيجابية لافتة بعد تداول القرار في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. ففي غضون سويعات ، تواصل معي أصدقاء ومعارف من دول خليجية مختلفة، مستفسرين عن التفاصيل، ومعبرين عن إعجابهم بهذه الخطوة التي وصفها بعضهم بأنها “بادرة جاذبة” و”إشارة انفتاح مشجعة”، وهذه الانطباعات التي رصدتها بشكل مباشر تعكس حالة من الفضول والرغبة في استكشاف الكويت عن قرب، وهو ما يؤكد قوة الرسالة التي يحملها القرار، وإذا كان هذا هو صدى الخطوة في بداياتها، فكيف سيكون تأثيرها بعد أشهر من التطبيق العملي وبدء تدفق الزوار؟

إن فتح المجال لدخول المقيمين في دول مجلس التعاون بسهولة أكبر، يعني تنشيط الحركة في المرافق السياحية والتجارية والخدمية داخل الكويت. فالفنادق والمطاعم والمجمعات التجارية والمواقع التراثية ستستفيد من هذا التدفق البشري، كما ستنشط قطاعات النقل والترفيه والفعاليات. إضافة إلى ذلك، سيجد الزائرون فرصة للتعرف على الهوية الكويتية من الداخل، بما تحمله من مزيج بين الأصالة والحداثة، والاطلاع على معالمها البارزة مثل سوق المباركية، وأبراج الكويت، والمولات التجارية الفخمة ،والجزر الطبيعية والحدائق العصرية العامة كحديقة الشهيد ، والمشاريع الحديثة التي تُطهر حيوية الدولة بأكملها .

ولعل ما يميز هذه المنحى أنه يثبت أهميته في وقت تتزايد فيه المنافسة السياحية بين دول المنطقة، حيث أصبحت السياحة الخليجية البينية عنصرًا مهمًا في دعم الاقتصادات المحلية. وبفضل هذا القرار، سوف تمتلك الكويت أداة جديدة لتوسيع قاعدة زوارها، وجعلها أكثر حضورًا على خريطة الوجهات المفضلة للمقيمين في الخليج.

لكن نجاح هذه المسار يتطلب تهيئة الأرضية المناسبة لاستقبال الموجات المتعاقبة من الزوار. وهنا يمكن النظر إلى مجموعة من المقترحات التي تقوي من أثر القرار:
• تطوير البنية التحتية السياحية عبر تحسين اللوحات الإرشادية، وتوسيع مواقف السيارات، وتوفير مرافق متكاملة في المواقع السياحية.
• إطلاق حملات ترويجية رقمية تستهدف سكان دول الخليج، تعرض ما تقدمه الكويت من تجارب سياحية وثقافية، مع التركيز على المحتوى المرئي الجذاب.
• تنظيم فعاليات موسمية على مدار العام، تتنوع بين مهرجانات تراثية ومعارض فنية وفعاليات رياضية، مما يشجع الزوار على القدوم في مواسم متعددة.
• تعاون القطاعين العام والخاص في تقديم باقات سياحية تشمل الإقامة والتنقل والأنشطة بأسعار تنافسية.

وأتصور أن هذه الرؤى التي أشرنا إليها تقع في مدار تفكير الجهات الحكومية إبتداءً من مجلس الوزراء ولجانه المختصة مروراً بوزارة الداخلية وانتقالاً إلى وزارة الإعلام التي يدخل في تنظيمها قطاع السياحة ، فضلا عن الجهات المختصة الأخرى مثل : شركة المشروعات السياحية واتحاد الفنادق الكويتية إلى غير ذلك من نطاقات وطنية رسمية وأهلية .

إن هذا النوع من القرارات لا يتبدى أثره على القطاع السياحي وحده، بل ينتقل إلى سطوع الصورة الذهنية للكويت، فحين يشعر الزائر بسهولة الدخول وحفاوة الاستقبال وتنوع التجربة، فإنه ينقل هذه الانطباعات إلى محيطه، ليصبح بدوره سفيرًا غير رسمي يروج للكويت دون تكلفة دعائية مباشرة.

وقد أثبتت تجارب دول عدة ، أن الانفتاح المدروس على الزوار يسهم في تحقيق قفزات في الحركة الاقتصادية. فالزائر لا يستهلك الخدمات السياحية ويكتفي بذلك ، بل ينفق على التسوق، والمطاعم، والنقل، والأنشطة الترفيهية، وهو ما يخلق دورة اقتصادية يعود نفعها على مختلف شرائح المجتمع. وفي حالة الكويت، يمكن أن يمثل الزائر من الخليج إضافة نوعية نظرًا لإلمامه بالقواسم الثقافية والاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي مما يسهل تفاعله مع البيئة المحلية.

ومن الناحية المجتمعية، فإن مثل هذه القرارات توثق أواصر التبادل الثقافي داخل الإطار الخليجي، وتجعل من تلك الزيارات قناة فاعلة لتوطيد العلاقات بين الأفراد والأسر، إلى جانب العلاقات الرسمية بين الدول ؛فالسياحة هنا ليست ترفيهاً وحسب، بل هي بناء لرصيد من التفاهم المشترك، وتعميق لجسور التواصل البشرية مع الآخر .

إن قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح يستحق الإشادة والتقدير ، ليس لأنه أتاح دخول فئة جديدة من الزوار ، بل لأنه يثبت أن هناك فهمًا لأهمية السياحة كوسيلة للتواصل والتنمية. وما لمسته على الصعيد الشخصي من تفاعل إيجابي من الإعلاميين والزملاء في دول الخليج الذين أثنوا على القرار واعتبروه بادرة إيجابية تحسب للكويت، ليعطي إشارة حقيقية بصواب هذا الإجراء الذي حمل زخمًا إعلاميًا وتسويقيًا يمكن البناء عليه.

ومع استمرار تطبيق القرار وقياس أثره، ومردوده ، يمكن أن نرى تحولات نوعية ، وهذا مرهون - بالطبع - بتحسين جودة التجربة السياحية بعناصر الإبداع والابتكار، سواء في الخدمات أو الفعاليات أو الترويج. فالعالم اليوم يتجه نحو ما يعرف بـ”السياحة التجريبية”، إذ يبحث الزائر عن تجربة متكاملة تشمل الترفيه، والثقافة، والطعام، والتسوق، والتفاعل مع السكان المحليين. والكويت بما تزخر به من مقومات، باستطاعتها أن تقدم نموذجًا خاصًا بها في هذا المجال.

في الختام، يمكن القول إن هذا القرار لا يمكن اختزاله بوصفه خطوة اعتيادية عابرة ، بل هو بداية مسار سيعيد رسم ملامح الانفتاح السياحي في الكويت ، خصوصاً إذا وُضعت رؤية شمولية تستوعب الصناعة السياحية بعناصرها الجوهرية، واستناداً إلى متابعتي لهذا الملف ، فإنني أري جدية حكومية للنهوض به وتجاوز عقباته ، من أجل أن نرى -بمشيئة الله - الكويت درة لامعة كوجهة سياحية ومقصدا للزوار ليس على المستوى الخليجي وإنما على الصعيد العالمي .
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
345.0143
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top