|
|

|
|
من يصنع الطائفية؟
|
|
|
|
من يصنع الطائفية Sectarianism؟ ولماذا يصنعها؟ ومن ضحاياها؟ وكيف يقعون في اتونها؟ لعل هذه الاسئلة وغيرها هي التي تتداعى كلما حدث تفجير ارهابي هنا، او عملية انتحارية هناك. والطائفة جزء من كل، وهي جماعة من الناس، وقيل اقلها رجلان وقيل: ثلاثة، لذا فالانتماء الى طائفة ليس عيبا، والاعتزاز بالطائفة ليس خطأ.. الم يخاطب القرآن المؤمنين بالطائفة، فقال تعالى: {وما كان الْمُؤْمِنُون لِينْفِرُوا كافةً فلوْلا نفر مِنْ كُلِّ فِرْقةٍ مِنْهُمْ طائِفةٌ لِيتفقهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قوْمهُمْ اذا رجعُوا اليْهِمْ لعلهُمْ يحْذرُون}.. وتامل هذا التوجيه الرباني في الآية الكريمة بان حث هذه الطائفة التي تريد ان تتخصص في الدعوة والجهاد على ان تتعلم اولا وتتفقه في الدين، فان هي احكمت ذلك وقتها فقط تقوم بالدعوة والنذارة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل ذلك عن بصيرة ودراية ووضع كل شيء في مكانه المناسب. ولكن ما هو الخطأ والعيب؟ هو التعصب للطائفة دون وجه حق فيؤدي هذا التعصب الى ان تنسب لها ما ليس فيها من البطولة والكرم والتضحيات، وتعظم اشخاصا حتى ترتقي بهم الى مرتبة الصحابة والانبياء او تزيد! وقد يؤدي هذا التعصب للطائفة الى ارتكاب افعال وجرائم ظنا منها انها بذلك تدافع عن الطائفة وافكارها. لقد اصبحت الطريق الى تاجيج الطائفية مكشوفة وواضحة المعالم لكل مراقب ومتابع! فقط ابحث عن المستفيد من اثارة الطائفية حتى تعرف منْ وراءها وما اهدافه ومراميه، فالزعم بان للطائفة مشروعا لانقاذ الامة، او هدايتها الى الطريق القويم يجر الامة جرا الى المعتقد ذاته، او المذهب او الافكار حتى ولو كان تحت حد السيف هو ابرز هذه الخدع الواضحة التي لم تعد تنطلي على المثقفين والمتعلمين انما تنطلي على البسطاء والسذج والمرتزقة! وعادة ما ينساق الاقل علما، والاقل تاهيلا، والاقل وعيا الى الشطط والحدة في تبني قضايا الطائفة، والدفاع عنها بضراوة، ويرى ان اي طائفة اخرى لا شيء وهي عنده مثل الهباء المنثور، والارض المستباحة، والعصف الماكول امام طائفته فيستحل الدماء، ويستمرئ الارهاب ضد الآخرين، فتتحول طائفته الى طائفة انتقامية لا ترى الا الدماء والقتل والتعذيب والتشريد، كل هذا باسم الدين تارة وباسم الولاء للطائفة تارة اخرى، ويقع ضحايا الطائفية بالحماسة المفرطة التي صنعت لهم، وبالاغراءات الوهمية التي زينت لهم من خلال الرموز التي تنفخ في التعصب للطائفية ليل نهار، من خلال مشايخ ومنظرين ومفكرين يتم الغسل الدماغي الجماعي لهم يوميا. ومما فاقم التعصب للطائفية ان تبنته دولا صار لها مشروع للتمدد والتوسع، والقضاء على المخالف، وتحجيم بقية الطوائف دون وجه حق، وهي لا سبيل لها للنفاذ الى غيرها من الدول الا بتاجيج الطائفية وركوب حصانها الطروادي، وهي في سبيل هذا وفرت الاموال تدفعها للاتباع حتى ينفذوا اجندتها، وكذلك الاعلام والفضائيات يروجون مبالغاتهم ومزاعمهم على العامة البسيطة، فيتحول المشروع الى مشروع ابادة وتصفيات لطوائف كثيرة وكبيرة. ولقد عمد الاستعمار الغربي في العالم الاسلامي ومن بعده الانظمة الشمولية الى الدفع بطوائف واقليات للسيطرة، والنفوذ، وجعلت الطائفية جزءا من السياسة، واصبحت انتماء ايديولوجيا بعد ان كانت عقيدة خاصة.
سالم الناشي
|
|
|
|
|
|
|
|