خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

كريستشن ساينس مونيتور

لماذا برزت السعودية كقوة عربية كبرى في المنطقة؟

2015/05/17   07:37 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
لماذا برزت السعودية كقوة عربية كبرى في المنطقة؟



بقلم - تيلر لاك:

عند الساعة السابعة من مساء كل يوم يتوقف كل شيء في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية التي تضج بالنشاط، ويخيم الصمت بينما يسارع رجال الأعمال والموظفون وأفراد العائلات الى أجهزة التلفزيون لمشاهدة اللواء أحمد عسيري وهو يتحدث عن أحدث البيانات العسكرية للحملة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن.والحقيقة ان اهتمام الناس ببيانات العسيري هذه وخرائط المعارك التي يعرضها بات أكبر من شغفهم بمشاهدة المسلسلات التلفزيونية المحببة اليهم.
فهم يصغون باهتمام شديد لتفاصيل عمليات القصف التي تنفذها الطائرات السعودية ضد المتمردين الحوثيين الذين أصبحوا بنظر الناس أحدث وكلاء لايران في المنطقة.
كما تبارك الرايات واللوحات الاعلانية هذه الضربات الجوية التي هي عمليا أول حرب تخوضها السعودية منذ ربع قرن تقريبا.بل وذهبت وسائل الاعلام الى حد تشبيه حملة القصف هذه بمعركة «خوزاز» التي نهضت فيها العشائر والقبائل العربية ضد غزاة الفرس لليمن قبل أكثر من 1500 سنة.

قوة بارزة

والواقع ان الناس لا يؤيدون فقط حرب السعودية الجديدة هذه بل وأيضا دورها كقوة بارزة في الشرق الأوسط تملأ الفراغ الذي خلقه تلكؤ الأمريكيين في التدخل بالمنطقة.
يقول المهندس الكهربائي محمد حمدان بينما يشاهد في التلفزيون أحدث التطورات في اليمن: سوف تندم الدول العربية التي لم تقف بجانبنا اليوم فهي اما ان تكون معنا أو ضدنا.

كبرياء وطني

لا شك في ان هذا الكبرياء الوطني الذي بات واضحا اليوم هو أحدث مؤشر على ان المملكة باتت أكثر جرأة وثقة بالنفس في سعيها لتوسيع دائرة نفوذها جيوبولوتيكيا، ليس فقط في الشرق الأوسط بل وفي العالم أيضا.فبعد أقل من خمسة أشهر من عملية انتقالية سلسة للسلطة من الملك عبدالله الى أخيه الملك سلمان باتت السعودية تتطلع الى ما وراء حدودها لتلعب دورا أكثر ايجابية كقوة سياسية واقتصادية يمكن ان تؤثر على نحو دراماتيكي بالتوازن الاستراتيجي في منطقة تمر الآن بتحولات كبرى لم تعرف لها مثيلا من قبل منذ قرن.
اذ من الملاحظ ان الرياض باتت تستخدم اليوم قوتها العسكرية وأسطول طائراتها الحربية ووكلائها السنة الذين تمولهم وتسلحهم من أجل احتواء النفوذ المتزايد لمنافستها الاقليمية ايران.وبالاضافة لاعادتها النظر في سياساتها النفطية لتوفر لها تأثيرا أكبر في العواصم الأجنبية، تعيد الرياض الآن تشكيل قوتها البشرية العاملة من أجل تعزيز قوتها الاقتصادية.

رسالة رمزية واستراتيجية

هذا التحول في سياسة الرياض اتضح في الأونة الأخيرة بغياب الملك سلمان عن حضور قمة زعماء بلدان الخليج العربية في واشنطن حيث كان لهذا الغياب بعدين: رمزيا واستراتيجيا بالطبع.اذ يمكن القول ان الملك السعودي وجه بذلك رسالة مفادها ان بيت آل سعود لن يكون دائما رهن اشارة واشنطن.
بيد ان كل هذا التغيير يأتي وسط مجموعة من المشكلات يواجهها النظام الملكي الجديد في السعودية.فحرب الرياض الباردة مع ايران بالاضافة للصراع الذي يبدو بلا نهاية في سورية ووجود الدولة الاسلامية في العراق وتصاعد العنف في اليمن يضع السعودية في خضم حرب بمسارح عمليات متعددة لأول مرة في التاريخ.
هنا يتعين طرح السؤال التالي: الى أي مدى ستذهب السعودية في جرأتها الجديدة، وماذا يعني هذا للمنطقة؟
يقول هاني وفا المحرر السياسي في صحيفة الرياض: منذ عقود والمملكة تعتمد كثيرا على حلفائها وتنتظر الاجماع والأضواء الخضراء بدل من ان تنشط في حماية مصالحها بالمنطقة والعالم، لكن هذا تغير الآن فنحن نمتلك القدرة السياسية والعسكرية ونحن على استعداد لاستعمالها.
لعل من المفيد الاشارة هنا الى ان السعوديين كانوا قد اعتمدوا في عهد الملك عبدالله على مجموعات معينة في العالم العربي لاحباط نشاطات أنصار ايران في كل بلدة وقرية بدءا من جنوب لبنان وحتى جنوب البحرين.وفي هذا الاطار قدمت الرياض منذ عام 2005 ما يربو على ثلاثين مليار دولار لعشائر وميليشيات في لبنان والعراق والبحرين وشكلت بذلك شبكة عمل واسعة من الحركات السنية المرتبطة بالاستخبارات السعودية.لكن ما ان حل عام2014 حتى أدركت الرياض مدى محدودية مثل هذه الحرب التي تدور بالوكالة.فقد تم سحق الاتنفاضات وفشلت الحركة السياسية التي قادها السنة في لبنان في لجم حركة ميليشيا حزب الله في حين لم تتمكن حركات العشائر السنية من مقاومة سيطرة ايران على العراق بل وحتى في سورية لم تنجح المقاومة هناك في اسقاط نظام الأسد حتى الآن على الرغم من مرور أربع سنوات من الثورة.

تطور أسوأ

أما التطور الأسوأ فقد جاء في يناير 2015 عندما تمكنت ميليشيات الحوثيين التي تسيطر على صنعاء الآن من دفع حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي تدعمه السعودية الى خارج العاصمة.ورأى السعوديون في هذا التطور اقترابا لايران وعملائها لأول مرة من أراضيهم.
يقول مصدر مقرب من القصر الملكي في الرياض بعد ان كشف عن مدى استياء وغضب الأسرة الملكية من استيلاء الحوثيين على السلطة: منذ أكثر من عقد والمملكة تتخذ موقف الصمت حيال تدخلات طهران في شؤون العرب لكن وجود ايران في اليمن «خط أحمر».
ومن الواضح ان هذا الغضب تحول في الخامس والعشرين من مارس الى عمل على الأرض.فعندما دفعت ميليشيات الحوثيين حكومة هادي الى خارج اليمن كليا، رد الملك سلمان بعد شهرين فقط من توليه السلطة، بشن حملة جوية استمرت شهرا وأعلن حالة الحرب في السعودية لأول مرة منذ حرب الخليج عام 1991.
كانت الأهداف الدقيقة لهذه الحملة التي أطلق عليها اسم عملية «عاصفة الحزم» غير واضحه وهذا ما جعل الدبلوماسيين الأمريكيين في حالة حيرة وارباك، لكن المسؤولين العسكريين السعوديين أعلنوا ان القصف يستهدف اعادة الحكومة الشرعية الى اليمن وحماية المواطنين اليمنيين من ميليشيات الحوثيين وعلي عبدالله صالح ديكتاتور البلاد السابق.غير ان هادي لايزال الى الآن في الرياض.
على الرغم من من ذلك، وبصرف النظر عن النتائج، يقول المسؤولون والمحللون ان الهدف الأكبر لذلك القصف هو توجيه رسالة بسيطة للحلفاء والأعداء وتحديدا الولايات المتحدة وايران وهي ان المملكة العربية السعودية مستعدة، ليس فقط للعمل بل والعمل بمفردها وأنها لن ترضى بعد الآن بالجلوس مكتوفة الأيدي والاكتفاء بمراقبة الأحداث.

تغيير الحرس

بل وترى الرياض في عملية عاصفة الحزم بداية لتغيير الحرس في الشرق الأوسط تتمثل في بروز نظام اقليمي جديد في العالم العربي تقف السعودية فيه الآن كقوة رئيسية ورائدة.
يقول جاسر الجاسر مدير تحرير صحيفة «الجزيرة» المؤيدة للحكومة: لو نظرت الى ما حولك ستجد ان كل القوى العربية التاريخية الكبرى مثل العراق وسورية ومصر تسودها اليوم فوضى عارمة مما يفرض ضرورة وجود قوة عربية كبيرة في المنطقة، وهذا ما دفع المملكة بقيادة الملك سلمان لتولي هذا الدور الآن.
أخيرا، وعلى الرغم من كل التحديات التي ستواجهها المملكة في التصدي للمشكلات القائمة في المنطقة، يؤكد السعوديون ان بلادهم لم تكن يوما أقوى مما هي عليه الآن.فبدأ من معارك اليمن الى سوق الأوراق المالية في الرياض يرى المسؤولون السعوديون ان بلادهم باتت مهيئة اليوم للقيام بدور أكبر وأقوى في المنطقة.
يقول جاسر: منذ عقود ونحن شركاء وحلفاء للغرب، لكن الوقت حان الآن كي تقف السعودية مرفوعة الرأس وتعمل بارادتها وفقا لمصالحها الحيوية في الشرق الأوسط.

تعريب - نبيل زلف


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
84.0124
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top