خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

نيويورك تايمز

تشكيل القوة العربية المشتركة يغير الأفق الاستراتيجي في المنطقة

2015/05/07   10:31 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
تشكيل القوة العربية المشتركة يغير الأفق الاستراتيجي في المنطقة



بقلم حسين أيبيش:
عندما أعلنت الجامعة العربية خلال اجتماعها في مارس الماضي عزمها انشاء قيادة موحدة لقوة عسكرية عربية مشتركة، أثار هذا الاعلان الكثير من الدهشة والتساؤلات.
فقد افترض الكثيرون ان هذا مجرد كلام فارغ آخر اذا تذكرنا مدى انقسام الدول العربية وكيف فشلت تاريخيا الكثير من الجهود التي استهدفت سابقا الوصول ولو لدرجة من التنسيق العسكري العربي الموحد.
لكن يبدو ان الحكومات العربية ماضية هذه المرة في وضع أساس حقيقي لقوة مشتركة. فقد التقى رؤساء هيئات أركان الجيوش العربية في القاهرة يوم الثاني والعشرين من ابريل لدراسة تفاصيل تشكيل هذه القوة وقواعد الاشتباك والميزانية. ومن المقرر ان يصادق رؤساء الدول العربية على مقترحات رؤساء هيئات الأركان خلال 3 أشهر.
بل وعلى الرغم من مدى طموح هذا البرنامج والعقبات التي قد يواجهها، من الواضح ان الدول العربية عازمة بقوة على نجاحه. ويمكن القول انه اذا أمكن بالفعل تشكيل هذه القوة وجرى نشرها ولو في حالات محدودة فانها ستغير على الأرجح الأفق الاستراتيجي الاقليمي وتعيد رسم العلاقات بين الدول العربية.
الحقيقة ان الدافع لتشكيل قوة عربية مشتركة ليس شيئا جديدا فهو يعود في أصوله للحنين القديم الى قيام وحده عربية كبرى لطالما اتسمت به الثقافة السياسية في الشرق الأوسط منذ قيام المملكة العربية التي لم تستمر سوى لفترة قصيرة في سورية لأن الفرنسيين سحقوها عام 1920 عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.
واليوم لابد من الاعتراف ان احتمال توحيد قوات دول الخليج الجوية المتقدمة مع قوات المشاة والوحدات الميكانيكية المصرية ومعها القوات الخاصة الأردنية ينطوي على جاذبية كبيرة لما له من فعالية في الدفاع عن المصالح العربية.

تحديات تفرض الاتحاد

من الواضح ان ظهور الدولة الاسلامية وتوسع النفوذ الايراني في العالم العربي من خلال مجموعات تعمل بالوكالة عن ايران في العراق، سورية، لبنان واليمن، هو الذي أوجد ذلك الاجماع النادر بين الحكومات العربية على ضرورة وحدة العمل المشترك فقد أدركت هذه الحكومات الآن أنها تواجه أزمة خطيرة ولم يعد من الممكن معها الاعتماد على التدخلات الأمريكية، وهذا يعني أنها اذا لم تتوحد في مواجهة هذه التحديات ستجد نفسها عندئذ تحت رحمة: اما المتطرفين الجهاديين أو الامبرياليين الفرس بل وربما كليهما معا.
لعل من المفيد الاشارة هنا الى ان القاهرة والرياض كانتا قد أعربتا بشكل منفصل أكثر من مرة عن عدم رضاهما عن السياسات الأمريكية في المنطقة، وتحدثتا حول الحاجة للتحرك بعيدا عن الاعتماد على حماية واشنطن.
على الرغم من هذا ووصف وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر مقترح تشكيل قوة مشتركة بالشيء المفيد خاصة أن وزير خارجية مصر سامح شكري كان قد ذكر ان هذه القوة سوف تقوم بمهام سريعة وفعالة بموافقة الحكومات الوطنية المعنية. وهذا يعني أنها سوف تستهدف أساسا لاعبين معينين مثل: الدولة الاسلامية والمتمردين الحوثيين في اليمن.

عقبات

لكن لابد من الاعتراف ان العقبات سوف تكون كبيرة اذ ان عملية التنسيق والتكامل سوف تكون صعبة اذا تذكرنا التباين الموجود على كل المستويات في نظم الاتصالات، الامدادات، أساليب العمل، العقيدة العسكرية بل حتى على مستوى الذخائر المستخدمة لدى الجيوش العربية. غير ان مصر ودول الخليج العربية تحاول منذ أكثر من سنة التغلب على هذه العقبات من خلال القيام بمناورات عسكرية مشتركة قرب الحدود السعودية العراقية.

انقسام

الا ان المشكلة الأكثر سوءا تتمثل في انقسام الدول العربية حول العديد من المسائل الأساسية مما قد يحد فعالية مثل هذه القوة. فمصر والسعودية لا تشتركان في موقف واحد ازاء الصراع في سورية، ولقطر وعمان وجهات نظر متباينة حول ايران والاخوان المسلمين تختلف عن وجهات نظر دول مجلس التعاون الأخرى. بل ليس لدى الدول العربية حتى تعريفا موحدا للارهاب المفترض أنه هدف القوة المشتركة. فعلى سبيل المثال، من غير المعروف هنا ما اذا كانت حركة الاخوان المسلمين منظمة ارهابية أم لا بنظر بعض الدول العربية؟
كما يتعين على الدول العربية أيضا التغلب، ليس فقط على خلافاتها السياسية فحسب، بل على افتقارها للثقة ببعضها البعض منذ عقود. فمن الملاحظ هنا ان العراق، الذي يرتبط بعلاقات وثقية بايران، أعرب علنا عن ضيقه العميق من اقتراح تشكيل القوة العربية المشتركة.
لكن حتى لو لم يتم تنفيذ هذه الخطة «القوة المشتركة» بسرعة، فان الحقيقة التي تبين ان الدول العربية تسعى اليها تشير الى مدى الخطورة التي يرى من خلالها قادة هذه الدول الوضع الاستراتيجي الراهن.
فبعد ان أصبحوا أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة، يشعرون الآن ان الشرق الأوسط يدخل اليوم فترة ما بعد الولايات المتحدة مما يفرض عليهم التحرك بسرعة للدفاع عن مصالحهم.
على أي حال، يرى العديد من المعلقين العرب ان التكامل العسكري العربي أمر لامفر منه في غياب أي بديل آخر.
من الواضح اذا ان أعضاء الجامعة العربية جادون في مسعاهم لتحقيق هذا الهدف لكن يبقى علينا الانتظار لمعرفة ما اذا كان هؤلاء الأعضاء قادرين فعلا على تشكيل ونشر مثل هذه القوة المنشودة.

تعريب: نبيل زلف


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
77.0016
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top