مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

لم يسقط النظام الملكي بل سقط الآخرون!

أحمد الدواس
2015/04/26   10:35 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



ليتنا نتعلم من دروس التاريخ، ففي المراحل الأولى للدولة العراقية عام 1921 لم يكن لدى العراق موارد مالية كثيرة، لكنه كان يمتلك نموذجاً جيداً في القيادة السياسية على مستوى المنطقة العربية، فقد كان زعيمه أحد أفضل الساسة العرب في القرن العشرين الا وهو الملك فيصل الأول، ومن تاريخ العراق نستمد دروس الوحدة الوطنية، فقد ضرب الملك مثالاً رائعاً على الوحدة الوطنية اذ كان قلبه يتسع لاحتضان المواطنين بمختلف انتماءاتهم الدينية، والقبلية والعرقية، فبطانة الملك كانت من العرب والاكراد، مسلمين ومسيحيين، سنّة وشيعة، قبليين وحضر، وأقام توازنا بين هذه الفئات، وأقواله على الملأ دائماً ما كانت تراعي احترام الطوائف وشعائرهم، فكسب أيضا قلوب الأقليات في العراق مثل المسيحيين واليهود.
أنشأ الملك فيصل مؤسسات حكمت العراق بشكل جيد، وأفسح المجال لجميع الفئات العراقية المذكورة لتولي الوظائف فيه وبطريقة عادلة، واستعان الملك بالخبرة الأجنبية لمساعدته في تطوير أجهزة الحكومة، كما احترم الملك حكم القانون وقرارات المحاكم والقضاة، وكانت هناك حالات خسر الملك فيصل فيها أو المسؤولون القضايا أمام المحاكم، وتقبل الملك قرارات القضاء بصدر رحب، وتجنب محاباة الأقارب في التوظيف، ولم يكن يجمع ثروة شخصية له أو عقارا على حساب عامة الشعب، وكان ما لدى الملك من مال موضع تدقيق البرلمان من وقتٍ لآخر، ومن تواضعه انه كان يجوب أنحاء العراق ويلتقي عامة الشعب، ولم يكن يعتكف في قصره.
اهتم الملك فيصل بالتعليم وبالتنمية الاقتصادية لاسيما الزراعة ومصادر المياه، وفي عهده ظهر جيل بارز من المعلمين والأطباء والمهندسين والمعماريين والاداريين، وأقام روابط جيدة مع الدول المجاورة للعراق ومع القوى العظمى، ورأى ان التحالف مع بريطانيا هو أمر ضروري لأمن وتنمية العراق، وأخيراً فقد بنى الملك جيشاً ذا كفاءة متماسكا استطاع ان يخمد أي عصيان في مهده ويحمي أمن الحدود، واعتبر ان الجيش هو أداة للوحدة الوطنية، وجاء بفكرة التجنيد الالزامي كوسيلة لغرس الشعور بحب الوطن.
توفي الملك فيصل «الأول» في عام 1933، واستمر «الحكم الملكي» في العراق حتى يوليو عام 1958، ولكن العالم العربي أُبتلي في الخمسينيات والستينيات بأصوات مفكرين عرب تنادي بالاشتراكية، وظهر نظام عربي معروف أوهم العرب بمزايا الاشتراكية والثورة والانقلاب على الملك، فبعد الاطاحة بالملك فاروق في مصر تم اسقاط الحكم الملكي في العراق من قبل الجيش العراقي بقيادة عبدالكريم قاسم، وقتل خلاله الملك فيصل «الثاني» وولي العهد عبدالاله ورئيس الحكومة نوري السعيد، ثم أطيح بالنظام الملكي في اليمن وفي ليبيا، وفي السبعينيات انقلب الشيوعيون على الملك سيهانوك في كمبوديا عقب تداعيات الحرب الفيتنامية، وفي نيبال كان الملك يحكم بلاده المستقرة لكن المعارضة طالبت بتغيير الحكم الى النظام الجمهوري فتنازل الملك وسقطت الحكومة وانهارت الدولة، والى الآن تعاني نيبال من تدهور داخلي، أما أفغانستان فكان يحكمها ملك ثم أصبحت جمهورية فساءت أحوالها، وكانت أيام الشاه أفضل فترة حكم للايرانيين من الآن.
الدليل على ان النظام الملكي نظام مستقر هو ان العالم المعاصر كله مضطرب تقريبا ما عدا النظام الملكي، فأنظمة الخليج مستقرة وكذلك الأنظمة الملكية في هولندا وبلجيكا والدنمارك والنرويج، أما معظم الدول فتعاني من الاضطرابات الداخلية سواء في آسيا أو حتى دول امريكا اللاتينية وأفريقيا، فرغم ثروات امريكا الجنوبية والوسطى وجذبها السياحي الا أنها تعيش معاناة يومية من جراء تدهور الأمن وعصابات المخدرات، ورغم امتلاك دول افريقيا الذهب والمعادن الثمينة الا أنها متخلفة والانسان فيها لا يأمن على حياته.
لم يسقط النظام الملكي المعاصر لأنه نظام سياسي مستقر، بل سقطت أفكار من حرض على الانقلاب، فجلبوا على أنفسهم وشعوبهم الكوارث والمحن، لقد كان بعض العرب يراهن على سقوط الأنظمة في دول الخليج، ولله الحمد لم يحدث ذلك، بل سقطت دولهم، ولنا ان نتخيل ماذا كان سيكون وضع العرب الآن لو ان أنظمة الخليج تحولت الى جمهوريات؟ لا شك في ان العرب سيكون وضعهم أشد مرارة وقسوة من الآن، ولن يساعد بعضهم بعضاً كما يحدث الآن.
< آخر العمود: من حين لآخر يطالب بعض رموز ما يُسمى بالمعارضة بتعيين رئيس وزراء شعبي، انهم لم يدرسوا التاريخ جيداً، فالوضع السياسي القائم في دول الخليج أفضل بكثير من زعزعته بهذه الأفكار الخطيرة.

أحمد الدواس
aldawas.ahkwt@yahoo.com
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1604.007
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top