

	الثلاثاء 14/04/1447 هـ الموافق 07/10/2025 م الساعة 09:33 توقيت الصلاة الظهر 11:36

مقالات

A A A A A

دفاع عن الدين

د.يعقوب يوسف الغنيم

2015/01/07

09:53 م

شكرا لتصويت

التقيم

التقيم الحالي 5/0

لفت أخي الأستاذ المربي جمعة محمد علي ياسين انتباهي إلى حديث استمع إليه من بعض الجلساء وهم يتحدثون في مكان ما من الأمكنة التي يلتقي فيها أبناء الكويت عادة وهي الدواوين. يقول حفظه الله: كنت أصغي إلى حديث أولئك الأصحاب، وأتابع أقوالهم في ذهني. ولقد كان الحديث يدور حول شيخنا العلامة محمود محمد شاكر، وهو لا يحتاج إلى تعريف لعلمه وفضله وشهرته الذائعة في دنيا الفكر والأدب. ولقد كان مما أزعج الأستاذ أبا وائل، وأزعجني معه، أن يوجِّه هؤلاء انتقادهم إلى عالم من مثل شيخنا، وهو من هو في مكانته وعلمه، فهم يقولون ضمن حديثهم عنه: إنكم تتحدثون عن الأستاذ محمود محمد شاكر، ولكننا نراه لم يؤلف كتاباً واحداً عن الإسلام. ومع احترامي لهؤلاء المتحدثين ومع عدم معرفتي بأسمائهم، فإنني أستطيع أن أقول إن هذا القول لا يقوله إلا جاهل بأعمال شيخنا، بعيد عن متابعة ما نراه في كتبه، ولو كان لهم أدنى علم بذلك لترددوا قبل أن ينطقوا بما قالوه.
إن دفاع شيخنا عن الدين الإسلامي، وتوضيحه لكثير من القضايا ذات العلاقة به، مبثوث في مقالاته العديدة التي نشرت في كتاب من مجلدين عنوانه: جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر».
وكتاباته عن الإسلام موجودة – أيضا – في مختلف كتبه، ومنها تلك الكتب التي حققها وعلق على ما فيها من معلومات تقتضي التعليق، فهو لا يترك أمراً من الأمور دون أن يضع فيه القارئ على المحجة البيضاء التي لا لبس فيها، وهو قبل هذا كله محقق لخمسة عشر مجلدا من كتاب تفسير الطبري، وكله كما نعلم تفسير لكتاب الله، وكل ما فيه إضاءات لأمور ديننا الحنيف. إضافة إلى ما ورد في كتابه الرسالة في الطريق إلى ثقافتنا».
إن ما ينطوي تحت عنوان الكتابة عن الإسلام يمكن أن نراه في أمور كثيرة منها:
- بيان أحكام الدين الحنيف.
- بيان أحكام القرآن الكريم.
- السيرة النبوية الشريفة.
- الدفاع عن اللغة العربية التي نزل بها كتاب الله.
- مهاجمة المعتدين على الدين الإسلامي قولا وعملا.
- التوعية بواجب المسلمين تجاه دينهم وثقافتهم.
- التوعية بواجب المسلمين تجاه أنفسهم.
وفي هذه الجوانب كلها كتب شيخنا رحمه الله فأفاد.
ونحن نتساءل:
أليس في تفسير الطبري شيء عن الإسلام؟ أليس في كتابه «أباطيل وأسمار» رد على أعداء الإسلام؟ أليس في كتاب «إمتاع الأسماع» لتقي الدين المقريزي الذي حققه وشرحه وصححه ما يدل على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة حين نعلم أن الاسم الكامل لهذا الكتاب هو: «إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع»… إلى غير ذلك مما نراه عيانا في كتبه، ثم يأتي مَنْ لم يقرأ له شيئا من هذا فيقول إنه لم يكتب شيئا عن الإسلام!!
فما على المتشكك إلا متابعة مؤلفاته، وقراءتها قراءة متأنية؛ فهو – في حقيقة الأمر – لم يترك مجالا من المجالات التي ذكرناها إلا وكتب عنه كتابة مهمة ومفيدة. أما إذا كان هؤلاء يرون أن الكاتب الإسلامي هو الذي يكتب كتابة مباشرة عن الفقه وشؤون العبادات وغيرها، وأن الكتابة عن الإسلام مقصورة على من يمتشق قلمه للكتابة في هذه الأمور المباشرة فإننا نختلف معهم في ذلك، أقول هذا مع تقديري وإجلالي للفقه الإسلامي الشريف بكافة أبوابه، ولعلماء الإسلام من الفقهاء الذين أثروا هذا العلم بما كتبوه من كتب، وما ألقوه على تلامذتهم من دروس. ولكن الحرب الفكرية التي يشنها علينا أعداء الإسلام تقتضي حديثا غير هذا مما نراه مثلا في كتاب شيخنا «أباطيل وأسمار» المكون من مجلدين، الذي يرى فيه القارئ ما لا يراه فيما كتبه غيره من المؤلفين؛ ففيه تدقيق، وحرص على التعبير الصائب، ودفع عن الإسلام لا يستطيع القيام به إلا عدد قليل ممن حباهم الله القدرة على ذلك. إنني أنظر إليه وهو يفسر لنا كلمة (الدين) كما جاءت في كتابه الذي ذكرناه، وأعجب لهذه القدرة الفذة التي تجعله يتوصل إلى الحقائق فيجلوها حتى تصير ميسرة سهلة لكل قارئ.
يقول رحمه الله في ص440 و441: «وقد بقي شيء كثير كنت أحب أن أقوله في بيان الحق، حتى لا نهوي في الضلالة، في زمان قد فتن الناس فيه ما يرون من غلبة الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا، والذين فرحوا بما عندهم من العلم، الذين غضب الله عليهم وزادهم بضلالتهم ضلالة، مع ما عندنا من الدعاء اللازم في كل صلاة مرات: {أهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}. وبَيِّنٌ أن «المغضوب عليهم»، هم الذين جاءهم الكتاب فكتموا ما فيه وبدلوه وهم اليهود، وأن الضالين هم الذي جاءهم الكتاب من بعده فأضاعوه، وابتدعوا لهم عبادة بغير علم موروث عن أنبياء الله.
ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى تخليص أعناقنا من رِبُقة العبودية للأهواء، بعد أن أذاقنا الله لباس الجوع والخوف. ولن يتم لنا شيء من ذلك حتى نصحح الأصل الذي ننظر به إلى الأشياء من حولنا، وعلى الوجه الذي أمرنا الله أن ننظر ونفكر ونعمل، فإن النظر والفكر والعمل، كل ذلك عندنا عبادة قد بينها الله في كتابه وسنة نبيه، بيانا شافيا كافيا، لا يماري فيه إلا من وقع عليه ما قاله سفيان بن عيينة: «من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عُبَّادنا ففيه شبه من النصارى».
ونحن اليوم أولى أن نقيم وجوهنا للدين حنيفا، مخافة أن نقع فيما أنذرنا به نبيُّنا، في الحديث الذي رواه معاوية رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر افتراق الفرق في الدين ثم قال: «إنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله. ثم قال: والله يا معشر العرب، لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم، لَغَيْرُكُمْ من الناس أحرى ألا يقوم به». وأعاذنا الله أن نكون من هؤلاء».

إن الأمم جميعها لتفخر بعلمائها، ورجال الفكر فيها، وتحتفظ بذكراهم حية في النفوس، وتحرص على أن يكون تراثهم ماثلا في كل وقت أمام الأجيال المتعاقبة من أبنائها، إلا نحن، فإننا الآن نجد من بيننا من يقلل من قيمة رجل لا يصل المتحدث عنه إلى مقدار ضئيل مما هو عليه من مكانة ومقدرة علمية. أضف إلى ذلك خدمته للدين الإسلامي الحنيف، وذَبِّه عنه في كافة الأحوال.
أصلح الله الأمور.

د.يعقوب يوسف الغنيم

أخبار ذات صلة dot4line

التعليقات الأخيرة

All Comments

أكثر المواضيع مشاهدة

مقالات ذات صلة بالكاتب

Tweets by WatanNews !function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");

765.0088


موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة