مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أزمة

د.يعقوب يوسف الغنيم
2014/12/18   10:22 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



تتردد بيننا اليوم مشكلة تفيض بأخبارها أنهار صحفنا، وكافة وسائل إعلامنا. إنها مشكلة تثير القلق وتدفع إلى التشاؤم، وتجعل الناس يفكرون ويطيلون التفكير فيما يتعلق بأمر المستقبل. تلك هي مشكلة انخفاض أسعار النفط. ونحن ينبغي أن نعلم ان الانخفاض وارد في اي وقت. وكما كنّا نبيع نفطنا بأبخس الاثمان قديما، فإننا بعناه في السنوات الاخيرة بمبالغ كبيرة حسدنا الحاسدون من اجلها، بل وتمنوا ان تزول هذه النعمة من بين ايدينا.
ومنذ أمد بعيد كنا نسمع حديثا عن ضرورة عدم الاعتماد على مورد واحد للبلاد هو مورد النفط، وكان المسؤولون ينذرون، ويوجهون الانظار الى هذا النقص في نظرتنا المستقبلية لأمورنا المالية. ومع ذلك فإننا لم نجد عملا واحدا يمكن ان نعتبره من الاعمال المؤدية الى فتح باب من ابواب الدخل يرفد دخلنا من النفط، بينما كنا ننتظر ان نجد بدل العمل الواحد اعمالا كثيرة تصب في هذا المجال.
في سنوات بعيدة مضت سارعت الحكومة الى انشاء عدد من الشركات بغية الاستفادة من ارباحها، ولكننا مع مزيد من الاسف لم نستفد من كل تلك الشركات لانها لم تحظ بإدارة سليمة واعية، ولا اقول امينة، فانهارت الواحدة وراء الاخرى دون ان نحصل حتى على رأسمالها.
وكانت تجربة مرة أوقفت العمل في مثل هذا الميدان الذي كان بالإمكان أن يصب الذهب في شرايين وزارة مالية الكويت.
وقد وجدنا هذا التعثر في أمور كثيرة حتى في المشروعات التي كنا نظن ان ارباحها مضمونة. والعجيب ان هذا التدهور الذي نراه رؤية العين، وربما نعرف اسبابه، يجد عينا نائمة لا تبحث عن الذي جرى على يديه هذا التراجع. ولقد اصبحنا نقرأ عن خسائر شركات الكويت في الداخل والخارج دون ان نجد من يتتبع اسباب هذه الخسائر.
الكويت وطن المال نشأ على العمل التجاري، وعاش اهل البلاد عليه، وفي البداية كانت الشركات الكويتية نماذج جيدة للنجاح والكسب، وتلك الشركات التي قام بإنشائها - بدعم من الحكومة - رجال من اهل الكويت الافاضل لايزال بعضها يعمل بكل قوة ويجلب الارباح، ولا يتأثر بكل ما يحدث في السوق من مشكلات وعقبات. اذن فاننا في حاجة الى الرجل الافضل لكي يقود عجلة الاقتصاد عندنا ان اردنا النجاح.
هذا امر، والامر الآخر من اسباب الرعب الذي يحس به الجميع في هذه الايام، هو ان البلاد صارت تضرب عرض الحائط بكل الاحترازات التي ينبغي ان يؤخذ بها في ظرف مثل ظرفنا هذا، ولا تزال الدولة تدفع الملايين بلا حساب في امور لا فائدة منها ولا داعي لها حتى صارت مدار تندر في الدواوين، وكم من مشروع (شخصي) بلادنا في غنى عنه يجد من المسؤولين من يدفع له المبالغ التي يجب ان نحتفظ بها، ونضعها في حساب المستقبل. ان المبالغ التي تدفع اليوم في شتى المجالات ولا نستثني منها المبالغ التي تدفع بصفتها زيادات وترضيات على الرواتب، ولا المبالغة في امداد الراغبين في السكن للمرة الثانية بمبالغ أخرى، بعد ان اخذوا حقهم في الماضي، وكان من المفروض ان يسعى الشخص الى سداد قرضه حتى يتقدم سريعا لنيل قرض آخر. وهذا جزء قليل من كثير وما علينا الا ان نقرأ الصحف فهي تقدم لنا في كل يوم امرا جديدا يثير الالم حين نجد الاموال تنثال من كل جانب وفي كل اتجاه، ونجد في الوقت نفسه من يقول: ماذا عملتم لتفادي مشكلة انخفاض أسعار النفط؟
سيقول البعض: لدينا صندوق الأجيال القادمة. وهذا عمل جليل لا ينكر. فهل سألنا أنفسنا، ماذا سيكون وضع هذا الصندوق إذا تدهورت الأسعار بأكثر مما هي عليه الآن؟ وهل أنشئ الصندوق على اساس فلسفة مدروسة تحدد كيف يستفاد منه. لان الخوف الكامن في نفوسنا مما مرّ بنا من تجارب يجعلنا في خوف من ان تمتد يد الحكومة الى هذا الصندوق في حالة ضيق فتنسفه نسفا. لكي نعود من هذا المشروع الذي كان موضع الآمال، الى نهاية الثروة الكويتية.
نعم… عاشت الكويت قبل النفط، وعرف اهلها كيف يديرون امورهم، اشتغلوا بالتجارة، وخاضوا البحر منذ بداية القرن التاسع عشر وكانت أعلام الكويت ترفرف على موانئ الهند وافريقيا، واشتغلوا بالغوص على اللؤلؤ وجنوا من وراء ذلك ثروات. وحسب تجارة الكويت القديمة ان نجد ان للكويتيين مكاتب في كل من الهند وباكستان وعدن وغيرها، وكانت هذه المكاتب تمد تجار الكويت بكامل حاجاتهم من السلع. في الوقع الذي كانت فيه البلاد سوقا عامرة يؤمها الناس من كل بلد.
ولقد اكتسب أبناء الكويت خبرات كثيرة في مجال الكسب المشروع، وأنشأوا - بناء على ذلك، المشروعات التي لا تزال ناجحة، ولو نظرنا إلى مؤسسيها لوجدناهم من تلك المجموعة الطيبة التي تحلت بالوفاء، وحب العمل والصدق.
إذا أردنا أن نكفي أنفسنا شر الكارثة النفطية فما علينا إلا أن نقوم بما يلي:
-1 إمساك اليد عن الهدر المالي الذي لا داعي له.
-2 تشجيع المشروعات الاقتصادية الناجحة.
-3 الإقلال من أعداد المقيمين من غير الكويتيين وبخاصة اولئك الذين لا عمل لهم، او انهم يزيدون عن حاجة العمل، فهم عبء كبير.
-4 تطوير العمل في صندوق الاجيال القادمة حتى يؤدي الغرض الذي انشئ من أجله على افضل وجه.
-5 الكف عن توزيع الاموال على الخارج بدون فائدة ويكفي ان المليارات التي صرفت لن تعود، ولن نسمع معها كلمة طيبة واحدة ممن استهلكها.
-6 قراءة المستقبل قراءة سليمة، والتخطيط له، ولا يخفى ان قراءة المستقبل صارت الآن علما بذاته، وصار لها خبراؤها، وقد تهبنا القدرة على الوصول الى طريق سليم نعرف به خطواتنا المقبلة، ويدلنا على تحقيق الآمال، عسى ان يوصلنا الى سبل تحقيقها لحماية الوطن حماية مالية سليمة.
-7 تهيئة كوادر صالحة من ابناء الكويت، تمتاز بالدراية والامان وحب الوطن؛ تقود المشروعات، وتعتبر عملها جزءاً من خدمة وطنها. لديها كسب شخصي بقدر ما يهمها ان تنجح المشروعات التي تقودها.
ولن تخلو الكويت من رجال من هذا النوع اذا حصلوا على التدريب اللازم، والثقة الكاملة.
أرجو من الله - عز وجل - ان يحفظ بلادنا من كل مكروه وأن ينير لنا سبل الهداية، ويدلنا عليها.

د.يعقوب يوسف الغنيم
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
277.0056
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top