خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

واشنطن بوست

جنون الارتياب أفضل سلاح في الحرب على «داعش»

2014/12/04   08:51 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0



بقلم - ديفيد اغناطيوس:

من المعروف أن الشك أو جنون الارتياب يمكن أن يقضي على أشد الخصوم قوة إذا تفشّى بينهم، أقول هذا لأني اطلعت في الأسبوع الماضي على منشور تعرض فيه «الدولة الإسلامية» من خلال الـ«تويتر» مكافأة بقيمة 5000 دولار لقاء أية معلومات تكشف عن وجود «عملاء صليبيين» داخل صفوفها.
بالطبع، يمكن أن يكون جواسيس الغرب يعملون الآن داخل المناطق التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية» بل وربما يكون المنشور مختلقاً بهدف حثّ المقاتلين على الانتباه والشك برفاقهم. لكن المسألة المهمة هنا هي أن المجاهدين لا يستطيعون التأكد تماماً مما يدور من حولهم، وهذا ما يعزز الشعور بالشك لديهم.
والحقيقة أن هذا المنشور دفعني للتفكير بجانب قلّما فكّر به المعنيون بالحملة التي تقودها الولايات المتحدة لإضعاف ثم تدمير «الدولة الإسلامية» بالنهاية، وهو تحديداً الدور الذي يمكن القيام به في «حرب غير تقليدية». وكان الجنرال والمنظّر الاستراتيجي الصيني صن تزو قد وصفه في كتاب «فن الحرب» بأنه ينطوي على الكثير من الخداع والتضليل الذي يجعل الخصوم ضعفاء، يرتابون في عقيدتهم ويشعرون بالشك بقادتهم.
والواقع أن القيام بمثل هذه الأشياء غير التقليدية هو أقل كلفة بكثير من ناحيتي الأرواح والمال من العمل القتالي في ميادين القتال. فبدلاً من إطلاق وابل من الرصاص من مدافع طائرات الـ«أباتشي» (الذي غالباً ما يؤدي الي زيادة عدد الأعداء ولا يقتل إلا القليل منهم) يمكن لأساليب الخداع المثيرة للشك أن تشجّع الأعداء على مهاجمة أنفسهم، وفي ما يلي عدد من الأمثلة على ذلك:
< في أواخر عقد الثمانينيات عانت منظمة أبونضال من خلافات داخلية مريرة عصفت بكيانها وجاءت بتشجيع من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، البريطانية والأردنية. فقد حملت صحيفة «النيويورك تايمز» في نوفمبر 1989 عنواناً عريضاً يقول: «يقول العرب إن صراعاً قاتلاً على السلطة قد قسّم مجموعة أبونضال الإرهابية الى جزأين».
والحقيقة أن ذلك الانقسام لم يكن مجرد مصادفة، فقد علمتُ من بعض المصادر المطلعة أن أعضاء من هذه المجموعة تلقّوا معلومات دفعتهم للشك بأن زملاءهم يسرقون أموالهم وصديقاتهم بل وسلطتهم. ولم يمر وقت طويل إلا وكانت هذه المجموعة قد بدأت عملية تدمير ذاتي.

الخيانة

< توفر الحرب العالمية الثانية عدداً من عمليات الخداع والتلاعب الشهيرة أبرزها على الإطلاق العملية البريطانية المعروفة باسم «الخيانة» التي تناولها المؤلف والمؤرخ البريطاني بن ماسنتير في كتاب نشره عام 2012.
فقد تمكن البريطانيون في هذه العملية من السيطرة والتلاعب بكل عميل وجاسوس أرسله الألمان إليهم، وذلك من خلال نسيج من الأكاذيب المتقنة المضللة أقنعت كبار قادة الألمان بأن عملية الإنزال العسكرية الكبرى خلال الحرب العالمية الثانية سوف تكون على شواطئ «كاليه» وليس «النورماندي».
< ومن عمليات الخداع المثيرة الأخرى كان طرح جثة شخص بريطاني على ساحل اسباني يحتله الألمان، حيث تبيّن منها ان الرجل الميت كان يحمل رسائل سرية بالغة الأهمية تتحدث حول خطة للحلفاء تبيّن أنهم يعتزمون مهاجمة ألمانيا من خلال اليونان وكانت الغاية من كل هذا هي إخفاء الخطة الحقيقية التي تنص على أن الهجوم يجب أن يأتي من خلال جزيرة صقلية.
وبالطبع تكللت عملية الخداع هذه بالنجاح على أفضل وجه، كما ذكر ماسنتير في كتابه الذي يحمل اسم «عملية اللحم المفروم».

إسفين

على أي حال، ربما يكون ولعي بالروايات الجاسوسية هو الذي يدفعني للبحث عن مثل هذه الخطط في المستقبل، لكن، ومهما يكن الأمر، آمل أن تفكر الولايات وحلفاؤها بالقيام بمثل هذه العمليات غير التقليدية في سورية والعراق بطريقة تؤدي لتقويض «الدولة الإسلامية».
والحقيقة أن من بين المناقشات القليلة التي تناولت موضوع كيف يمكن أن تكون الوسائل غير التقليدية مفيدة في الحرب على «داعش»، يمكن أن أذكر تلك التي جرت بيني وبين كلينت واتس، الذي كان ضابطاً في الجيش الأمريكي سابقاً، وعميلاً خاصاً في مكتب التحقيق الفيدرالي.
يقول واتس: هناك وسائل متنوعة لتشجيع الانقسام والانشقاق، وذلك من خلال دق اسفين بين قيادة «الدولة الإسلامية» في العراق وبين المقاتلين الأجانب الذين يعملون تحت إمرتها.
وفي هذا السياق، أبلغني أثيل النجيفي، محافظ نينوى في العراق، أن هناك احتكاكاً قد حدث بين المقاتلين الأجانب والمجاهدين المحليين في الموصل بالإضافة لتوترات أخرى بين أعضاء «داعش» من السُّنّة العرب والتركمان.
كما يقترح واتس تشجيع التنافس بين البلطجية المجرمين المنجذبين لـ«الدولة الإسلامية» وبين بقية عناصر هذه الدولة من المتديّنين المتحمّسين. بل ويقترح أيضاً إرسال متسللين لجعل المتطرفين متشككين بوجود جواسيس في صفوفهم.
فمثل هذه التكتيكات كانت قد نجحت برأيه في الصومال والجزائر.
أخيراً، يرى واتس ان «الدولة الإسلامية» سوف تدمر نفسها بالنهاية لأن وحشيتها ستجعل مؤيّديها يبتعدون عنها ويقول: لما كانت العمليات العسكرية مثل الضربات الجوية تجعل قادة الجهاد شهداء، لن يتم القضاء على جاذبية «داعش» إلا من خلال تحويل هؤلاء القادة بنظر الناس من شهداء الى أشرار.

تعريب نبيل زلف
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
79.0108
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top