مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

إذا السيور زايطت

وليد جاسم الجاسم
2014/10/08   09:45 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



قررت الهند أن تخطو خطوات جادة للتخلص من نحو 300 قانون من القوانين القديمة التي لم يعد لها لزوم لتفادي الوقوع في مخالفات تفرضها هذه القوانين منذ القرن الثامن عشر.. لكن هذه القوانين بسبب عدم موضوعيتها باتت أشبه بالنكتة المثيرة للسخرية في عالم اليوم ناهيك عن تعقيداتها التي يضطر معها الناس إلى التحايل للالتفاف عليها.
قرار الهند تعديل وإلغاء هذه القوانين ليس من باب الرفاهية التشريعية كما يدعو بعض النواب والإصلاحيين والمصلحين عندنا في الكويت ممن يعشقون فرض القوانين تلو القوانين التي لا تغير شيئاً ولا تحسِّن شيئاً بل تزيد من تعقيدات الحياة اليومية والأعمال، لكن الغربلة القانونية الهندية تهدف إلى تحسين موقع الهند في قائمة البنك الدولي لسهولة أداء الأعمال التي تضم 189 دولة تحتل الهند المركز الـ134 فيها، آملة أن تتقدم إلى أحد المراكز الخمسين الأولى بما يوفر لها سمعة أفضل ويخلق جواً جاذباً للاستثمار والمستثمرين فيعود بالخير الوفير على البلاد والعباد.
في الكويت، منذ سنوات طويلة ونحن نسمع عن مساع لاستعادة شيء من الريادة التجارية الكويتية والقدرة على أن نكون مركز جذب مالي وتجاري، ولكن للاسف.. كل المحاولات باءت بالفشل لعدة أسباب.
فنحن لدينا تجار لم يعودوا يعتمدون على أنفسهم كما كانوا حيث صار اعتمادهم على العمل مع الحكومة كبيراً للحصول على الأرباح والمكاسب.
والعمل مع الحكومة خصوصاً في الدول المتخلفة عن ركب الحضارة الإنسانية يتطلب قدراً عالياً جداً من الفساد حتى يمكن تحقيق أعلى هوامش من الأرباح مقابل أقل التزامات على الإطلاق بما لا يمكن الحكومة ولا البرلمان ولا كل المدققين ودواوين المحاسبة.. من المحاسبة الحقيقية لأي شركة أو تاجر مهما ارتكب من المخالفات الجسيمة.
فالتعقيدات القانونية وارتباك التشريع وتداخل الاختصاصات وطوابير المعاملات والتوقيعات كلها عوامل تتضافر وتخلق جواً يمكّن أي طرف من التهرب من المسؤولية التي تتوزع دماؤها على الجميع!!.
البرلمان - في أي بلد - المفترض به أن يكون (منخل) القوانين وفارزها ومشرعها وفارضها على الناس، ولكنه في الكويت غالباً – ولا نقول دائماً – ما يكون مرتبطاً بالمصالح التجارية والفئوية لبعض الأطراف، ما يجعله (البرلمان) غير راغب حقيقة في فرز القوانين غير المجدية وغربلتها وإلغاء الطالح منها لكي لا يعطي الفرصة أمام محاولات أطراف تجارية أخرى النمو والصعود ومنافسة الأطراف المتحكمة التي (تدهن) السيور كلما (زايطت) وارتفع صوت صريرها وهذا الجو لا يتوفر إلا بتزايد الفساد، وكلما زاد الفساد في بلدٍ ما ارتفعت (نمرته) في قائمة البنك الدولي لسهولة أداء الأعمال، وكلما توفرت كل هذه الظروف وجدنا احتكارات مباشرة أو غير مباشرة للأعمال والموارد في البلاد.. ما يؤدي بالضرورة إلى نفور الشركات العالمية والمستثمرين الخارجيين وإحجامهم عن دخول الأعمال في هذا البلد. وإذا قرروا الدخول.. فإنهم يدخلون مدججين بكل قدراتهم على الفساد من رشوة وتضبيط وتحايل وتلاعب.. «وزيوت» عالية الكفاءة قادرة على كتم أي (صرير) وأصوات قد تلفت الأنظار إلى ما يحدث.
الهند التي تحتل المركز 134 في القائمة تهدف من غربلة قوانينها إلى تخفيف التعقيدات والمشاكل التي تعتري طريق الاستثمار آملة أن تعدل مركزها وتدخل لِسْتَة الخمسين الأوائل، والذين تتزعمهم سنغافورة باحتلالها المركز الأول ثم تأتي مجموعة من الدول مثل نيوزيلندا وهونغ كونغ واستراليا والدانمرك والسويد وجورجيا وألمانيا والولايات المتحدة.
الجزء اللطيف والصادم في هذه القائمة هو أن كل دول مجلس التعاون الخليجي داخلة في (الخمسين الأوائل) إلا الكويت (!!!) العريقة ديموقراطياً.. وخير منتج لـ(الإصلاحيين) في المنطقة(!!!). فالسعودية في المركز الـ26، ثم الإمارات في المركز 28، تليها البحرين 46، ثم عمان 47، ثم قطر 48.. وبعدها نقفز قفزة كبيرة إلى المركز 104 حيث ترقد الكويت، هذا البلد الروتيني الطارد للعمل.. والذي يغلف كل الفساد فيه بقوانين يراقبها أو يصدرها البرلمان.


وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
@waleedjsm
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
341.0142
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top