مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

شويِّخ من أرض مكناس يصلي في مدينة كونستانس

ناصر أحمد العمار
2014/09/15   10:03 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



كونستانس مدينة ألمانية تقع على بحيرة (Bodensee). تلتقي في هذه البحرية ثلاث دول هي المانيا وسويسرا والنمسا، وصلنا اليها قبل غروب احد أيام عطلتنا الصيفية الماضية، الهدف من المرور بكونستانس هو زيارة جزيرة الزهور التي تعتبر من المعالم السياحية المهمة في هذا البلد الاكثر من رائع، في الطريق الرئيسي الذي يمر في وسط البلدة محطة لتعبئة الوقود مزودة - كعادة تلك المحطات - بسوق مركزي او بقالة تحتوي على انواع كثيرة من البضائع، توقفنا عندها للتزود بالاحتياجات الضرورية لأن في مثل هذا الوقت تغلق جميع المحال التجارية الا مثل هذه البقالات الكبيرة الملحقة بمحطات الوقود. تلك الظروف الزمانية والمكانية يستغل المرء خلالها كل ثانية تمرُّ بحياته، ويستثمر كل نسمة هواء عليل يستنشقها وهو يتأمل بابداعات الخالق للوحات جمالية لطبيعة ساحرة تأسر الوجدان، جلست في احد الاماكن المعدة للانتظار لاتمام البنين وأمهم شراء احتياجاتهم من قائمة الطلبات المنزلية والشخصية، في تلك الاحيان لمحت رجلا ذا ملامح عربية يعتزم التوجه إليّ، تارة يسرع الخطى وأخرى يتباطأ متعمدا، نواياهُ بالتقدم تجاهي مشوبة بالحذر، رسالة غير لفظية أرسلتها له شجعته للاسراع نحوي عبارة عن ابتسامة تنم على معرفتي بملامحه العربية ليس الا، ساعدني بذلك سجادة الصلاة التي كان يتأبطها.
وصل هذا الشخص الى طرف المكان الذي اجلس به ثم قال: السلام عليكم يا أخي.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. من أي بلد؟ قلت: من الكويت.. وحضرتك؟ قال: بأسلوب يتصف بالفاكهة: أنا من مكناس بالمغرب.. هل تعرفها؟ ألم تسمع بأغنية شويخ من ارض مكناس؟ قلت: نعم وهي من الاغاني القديمة.. ثم بادر بالحديث الذي له بداية ولم يكن له نهاية حتى قطع حديثه صوت أذان المغرب من جهازه النقال ليعلن انتهاء حديثه دون ان يترك لي المجال للتعقيب عليه، او ابداء الرأي حول المواضيع التي آثارها خلال تلك الدقائق المعدودة، وخلصت الى التعرف على حجم المعاناة التي يشعر بها اخواننا العرب من المسلمين ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
-1 الذوبان في المجتمعات غير الاسلامية: تعد مشكلة فقد الهوية الاسلامية أخطرَ المشاكل التي يعاني منها المسلمون في الأقطار غير الاسلامية بشكل عام.
-2 الفرقة والاختلاف: لقد نقل المسلمون المهاجرون من بلادهم خلافاتهم المذهبية، وصراعاتهم الحزبية، وقد نجح القليل من المؤسسات الاسلامية في بعض الدول في انشاء مجلس ينسق بين مواقفها، ولكنها في الغالب من طيف واحد لا يحقق تلاحم جميع الأطياف الاسلامية.
-3 بروز جماعات الغلو والتطرف: ان الاسلام دين الفطرة والوسطية، ومن أعظم توجيهاته نبذ العنف والغلو في الدين. ومما يؤسف له تبنّي بعض الجماعات أو الأفراد لهذا الأسلوب المنافي لسماحة الاسلام، بسبب غياب الفقه الراشد عن أذهانهم نتيجة فقر البيئة الأوروبية لعلماء مسلمين.
وقد نجم عن ذلك وضع الاسلام والمسلمين في دائرة الضوء، فتضاعفت مشاعر التعصب والكراهية ضد المسلمين عموماً.
مخاوف حملها هذا المسلم الذي يعيش في بلاد الغرب، وسرد معاناته الأليمة التي تنم عن أوضاع تحتاج من دولنا الاسلامية النظر فيها وفي حال المسلمين هناك. لقد ضربت لنا بعض الدول الأوروبية ومنها المانيا وسويسرا والنمسا وغيرها، مثالا رائعا لمعنى احترام الأديان والا لما تركني هذا (الشويخ) المسلم جانباً وافترش سجادة الصلاة في الشارع وأدى صلاته بأريحية كاملة، وخشوع أتمناه عليه دون ان يضايقه بذلك اي من المارة في هذا المكان العام تماماً كما نشعر وأفراد أسرتي والمرافقون معنا عندما نؤدي صلواتنا في اماكن الاستراحة بالطرق الرئيسة دون اي مضايقات او تلك النظرات التي كانت تركز (خز ممزوج بالاحتقار) علينا استنكارا. كثيرة تلك الأولويات التي تحتل سلم اهتمامنا، لكننا ما زلنا غير قادرين على تحديد أهمها!!.

ناصر أحمد العمار
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
786.9975
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top