

	الثلاثاء 14/04/1447 هـ الموافق 07/10/2025 م الساعة 01:49 توقيت الصلاة العصر 14:57

مقالات

A A A A A

ابن زريق البغدادي

عبدالله خلف

2014/09/11

10:35 م

شكرا لتصويت

التقيم

التقيم الحالي 5/0

اهتم الأدباء بعد ذلك بقصيدته العينية وعارضها الواسطي والعبدي وخمسها البعض

هو ابو علي الحسن بن زريق، الكاتب الكوفي، من اهل الكرخ في الجانب الغربي من بغداد، كان كاتبا في ديوان الرسائل، وساءت حاله فخطر له ان يذهب الى الاندلس متكسِّبا بشعره.
جاء الى الاندلس في ايام الفتنة والاضطرابات وتنازع الخلفاء الولاة والعرب والبربر.
ابن زريق جاء في وقت ضائع، فالتكسب بالشعر يكون ايام الرخاء والسلام.
يقال انه مدح احد ملوك الاندلس فلم يجد منه اي اهتمام، فعاد الى الخان الذي كان ينزل فيه.. وكان قد نظم قصيدته العينية المشهورة.
وقيل ان هذا الملك اجازه بجائزة ضئيلة فعاد الى الخان منكسر الخاطر حزينا، وقيل ان صاحب الاندلس اراد اختباره بهذه الجائزة الضئيلة فطلب بن زريق بعد بضعة ايام فوجده في الخان مَيْتًا، والقصيدة تحت وسادته.. اهتم الادباء بعد ذلك بقصيدته العينية هذه وعارضها احمد بن جعفر الواسطي، وابوبكر العيدي.. وخمسها البعض، وشرحها ولي الدين يكن في 1920م.. وله ارجوزة في الاخلاق اوردها بروكلمان.
٭٭٭

مختارات من القصيدة العينية لابن زريق البغدادي

لا تعذ ليه فإن العذل يولعه
قد قلت حقا؛ ولكن ليس يسمعه
جاوزت في لومه حدا اضر به
من حيث قدرت أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلا
من عذ له، فهو مضنى القلب موجعه
يكفيه من لوعة التأنيب ان له
من النوى كل يوم ما يروعه:
ما آب من سفر الا وأزعجه
عزم الى سفر البين يجمعه؛
كأنما هو في حل ومرتحلٍ
موكل بفضاء الله يذرعه!
وما مجاهدة الانسان واصلةً
رزقاً، ولا دعة الانسان تقطعه؛
يقول لا فائدة من لومه وعذله لان هذا اللوم يؤلمه، رغم ان ما قلتيه حقيقة وانك نويت اصلاحه وارشاده لتجنب اسباب الوقيعة، يكفيه ما فيه من ألم الغربة والبعد عن اهله واصحابه.. هو في حلٍ ومرتحل كأنه كتب عليه ان يذرع تلك المسافات الطويلة من بغداد الى مصر وبلاد المغرب ثم الاندلس.. كلمات رقيقة ذات موسيقى عذبة مما جعل الادباء يهتمون ويعارضونها ويطيلون في شرحها.

قد وزع الله بين الخلق رزقهم
لم يخلق الله من خلقٍ يضيعه
والحرص في الرزق - والأرزاق قد قسمت
بغي، ألا إنْ بغي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه
عفواً، ويمنعه من حيث يطمعه
أستودع الله في بغداد لي قمرا
بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه؛
ودعته، وبودي لو يودعني
صفو الحياة وأني لا أودعه!
كم قد تشفع بي ألا أفارقه
وللضرورات حال لا تشفعه

يبدو ان القصيدة قد كتبها بعد ان ادرك معاناة السفر الطويل الشاق من بغداد الى الاندلس واخذ يلوم نفسه ويردد ان الرزق موزع بين البشر، ولا يخلق الله خلقا ويتركه ضائعا.
والحرص على طلب الرزق قد يهلك الانسان، والرزق قد يأتي دون عناء لقد استودع الله حبيبته التي وصفها بالقمر المنير، في حي الكرخ غربي بغداد، لقد ودع قمره وكان بوده لو هو ودعّه كم قد تشفع بي ألا اودعه وافارقه ولكن الضرورات دفعته الى ما لا يرغب فيه

وكم تشبث بي، خوف الفراق ضحى
وأدمعي مستهلات وأدمعه
لا أكذب الله؛ ثوب الصبر منخرق
عني بفرقته لكن أرقعه
أعطيت ملكاً فلم أحسن سياسته
وكل من لا يسوس الملك يخلعه!
ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا
شكرٍ عليه فعنه الله ينزعه
بمن - إذا هجع النوام - بت له
بلوعةٍ منه ليلي لست أهجعه،
لا يطمئن لجنبي مضجع؛ وكذا
لا يطمئن له - مذ بنت - مضجعه
ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني
به، ولا أن بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين، فيما بيننا، بيدٍ
عسراء تمنعني حظي وتمنعه

صور ساعة فراق حبيبته المأسوية، ووضع نفسه بين نارين نار الفراق ونار المجهول نحو سفرة طويلة وشاقة، وفي وقت لم يقدر عواقبه حيث الاندلس في ظروف مضطربة فلا احد يصغي الي الشعر.. والشعر غناء لا يردد الا اوقات الصفاء

في ذمة الله من اصبحت منزله
وجاد غيث على مغناك يمرعه:
من عنده لي عهد لا يضيعه
كما له عهد صدقٍ لا أضيعه

هذا ابن زريق في شعره الجميل وحظه العاثر.

عبدالله خلف

أخبار ذات صلة dot4line

التعليقات الأخيرة

All Comments

أكثر المواضيع مشاهدة

مقالات ذات صلة بالكاتب

Tweets by WatanNews !function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");

323.0129


موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة