مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

(لله اﻷمر هو الشافي الكافي) (2)

عبدالرحمن بن ندى العتيبي
2014/08/31   09:36 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



كثر في الآونة اﻷخيرة ظهور اﻷمراض وبمسميات مختلفة ومنها ما اطلق عليه (كورونا) وسبب خوف الناس من هذا المرض ﻷنه مرض يؤدي للهلاك، وهذا الخوف طبيعي ومشروع ان لم يتعد الضوابط الشرعية، لكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن، هل هذا هو السبب الوحيد للموت؟
هناك أسباب كثيرة منها حوادث السيارات التي أصبحت مفاجئة وأخطر من أي مرض، هناك الحروب التي تأتي على اﻷخضر واليابس، وهناك أمراض أخرى وفي المحصلة لا مفر من الموت.فهل استعد العاقل لذلك؟ العاقل يصلح علاقته مع الله ويستعد لما بعد الموت.ولا يكون مفرطا في حق الله فتنطبق عليه مقولة: جاءك الموت يا تارك الصلاة.

(الاستعداد للقاء الله)
لا مفر من الموت مدرك ابن آدم لا محالة، قال تعالى: {قُلْ ان الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَانَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ الَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون}، وقال الله عزوجل: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ ان تَمُوتَ الَّا بِاذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)} [آل عمران].
قال القرطبي في تفسيره الجامع ﻷحكام القرآن قوله تعالى: وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله كتاباً مؤجلاً هذا حض على الجهاد، واعلام ان الموت لابد منه وأن كل انسان مقتول أو غير مقتول ميت اذا بلغ أجله المكتوب له; لأن معنى مؤجلا الى أجل.
ومعنى باذن الله بقضاء الله وقدره.وكتابا نصب على المصدر، أي كتب الله كتابا مؤجلا.وأجل الموت هو الوقت الذي في معلومه سبحانه، ان روح الحي تفارق جسده، ومتى قتل العبد علمنا ان ذلك أجله.ولا يصح ان يقال: لو لم يقتل لعاش.والدليل على قوله: كتابا مؤجلا اذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ان أجل الله لآت لكل أجل كتاب.والمعتزلي يقول: يتقدم الأجل ويتأخر، وان من قتل فانما يهلك قبل أجله، وكذلك كل ما ذبح من الحيوان كان هلاكه قبل أجله; لأنه يجب على القاتل الضمان والدية.وقد بين الله تعالى في هذه الآية أنه لا تهلك نفس قبل أجلها.أهـ.
وجاء في السنة ما يبين ان اﻹنسان يضع آملا لسنوات طويلة أبعد من حد أجله وهو في حياته معرض لسهام المنايا حتى يناله منها ما ينهي حياته في هذه الدنيا وينقله الى الحياة اﻷخرى، عَنْ عبدالله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا الَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ، وَقَالَ: هَذَا الْانْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ، أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ، فَانْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَانْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا» [رَوَاهُ البُخَارِيّ].
ورواية الترمذي: عن عبدالله بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا وخط في وسط الخط خطا وخط خارجا من الخط خطا وحول الذي في الوسط خطوطا فقال هذا ابن آدم وهذا أجله محيط به وهذا الذي في الوسط الانسان وهذه الخطوط عروضه ان نجا من هذا ينهشه هذا والخط الخارج الأمل).
قال المباركفوري في كتابه تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: قوله: (خط لنا) أي للصحابة (خطا مربعا) الظاهر أنه كان بيده المباركة على الأرض قال الطيبي- رحمه الله-: المراد بالخط الرسم والشكل (وخط في وسط الخط) أي وسط المربع (خطا) أي آخر (وخط خارجا من الخط) أي المربع (خطا) أي آخر (وحول الذي في الوسط) أي حول الخط الذي في وسط المربع (خطوطا) أي صغارا كما في رواية (فقال هذا ابن آدم) أي هذا الخط المصور مجموعة مثال ابن آدم (وهذا) أي الخط المربع (أجله) أي مدة أجله (محيط به) أي من كل جوانبه بحيث لا يمكنه الخروج والفرار منه [ص: 128] (وهذه الخطوط) أي الصغار (عروضه) أي الآفات والعاهات من المرض والجوع والعطش وغيرها (ان نجا منه ينهشه هذا) أي ان تجاوز عنه العرض يلدغه هذا العرض الآخر، وعبر عن عروض الآفة بالنهش وهو لدغ ذات السم، مبالغة في الاصابة وتألم الانسان بها (والخط الخارج) أي عن المربع (الأمل) أي مأموله ومرجوه الذي يظن أنه يدركه قبل حلول أجله هذا خطأ منه، لأن أمله طويل لا يفرغ منه، وأجله أقرب اليه منه وفي الحديث اشارة الى الحض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل.اهـ.
فالعاقل يعمل لما بعد الموت ويسأل نفسه هل أنا مستعد للقاء الله؟ قال تعالى {يَا أَيُّهَا الْانْسَانُ انَّكَ كَادِحٌ الَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ الَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) انَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) انَّهُ ظَنَّ ان لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى ان رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)} [الانشقاق].
وعند تأمل هذه الأيات الكريمةنجد فيها الخطاب من الرب جل وعلا الى اﻹنسان ليخبره بأن مرجع اﻹنسان الى ربه مهما طال امده، وسينال عند ربه جزاء سعيه في الدنيا، فان كان سعيه عملا صالحا مقبولا أعطي كتابه بيمينه وهنيئا له بالرضا والجنة، وان كان من اهل الكفر والعمل السيئ فالنار مثواه والعياذ بالله وعلى العاقل ان يختار طريق اﻹيمان في دنياه لكي يسعد في آخرته قال تعالى {انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا} (اﻹنسان: 3).
فالفرصة قائمة مادام في العمر مهلة ولم يفاجئه اﻷجل.فبادر لطاعة الله واترك الغفلة واطرح الكسل وأحسن الظن بالله، وانهض بهمتك واستعد للقاء ربك جل وعلا.
والاستعداد للقاء الله يقتضي عدة أمور منها القيام بتوحيد الله وعبادته، والطهارة من الشرك، اتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والبراءة من البدع، الخشوع لذكر الله، الحرص على الصلاة، الابتعاد عن المحرمات.
نسأل الله ان يجعلنا من أهل طاعته، وأن يجنبنا سخطه، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، انه سميع مجيب.
عبدالرحمن بن ندى العتيبي
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
289.0113
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top