مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

عندما يتقدم بك العمر «2-2»

عبدالله خلف
2014/07/15   07:45 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

الجمال الذي يراه الإنسان هو ذلك الشباب الذي انقضى


هناك من الناس من يكابر بعمره المتقدم، ويرفض اليد التي تمتد اليه لاعانته وقد تعرضه مكابرته الى الخطر.. اشرت في مقال سابق الى اجمل ما قاله الجاحظ في مكابرة الانسان الذي يتصور انه مازال في نشاط شبابه والكبر يداهمه ويسلب قواه.
اترجو ان تكون وانت شيخ
كما قد كنت ايام الشباب
لقد كذبتك نفسك لبس ثوب
خليق كالجديد من الثياب.
حكى ابوالخطاب بن عون الحريري انه دخل يوما على ابي العباس النامي وقال: فوجدته جالسا ورأسه شديد البياض وفيه شعرة واحدة سوداء فقلت يا سيدي، في رأسك شعرة سوداء فقال: نعم هذه بقية شبابي، وانا افرح بها فقال يا ابا الخطاب: بيضاءٌ واحدة تروّع الف سوداء فكيف حال سوداء واحدة بين الف بيضاء.
واورد ابن خلكان حكاية عن رجل اثرى وصارت له نعمة بعد ان بلغ الثمانين، فكان هذا الرجل يتحسر على شبابه، ويتمنى ان لو يعود له الشباب، حتى يتمتع بثروته وماله بالنساء، وقد نظم احدهم في ذلك:
ما كنت ارجوه اذ كنت ابن عشرينا
ملكته بعد ان جاوزت سبعينا
تطيف بي من بنات الترك اغزلة
مثل الغصون على كثبان يبرينا
وخرد من بنات الروم رائعة
يحكين بالحسن حور الجنة العينا
يغمزنني بأساريع منعمة
تكاد تنقض من أطرافها لينا
يردن احياء ميت لا حراك به
فكيف يحيين ميتا صار مدفونا
قالوا انينك طول الليل يقلقنا
فما الذي تشتكي؟ قلت الثمانينا!
ومن اجمل ما قيل ايضا في هذا الباب، قول ابن زهر الاندلسي وذلك في مقطوعة جميلة كوميدية يتهكم على نفسه وهو ينظر في المرآة وينكر على من يراه انه ذلك الذي كان فتى نشطا:
إني نظرت الى المرآة اذ جليت
فأنكرت مقلتاي كل مارأتا
رأيت فيها شيخا لست أعرفه
وكنت أعهده من قبل ذاك فتى
فقلت: أين الذي بالأمس كان هنا
متى ترحل عن هذا المكان متى؟
فاستضحكت ثم قالت وهي معجبة
إن الذي أنكرته مقلتاك أتى
كانت سليمى تنادي يا أخي وقد
صارت سليمى تنادي اليوم يا أبتا!
ومن اقوال العرب في التعري عن الشباب قول ابي العتاهية:
عريت من الشباب وكان غضا
كما يعرى من الورق القضيب
ألا ليت الشباب يعود يوما
فأخبره بما فعل المشيب
وكان ابو عمر بن العلاء يقول: ما بكت العرب شيئا بكاءها على الشباب الذي انقضى وقال الاصمعي احسن انماط المراثي البكاء على الشباب.. قال البهاء زهير:
نزل المشيب وانه
في مفرقي لأعز نازل
وبيت اذ رحل الشباب فآه آه عليه راحل
بالله قل لي يا فلان ولي أقول ولي أسائل
أتريد في السبعين ما
قد كنت في العشرين فاعل

حتى قال البهاء زهير:
هيهات لا والله ما هذا
الحديث حديث عاقل
ضيعت ذا الزمن الطويل
ولم تفز منه بطائل..

هذا فان الانسان يرى في سالف الايام جمالا وان خلت من الجمال ولكن الجمال الذي يراه هو ذلك الشباب الذي انقضى.

عبدالله خلف
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1373.011
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top