مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أفكار.. وأضواء

المرأة.. في «ربيع العرب»

خليل علي حيدر
2014/05/19   09:10 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

فكر


حقوق المرأة تتراجع في دول الربيع العربي ومصر هي الأسوأ ومن بعدها العراق بفارق بسيط

نشأت شبكة من السماسرة لاستغلال بؤس الأسر السورية وصعوبة الأوضاع والحاجة الماسة إلى المال

أظهرت نتائج استطلاع رأي اجرته الامم المتحدة، نشرته الصحافة في أواسط العام 2013، ان كل السيدات المصريات تقريبا قد تعرضن للتحرش بطريقة أو بأخرى. وجاءت تصريحات وزير الاعلام المصري صلاح عبدالمقصود لتثير غضبا شديدا، بعد ان وجه كلاما لاحدى الصحافيات بطريقة مهينة، ولم يعتذر أو يتراجع فيما بعد.
ولا يكاد الواحد منا الآن ان يصدق الوقاحة التي تعرضت لها الصحافية المصرية السيدة «ندى محمد» في ذلك الحادث!
قالت الصحافية تصف ما حدث لها مع الوزير: «طرحت عليه سؤالاً: اين حرية الصحافة التي تتحدث عنها؟» واضافت الصحافية التي كان والداها يرافقانها: جاء ردّه عليَّ قائلاً: «تعالي وسأريك أين هي! ثم ضحك. وتقول ندى: «كان ذلك تحرشاً واضحاَ أصابني بالصدمة. لقد أغضبني جداً كلام الوزير إلا أن الموقف لم يكن مناسباً لأظهر فيه غضبي، وأنا سعيدة ان ما حدث لاقى تفاعلاً من قبل الناس» (الجريدة، 2013/5/6).
رئيس المجلس القومي للمرأة، السفيرة ميرفت التلاوي قالت في مقابلة بالشرق الاوسط: «المرأة المصرية لديها قلق كبير، لأنه حينما يتردى الامن والاستقرار تتردى اوضاع المرأة. عمل نواب التيار الاسلامي في مجلس الشعب كان انتزاع الحقوق التي حصلت عليها المرأة وأولها الاتجاه لإلغاء قانون الخُلع، وإلغاء القانون الذي يعاقب الطبيب الذي يجري عملية الختان للبنات، وقام عدد من السلفيين برفع قضية على وزير الصحة من اجل الغاء القانون الذي يجرم عملية الختان للبنات» (2013/2/11).
واظهرت دراسة رويترز التي تحدثنا عنها في مقال سابق ان حقوق المرأة تتراجع في دول الربيع العربي. وقد ظهر ان مصر هي الاسوأ ومن بعدها العراق بفارق بسيط. وقالت سوزان احمد، وهي ناشطة معارضة في دمشق: «النساء هن الاكثر معاناة. مات عدد كبير من الرجال وتلعب المرأة دور الرجل لإعالة الابناء». وقالت فتاة كانت تدرس في جامعة دمشق لدى اندلاع الانتفاضة في مارس 2011: «الشيء الوحيد الذي نريده الآن هو الامان اشعر بأن عليَّ الآن ان أتحجب، نخاف مما سيفعله الاسلاميون. يريدون ان تغطي المرأة حياتها لا مجرد جسدها». وعن الاسلاميين، قالت الناشطة التونسية «لينا بن مهني»، انها قلقة بسبب الحكومة التي يقودها الاسلاميون وبخاصة من المتطرفين الذين «يلعبون دور شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». (القبس، 2013/11/13).
بعض ضحايا التحرش الجنسي في مصر تحدثن بصراحة وألم لنفس الصحيفة الكويتية في فبراير 2013: «مسكت في صاحبتي بقوة وأنا اشعر بأياد كثيرة تعبث في كل أنحاء جسدي». بهذه العبارة بدأت السيدة «سلمى شامل» شرحها لما حدث لها في ميدان التحرير. قالت انها كانت ستلفظ أنفاسها الاخيرة نتيجة التدافع الكبير عليها من قبل الموجودين في الميدان. منهم من كان يريد انقاذها، تقول الصحيفة، «وآخرون يريدون قطعة من الكعكعة التي سقطت على الارض». المعتدى عليها صرحت بأن اكثر ما آلمها، «هو العدد الكبير من المتحرشين الذين حاولوا الفتك بها، لولا المحاولات المضنية من الشباب الاحرار الذين دافعوا عنها باستماتة، بعد ان كادت تفقد وعيها بسبب الزحام الشديد». كثيرات مثل سلمى، تضيف الصحيفة، تعرضن لمحاولات تحرش جماعي، لكنهن آثرن السلامة واحتفظن بجرح غائر في قلوبهن لخوفهن من «الفضيحة» ونظرة المجتمع لهن».
وكانت عملية الاعتداء على السيدة ياسمين البرماوي أفظع كما روتها لصحيفة القبس. وقالت انها كانت في ميدان التحرير مشاركة في الهتاف، ثم فوجئت بهجوم مجموعة من الشباب تجاوز عددهم العشرة، ووقعت على الارض نتيجة التدافع عليها، وقام عدد منهم بسحلها حتى شارع محمد محمود، وفي احد الشوارع الجانبية تجمهر الناس حولها وقام عدد من المتحرشين بتمزيق بنطالها باستخدام ادوات حادة واسلحة بيضاء، واثناء محاولتها الافلات منهم شاهدت سيارة بيضاء متجهة نحوها حتى كادت تدهسها، وحاول المعتدون خطفها داخل السيارة، لكن وجود اعداد كبيرة حولها حال دون ذلك. ثم وجدت نفسها بعد ذلك في منطقة عابدين، حيث انقذها الاهالي واعطتها احدى السيدات جلباباً يسترها بعدما مزق المعتدون ملابسها تماما» (القبس، 2013/2/15).
تجربة المرأة السورية مع اهوال بلادها وقسوة حياة المخيمات كانت اشد وأقسى. فقد نشأت شبكة من السماسرة لاستغلال بؤس الأسر وصعوبة الاوضاع والحاجة الماسة الى المال، وذلك من خلال ترتيب زيجات غير متكافئة يكسبون من ورائها.
ويقول تقرير في صحيفة الحياة: «اسباب كثيرة تقف وراء تفشي الظاهرة، إما «ستر» البنت من مستقبل مجهول، وإما ضغط العوز والحاجة، فتقف الاسرة النازحة امام خيار مؤلم. عقود صورية لا تعترف بها محكمة ولا تتضمن أي حق من الحقوق الشرعية للزوجة. وبعد فترة وجيزة من الزمن تصبح الزوجة الصبية مرمية في المخيم مجددا ولكن هذه المرة مطلقة. «اكثر من مائة فتاة جرجن عرائس من مخيم الزعتري ليزففن الى شبان اردنيين أو خليجيين»، تروي لاجئة سورية وهي في العشرينات، وتضيف: بعضهن عدن مطلقات بعدما تعرضن لضرب مبرح. جارتي في الخيمة المجاورة أجبرها زوجها على العمل في الدعارة. واحيانا كان يأتي العريس الى داخل المخيم ليتزوج بفتاة سورية ولكنه يغادر بعد اقل من اسبوع بحجة تجهيز الاوراق، ويذهب الى غير رجعة». وتضيف: «شهدنا في المخيم حوادث تحرش عدة من جانب بعض العمال. كنا نعيش في حال رعب حقيقي ودائم من احتمال التعدي والاغتصاب، ولكن خيار الزواج بات بعد التجربة أشد رعبا».
ويتحدث مقال «الحياة» عن فتاة تسمي نفسها «سمر» ممن تعرضن لتجربة زواج مهينة قاسية، وتقول: «تزوجت رجلا خليجيا خمسينيا مقيما في عمان بعدما دفع مبلغ 1000 ريال لأهلي. اخبرني انه يتعاطف مع قضيتنا وانه يريد الزواج بي لأني سورية ضحية العنف وانه يعتبر زواجه مني كالجهاد في سبيل الله. ولكن، بعد بضعة ايام وجدت نفسي اخدم كل يوم اصدقاءه في السهرات الطويلة، وهو يتفاخر بجمالي امامهم، حتى انه سمح لهم بالتحرش بي….». توقفت سمر عن الكلام قليلا، ثم اضافت بصوت مخنوق: «لا اريد اروي تفاصيل اكثر.. لا اعرف كيف هربت وانهيت هذا الكابوس» (الحياة، 2013/2/7).
وكان المد السياسي للجماعات الاسلامية، الذين امتطوا الربيع العربي في بلدان عربية عدة، خطرا محدقا خلال عام 2012 خاصة.
وتحدثت تقارير صحافية عدة عن مدى خشية المرأة العربية اليوم من ضياع حقوقها، خصوصا بعد فوز الاسلاميين في الانتخابات في مصر وتونس وتقدمهم الواضح في ليبيا. وفي مصر مثلا، انخفض تمثيل المرأة في مجلس الشعب من %12 الى %2، وأُلغيت الحصة التي كانت مخصصة للمرأة في ظل نظام الرئيس مبارك وهي 64 مقعدا. وحذرت الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان ان «النساء تواجهن مخاطر متنامية من ان تتم مصادرة ثورة كن جزءا منها. وفي تونس تم تخويف معلمات لأنهن لا ترتدين الحجاب».
وفي مصر، تعرضت ناشطات لـ«كشوف عذرية» من قبل عسكريين وفق منظمة العفو الدولية. ودعت الفيدرالية الدولية الى ان تنص الدول العربية في دساتيرها على «المساواة بين الرجل والمرأة ومنع أي شكل من اشكال التمييز ضد المرأة». وقالت الناشطة الكويتية في مجال حقوق الانسان السيدة ابتهال الخطيب: «عندما تصل مجموعات دينية الى السلطة فإن المرأة اول من يُضرّ اذ تصبح مشكلاتها وحقوقها اول ما يتم وضعه جانبا». غير ان معركة المرأة العربية هذه في سبيل تعزيز حقوقها، تقول صحيفة القبس، «تواجه عقبات كبيرة وهي عقلية نسبة كبيرة من النساء العربيات أنفسهن اللاتي تعتقدن ان منح حقوق «اكثر مما ينبغي» للمرأة مخالف لتعاليم الاسلام وللاعراف الاجتماعية» (2012/3/7).
وقد نشر «مركز المسبار للدراسات والبحوث» كتاباً بعنوان «المرأة في العالم العربي وتحديات الاسلام السياسي» يضم العديد من البحوث ومنها بحث للكاتبة «ريتا فرج» تقول فيه: «يبدو ان معركة المرأة العربية متعددة الجوانب، فهي رهينة ثلاث دوائر قهرية: الثقافة الشعبية المجتمعية، المنظومة النيوبطريركية، القراءات الفقهية الذكورية التي يستمد منها سلفيو الثورات خطابهم» (الحياة، 2013/7/1).
وتشير الكاتبة التونسية «آمال قرامي» في الكتاب نفسه ضمن ورقتها «دوائر الخوف: التونسيات والتيارات السلفية»، الى مخاطر انتشار ثقافة «كُره النساء»، التي برزت في خطابات اصولية تدعو صراحة الى «الغاء مكاسب التونسيات، والى ختان البنات وزواج القاصرات وتعدد الزوجات وتشويه صورة الناشطات الحقوقيات، وتكفير المثقفات والفنانات. كما تعمدت فئة من الاصوليين خلق حالة من الرعب في البلاد، فلاحقت السيدات في الاحياء الشعبية في محاولة لاجبارهن على ارتداء الحجاب أو النقاب. وقد راجت اخبار عن رجال يرجح انتماؤهم الى التيار الاصولي المتشدد يقومون بترهيب النساء والفتيات المتوجهات الى العمل أو العائدات منه وأمرهن بالانقطاع عن العمل وملازمة بيوتهن».
ونشرت الكاتبة المصرية امينة خيري في «الحياة» عشية ثورة 30 يونيو 2013 تقريرا عن ثمار حكم جماعة الاخوان المسلمين ومسيرة المرأة وحقوقها طوال سنتين ونصف السنة، وقالت ان ما حدث «كان تدهورا مستمرا لمكانة المرأة المصرية في عيون العالم. فقد نجحت مصر في تبوؤ الصدارة في قائمة الدول الاكثر فشلا في اتاحة الفرص الاقتصادية للنساء. وبلغت نسبة البطالة بين النساء، وفق الاحصاءات الرسمية، خلال العام الماضي، اربعة اضعاف نسبتها بين الذكور. حتى المؤتمر الذي قررت الرئاسة ان تعقده على مدى شهور من اجل المرأة المصرية، وتشرف عليه عناصر الجماعة، تبخّر في هواء «التمكين»، الذي تأثر بغبار الجماعات المتشددة والمتطرفة».
وجرى تصنيف المتظاهرات ضد الرئيس مرسي أو جماعة الاخوان أو الدستور أو تدني مستويات المعيشة، باعتبارهن «نساء فاسقات عاريات ينزلن الى الشارع بغرض الاغتصاب لأنهن منفلتات». كما خلقت البرامج والمحطات الدينية جوا معاديا لكل الشعارات الحقوقية والسياسية التي تطالب بها المرأة (الحياة، 2013/7/4).
وتحدثت الكاتبة في مقال لاحق عن آثار الحملة الدينية على الحياة الاكاديمية حتى بعد سقوط نظام الاخوان. واشارت الى استاذة طب اسنان في جامعة مصرية خاصة، وهي تلقن طالبات السنة الاولى كيف ان طبيبات الاسنان عليهن التزام تخصصات المختبرات وعمليات الحشو ومبادئ الكشف العامة، مع الابتعاد تماما عن علاج الجذور أو ازالتها أو جراحات الفك وغيرها من المجالات التي اكدت انها «لا تناسب المرأة لأن اعصابها مهزوزة وتركيبتها مختلة ونفسيتها منقوصة بحكم تكوينها البيولوجي الذي فطرها الله عليه».
واشار المقال ضمن الحديث الى الجو المتشدد في هذه الجامعة حيث ترفض الاستاذة الجامعية رفضا تاما ان تسلم باليد على ابنائها من الطلاب، أو تتحاور الطالبات مع الطلاب في مختبرات الكلية رغم ان الجامعة لا تمنع الاختلاط».
وشنت نساء جماعة الاخوان ورجالها على الدوام هجوما قويا على المنظمات الدولية وتدخلها في شؤون العالم الاسلامي وتطورات مصر.
ولم يمنعها هذا في الوقت نفسه من ان توجه نساء الاخوان رسالة الى العالم بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، بأن «حرائر مصر مستمرات في النضال حتى دحر الانقلاب واسقاطه وانهاء اشكال العنف ضد المرأة». وطالبت الامم المتحدة ممثلة في منظمة «يونيغم» المعنية بالمرأة، بالقيام بدورها في الدفاع عن حقوق المرأة وتفعيل المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر».
الطريف، تقول الكاتبة امينة خيري نفسها، «ان الاتفاقات الدولية كانت بالامس القريب في عرف «حرائر» الاخوان، عصفا بالاسرة المصرية وتدميرا للمرأة المصرية وتحديا للقواعد الاسلامية. وقبل عام خرجت مسؤولة المرأة في حزب الحرية والعدالة الاخواني «كاميليا حلمي»، لتدين المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة والطفل، واصفة إياها بأنها «تستهدف تغيير الثقافات وقوانين الاحوال الشخصية». وقبل عام واحد ايضا اعتبرت «حرائر» الاخوان المطالبة بعدم السماح بتزويج الطفلة عصفا بالدين وانتهاكا للشريعة ومحاولة عقيمة لنشر الفكر الغربي العلماني».
وهكذا، تختتم الكاتبة حديثها بالقول، ان المرأة المصرية تظل اشبه باللاعب الاحتياطي الذي يمضي عمره جالسا على «مقاعد الاحتياطي» ولا يسمح له بالنزول الى ارض الملعب الا لو وجد المدرب نفسه مضطرا، رغم انه قد يكون افضل من كثيرين من اللاعبين الاساسيين» (الحياة، 2013/11/28).
والآن، ما أثر كل هذا الصراع الحقوقي والمطالبة السياسية للمرأة بالتحكم في كل جوانب حياتها.. على حياتها الاسرية ووضعها الاجتماعي؟ لا مجال للخوض في هذا المبحث، ويكفي ان نشير الى بعض ما نشر في الصحافة، (القبس 2013/10/1)، حيث ذكرت صحيفة «المصري اليوم» ان رجلا طلّق زوجته لمشاهدته إياها تشارك في مسيرة للاخوان المسلمين في «الفيوم» جنوب القاهرة، اثناء مروره بالصدفة خلال انطلاق المسيرة. وعند مشاهدته زوجته استوقفها وبادرها بإلقاء يمين الطلاق عليها، وأمرها بالذهاب الى منزل اسرتها لحين اتخاذ اجراءات الطلاق الرسمية. ولم يستمع الزوج كما جاء في الصحيفة لتدخل بعض اصدقائه ورؤوس العائلات، وقد أصر على موقفه، معللاً ذلك بعدم استئذان زوجته منه، الى جانب معارضته الاخوان المسلمين بشدة. ونشرت صحيفة «اللواء الاسلامي» فتاوى وآراء، يوم 2011/11/24، عن حقوق المرأة في الترشح والانتخاب.. دون موافقة زوجها!

خليل علي حيدر
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
2095.0041
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top