مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

من الاثنين للاثنين

سواعد تبني الأمل

د.خالد أحمد الصالح
2014/02/09   09:03 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

أكثر ما يضر الأمم فقدان أهلها روح الإصلاح وانتشار الإحباط واليأس


أكتب في جريدة «الوطن» منذ عشرين عاما، ومنذ كنت أبعث المقال باليد الى ان أصبح يُبعث بالفاكس ثم بالايميل وأنا أحاول رصد ردة فعل أصدقائي وزملائي على ما أكتبه، لاسيما فيما يتعلق بالوضع الداخلي.
في السنتين الأخيرتين أصبح الواتس أب وسيلتي السريعة لبعث المقال للاصدقاء والزملاء وتلقي الرد عليه سريعا، ولأني أهوى الاحصاء وقد درسته في دراستي الطبية التخصصية فقد مارسته على تعليقات زملائي وأصدقائي وانتهيت الى بعض الاستنتاجات التي أحملها في مقالي هذا الى القارئ الكريم لعل فيها عبرة يستفاد منها.
في حقبة التسعينيات كان المواطن الكويتي مليئا بالحسرة من الخذلان الذي صاحب غزو بلاده، كانت مشاعر الوطنية لديه تزداد عمقا يصحبها رغبة التحدي وتفاؤل بالمستقبل، كان وهج الاصلاح يتحرك بأسرع من قدرات الفساد، من أجل ذلك تم اعادة بناء الكويت بسواعد شابة راغبة في التغيير، كل مقالاتنا كانت في تلك الحقبة تدور حول الرد على أعدائنا ومعاقبتهم وتشجيع روح البناء القوية، وكانت ردود الناس حولنا تسير معنا، كان التناغم صفة ما نكتبه وما نسمعه.
في حقبة الألفين، وفي أول خمس سنوات فيها بدا واضحا ان روح الفساد مازالت تتنفس تحت تراب الوطن، بدأت التجمعات القديمة تعيد اصلاح شباكها وبدأ الصراع يعلو رويدا رويدا، كان الفساد كعادته يحمل أكثر من رأس، وفي كل رأس عقل مبرمج، وبدأت بذرات الفتن الساكنة تتفتح، يومها انشغلنا ككتاب في صّد تلك الأفكار، لاسيما في محاولات تغريب الشعب الكويتي واخراجه عن قيمه العربية والاسلامية.
وقد خسر المصلحون معارك وربحوا أخرى لكن روح التفاؤل لم تضعف يوما.
وفي الخمس سنوات التالية، أي بعد خمس عشرة سنة من الغزو، كان المجتمع الكويتي على باب نسيان محنة الغزو وتلاحمه فيها، في تلك الأعوام اختار الفساد طريقه في ضرب بنية الوحدة، فبدأت محاولات تقسيم المجتمع طائفيا واجتماعيا، وبدأ الصراع بين مكونات المجتمع فكنا نكتب بحذر وبعموميات لا تُسمن ولا تغني من جوع، فالصراع الاجتماعي والطائفي هو أكثر الصراعات قسوة على أي مجتمع. انشغل القليل من الكتاب بالنصائح العامة وانشغل الكثيرون بالاصطفاف والدفاع عن النفس، كانت معظم تعليقات الأصدقاء والزملاء منشغلة بالصراع وكأن هناك ارادة أقوى من الجميع تُملى على الكويتيين، أما الفساد فكان ينمو بعيدا عن الخلاف حيث مصدر الدخل ومغارات علي بابا.
وما ان انتهت العشرة الأولى للقرن الحادي والعشرين حتى بدا واضحا ان الفساد نجح في تأصيل الخلاف في المجتمع الكويتي وبدأت شعلة التفاؤل تبهت، فكانت معظم كتاباتنا في البداية لاعادة روح التفاؤل، أما المعلقون من معارفنا فكان رأيهم منقسما بين مشجع ويائس من الاصلاح.
ورغم استمراري بالكتابة لتشجيع القيم ونشر روح المحبة الا أنني لابد ان أقول ان تعليقات أصدقائي وزملائي في الفترة الأخيرة كانت تملؤها المرارة والاحباط، لم تعد روح التفاؤل بيننا، كأن هناك من خنقها.
ورغم أنني ما زلت متفائلا الا أنني أشعر بأن هناك قوى ما تريد نشر الاحباط وتشجع كسر القوانين ونشر الواسطة وحرق الطبقة المتوسطة بغلو الأسعار والتفرقة بين أبناء الشعب بالمزايا والمعاشات وتشجيع الفاسدين وابعاد الشرفاء وتجنيس من لا يستحق على حساب من يستحق وحصر المناقصات على مجاميع معينة واعتبار العمل الحكومي اما بطالة واما تخليص مصالح. هناك من يرى نفسه فوق الوطن.
أتمنى ان يلتفت قادة بلدي الى هذه الظاهرة، ظاهرة الاحباط، ليحللوها ويعرفوا أسبابها ويعالجوها، فان أكثر ما يضر الأمم فقدان أهلها روح الاصلاح وانتشار الاحباط واليأس، حكومتنا اذا صَدَقَت قد لا تقطع أصابع الفساد لكنها تعيدها مرة أخرى الى جرابها ليعود بعدها الأمل والتفاؤل.
الدول لا تُبنى بالأغاني وكلمات النفاق بل تُبنى بسواعد أبنائها الذين يملؤهم الأمل.

د. خالد أحمد الصالح
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1740.9987
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top