خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

نيويورك تايمز

لماذا يخشى العرب من انفراج العلاقات الأمريكية – الإيرانية؟

2013/10/29   06:28 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
لماذا يخشى العرب من انفراج العلاقات الأمريكية – الإيرانية؟



بقلم – مروان بشارة:

يمكن القول إن توتر العلاقات السعودية-الأمريكية جراء نهج واشنطن في الشرق الأوسط ليس شيئاً جديداً، فقد كانت هذه العلاقات تعتمل تحت السطح منذ أشهر قبل انفجارها علناً مؤخراً لأسباب عدة منها أولاً: موقف أمريكا السلبي من سورية، والافتقار ثانياً الى التقدم على مسار السلام الفلسطيني-الإسرائيلي.
ثم جاء بعد ذلك سحب أمريكا مساعداتها للجيش المصري بعد انقلاب شهر يوليو.
والآن، يسعى أوباما علناً لتقارب مأمول مع إيران، منافس المملكة العربية السعودية الرئيسي في المنطقة.
والواقع أن الخلافات المتزايدة بين هذين الحليفين القديمين – السعودية وأمريكا – باتت واضحة للعيان الآن. فقد حذر رئيس الاستخبارات السعودية في الأسبوع الماضي أن إدارته ستوقف التعاون مع الولايات المتحدة في مسائل معيّنة.
وجاء هذا الإعلان بعد أيام قليلة من خطوة غير متوقعة عندما أذهلت السعودية حتى بعض دبلوماسييها برفضها قبول مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، مبررة ذلك بغضبها من فشل العالم في معالجة الأزمة السورية.
ولاشك أن هذه المشاحنة تبيّن مدى شعور العالم العربي بالإحباط من السياسة الأمريكية في سورية، وما يراوده من شكوك كبيرة حيال عواقب أي تقارب أمريكي مع إيران.
فقد تعلّم العرب من تجارب مريرة سابقة، سواء كان ذلك من خلال المواجهة أو التعاون، أن أي شيء تقرره أمريكا، إسرائيل وإيران، لابد أن ينعكس سلبياً عليهم، طبقاً للقبول الأمريكي المأثور: «سواء كان الفيل يقاتل أم يلعب لابد أن يسحق العشب تحت أقدامه».

دور الشرطي

ويُذكر هنا أن أمريكا كانت اختارت إيران وإسرائيل بدل العرب للقيام بـ«دور الشرطي الإقليمي» في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي خلال ذروة الحرب الباردة.
لكن بعد أن أصبحت الولايات المتحدة وإيران عدوتين لدودتين عقب الثورة الإيرانية عام 1979، وقعت أعباء تنفيذ رغبات أمريكا العسكرية على عاتق وكلاء عرب، وكان لذلك ثمن كبير في المال، الدم والاستقرار، حيث برز لبنان، العراق وسورية الآن من أكثر الدول التي عانت في هذا المجال.
والأمر الملفت للنظر حتى الأسبوع الماضي هو أن إسرائيل – وليس جيرانها العرب – كانت هي التي انتقدت ذوبان الثلوج عن العلاقات الأمريكية-الإيرانية على الرغم من أن إسرائيل يمكن أن تكسب كثيراً من أي اتفاق يكبح طموحات إيران النووية.
لكن في النهاية سوف تتطلب المصالحة بين أمريكا وإيران تسويات وسط على حساب مصالح العرب، لا مصالح إسرائيل.
فالعرب يخشون أن تترك المفاوضات بين أمريكا وإيران إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة، ومن ثم استمرار احتلالها لفلسطين.
كما أن تحسّن العلاقات الأمريكية-الإيرانية من شأنه أن يحقق مكاسب مهمة منها: رفع عقوبات الغرب عن إيران، اعتراف أمريكا، ولو على مضض، بنفوذ إيران الإقليمي المتزايد بدءاً من سورية مروراً بالبحرين وانتهاء بمنطقة الخليج.
بل ويمكن أن تستخدم واشنطن مساعدة إيران لإعادة الاستقرار الى سورية كما حدث في أفغانستان عقب 9/11.

قفزات فوق بركان

لكن ما يبدو الآن كما لو أنه اختراق دبلوماسي كبير ربما يكون قريباً لا أكثر من مجرد قفزات فوق بركان.
فمن المرجح جداً أن يعمق الانفراج الأمريكي-الإيراني الانقسامات الطائفية بين إيران والسعودية، ويهيئ المسرح لصراع طائفي شامل في المنطقة.
فمنذ ثورة عام 1979، تزايدت النزعة العسكرية في إيران، وأصبحت طهران أكثر تطرفاً دينياً. كما زاد التوتر السّنّي-الشيعي الذي غذى الحرب العراقية-الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وأصبح الآن أكثر سوءاً.
وفي هذا الإطار، أوضحت الحكومة السعودية الأسبوع الماضي ان الأنظمة السّنّية في المنطقة سوف تسعى لتقويض أي اتفاق يمكن أن يؤدي لزيادة النفوذ الإيراني في ساحتها الخلفية.
وسوف يساعد هذا الاستقطاب عن غير قصد القاعدة ومجموعات سنّية متطرفة أخرى في العمل لمضاعفة عدد مجنديهم من خلال إذكاء مشاعر الكراهية الطائفية كما يحدث في سورية، العراق ولبنان الآن بل ومن المرجح أن يستمر هذا دون توقف.
والواقع أن عواقب مثل هذه الاحتمالات كارثية، فالانقسامات الطائفية السّنّية-الشيعية تمتد لمعظم البلدان المصدّرة للنفط. وهذا يعني أن انقطاع إمداداته إقليمياً سيلحق ضرراً كبيراً باقتصاد العالم.
غير أن هذه الاحتمالات ليست حتمية، فجذور الانقسام السّنّي-الشيعي تعود لما قبل 13 قرناً، والعنف الذي نشهده اليوم دوافعه سياسية لكنه تفاقم بسبب التدخل الخارجي في المنطقة.
أخيراً، يتعيّن أن نتذكر أنه في الوقت الذي كان فيه الفيّلة تلعب، كان الزعماء العرب يراقبون ويتعلمون، وباتوا يعرفون الآن أن الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل ما هو إلا لعبة يستطيعون هم القيام بها أيضاً.
وإذا كان الرئيس أوباما يعتقد أن من مصلحة أمريكا أن يكون الشرق الأوسط وشمال افريفيا منطقتين هادئتين ومزدهرتين، كما قال مرة، عليه عندئذ أن يعمل لكي يكون العرب جزءاً من أي اتفاق مع إيران المستقبل.

تعريب نبيل زلف


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
83.0036
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top