خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

آفاق

المجتمع.. ما بعد «الفيسبوك»

2013/10/26   10:56 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0



في مفارقتين واضحتين على صفحات التواصل الاجتماعي في الفيسبوك، الأولى، دانت تدخل الشرطة لاعتقال مصور صحافي كردي من السليمانية نشر صورته وهو «يقبّل» حبيبته على جثة تمثال لأحد الشعراء الأكراد هدمته معاول المتطرفين، والثانية تمثلت في الآراء تعاضد قرار أصدره مجلس محافظة النجف الأشرف، يقرر فيه رفع الاجسام البلاستيكية العارضة للأزياء من واجهات محلات الملابس، وتشكيل شرطة آداب لمتابعة ذلك.
والسؤال: عن أي مدنية متجددة يمكن ملاحظتها في عراق اليوم وهو يسير نحو هاوية التطرف الديني او الانحلال الأخلاقي؟ وقد يبدو السؤال أكثر إثارة عندما يقارن مع ما يحصل في مصر على سبيل المثال.
ابتداء لابد من القول إن الفارق كبير بين مدنية اجتماعية مقننة بالتعاليم الدينية، وجميع الأديان السماوية وحتى الأديان البوذية تنطلق من قاعدة تعاليم اجتماعية تبدأ بالأسرة كنواة لمجتمع، وهناك الكثير مما يمكن أن يذكر عن تكوين هذه الاسرة من خلال علاقة الزواج الشرعي، وما فيها من متوالية عددية لنشوء المجتمعات، وصولاً الى القيم والتقاليد والأعراف التي تتكون مع تراكم موجات الاتصال بين الشعوب، مرة عبر التجارة واخرى من خلال الحروب، ولكن اليوم من خلال ثقافة التواصل الاجتماعي «الفيسبوك والتويتر».
الثقافة الجديدة تخلق الرأي العام من خلال ما يعرف اليوم بـ«صحافة المواطن» وحريته في نشر اي شيء يريد من دون اي رقيب إلا أخلاقه وقيمه الاجتماعية، ومثل هذه الثقافة كونت روابط ومنظمات بدأت في العام الافتراضي للشبكة العنكبوتية من اجل إعادة صياغة الكثير من الأخطاء التي شهدتها العملية السياسية في المشهد العراقي ما بعد عام 2003، لكنها لم تصل الى ما وصلت اليه هذه الثقافة في مصر التي أنزلت الآلاف من الشعب المصري للاحتجاج في ساحة لتحرير مرة لإسقاط نظام حسني مبارك وأخرى لإسقاط الرئيس «المنتخب» محمد مرسي وتفويض الفريق السيسي سلطة الانقلاب على قرار صناديق الاقتراع، وفي هذا الخضم ظهرت الفتاة المصرية التي تعرت على «الفيسبوك» لإعلان رفضها للواقع التي تعيشه، بفكرة تخالف احكام وقيم المجتمع العربي الإسلامي، وفي محاكاة هذا الرفض نشرت صورة لمصور كردي وهو يقبل حبيبته، لكن الاختلاف بأن تلك الفتاة المصرية لم تواجه بعقوبات قانونية، في وقت واجه المصور الكردي قراره على «الفيسبوك»، بقانون يمتلك مقوماته من الأعراف والتقاليد الاجتماعية.
ويظهر ما بين طرفي المعادلة، عامل ثالث يستخدم سلطة القانون من خلال موقع الانتخاب في الحكومة المحلية لمحافظة النجف، لإعادة صياغة الواقع الاجتماعي المحافظ أصلاً بشكل أكثر تشدداً، من خلال إقرار تشكيل شرطة آداب ترفع تماثيل بلاستيكية لموديلات عرض الأزياء من واجهات المحلات التجارية، فهل يمكن أن نفكر بإمكانية تنظيم عرض للأزياء ربما الإسلامية في هذه المحافظة وعقلية السلطة فيها تتعامل مع تمثال عرض الأزياء بهذا الشكل؟
مشكلة المجتمعات العربية والإسلامية انها لم تخلق منطلقات فكرية معاصرة تتعامل مع الأحكام الشرعية بعقلية اليوم والغد بدلاً من عقلية الأمس، باعتبار الإسلام أحكاماً لكل عصر وزمان، فهل هذه الأحكام التي تنطلق من مبدأ العدالة الإنسانية، تبدأ بالشكليات وتترك الأصول؟ أم أن المفترض أن تبدأ بتطبيق هذه العدالة وفقاً لمعايير ما فعله الاصحاب الأوائل في زمن الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» وخلفائه الراشدين، حينما كان الخليفة يبدأ تطبيق العدالة بذاته وعلى اهل بيته قبل ان يطالب بها معيته ومجتمعه في المدينة المنورة او مكة المكرمة وبعد ذلك في كوفة الإمام علي بن ابي طالب «ع»؟
هذا التعارض ما بين أحكام تنطلق من الكتب السماوية المبجلة وتطبيقات حكام يقولون إنهم يعتمدون عليها في سلطانهم الوضعي، فضلا عن تخلُّف المجتمع العربي والإسلامي نتيجة قرون من الجاهليات المتعاقبة إثر غزو مغولي اسقط عاصمة الرشيد وصولاً الى احتلال أمريكي بمساعدة الأقربين، تجعل المجتمع أمام تنافر اخلاقي، تساعده ثقافة «الفيسبوك» للإفصاح عن امراضه، التي تواجه بالأحكام السماوية من دون مراجعة الأخطاء الوضعية التي ادت اليها تلك السلطة الدينية.. وهذا ما يحصل في العراق وربما في مصر.

بغداد – مازن صاحب
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
79.0108
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top