منوعات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

منتدى الآل والأصحاب

2013/10/24   05:07 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
منتدى الآل والأصحاب



أسباب ونتائج الهجرة النبوية

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ الَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَانْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ الاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28].
من أوَّل يومٍ في الدَّعوة الاسلاميَّة المبارَكة والرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعلَم أنَّه سيَخرُج من بلده مُهاجِرًا، ففي حديثه مع ورقة بن نَوفَل عندما اصطَحبَتْه زوجُه خديجة - رضِي الله عنها - الى ابن عمِّها، عندها قال له ورقة: «هذا النامُوسُ الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتَنِي فيها جَذَعًا، ليتَنِي أكون حيًّا اذ يُخرِجك قومُك، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أوَمُخرِجِيَّ هم؟!»، قال: نعم، لم يأتِ رجلٌ قطُّ بمثْل ما جئتَ به الا عُودِي، وانْ يُدرِكْني يومُك أنصُرْكَ نصرًا مُؤزَّرًا، ثم لم ينشَبْ ورقةُ ان تُوفِّي»(1).
ومن ساعَتِها عَلِمَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ان الطريق غير ممهَّد، وليس مَفرُوشًا بالورود، بل محفوفٌ بالمخاطر والمهالك، وأنَّه مُخرَجٌ من مكَّة حَتمًا لا مَحالة.
وقد سبَقتْ تلك الهجرة المُبارَكة عدة هِجرَات، منها: الهجرة الأولى الى الحبشة، والتي هاجَر فيها عَشْرَةُ رِجال وخمسُ نِسوَة، وكذا الهجرة الثانية الى الحبشة، وقد هاجَر فيها بِضعٌ وثمانون نَفسًا، وكذا الهجرة الى الطائف، وكان فيها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحدَه.
أمَّا عن أهمِّ أسباب الهجرة من مكة الى المدينة المنوَّرة فهي كما يلي:
1 - عدم تقبُّل مكَّة للاسلام ابتداءً:
كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حَرِيصًا أشدَّ الحِرص على هِدايَة قومِه ودخولهم دين التوحيد، فاستَعمَل - صلَّى الله عليه وسلَّم - معهم كلَّ أساليب الرِّفق في الدَّعوة الى الله - عزَّ وجلَّ - بشتَّى صُوَرِها، وبالحكمة والموعظة الحسَنَة، وأكبر دليلٍ على ذلك قولُه تعالى: {لاَ اكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256].
ولكنَّ قريشًا أبَتْ الاَّ ان تُحارِب الله ورسولَه، فبحَثَ النبيُّ عن مكانٍ آخَر يكون أكثر استِعدادًا لقبول دعوته، فكان هذا المكان هو يَثرِب (المدينة المنوَّرة فيما بعدُ).
2 - استعداد المدينة المنوَّرة لقبول دعوته - صلَّى الله عليه وسلَّم:
لَقِيَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند العقَبَة في مَوسِم الحج ستَّة نَفَرٍ من الأنْصار، كلهم من الخَزرَج، فدَعاهُم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الى الاسلام، فكان من صُنْعِ الله لهم أنهم كانوا من جِيران اليهود، فكانوا يَسمَعُونهم يَذكُرون ان الله - تعالى - يَبعَثُ نبيًّا قد أطَلَّ زمانُه، فقال بعضُهم لبعضٍ: هذا والله الذي تُهدِّدكم به يهود، فلا يَسبِقونا اليه، فآمَنُوا به وبايَعُوه، وقالوا: انَّا قد تَرَكنا قومَنا بيننا وبينهم حروب، فننصَرِف ونَدعُوهم الى ما دعَوْتَنا اليه، فعسى الله ان يجمَعَهُم بك، فان اجتَمعَتْ كلمتُهم عليك واتَّبعوك، فلا أحد أعز منك، وانصَرَفُوا الى المدينة، فدعوا الى الاسلام، حتى فشَا فيهم، ولم تبقَ دارٌ من دُورِ الأنصار الاَّ وفيها ذِكْرٌ من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
حتى اذا كان العام المُقبِل قدم مكَّة من الأنصار اثنا عشر رَجُلاً، منهم خمسةٌ من الستَّة السابِقين، وكلهم من الأوس والخزرج جميعًا، فبايَع هؤلاء رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند العقَبَة بَيْعَةَ النِّساء(2).
فلمَّا انصَرَفُوا بعَث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - معهم ابن أمِّ مَكتُوم، ومُصعَب بن عُمَير يُعلِّم مَن أسلَمَ منهم القُرآنَ وشَرائعَ الاسلام، ويَدعُو مَن لم يُسلِم الى الاسلام، فنَزَل مُصعَب بن عُمَير على أسعد بن زُرارَة.
وخرَج الى المَوسِم جماعةٌ كبيرةٌ ممَّن أسلَمَ من الأنصار يُرِيدون لقاءَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في جملة قومٍ كفَّار منهم لم يُسلِموا بعدُ، فوافوا مكَّة، وكان في جُملتِهم البَراء بن مَعرُور، فرأى ان يستَقبِل الكَعبة في الصَّلاة، وكانت القِبلَة الى بيت المَقدِس، فصلَّى كذلك طول طَريقِه، فلمَّا قَدِمَ مكَّة نَدِمَ، فاستَفتَى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال له: «قد كُنتَ على قِبلةٍ لو صَبرتَ عليها»، مُنكِرًا لفعله.
فواعَدُوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - العقَبةَ من أواسط أيَّام التَّشرِيق، فلَمَّا كانت تلك الليلة دعا كعبُ بن مالكٍ ورجالٌ من بني سلمة عبدَالله بن عَمرو بن حَرام - وكان سيِّدًا فيهم - الى الاسلام، ولم يكن أسلم، فأسلم تلك الليلة وبايَع.وكان ذلك سِرًّا ممَّن حضَر من كفَّار قومهم، فخرَجُوا في ثُلُثِ الليل الأوَّل مُتَسلِّلين من رِحالهم الى العقَبَة، فبايَعُوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عِندَها على ان يمنَعُوه ممَّا يمنَعُون منه أنفُسَهم ونِساءَهم وأبناءَهم، وأنْ يَرحَلَ اليهم هو وأصحابُه(3).
هكذا كانت المدينة أرضًا خصبة للدعوة والدَّولة الاسلاميَّة بما فيها من عَناصِر الدولة الثلاثة: «الشَّعب، السُّلطة، الدَّولة».
3 - تعرُّضه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لصُنُوفٍ من الايذاء:
لقد تعرَّض - صلَّى الله عليه وسلَّم - للابتِلاء الشَّديد والمِحَن العَصِيبة، فقد آذاه قومُه بكُلِّ أنواع الايذاء، واستَخدَمُوا معه كلَّ ما استَطاعُوا لاخماد نور وحيِه، والقَضاء على دعوَتِه في مَهدِها، وتمثَّل هذا الايذاء بنوعَيْه: بالكلام والفعل.
فبالكلام قالوا عنه: «ساحر وشاعر ومجنون»، ومنه: «لَمَّا نزلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، صَعِدَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الصَّفا، فجعَل يُنادِي: «يا بني فِهر، يا بني عَدِيٍّ» - لبطون قُرَيش - حتى اجتمَعُوا، فجعَل الرجل اذا لم يستَطِع ان يخرُج أرسَلَ رسولاً لينظُرَ ما هو، فجاء أبو لهبٍ وقريش، فقال: «أرأيتَكُم لو أخبرتُكم ان خَيْلاً بالوادي تُرِيد ان تُغِيرَ عليكم، أكنتم مُصدِّقيَّ؟»، قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليك الاَّ صدقًا، قال: «فانِّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ»، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائِرَ اليوم، ألهذا جمعتَنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 1 - 2]»(4).
أمَّا بالفعل: فقد روى البخاري من حديث عُروَة بن الزُّبير، قال: «سألتُ ابنَ عمرو بنِ العاص: أخبِرنِي بأشد شيءٍ صنَعَه المشركون بالنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: بينا النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُصلِّي في حِجرِ الكَعبة، اذ أقبلَ عُقبَةُ بن أبي مُعَيط، فوَضَع ثوبَه في عُنُقِه، فخَنقَه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكرٍ حتى أخَذ بمنكبه، ودفَعَه عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا ان يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ...} [غافر: 28] الآية»(5).
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما أيضًا من حديث عمرو بن ميمون: «أنَّ عبدالله بن مسعود حدَّثَه ان النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُصلِّي عند البيت، وأبو جهل وأصحابٌ له جُلُوسٌ، اذ قال بعضهم لبعض: أيُّكم يَجِيء بسَلَى جَزُورِ بني فلان، فيضعه على ظهْر محمدٍ اذا سجَد؟ فانبَعَث أشقى القومِ فجاءَ به، فنظَر حتى سجَد النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فوضَعَه على ظَهرِه بين كتفَيْه، وأنا أنظُر لا أُغنِي شيئًا، لو كان لي مَنعَة! قال: فجعَلُوا يَضحَكُون ويُحِيل بعضهم على بعض، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ساجدٌ لا يَرفَعُ رأسَه، حتى جاءَتْه فاطمة، فطرحَتْ عن ظهره، فرفَع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأسَه ثم قال: «اللهمَّ عليكَ بقريش» ثلاثَ مرَّات، فشقَّ عليهم اذ دعا عليهم، قال: وكانوا يرَوْن ان الدَّعوة في ذلك البلد مُستَجابة، ثم سَمَّى: «اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعُتبَةَ بن رَبِيعة، وشَيْبَةَ بن رَبِيعةَ، والوَلِيد بن عُتبَة، وأميَّة بن خلف، وعُقبَة بن أبي مُعَيط» وعَدَّ السابع فلم يُحفَظ، قال: فوالذي نفسي بيَدِه، لقد رأيتُ الذين عَدَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - صَرعَى، في القَلِيب قَلِيب بدرٍ»(6).
ومن أواخِر المَكِيدات الفعليَّة في مكَّة اتِّفاقُهم على قَتلِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في فِراشِه وهو ما حَكاه أهل السِّيَر، حيث اجتَمَع رجالٌ من قريش ذاتَ يومٍ وتشاكَوْا وتشاوَرُوا في أمر النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وانتَهَى بهم الأمرُ الى قتْله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاقتَرَح عليهم أشقى القوم أبو جَهل بن هِشام ان يَأخُذوا من كلِّ قبيلةٍ شابًّا فتيًّا جليدًا نسيبًا، ثم يعطوا كلَّ شابٍّ منهم سيفًا فيَضرِبوه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ضَربةَ رجلٍ واحدٍ، فيتفرَّق دمُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بين القبائل فلا يقدر بنو عبد مَناف على حَربِهم جميعًا، فنَجَّاه الله منهم بمنِّه وكرَمِه(7).
4 - النَّكال وايقاع العَذاب بكُلِّ مَن آمَن به - صلَّى الله عليه وسلَّم :
عاشَ المسلمون المؤمنون الفَترةَ التي قضَوْها في مكَّة مُعذَّبين مُضطهَدِين، والكافرون لا يَرقُبون فيهم الاًّ ولا ذمَّة، وليس لهم من ظَهْرٍ يَحمِيهم، ولا جَيْشٌ يُدافِع عنهم، ولا مَن يَذُبُّ عن بيضَتِهم، فكان لابد من خَلاصٍ لهذا الاضطهاد المستمرِّ، وهذا النَّكال المُفظِع، فكانت الهِجرَة الى المدينة لاقامة المجتَمَع الآمِن لهؤلاء المؤمنين تُمثِّل لهم ضَرُورةً مُلِحَّةً حتى يَعبُدوا ربَّهم في مَأمَنٍ من الكُفرِ وأهلِه.
فهذه عائلة «آل ياسر» قد سامَهم الكُفَّار سُوءَ العَذاب من الضَّرب والاهانة وشدَّة التَّعذِيب، حتى ان النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مرَّ عليهم مرَّةً وهم يُعذَّبون فقال لهم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «صَبرًا آل ياسِر، فانَّ مَوعِدَكم الجنَّة»(8).
بل كانت سميَّة أمُّ عمَّار - رضِي الله عنهما - أوَّل شهيدةٍ في سبيل الله في الاسلام.
وبلال الذي أُوذِي ايذاءً شديدًا عندما كانوا يكبُّوه - رضِي الله عنه - على الرَّمضاء في نَهار صيف مكَّة ويضَعُون الحجر على ظَهرِه حتى يَرجِع عن دينه، فلا يزيد الاَّ ان يقول: أحَدٌ أحَدٌ، حتى مَرَّ به أبو بكرٍ الصِّدِّيق يومًا وهم يصنَعُون به ذلك، وكانت دار أبي بكرٍ في بني جُمَح، فقال لأميَّة: ألاَ تتَّقِي الله في هذا المِسكِين؟ حتى متى؟ قال: أنت أفسَدته فأنقِذه ممَّا تَرَى، قال أبو بكرٍ: أفعَلُ، عندي غلامٌ أسوَدُ أجلَدُ منه وأقوى على دِينِك، أعطيكه به، قال: قد قبلتُ، قال: هو لك، فأعطاه أبو بكرٍ غُلامَه ذلك، وأخَذ بلالاً فأعتَقَه، ثم أعتَقَ معه على الاسلام قبل ان يُهاجِر من مكَّة ستَّ رِقابٍ، بلالٌ - رضِي الله عنه – سابعهم(9).
وكذا كان من كَيْدِهم أمرُ الصَّحيفة الظالمة والشِّعب، قال ابن سيِّد الناس: «ثم ان كفَّار قريش أجمَعُوا أمرَهم واتَّفَقَ رأيُهم على قتْل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقالوا: قد أفسَدَ أبناءَنا ونساءَنا، فقالوا لقومه: خُذُوا مِنَّا ديَةً مُضاعَفة ويقتُلُه رجلٌ من غير قُرَيش وتُرِيحوننا وتُرِيحون أنفُسَكم، فأبى قومُه بنو هاشم من ذلك، فظاهرَهُم بنو المطَّلب بن عبدمَناف، فأجمَعَ المشركون من قريش على مُنابَذتهم واخراجهم من مكة الى الشِّعب، فلمَّا دخَلُوا الى الشِّعب أمَر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَن كان بمكَّة من المؤمنين ان يَخرُجوا الى أرض الحبشة، وكان متجرًا لقريش، فكان يُثنِي على النجاشي بأنَّه لا يُظلَم عنده أحدٌ، فانطَلَق اليها عامَّة مَن آمَن بالله ورسوله، ودخَل بنو هاشم وبنو المطَّلِب شِعبَهم، مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمن دينًا والكافر حميَّة، فلمَّا عرفَتْ قريش ان رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد منَعَه قومُه أجمَعُوا على ألاَّ يُبايِعوهم، ولا يَدخُلوا اليهم شيئًا من الرِّفق، وقطَعُوا عنهم الأسواق، ولم يَترُكوا طَعامًا ولا ادامًا ولا بَيْعًا الاَّ بادَرُوا اليه واشتروه دُونَهم، ولا يُناكِحوهم ولا يقبَلُوا منهم صُلحًا أبَدًا، ولا تأخُذُهم بهم رأفةٌ حتى يُسلِموا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للقَتْل، وكتَبُوا بذلك صحيفةً وعلَّقُوها في الكعبة، وتمادَوْا على العمل بما فيها من ذلك ثَلاث سِنين، فاشتدَّ البَلاءُ على بني هاشم في شِعبِهم وعلى كلِّ مَن معهم، فلمَّا كان رأس ثلاث سِنين تَلاوَم قومٌ من قُصيٍّ ممَّن ولدَتْهم بنو هاشم ومن سواهم، فأجمَعُوا أمرَهم على نقْض ما تعاهَدُوا عليه من الغدر والبَراءة، وبعَث الله على صَحِيفتهم الأرَضَة فأكَلتْ ولحسَتْ ما في الصَّحيفة من مِيثاق وعَهد»(10).
5 - الهجرة وضَرُورة اقامة الدَّولة الاسلاميَّة:
«رأى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه مكلَّفٌ برسالةٍ عالميَّة وليست محليَّة أو قوميَّة، وأنَّ هذه العالميَّة لرسالته لم تكن طُموحًا خاصًّا، يتطلَّع النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الى تَحقِيقه وهو يعلَمُ ان السبيل الى ذلك شاقٌّ وعسير قِياسًا بما لقيه من مُحاوَلات نشر الدَّعوة داخل المحيط الضيِّق الذي لم يتعدَّ قبيلتَه أو القبائل المُجاوِرة في مكَّة وما يُحِيط بها، بيد ان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - استَشعَر مسؤوليَّة قولِ الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ الَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَانْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ الاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28].
من أجْل هذا أحسَّ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ان تحقيق عالميَّة رسالته لا تَأتِي الاَّ من خِلال نِظامٍ سياسيٍّ وكيانٍ اجتماعيٍّ يَحمِيها نظامٌ عسكري في مَوطِنٍ أمين، أو بالأَحرَى من خِلال دولةٍ تَكفُل لهذه الدَّعوة حَقَّ الانتشار والذُّيوع، وتَحمِي أتباعها وتُؤمِّنهم، ومن ثَمَّ تطلَّعَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الى تَحقِيق ذلك، اذ «سرعان ما نَجِدُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتحرَّك صَوْبَ الخروج الى مكانٍ جديد يَصلُح لصياغة الطاقات الاسلاميَّة في اطار دَولةٍ تأخُذ على عاتِقِها الاستمرارَ في المهمَّة بِخُطًى أوسَع، وامكانات أعظم بكثيرٍ من امكانات أفراد تَنْتابُهم شُرور الوثنيَّة من الداخِل، وتضغَطُ عليهم قِيَمُ الوثنية من الخارج، ويَصرِفُ طاقتهم البنَّاءة اضطِهاد قُرَيش بدَلاً من ان تَمضِي هذه الطاقات في طَرِيقِها المرسوم، لذلك استمرَّ على بذْل الجهد البشري الكامل في البَحث والتَّخطِيط للهِجرة التي ستعقبُ دَولةً، وللدَّولة التي ستعقب أنصارًا»...(11) (12).
6 - الهجرة من سُنَنِ الأنبياء:
«لَمَّا كانت الهجرة أمرًا مهمًّا لاعلان شأن الدِّين، وللحصول على الحريَّة الكاملة لعِبادة الله وطاعَتِه، ولأنها لا تحدُث الاَّ عن حربٍ ومُضايقَةٍ من أعداء الله لأوليائه - لذلك أطلَعَ الله نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على بعضِ هِجرات الأنبياء من قبلُ، لأنَّ الهجرة مَطلَبٌ دعوي تقتَضِيه طَبِيعَة النبوَّة والرِّسالة ونشر الدَّعوة، وربما هذا الأمر هو الذي حمَل بعضَ الأنبِياء على الهجرة، فلم يكن محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أوَّل مَن هاجَر من وطَنِه ومَسقَط رأسه مكَّة من أجل الدَّعوة الاسلاميَّة، وايجادًا لبيئةٍ خصبةٍ تتقبَّلها وتستَجِيب لها، بل تَذُود عَنها، فانَّ بعضَ اخوانه الأنبياء - عليهم جميعًا أفضلُ الصَّلوات وأزكى التَّسليمات - قد هاجَرُوا قبلَه من أوطانهم لينشُرَ كُلٌّ منهم دَعوتَه»(13)
فهذا نوحٌ - عليه السلام - قال الله - تعالى - عنه: {حَتَّى اذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ الاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ الاَّ قَلِيلٌ} [هود: 40].
وباستِواء السَّفِينة على الجُودِيِّ(14) انتَهَتْ مَرحَلةٌ من مَراحِل مُهمَّة من الصِّراع بين الحق والباطل، وجاءَ الأمر الرَّباني: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48].
وابراهيم - عليه السلام - كانت دعوته أصلاً بأرض العِراق، الاَّ أنَّه كانت له هِجراتٌ الى الشام ومصر وأرض الحِجاز، قال - تعالى - حاكيًا عن هِجرَة ابراهيم الى الشام بعد نَجاته من مُحاوَلة تحريقه بالنار: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ ان كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى ابْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا الَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 68 - 71]، وهذه الأرض هي الأرض المقدَّسة بفلسطين.
وهذا كَلِيمُ الرحمن موسى - عليه السلام - كانت له كذلك هِجراتٌ قبل بعثته وبعدَها، فقد هاجر قبل بعثته عندما قتل القبطي خَطئًا، فخرج منها خائفًا يترقَّب، وهاجر بعد بعثته بعد ان كذَّبَه فرعون وقومه، فأمَرَه ربُّه - سبحانه وتعالى - بالهجرة قائلاً له: {ان أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه: 77 - 79].
هكذا رأينا ان هذه الأسباب كلَّها مجتمعةً كانت دافِعًا قويًّا وأكيدًا لهجرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه من مكَّة الى المدينة المنوَّرة، فخَرَج منها - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُهاجِرًا، وكان قيامُ دولة الاسلام.

أهم نتائج الهجرة النبويَّة الى المدينة:
1 - أوَّل وأهمُّ نتيجةٍ من نَتائِج الهجرة النبويَّة الى المدينة هي: اقامة الدولة الاسلاميَّة والمجتمع الاسلامي، الدولة التي تُظِلُّ تحتَ لوائها كُلَّ مَن آمَن بالله - تعالى - ويكون فيها فَرْدًا صالحًا يَعبُدُ ربَّه دون خَوْفٍ من عَدُوٍّ يتربَّص به، أو كافر يَكمُن له، يقول المباركفوري عن هذا المجتمع الجديد: «قد ان لهم ان يكونوا مُجتَمعًا جَديدًا، مجتمعًا اسلاميًّا، يختَلِف في جميع مَراحِل الحياة عن المجتمع الجاهلي، ويَمتاز عن أيِّ مجتمعٍ يُوجَد في العالم الانساني، ويكون ممثِّلاً للدَّعوة الاسلاميَّة التي عانَى لها المسلمون ألوانًا من النَّكال والعَذاب طِيلَة عشر سَنوات»(15).
2 - ومن النتائج المهمَّة نَجاةُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه - رضي الله عنهم - من أذى كُفَّار قريش الذي زادَ وطَغَى حتى وصَل الى مُحاوَلة اغتِيالِه وقَتلِه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
3 - تَرسِيخ مَبدَأ الأُخُوَّة بين المُهاجِرين والأنصار، وقد ترسَّخ هذا المبدأ في نُفُوسهم حتى ان أحدَهم لَيَطلُبُ من أخيه ان يُقاسمه في ماله وأزواجِه!
4 - القَضاء التامُّ على الاحَن والأضْغان الذي كان في الصُّدور من قِبَلِ القَبائِل لبعضها، وتَوحِيدها تحت رايةٍ واحِدةٍ هي راية «لا اله الا الله محمد رسول الله».
تلك كانت أهم أسباب ودَواعِي ونَتائج وآثار الهجرة النبويَّة المُبارَكة - على صاحِبِها أفضَلُ الصَّلاة والسَّلام.
وصَلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصَحبِه وسَلَّم تسليمًا كثيرًا، والحمدُ لله رَبِّ العالمين.

أحمد مصطفى عبد الحليم

الهوامش:
(1) «مسند أحمد» (53/43)، «صحيح البخاري» (1/7).
(2) وسُمِّيت بَيْعَة النساء لعدم المعاهدة على القِتال، حيث لم يكن قد شُرِعَ قبلُ.
(3) «الدرر في اختصار المغازي والسير»، لابن عبدالبر الأندلسي (67/1 - 70)، بتصرُّف يسير.
(4) «صحيح البخاري» (111/6).
(5) «صحيح البخاري» (46/5).
(6) «صحيح البخاري» (57/1)، «صحيح مسلم» (برقم 1794).
(7) «مصنَّف عبدالرزاق» (384/5)، «السيرة النبوية»، ابن هشام (481/1)، وغيرهما من كتب الحديث والسِّيَر.
(8) «السيرة النبوية»، لابن هشام (320/1)، «المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية»، لابن حجرٍ العسقلاني (295/16)
(9) «فضائل الصحابة»، للامام أحمد بن حَنبَل (119/1).
(10) «عيون الأثر»، لابن سيِّد الناس اليعمري (147/1 - 148).
(11) «خطوات في الهجرة والحركة»، د.عماد الدِّين خليل (ص20-19).
(12) «قضايا ومواقف من السِّيرة النبوية»، د.هاشم عبدالراضي (ص125).
(13) «أحاديث الهجرة»، د.سليمان السعود (ص89).
(14) اسم جبلٍ بالموصل أو بالمدينة، وقيل: هو اسم لكلِّ جبلٍ.
(15)الرحيق المختوم»، لصفي الرحمن المباركفوري(161/1).


==========


مكانة الحسين ومنزلته عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه: «ارقبوا محمداً في أهل بيته»

قال أبو هريرة رضي الله عنه: دعني فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء

حين أرسلت قريشٌ عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه - حين كان مُشركاً - الى النبي صلى الله عليه وسلم ليصرفه عن العُمرة، رأى من اجلال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وحرصهم على امتثال أمره عجباً، فرجع الى قريش وهو يحكي لهم ما أذهله وأثّر في نفسه قائلاً:
«أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله ان رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله ان تنخم نخامة الا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجِلده، واذا أمرهم ابتدروا أمره، واذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، واذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون اليه النظر تعظيماً له وانه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها..»(1).
هؤلاء هم الصحابة كما رآهم أعداؤهم... يحبون نبيهم صلى الله عليه وسلم ويُجلونه ويمتثلون أمره ويعظّمون أمره.
لقد سَمِع الصحابة الكرام نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو يُثني الثناء العطر على سِبطيه الحسن والحسين رضي الله عنهما، وراقبوه وهو ينزل من على منبره خوفاً عليهما من التعثر والسقوط، رأوه وهو يحنو عليهما ويُظللهما بعطفه الأبوي، فماذا تُراهم سيفعلون مع الحسن والحسين رضي الله عنهما؟
يحكي لنا التاريخ قول الخليفة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه: «ارقبوا محمداً في أهل بيته»(2)، وقوله هذا لا يحتاج الى بيان.
أما الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيروي عنه الزُّهري أنه كسا أبناء الصحابة، ولم يكن في ذلك ما يصلح للحسن والحسين فبعث الى اليمن، فأتي بكسوة لهما فقال: الآن طابت نفسي(3).
وروى الواقدي ان عمر ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما، لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل واحد خمسة آلاف(4).
وقال الذهبي: «روى جعفر بن محمد عن أبيه: ان عمر جعل للحسين مثل عطاء علي خمسة آلاف» (5).
وأما ابنه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فمعلوم نصحه للحسين رضي الله عنه قبل خروجه لأهل العراق، وقد قال له: «انَّ جبريل، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيَّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وانك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يريد منكم» (6).
وأما أبو هريرة رضي الله عنه فقد روى الحافظ ابن عساكر في تاريخه عن أبي المهزم أنه قال: كنا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة فصلى عليهما، فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الحسين: يا أبا هريرة، وأنت تفعل هذا؟!
قال أبو هريرة: دعني، فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم(7).
وأما عمرو بن العاص رضي الله عنه، فمن مظاهر تقديره واجلاله للحسين رضي الله عنه ما رواه ابن أبي شيبة عن الوليد بن العيزار قال: بينا عمرو بن العاص رضي الله عنه في ظل الكعبة اذ رأى الحسين بن علي مقبلاً فقال: هذا أحب أهل الأرض الى أهل السماء(8).
وأما معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فكان يُكرم الحسين ويجله، وكان الحسين يقبل جوائزه(9).
يقول الحافظ ابن كثير: «لما استقرت الخلافة لمعاوية، كان الحسين يتردد اليه مع أخيه الحسن فيكرمهما اكراماً زائداً ويقول لهما: مرحباً وأهلاً، ويعطيهما عطاءً جزيلاً، وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف، وقال: خذاها وأنا ابن هند(10) والله لا يعطيكماها أحد قبلي ولا بعدي، فقال الحسين: والله لن تعطي أنتَ، ولا أحد قبلك، ولا بعدك رجلاً أفضل منا.ولما توفي الحسن كان الحسين يفد الى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه (11).
- وشكا معاوية مرة من شدة ردِّ الحسين عليه، فقيل له: «اكتب اليه كتاباً تعيبه وأباه فيه، فقال: ما عسيتُ ان أقول فيه وفي أبيه الا ان أكذب، ومثلي لا يعيب أحداً بالباطل، وما عسيتُ ان أقول في حسين ولست أراه للعيب موضعاً»...(12).
وجُل أهل البيت ممن عاصروا الحسن والحسين رضي الله عنهما كانوا يكرمونهما فقد روى ابن عساكر بسنده عن مدرك بن عمارة قال: «رأيتُ ابن عباس آخذاً بركاب الحسن والحسين، فقيل له: أتأخذ بركابهما وأنتَ أسن منهما؟ فقال: ان هذين ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوليس من سعادتي ان آخذ بركابهما» (13).
وروى ابن عساكر بسنده عن رزين بن عبيد: كُنتُ عند ابن عباس فأتى علي بن الحسين فقال ابن عباس: مرحبا بالحبيب ابن الحبيب(14).
تلك نظرة الصحابة رضوان الله عليهم لريحانة المصطفى صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي رضي الله عنه، وهذه مكانته عندهم.

الهوامش:
(1) صحيح البخاري – كتاب الشروط – باب الشروط في الجهاد – حديث رقم (2581).
(2) صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وباب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (3751)، (3713).ومعنى «ارقبوا محمداً في أهل بيته» أي احفظوه في أهل بيته، فلا تسبوهم ولا تؤذوهم، بل قدروهم واحترموهم وأحبوهم.
(3) سير أعلام النبلاء (285/3)، وتاريخ دمشق (177/14).
(4) سير أعلام النبلاء (285/3)، وتاريخ دمشق (177/14).
(5) سير أعلام النبلاء (285/3)، وتاريخ الاسلام حوادث سنة 61هـ (ص10) وكانت خمسة آلاف هي عطاء أهل بدر، فكأنه جعل الحسن والحسين كأهل بدر، وهذا شرفٌ عظيمٌ يضم لشرفهما وأيضاً دليل عظيم على محبة الفاروق لبيت النبوة ومعرفته حقهم فتأمل!.
(6) الحديث ورد بألفاظ فيها اختلاف يسير كما في: صحيح ابن حِبان (424/6) رقم (6968) والزهد لابن أبي عاصم (134/1) رقم (267)، وسنن البيهقي (48/7) رقم (13098)، وتاريخ دمشق (127/4) (202/14).كلهم عن يحيى بن اسماعيل بن سالم عن الشعبي.
(7) تاريخ دمشق (179/14 - 180) وسير أعلام النبلاء (287/3) مختصراً.
(8) مصنف ابن أبي شيبة (269/7).
(9) سير أعلام النبلاء (291/3).
(10) يشير الى أمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، تلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد (عبد مناف) أسلمت وبايعت وحسن اسلامها.
(11) البداية والنهاية، ط المعارف (150/8، 151)، وتاريخ الاسلام، ترجمة الحسين (104) وتهذيب تاريخ دمشق (315/4).
(12) أنساب الأشراف (361/3).
(13) تاريخ دمشق (181/14).
(14) تاريخ دمشق (370/14)، والبداية والنهاية (106/9) ط المعارف.



============


فلنبدأ السنة الهجرية بتوبة وذِكر

نقل الامام ابن رجب الحنبلي في (لطائف المعارف 36/1) عن الامام ابن المبارك قوله: (من ختم نهاره بذكر كُتب نهاره كله ذكراً) ثم علّق قائلاً: (يشير الى ان الأعمال بالخواتيم فاذا كان البداءة والختام ذكراً فهو أولى ان يكون حكم الذكر شاملاً للجميع ويتعين افتتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية).
وما أصدق من قال:
قطعت شهور العام لهوا وغفلة
ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجباً وافيت فيه بحقه
ولا صمت شهر الصوم صوماً متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي
مضى كنت قوّاما ولا كنت مُحرِما
فهل لك ان تمحو الذنوب بعبرة
وتبكي عليها حسرة وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة
لعلك ان تمحو بها ما تقدما


==========

جدول محاضرات اللجنة النسائية شهر (أكتوبر) 2013م

1 - السبت 10/26 تلاوة وتدبر وتفسير وحفظ لسورة البقرة للشيخ هشام أبو العز.
2 - الأربعاء 10/30 درس عقيدة من 5.15 الى الساعة 6.15 تليها محاضرة الشيخ كفيف العجمي.
3 - السبت 11/2 تلاوة وتدبر وتفسير وحفظ لسورة البقرة للشيخ هشام أبو العز.
4 - الأربعاء 11/6 درس عقيدة من 5.15 الى الساعة 6.15 يليها محاضرة الدكتور بدر الرخيص.
وذلك بمقر اللجنة النسائية
العنوان: ضاحية عبدالله السالم، ق 1، شارع نصف اليوسف، جادة 19، منزل21، ت: 66338161


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
81.998
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top