مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

إيران ورياح الربيع العربي

أحمد الدواس
2012/10/08   11:28 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

سقوط الحليف السوري سيدفعها لإثارة المشاكل لصرف الأنظار عن أوضاعها المتدهورة


من المعروف أن الثورة الإيرانية عام 1979 لم يقم بها الإسلاميون فقط بل كانت حركة احتجاج غاضبة شاركت فيها جموع مختلفة من الشعب الإيراني بتوجهاتهم الماركسية والليبرالية والإسلامية، وتضافرت كل هذه الحركات معارضة حكم نظام الشاه ثم سرعان ماتحول الوضع الى حرب أهلية بعد الاطاحة به وصوبت كل فئة سلاحها على الفئة الاخرى، وفي النهاية تمكنت قوات آية الله الخميني من الاستيلاء على السلطة، فمن قاموا بالثورة صاحوا «الموت للشاه، عاشت الحرية»، ولم يقولوا «الموت للشاه وعاشت إيران دولة ثورية.. نحن نقبل بأن يحكمها رجال الدين والمؤسسة العسكرية»، وكان من بين فئات المجتمع المعارضة ما يُسمى بتنظيم «مجاهدي خلق»، التي فر أفرادها خارج إيران بعد الثورة الإيرانية ولجأ بعضهم الى العراق، وخلال السنوات الماضية استطاع هذا التنظيم فضح إيران وسعيها لاقامة برنامج نووي وساعد أجهزة المخابرات الامريكية وزودها بمعلومات عن داخل إيران عملاً بالمبدأ الذي يقول «إن عدو عدوي هو صديقي»، لذلك اعتبرها العديد من نواب الكونغرس الامريكي بمثابة أحد الأصول الثمينة للولايات المتحدة في التعامل مع إيران، ومن أهداف هذه الجماعة المنشقة اقامة حكومة ديموقراطية علمانية سلمية في إيران بمايمتلكون من مهارات قيادية ومجلس وطني في المنفى بفرنسا كما لهم أتباع في إيران لامدادهم بالمعلومات المفيدة عن الأنشطة السرية للحكومة الإيرانية لاسيما عن البرنامج النووي وهناك تقارير تدل على تعاونهم مع المخابرات السرية الإسرائيلية، وقامت قيادة العمليات المشتركة الخاصة الامريكية بعمل تدريب سري لمجاهدي خلق في صحراء نيفادا عام 2005 واستمر الحال الى ماقبل تولي باراك اوباما الرئاسة الامريكية.
وبعد ان افتضح أمر البرنامج النووي الإيراني تمردت إيران على المجتمع الدولي خلال السنوات الماضية ولم تمتثل لمطالب الوكالة الدولية للطاقة النووية في وقف انتاج السلاح النووي فاستعمل الغرب سياسة الاحتواء ضد إيران ثم العقوبات الاقتصادية ومارس حرباً نفسية من خلال ارسال أساطيل بحرية تابعة لثلاثين دولة جابت بحر الخليج في شهر سبتمبر الماضي وقامت بتدريبات لكسح أو نزع الألغام البحرية التي زرعتها إيران، وهددت إسرائيل ولازالت بشن ضربة استباقية ضد المفاعلات النووية الإيرانية، وكلها امور تدخل في نطاق الحرب النفسية اذ من المُستبعد ان تقوم إسرائيل بهذا العمل لأن الخسائر البشرية والمادية في الشرق الأوسط ستكون هائلة تتضرر معها أيضاً مصالح امريكا ودول الخليج، ولقد أشرنا الى تحليلات سابقة بهذا الخصوص.
هذا وفي الآونة الأخيرة حدثت انتكاسة لسياسة إيران الخارجية على الصعيد العربي فالنظام السوري الحليف على وشك السقوط وسمعة إيران تضررت اقليمياً وقد تعجز إيران عن ارسال السلاح الى حليفها حزب الله في لبنان مع صعوبة ارساله أيضاً عن طريق البحر، وحتى لوفشل الثوار السوريون في الاطاحة بنظام الأسد فان اطالة أمد الصراع السوري سوف يكون عبئاً ثقيلاً على كل من إيران وحزب الله، كما ضعف النفوذ الإيراني في فلسطين أيضاً حيث تحولت حركة حماس الى تقوية علاقاتها مع حركة الاخوان المسلمين في مصر والى نحو تركيا التي أخذ نفوذها يزداد في المنطقة، وعندما هددت إيران باغلاق مضيق هرمز انعكس ذلك سلباً عليها فقد تقاطرت الأساطيل العسكرية المذكورة الى الخليج، واضطرت دول الخليج الى الانحياز الى جانب امريكا ضد إيران ومالت الى قبول إقامة أنظمة دفاع مضادة للصواريخ على أراضيها، مثل قبول قطر بذلك.
وكما تخبطت السياسة الإيرانية في الخليج وعلى مستوى الشرق الاوسط فشلت أيضاً في معالجة الوضع الاقتصادي المحلي فقد حدث نقص في السلع الضرورية وارتفعت نسبة التضخم وتدهور سعر العملة المحلية إزاء الدولار الأمريكي، ولاينسى الإيرانيون صورة الدولة الإيرانية وهي تضرب وتسجن وتقتل معارضي الحركة الخضراء في انتخابات عام 2009 في ظل حكومة دينية غير منتخبة ومؤسسات عسكرية تتعامل بأسواق المال وتهمها مصالحها المالية على حساب المواطن، فأهدرت حقه في العيش الكريم على حساب تصنيع السلاح النووي تماماً مثلما يفعل النظام الديكتاتوري في كوريا الشمالية، ويثير النعرات الطائفية ويهدر الموارد الاقتصادية ويطلق التصريحات العنترية في الخليج مع ان القوة في عالم اليوم هي القوة الاقتصادية لا القوة العسكرية ودول آسيا الصغيرة خير مثال على ذلك، لدرجة ان الإيرانيين هتفوا بالشوارع «اتركوا سورية واهتموا بنا»، لذلك لا نستغرب قيام الغرب بممارسة سياسات تضييق الخناق على إيران والاستعانة بمنظمة مجاهدي خلق والمعارضة الإيرانية الداخلية فلربما يتغير النظام في إيران، وما يهمنا هنا هو ان ضعف أوسقوط الحليف السوري سيكون حافزاً لإيران يدفعها لمزيد من التدخل في شؤون دول الخليج أو باثارة المشاكل فيه لصرف أنظار شعبها عن الوضع الداخلي المتدهور في إيران حتى لا ينقلب على النظام القائم كما انقلبت شعوب عربية على حكامها.

أحمد الدواس
@AhmedAldawas1
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
271.0113
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top