منوعات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

منتقى الجمان

2012/07/20   03:02 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
منتقى الجمان



الرحلة الغارودية

الشيخ علي حسن
من روعة البيان القرآني أنه يحمل في طياته امكانية استيحاء المعاني من تعابيره بجانب دلالتها الحقيقية المباشرة المتحققة من ظاهر النص، ولعله هو المراد من باطن القرآن وظاهره كما في بعض الأحاديث، وهذا ما نجده في قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ انَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} آل عمران: 26 - 27 .
ففي الحديث النبوي: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.قال: المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن) فمن الواضح ان ليس هذا هو المعنى الظاهر والأصلي للعبارة، بل هو معنى استيحائي باعتبار ان الله سمّى الإيمان حياة ونوراً والكفر ظلمة والكافر كالميت والأصم اذا ولى مدبراً، كما قال تعالى في بيان المقارنة بين حال المؤمن والكافر: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} الأنعام:122.
ومن الضروري هنا ان نؤكد على ان للاستيحاء أسسه اللغوية لئلا يتحول إلى وسيلة للتلاعب في القرآن ودلالاته، كما فعل البعض حيث اعتبر ان المراد من الجنابة افشاء الأسرار!

من الكفر إلى الإيمان:
هذا الخروج من الكفر إلى الإيمان قد يتم بعوامل مختلفة، فقد ينبهر إنسان بمعجزة فيؤمن: {وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى ان أَلْقِ عَصَاكَ فَاذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} الأعراف:117-121.وقد يؤمن نتيجة الانبهار بالقيم الأخلاقية في الإسلام كما في العديد من الأحداث التي جرت في العهد النبوي وما بعد ذلك، كما قد يؤمن نتيجة الحاجة والإحساس بالضعف: {حَتَّى اذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} يونس:22.الا أن أهم وأرقى صور الإيمان هو ذلك النابع عن قناعة عقلية متبلورة من عمق فهم الوجود والحياة والإيمان.

محمد رجا غارودي:
في الثالث عشر من يونيو 2012 توفي الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه غارودي عن عمر تجاوز الثامنة والتسعين، ومن يطّلع على مراحل حياته يجده مصداقاً من مصاديق قوله تعالى في المعنى الاستيحائي: (يُخرج الحي من الميت).فقد وُلد روجيه (محمد رجا لاحقاً) من أب ملحد وأم كاثوليكية، ولكنه اختار في بداية حياته الالتزام بالبروتستانتية، ومع ظهور الشيوعية بقوة انضم إلى الحزب الشيوعي وهو في العشرين من عمره، ليغدو بمرور الوقت الفيلسوف الرسمي للحزب وأحد قادته.
ولكن عقله لم يهدأ، فتمرد على الشيوعية في حزمة اشكالات طرحها ليبدأ رحلة البحث من جديد عن الإيمان، فالتزم الكاثوليكية، ولم يجد فيها مبتغاه، فانفتح على الإسلام وبدأ يقرأ ويؤلف في هذا المجال حتى شرح الله صدره عام 1982، معتبراً: (أن الإسلام يقدم تصوراً عقلانياً ومتكاملاً للكون والإنسان والحياة والله، كما ان تشريعات الإسلام تلائم طبيعة الإنسان والحياة ملاءمةً تامة، فضلاً عن انفتاح الإسلام على العقائد التي سبقته وانفتاحه على الثقافات الأخرى والعلم والفلسفة).

أهم القضايا التي شغلته:
ما يهمنا هنا بجوار وصوله إلى الحقيقة عن طريق العقل والتفكير والمقارنة، القضايا التي تبناها بعد إسلامه، وكيف استطاع الإسلام ان يفتح آفاقه بما يتواءم مع همومه، ويمكن تلخيصها في التالي:
-1 مقارعة الصهيونية ابتداء من ادانته لمجزرة صبرا وشاتيلا، مروراً بمؤلفاته ككتاب: (الأساطير المؤسِّسة للسياسة اليهودية).
-2 سعى لتخليص العالم الغربي من عقدة المحرقة النازية، والتي تستخدمها الصهيونية كورقة ضغط في وجه كل من يعاديها تحت عنوان معاداة السامية.ومن هنا كتب غارودي عن المبالغات في شأن المحرقة، وكشف عن أدلة تثبت وجود تعاون قد تمّ بين هتلر وبين قادة اسرائيليين، وغير ذلك من الفضائح التي لم يتحملها الصهاينة ولا الغرب، فحوكم وأدين وحورب اعلامياً بشكل واسع.
-3 انتقاد الغرب في توجهاته: (وهذا يقودنا نحن الغربيين إلى بناء علاقات ودية بالعالم الثالث بعيدة عن ثقافة التفوق والعنصرية.وحتى تنجح خطة العمل لابد من تغيير نمط الحياة من خلال التبشير الأخلاقي النابع من الإيمان، الإيمان بالله أو الإيمان بالإنسان، وكذا تصحيح المفاهيم في الانتاج والاقتصاد).
-4 تبنّي قضايا المظلومين في الشرق والغرب، حتى عُرف بعنوان (فيلسوف الإنسان).
-5 نقد النتاج الثقافي للمسلمين بما لم يكن يراه متوائماً مع متطلبات العصر، وبما يمكّن الإسلام من الوصول إلى العقل الغربي، وبالتالي أولى اهتماماً كبيراً لاعادة الإسلام إلى الحياة بصورة فاعلة، محتملاً أن: (السبيل الوحيد في ارجاع الإسلام الحي إلى واقعنا، هو نبذ التعصب والتقليد الأعمى وفتح باب الاجتهاد، واخراج الإسلام من دائرة القول إلى دائرة الفعل، ومن الجمودية إلى التجديد) معتبراً ان (كل نهضة للإسلام تبدأ بقراءة جديدة للقرآن).
ان سيرة هذا الفيلسوف الإسلامي الغربي في رحلته إلى الإيمان، وحمل هم الإنسان، والدفاع عن القضايا العادلة يمثل نموذجاً لكل شبابنا الحائر الباحث عن الحقيقة في خضم تناقضات الحياة، وصراع الحديث والقديم، واستقواء الباطل وأهلِه، وتقهقر الحقِّ وأنصارِه، وضياع القيم الإنسانية، واستغلال الدين، واتساع دائرة النفاق، وانتشار الخرافة، وتراجع دور العقل، وتفشي العصبيات القومية والعرقية والدينية والمذهبية..نموذج يدعوهم إلى قراءة الإسلام بوعي وتدبر وتجرّد عن كل المؤثرات والضغوطات النفسية في رحلة إيمانية حكى فيها القرآن نموذجاً لرحلة العقل في كيفية البحث عن الحقيقة اذ قال: {كَذَلِكَ نُرِي ابْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} ليستمر في بيان مسارات هذه الرحلة حتى أعلن: {يَا قَوْمِ انِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ، انِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} فكان إيمانه النابع من العقل بالمستوى الذي عندما حاجَّه قومُه: {قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ}.الأنعام:75-80.

alwalaa@alwalaa.com


=======



خطبة النبي في استقبال شهر رمضان


روى ثامن أئمة أهل البيت الامام على الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: ان رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قد خطبنا ذات يوم فقال: أيّها الناس انّه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات.هو شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله.
أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب.فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة، وقلوب طاهرة ان يوفّقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فانَّ الشقيَّ من حُرِم غفران الله في هذا الشهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوعَ يوم القيامة وعطشه، وتصدَّقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقّروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضّوا عمّا لا يحلُّ النّظر اليه أبصاركم، وعمّا لايحلُّ الاستماع اليه اسماعكم، وتحنّنوا على أيتام النّاس يُتحنّن على أيتامكم.
وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا اليه أيديكم بالدّعاء في أوقات صلواتكم، فانّها أفضل السّاعات، ينظر الله عزَّ وجلَّ فيها بالرَّحمة إلى عباده، يجيبهم اذا ناجوه، ويلبّيهم اذا نادوه، ويستجيب لهم اذا دعوه.
أيّها النّاس، ان أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا ان الله تعالى ذكره أقسم بعزَّته ان لايعذِّب المصلّين والسّاجدين، وأن لايروّعهم بالنّار يوم يقوم النّاس لربّ العالمين.
أيّها النّاس، من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه.قيل: يا رسول الله، وليس كلّنا يقدر على ذلك! فقال عليه السّلام: اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة، اتّقوا النار ولو بشربة من ماء.
أيُّها الناس، من حسّن منكم في هذا الشهر خُلقه كان له جوازاً على الصّراط يوم تزلُّ فيه الأقدام، ومن خفّف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه، خفّف الله عليه حسابه، ومن كفَّ فيه شرَّه كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رَحِمَه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رَحِمَه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوَّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النّار، ومن أدَّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدَّى سبعين فريضة فيما سواه من الشّهور، ومن أكثر فيه من الصّلاة علي ثقّل الله ميزانه يوم تخفُّ الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشّهور.
أيُّها الناس! ان أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتّحة، فسلوا ربّكم ان لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلّقة فسلوا ربّكم ان لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فسلوا ربّكم ان لايسلّطها عليكم.
قال أميرالمؤمنين عليه السّلام: فقمت فقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزَّ وجلَّ.



=========



كرامة شهر رمضان.....وعظمته

عمار كاظم

شهر رمضان شهر عظيم ومبارك، لأنه شهر الله وقد كرمه وشرفه وعظمه وفضله على سائر الشهور، وقد خص الله تعالى شهر رمضان دون غيره من الشهور بنزول القرآن وليلة القدر.لقد جعل أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات وسماه شهر الرحمة والبركة والمغفرة وشهر الضيافة عند الله تعالى، وشهر الصبر وشهر المواساة.ان لشهر رمضان ميزة على سائر الشهور فقد جعل الله له من الحرمات الكاملة التي توحي بقداسته في ما يلتزمه الناس من حدود الله فيه، ومن الفضائل المشهورة في ما جعل له من الخصائص الروحية والعملية مما يوحى فيه بالخير والفضل الكبير على مستوى النتائج الكبيرة التي يبلغها العاملون فيه من علو الدرجة عند الله.وحرم الله تعالى فيه المآكل والمشارب واللذات التي لم يحرمها في غيره، كايحاء بعظمته من خلال ما يستهدفه هذا التحريم من غايات عظيمة على مستوى مصير الإنسان في الدنيا والآخرة وكمظهر من مظاهر الاكرام له في ما أراد الله للناس ان يتعبدوا به بذلك ليكون الالتزام بترك المطاعم والمشارب عبادة يتقربون بها اليه.أهم ما ينبغي ان يستقبل به المسلم شهر رمضان المبارك ويعين على الصيام والقيام وما يجنب المبطلات الحقيقية التي تذهب بالأجر والثواب التوبة من جميع الذنوب والآثام فالاقلاع في الحال عن الذنوب والندم على ما فات والعزم بعدم العود ومفارقة قرناء السوء ورد المظالم إلى أهلها كما ينبغي للمسلم ان يستقبل شهر الله تعالى بالبهجة والسرور ضيف عزيز وزائر كريم وأن يستشعر عظمته ويستصحب فضائله ويتذكر جوائزه «فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم» ينبغي للمسلم ألا يضيع هذه الفرصة الثمينة وهو في رحاب الله وفي ضيافته في شهره الكريم وليسع لتقوية العلاقة بينه وبين الله تعالى فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله «ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا الا أوجب الله عز وجل له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده، والثانية لا يبعد عن رحمة الله، والثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم، والرابعة يهون الله عز وجل عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة يعطيه الله براءة من النار، السابعة يطعمه الله من طيبات الجنة». من رحمة الله تعالى وكرمه انه في شهره الكريم: نوم الصائم عباده، وصمته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف، وان دعوة الصائم عند افطاره مستجابة وقد جعل الله تعالى ميراثا للصوم فهو يورث الحكمة وجنة من النار.وصوم شهر رمضان اعداد للإنسان ليتعود على الصبر والتحمل وللإحساس بما يعانيه الضعفاء من الناس وما يقاسيه الفقراء منهم كما ورد في الحديث عن الامام الرضا عليه السلام «انما أمروا بالصوم لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش وليكون الصائم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا على ما أصابه من الجوع والعطش فيستوجب الثواب مع ما فيه من الامساك عن الشهوات ويكون ذلك واعظا لهم في العاجل ورائضا لهم على أداء ما كلفهم ودليلا لهم في الآجل وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا فيؤدوا اليهم ما افترض الله لهم في أموالهم». اللهم أعنا على صيام شهر رمضان وقيامه واحفظ جميع جوارحنا من الوقوع في الآثام واجعلنا ممن يصومه ويقيم لياليه إيمانا واحتسابا وألا يكون حظنا من الصيام الجوع والعطش وندعوه بما دعا الامام زين العابدين عليه السلام اذا دخل شهر رمضان «وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك واستعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي باسماعنا إلى لغو ولا نسرع بأبصارنا إلى لهو وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور».

amak_14@yahoo.com



=========



المسائل الشرعية

حول المفطرات

-1 لا يبطل الصوم بتذوق المرق ثُمَّ بصقه، ولا بمضغ الطعام من دون ابتلاعه لاطعام طائر مثلاً أو غير ذلك من الأسباب.
-2 لا يبطل كذلك بمضغ العلك غير المحلى وغير الملبس بمادة تدخل إلى الجوف، ولا يضر وجود طعم له في الفم، ويجب الحرص على عدم تفتت شيء منه ودخوله إلى الجوف عمداً، أمّا ما يدخل من أجزائه غير المتوقعة غفلة فلا يبطل الصوم.
-3 لا يبطل الصوم بابتلاع اللعاب المجتمع في الفم وإن كان كثيراً.
-4 ادخال الطعام أو الشراب عن غير طريق الحلق، بنحو يصدق عليه الأكل والشرب مبطل للصوم، وذلك مثل ادخاله في أنبوب من أنفه أو من رقبته إلى المعدة.
-5 لا يبطل الصوم بادخال الدواء في الأذن أو العين، حتى ولو أحس بطعم له في البلعوم.
-6 كما لا يبطل بانفاذ الدواء عبر ابرة أو نحوها في اليد أو الفخذ، في العضل أو في الوريد.
-7 يبطل الصوم بادخال الدواء في الأنف بمثل القطرة فالظاهر أنه مما يصدق عليه الأكل والشرب لقربه إلى الحلق.


=====



توأم الصدق

عن أمير المؤمنين علي عليه السلام كما في نهج البلاغة في الخطبة 41: (انَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ) فالوفاء صدق عملي، والصدق وفاء مع الله، ووفاء للعلاقات الإنسانية (وَلاَ أَعْلَمُ جُنَّةً) وسيلة للحماية (أوقَى مِنْهُ) للحماية من انهيار الثقة بين الناس وبالتالي انهيار الحياة في مساراتها الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والسياسية، وأوقى منه للحماية من ترتب العقاب الأخروي (وَمَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ) وحقيقة الآخرة وكيف هو الحساب الدقيق والعقاب الأليم (وَلَقَدْ أَصْبَحْنا في زَمَان اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً) فطنة وذكاء (وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إلى حُسْنِ الْحِيلَةِ) والشطارة والفهلوة (مَا لَهُمْ! قَاتَلَهُمُ اللهُ! قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ) الذين يحسنون تدبّر الأمور ويمتلكون البصيرة (وَجْهَ الْحِيلَةِ) ويعرفون كيف يوظّفونها لمصلحتهم ولكنهم يرون أيضاً قبلها(وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْن بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لاَ حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ) ولا تقوى له.

معاناة شخصية:
في ضمن ما تحدث به الامام علي عليه السلام في هذه الكلمة التي قرأ فيها الواقع، وشخّص العلة، وقدّم الحل، نجده عليه السلام يشير إلى خطر التلاعب في المفاهيم وقلب الحقائق من أجل تحقيق الأهداف الشخصية.وهي قضية عانى منها الامام نفسُه أشد المعاناة حين تعامل مع أطراف لا تعرف التقوى، وتوظف كل شئ لتحقيق مصالحها ولو بالتعدي على كافة الحدود الشرعية.
فتارة يغدر الإنسان وهو يعترف ان هذا غدر وأنه محرم..ويخون المواثيق، وهو يعترف بما فعل وقبحه..ويكذب ويعترف أنه كذب ومن الكبائر..وتارة أخرى تجده يأتي بكل هذه القبائح ويُلبسها ثوب الشرعية ويحاول ان يزخرفها ويزّينها ويعطيها مسميات معينة ليبرر للآخرين فعلته.
الأشد خطراً: ومن الواضح ان الصورة الثانية أشد خطراً من الأولى، لأن فيها تمويهاً وتلاعباً وقلباً للحقائق وتحويلاً للحلال البيّن والحرام البيّن إلى شئ هلامي متشابه غير محكم يعطي الفرصة لذوي النفوس المريضة للتلاعب كيفما شاءوا وفق ما تمليه مصالحهم.تماماً كما حذّر القرآن من الركون إلى الآيات المتشابهات: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ) آل عمران:7.وهذا ما أشار اليه الامام عليه السلام بقوله: (وَلَقَدْ أَصْبَحْنا في زَمَان اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إلى حُسْنِ الْحِيلَةِ، مَا لَهُمْ! قَاتَلَهُمُ اللهُ!).
فهي بحسبهم شطارة وفهلوة وتكيّف مع الواقع وحيلة شرعية وحتى عناوين ثانوية بزعمهم وهي ليست كذلك، بل لا تعدو ان تكون غدراً أو خيانةً أو كذباً أو تدليساً أو غير ذلك من العناوين القبيحة.فما الذي منع الامام من ان يسلك نفس مسلكهم؟ قال: لأن (دُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْن بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا)، فهي ليست مسألة عجز، بل تقوى ومخافة الله وجنة ووقاية من عذابه.
ان من يريد ان يكون مع علي عليه السلام لن يكون من الذين لا يتورعون عن اقتحام المحارم لتحقيق مصالحهم، ولن يكون من الذين يوظفون الدين لمصالحهم، ولن يكون من الذين يتلاعبون بالمفاهيم ويقلبون الحقائق لارضاء أهوائهم، بل سيكون سائراً في نهج علي فكراً وقولاً وعملاً..نهج الاستقامة والصدق والوفاء.


========



سفرٌ وصيام



قد يثير البعض ضرورة الغاء حكم القصر في صلاة المسافر، في الوقت الحاضر، لأنّ الأساس فيها، حسب الظّاهر، هو المشقّة اللازمة في السّفر في العصور السّابقة، لأنّ وسائل السّفر عندهم كانت البغال والحمير والجمال ونحوها، مما يعاني معها المسافر مشقّةً كبرى، أمّا الآن، فيمكن للمؤمن قطع المسافة المعتبرة في تحديد مقدار السّفر بوقتٍ قصير، من دون أيّة مشقّة من خلال الوسائل الحديثة، كالسيّارة والطّائرة والباخرة ونحوها؟! والجواب، ان المسألة تنطلق من طبيعة التّسهيل، باعتبار ان السّفر يمثّل حالةً من حالات عدم الاستقرار، الأمر الّذي يطلب فيه التّخفيف، ولذلك وجب التّمام عند الاقامة عشرة أيّام، أو اذا كان عمل الإنسان السّفر، بحيث يكون السّفر أمراً عاديّاً له، أو نحو ذلك، وقد ورد الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في موضوع قصر الصّلاة: (صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)، وقد روي عن الامام جعفر الصّادق عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عزّ وجلّ تصدّق على مرضى أمّتي ومسافريها بالتّقصير والافطار، أيسرُّ أحدكم اذا تصدّق بصدقةٍ ان تُردَّ عليه؟).
وقد روي عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق أنه قال: (الصّائم في السّفر في شهر رمضان، كالمفطر فيه في الحضر)، ثم قال: (انّ رجلاً أتى النبيّ صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، أصوم شهر رمضان في السّفر؟ فقال: لا، فقال: يا رسول الله، انّه علي يسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عزّ وجلّ تصدّق على مرضى أمّتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان، أيحبّ أحدكم لو تصدّق بصدقةٍ ان تُردَّ عليه؟).
وهكذا نلاحظ ان المسألة لا تنطلق من حالةٍ اختياريّةٍ تابعةٍ لسهولة السّفر وصعوبته، ومشقّة الصّوم ويسره، بل هي هديّة الهيّة في التّشريع، من أجل التّخفيف على المسافر بطريقةٍ الزاميّة، والله العالم.


التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
78.9989
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top