الأربعاء
15/04/1447 هـ
الموافق
08/10/2025 م
الساعة
10:47
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
الفجر 4:26
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
منوعات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=207554&yearquarter=20123&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
منتدى الآل والأصحاب
2012/07/11
10:40 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 5/0
فضائل شهر القرآن
ها قد جاءكم ضيف كريم يطرق باب القلوب والجوارح من جديد ليعلقها برب البرّيات ويزهدها في الدنيا وما فيها من شهوات، ضيف جاء ومعه من الماء النقي ليغسل الأوزار والمعاصي والذنوب التي بها فسدت الجوارح وقتلت القلوب، ضيف من تركه بدون تكريم ولا حسن ضيافه خسر وخاب وندم وظل في غياهب الظلم والظلمات ومن أحسن لقائه فلح وأدرك النجاح وسار على درب الصالحين وأشعل نوراً في قلبه.
هذا الضيف هو رمضان
أتى رمضان مزرعة العباد
لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولا وفعلا
وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوه نادما يوم الحصاد
يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يربح
، كم ينادى حي على الفلاح وأنت خاسر كم تدعى الى الصلاح وأنت على الفساد مثابر.
اذا رمضان أتى مقبلا
فأقبل فبالخير يستقبل
لعلك تخطئه قابلا
وتأتي بعذر فلا يقبل
كم ممن أمل ان يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله الى ظلمة القبر كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومؤمل غدا لا يدركه انكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره، فكم خربت من ديار وكم أخلت ديارا من أهلها فما بقي منهم ديار كم أخذت من العصاة بالثار كم محت لهم من آثار.
يا صاحب الذنب لا تأمن عواقبه
عواقب الذنب تخشى وهي تنتظر
فكل نفس ستجزى بالذي كسبت
وليس للخلق من ديانهم وزر
أين حال هؤلاء المساكين من قوم كان دهرهم كله رمضان ليلهم قيام ونهارهم صيام؟
باع قوم من السلف جارية فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم فقالوا نتهيأ لصيام رمضان فقالت: وأنتم لا تصومون الا رمضان لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان ردوني عليهم.
باع الحسن بن صالح جارية له فلما انتصف الليل قامت فنادتهم: يا أهل الدار الصلاة الصلاة قالوا: طلع الفجر؟ قالت: أنتم لا تصلون الا المكتوبة ثم جاءت الحسن فقالت: بعتني على قوم سوء لا يصلون الا المكتوبة ردني ردني قال بعض السلف: صم الدنيا واجعل فطرك الموت الدنيا كلها شهر صيام المتقين يصومون فيه عن الشهوات المحرمات فاذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم واستهلوا عيد فطرهم.
وقد صمت عن لذات دهري كلها
ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته ومن تعجل ما حرم عليه قبل وفاته عوقب بحرمانه في الآخرة وفواته وشاهدوا ذلك في قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا{.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم «: من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.
أنت في دار شتات
فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيوم
صمته عن شهواتك
وليكن فطرك عند الله
في يوم وفاتك
خطب عمر بن عبدالعزيز آخر خطبة خطبها فقال فيها: انكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وان لكم معادا ينزل الله فيه للفصل بين عباده فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحرم جنة عرضها السموات والأرض ألا ترون انكم في أسلاب الهالكين وسيرتها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد الى خير الوارثين وفي كل يوم تشيعون غاديا ورائحا الى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه وتدعونه في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب غنيا عما خلف فقيرا الى ما أسلف فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته واني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي ولكن أستغفر الله وأتوب اليه ثم رفع طرف ردائه وبكى حتى شهق ثم نزل فما عاد الى المنبر بعدها حتى مات رحمة الله عليه.
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضا شهر عصيان
واتل القرآن وسبح فيه مجتهدا
فانه شهر تسبيح وقرآن
فاحمل على جسد ترجو النجاة له
فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران واخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم
حيا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها
فأصبحت في غد أثواب أكفان
حتى يعمر الانسان مسكنه
مصير مسكنه قبر لانسان
«كل عمل ابن آدم له، الا الصوم فانه لي»
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف قال عز وجل: الا الصيام فانه لي وأنا الذي أجزي به انه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» وفي رواية: «كل عمل ابن آدم له الا الصيام فانه لي» وفي رواية للبخاري: «لكل عمل كفارة والصوم لي وأنا الذي أجزي به» وخرجه الامام أحمد من هذا الوجه ولفظه: «كل عمل ابن آدم له كفارة الا الصوم والصوم لي وأنا أجزي به».
فعلى الرواية الأولى: يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة فتكون الاعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف الا الصيام فانه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد فان الصيام من الصبر وقد قال الله تعالى: }انَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{.
ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر.
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال: «الصوم نصف الصبر» خرجه الترمذي.
والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على أقدار الله المؤلمة.
وتجتمع الثلاثة في الصوم فان فيه صبرا على طاعة الله وصبرا عما حرم الله على الصائم من الشهوات وصبرا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهدين: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً الَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ان اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين{.
واعلموا ان مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل كالحرم ولذلك تضاعف الصلاة في مسجدي مكة والمدينة كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الحرام».
وفي رواية: «فانه أفضل» وكذلك روي: «أن الصيام يضاعف بالحرم» وفي سنن ابن ماجة باسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعا: «من أدرك رمضان بمكة فصامه وقام منه ما تيسر كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواه».
وذكر له ثوابا كثيرا ومنها: شرف الزمان كشهر رمضان وعشر ذي الحجة وفي حديث سلمان الفارسي المرفوع: «من تطوع فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه» وفي الترمذي عن أنس: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة في رمضان» وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عمرة في رمضان تعدل بحجة» أو قال: «حجة معي«
الصوم عن الغيبة والنميمة.
وفي مسند الامام أحمد ان امرأتين صامتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكادتا ان تموتا من العطش فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض ثم ذكرتا له فدعاهما فأمرهما ان تتقيآ فقاءتا ملء قدح قيحا ودما وصديدا ولحما عبيطا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ان هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست احداهما الى الأخرى فجعلتا تأكلان في لحوم الناس» ولهذا المعنى والله أعلم ورد في القرآن بعد ذكر تحريم الطعام والشراب على الصائم بالنهار ذكر تحريم أكل أموال الناس بالباطل فان تحريم هذا عام في كل زمان ومكان بخلاف الطعام والشراب فكان اشارة الى ان من امتثل أمر الله في اجتناب الطعام والشراب في نهار صومه فليمتثل أمره في اجتناب أكل الأموال بالباطل فانه محرم بكل حال لا يباح في وقت من الأوقات.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه».
أما فرحة الصائم عند فطره فان النفوس مجبولة على الميل الى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح فاذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت باباحة ما منعت منه خصوصا عند اشتداد الحاجة اليه فان النفوس تفرح بذلك طبعا فان كان ذلك محبوبا لله كان محبوبا شرعا والصائم عند فطره كذلك فكما ان الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها في ليل الصيام بل أحب منه المبادرة الى تناولها في أول الليل وآخره فأحب عباده اليه أعجلهم فطرا والله وملائكته يصلون على المتسحرين فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقربا الى الله وطاعة له ويبادر اليها في الليل تقربا الى الله وطاعة له فما تركها الا بأمر ربه ولا عاد اليها الا بأمر ربه فهو مطيع له في الحالين ولهذا نهى عن الوصال في الصيام فاذا بادر الصائم الى الفطر تقربا الى مولاه وأكل وشرب وحمد الله فانه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك.
وفي الحديث: «ان الله ليرضى عن عبده ان يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها».
والحديث عن فضائل الصيام وفضائل شهر القرآن (رمضان) كثير لا يسعنا ذكره أو حصره في مجرد رسالة بخاطرة نرسلها اليكم.
============
الأعمال الصالحة التي تتأكد في رمضان
-1 الصوم: قال صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف.يقول عز وجل: الا الصيام فانه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه.ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» [أخرجه البخاري ومسلم] وقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري ومسلم] ولا شك ان هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب فقط، وانما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه«[أخرجه البخاري].وقال صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة، فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فان سابّه أحد فليقل اني امرؤ صائم «[أخرجه البخاري ومسلم].فاذا صمت - يا عبدالله - فليصم سمعك وبصرك ولسانك وجميع جوارحك، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء.
-2 القيام: قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ايماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري ومسلم] {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَاذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً.وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [الفرقان:64-63]، وقد كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قالت عائشة رضي الله عنها:) لا تدع قيام الليل، فان رسول الله كان لا يدعه، وكان اذا مرض أو كسل صلى قاعداً.(
وكان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله حتى اذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، ثم يقول لهم الصلاة الصلاة..ويتلو: }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } [طه:132] وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية: } أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9 ].
قال: ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال ابن أبي حاتم: وانما قال ابن عمر ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى انه ربما قرأ القرآن في ركعة.
وعن علقمة بن قيس قال: (بت مع عبدالله بن مسعود ليلة فقام أول الليل ثم قام يصلي، فكان يقرأ قراءة الامام في مسجد حيه يرتل ولا يراجع، يسمع من حوله ولا يرجع صوته، حتى لم يبق من الغلس الا كما بين أذان المغرب الى الانصراف منها ثم أوتر.
وفي حديث السائب بن زيد قال: (كان القارئ يقرأ بالمئين - يعني بمئات الآيات - حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال: وما كانوا ينصرفون الا عند الفجر).
تنبيه: ينبغي لك أخي المسلم ان تكمل التراويح مع الامام حتى تكتب في القائمين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من قام مع امامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة «[رواه أهل السنن].
-3 الصدقة: كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة..وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان..» [أخرجه الترمذي عن أنس].
روى زيد بن أسلم عن أبيه قال «سمعت عمر بن الخطاب يقول: أمرنا رسول الله ان نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي، فقلت اليوم أسبق أبا بكر ان سبقته يوماً، قال فجئت بنصف مالي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك، قال: فقلت مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لهم؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك الى شيءٍ أبداً».
وعن طلحة بن يحيى بن طلحة، قال: حدثتني جدتي سعدي بنت عوف المرية، وكانت محل ازار طلحة بن عبيد الله قالت: دخل علي طلحة ذات يوم وهو خائر النفس فقلت: مالي أراك كالح الوجه؟ وقلت: ما شأنك أرابك مني شيء فأعينك؟ قال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت.قلت: فما شأنك؟ قال: المال الذي عندي قد كثر وأكربني، قلت: ما عليك، اقسمه، قالت: فقسمه حتى ما بقي منه درهم واحد، قال طلحة بن يحيى: فسألت خازن طلحة كم كان المال؟ قال: أربعمائة ألف.
فيا أخي للصدقة في رمضان مزية وخصوصية فبادر اليها واحرص على آدائها بحسب حالك، ولها صور كثيرة منها:
أ- اطعام الطعام: قال الله تعالى: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً.انَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً.انَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً.فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً.وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً { [الانسان:12-8] فقد كان السلف الصالح يحرصون على اطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات.سواء كان ذلك باشباع جائع أو اطعام أخ صالح، فلا يشترط في المطعم الفقر.قال رسول الله: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» [ رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني] وقد قال بعض السلف لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب الى من ان أعتق عشرة من ولد اسماعيل.
وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم منهم عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر الا مع اليتامى والمساكين، وربما علم ان أهله قد ردوهم عنه فلم يفطر في تلك الليلة.
وكان من السلف من يطعم اخوانه الطعام وهو صائم ويجلس بخدمهم ويروّحهم… منهم الحسن وابن المبارك.
قال أبو السوار العدوي: (كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، ان وجد من يأكل معه أكل، والا أخرج طعامه الى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه(.
وعبادة اطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها: التودد والتحبب الى اخوانك الذين أطعمتهم فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة: «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا».كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
ب- تفطير الصائمين: قال صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» [أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني] وفي حديث سلمان: «من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير ان ينقص من أجره شيء، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة».
-4 الاجتهاد في قراءة القرآن: سأذكرك يا أخي هنا بأمرين عن حال السلف الصالح:
أ- كثرة قراءة القرآن.
ب- البكاء عند قراءته أو سماعه خشوعاً واخباتاً لله تبارك وتعالى.
ج- كثرة قراءة القرآن: شهر رمضان هو شهر القرآن، فينبغي ان يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله، فكان جبريل يدارس النبي القرآن في رمضان، وكان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهري اذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري اذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.وقال ابن رجب: انما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الاكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد واسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم، كما سبق.
البكاء عند تلاوة القرآن: لم يكن من هدي السلف هذّ القرآن هذّ الشعر دون تدبر وفهم، وانما كانوا يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب.ففي البخاري عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله: «اقرأ علي»، فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! فقال: «اني أحب ان اسمعه من غيري «قال فقرأت سورة النساء حتى اذا بلغت: {فَكَيْفَ اذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً } [النساء:41] قال: «حسبك «، فالتفت فاذا عيناه تذرفان.وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: لما نزلت: { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ.وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ } [النجم:60-59] فبكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار من بكى من خشية الله «وقد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتى بلغ: { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] فبكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعدها.وعن مزاحم بن زفر قال: صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ حتى بلغ: { ايَّاكَ نَعْبُدُ وايَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة:5] بكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فقرأ الحمد.
وعن ابراهيم بن الأشعث قال: (سمعت فضيلا يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد، وهو يبكي ويردد هذه الآية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } [محمد:31] وجعل يقول: ونبلو أخباركم، ويردد وتبلوا أخبارنا، ان بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا، انك ان بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا، ويبكي.(
-5 الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا صلى الغداة - أي الفجر - جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس»[ أخرجه مسلم] وأخرج الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» [صححه الألباني]، هذا في كل الأيام فكيف بأيام رمضان؟
فيا أخي..رعاك الله استعن على تحصيل هذا الثواب الجزيل بنوم الليل..والاقتداء بالصالحين، ومجاهدة النفس في ذات الله وعلو الهمة لبلوغ الذروة من منازل الجنة.
-6 الاعتكاف: «كان النبي يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً» [أخرجه البخاري].فالاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات من التلاوة والصلاة والذكر والدعاء وغيرها.
وقد يتصور من لم يجربه صعوبته وشقته، وهو يسير على من يسره الله عليه، فمن تسلح بالنية الصالحة، والعزيمة الصادقة أعانه الله.وأكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر، وهو الخلوة الشرعية فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف قلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه.
-7 العمرة في رمضان: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة» [أخرجه البخاري ومسلم]، وفي رواية «حجة معي» فهنيئاً لك يا أخي بحجة مع النبي.
-8 تحري ليلة القدر: قال الله تعالى: { انَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ.لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:3-1] وقال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه «[أخرجه البخاري ومسلم].وكان النبي يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها وكان يوقظ أهله ليالي العشر رجاء ان يدركوا ليلة القدر.وفي المسند عن عبادة مرفوعاً: «من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» وللنسائي نحوه، قال الحافظ: اسناده على شرط الصحيح.
وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين والاغتسال والتطيب في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها.فيا من أضاع عمره في لا شيء، استدرك ما فاتك في ليلة القدر، فانها تحسب من العمر، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها، من حُرِم خيرها فقد حُرم.
وهي في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الوتر من لياليه الآخرة، وأرجى الليالي سبع وعشرين، لما روى مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه: (والله اني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين).وكان أُبي يحلف على ذلك ويقول: (بالآية والعلامة التي أخبرنا بها رسول الله، ان الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها).
وعن عائشة قالت: يا رسول الله ان وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم: «قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني»] رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني[.
-9 الاكثار من الذكر والدعاء والاستغفار: أخي الكريم: أيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة فاغتنمها بالاكثار من الذكر والدعاء وبخاصة في أوقات الاجابة ومنها:
- عند الافطار فللصائم عند فطره دعوة لا ترد.
- ثلث الليل الآخر حين ينزل ربنا تبارك وتعالى ويقول: «هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له».
- الاستغفار بالأسحار: قال تعالى: { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [الذاريات:18[.
وأخيراً..أخي الكريم..وبعد هذه الجولة في رياض الجنة نتفيئ ظلال الأعمال الصالحة، أنبهك الى أمر مهم...أتدري ما هو؟ انه الاخلاص..نعم الاخلاص..فكم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش؟ وكم من قائم ليس له من قيامه الا السهر والتعب؟ أعاذنا الله واياك من ذلك.ولذلك نجد النبي يؤكد على هذه القضية..{ ايماناً واحتساباً }.وقد حرص السلف على اخفاء أعمالهم خوفاً على أنفسهم.
فهذا التابعي الجليل أيوب السختياني يحدث عنه حماد بن زيد فيقول: (كان أيوب ربما حدث بالحديث فيرق فيلتفت فيتمخط ويقول: ما أشد الزكام! يظهر أنه مزكوم لاخفاء البكاء).وعن محمد بن واسع قال: (لقد أدركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة وقد بلّ ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به امرأته.ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي جنبه.(
وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله فيخفي ذلك فاذا كان عند الصباح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة.وعن ابن أبي عدي قال: (صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله وكان خرازاً يحمل معه غذاءه من عندهم فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشياً فيفطر معهم.(
قال سفيان الثوري: (بلغني ان العبد يعمل العمل سراً، فلايزال به الشيطان حتى يغلبه فيكتب في العلانية، ثم لايزال به الشيطان حتى يحب ان يحمد عليه فينسخ من العلانية فيثبت في الرياء.(
اللهو في رمضان: أخي..أظن أني قد أطلت عليك وأنا أحثك على اغتنام الوقت..قطعت عليك الوقت.ولكن أتأذن لي ان نعرج سوياً على ظاهرة خطيرة وبخاصة في رمضان.انها ظاهرة اضاعة الوقت وتقطيعه في غير طاعة الله..انها الغفلة والاعراض عن الرحمات والنفحات الالهية، قال تعالى: }وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَانَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى.قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً.قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى.وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى{ (طه:127-124).
===========
من أَسرار وحِكَم الصيام
صحة للبدن وضيق لمجاري الشيطان
د.أيمن محمد العمر
ان من كمال الله تعالى أنه ما خلق شيئاً عبثاً، ولا أمر عباده بأمر ولا كلفهم بشيء من التكاليف الشرعية الا لحكمة بالغة، ومصلحة راجحة، عَلِمَها من عَلِمَها، وَجَهِلَها من جَهِلَها، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ٭ مَا خَلَقْنَاهُمَا الاَّ بِالحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الدخان: 38 - 39].
ولقد شرع الله تعالى لعباده شهر الصيام، وجعله فرضاً من فرائض الاسلام، ذلك الشهر العظيم الذي تضمن أسراراً عجيبة، وفوائد جليلة، لو تدبرها الانسان وتأمل في معانيها لأدرك عظيم فضل الله عليه وعلى الناس، ومن أبرز هذه الأسرار والحكم:
1) تحقيق كمال العبودية لله رب العالمين:
ويظهر ذلك جليًّا باستسلام العبد لأمر ربه، فهو يجوع ويظمأ، ويكبح جماح شهوته، مع توفر الأسباب من طعام وشراب وزوجة، ولكن لم يمنعه من ذلك الا حب الله تعالى، والرغبة في رضوانه، وابتغاء ثوابه، وخشية عقابه اذا ما هو خالف أمره وانتهك حرماته.
ولهذا نجد ان الله تعالى نسب الصيام اليه، وتولى جزاء الصائمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ الاَّ الصِّيَامَ فَانَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ).
فالعبد الصائم بهذا الامتثال، وبذلك الاجتناب يستشعر مراقبة الله تعالى له، ويؤمن ان الله تعالى مطلع على أعماله وأقواله، وهذا هو مقام الاحسان الذي أخبر عنه في حديث جبريل المشهور، (الاحسَانُ ان تَعبدالله كَأنَّكَ تَراهُ، فانْ لمْ تَكُنْ تَراهُ، فَانَّهُ يَرَاكَ) [رواه البخاري ومسلم].
ولا شك ان هذا المقام من أجل مقامات التقوى، وأعظم أسبابها، قال تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
ولا يتحقق كمال التقوى للصائم الا اذا صامت الجوارح عن المعاصي، ليلاً ونهاراً، فيحفظ العين من النظر الى ما حرم الله، والأذن ان تستمع الى ما حرم الله، واللسان ان ينطق بما حرم الله من غيبة ونميمة وكذب، والبطن ان يدخل فيه ما حرم الله من ربا ورشوة وغش، والرجل ان تمشي الى ما حرم الله، واليد ان تمتد أو تفعل ما حرم الله.
فالله تعالى ما شرع الصيام الا ليثمر التقوى في قلوب العباد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ فِي ان يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) [رواه البخاري].
ورحم الله أبا بكر سهل بن مالك الغرناطي اذ يقول:
اذا لم يكن في السَّمعِ مني تَصاونٌ
وفي مُقْلَتي غَضٌّ، وفي مَنطِقي صَمْتُ
فحَظِّي اذَنْ مِن صَومي الجُوعُ والظَّمَا
وَانْ قُلْتُ: انِّي صُمْتُ يوماً فَما صُمْتُ
2) ومن حكم الصيام وأسراره أنه يُعرِّف العبد مقدار نعمة الله تعالى عليه، ويذكره بفضله ورزقه، فان تكرر النعم على الانسان تقلل من شعوره بها، وبمعرفة هذا النعم يشعر المرء بجوع الجائعين، وبؤس البائسين الذين لا يجدون ما يسدون به جوعتهم، فضلاً عن جوعة بطون صغارهم.
وهذا الشعور يستوجب على العبد شكر نعمة الله عليه، بأن يسَّر له أسباب المعاش وقوام الحياة، وفي الوقت نفسه يتذكر أخاه المحروم، فيجود عليه بالصدقة التي تسد جوعته، ويكسو بها عورته.
3) ومن حكم الصيام ان الله تعالى فرضه علينا لكي نتحرر من سلطان الغريزة، ونتدرب على منازعة الشهوات، فينطلق المؤمن من سجن الجسد كي يسمو بروحه البشرية على المراتب العليَّة.
وهنا يتعلم المسلم ان يكون زمام الأمر بيده، فهو يتحكم بنفسه الأمارة بالسوء، ويقودها الى ما فيه خيرها وسعادتها في الدنيا والآخرة.
4) ومن أسرار الصوم وحكمه تقوية الارادة بالصبر، فالصائم يجوع وأمامه ما لذ وطاب من أشهى أصناف الطعام، ويعطش وبين يديه الماء البارد العذب الزلال، ويعف نفسه ويكف شهوته والى جنبه زوجته، كل ذلك يمنع نفسه منه بلا رقيب الا الله تعالى.
وبذلك يتدرب العبد ويُعدُّ نفسه للمصابرة والمرابطة في سبيل الله، يتحمل شظف الحياة والجوع والحرمان، فان جاهد نفسه وغلبها على شهواتها وملذاتها، كان أقدر على مجاهدة عدوه الخارجي، فان وقع عداوة النفس أشد من وقع عداوة الكافرين والمنافقين.
5) ومن أسرار الصيام أنه يضيق مجاري الشيطان، ويضعف نفوذه وسلطانه على ابن آدم، وهذا التضييق من وجهين:
الأول: ان الله تكفل به من جهة تصفيد مردة الشياطين، ومنعهم من اغواء بني آدم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ) [رواه البخاري ومسلم].
الثاني: ان الصوم يضعف شهوة النفس، ويكبح هواها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَانَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَانَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) [رواه البخاري ومسلم].
6) ومن أسرار الصوم وحكمه أنه فيه صحة للبدن من الأمراض والأسقام، فبالصيام يطهر البدن من الفضلات والسموم التي نتجت عن أنواع الطعام الذي يُدخله المرءُ الى جوفه طيلة العام، ومع الجوع يبدأ الجسم باستهلاك المخزون الجسدي، وطرد ما فيه من السموم والفضلات، فمع قلة الطعام الناتج عن صيام النهار ينتظم التنفس، ويقل العبء الملقى على القلب، ويتهيأ للجهاز الهضمي ان يجدد أنسجته التالفة، كما ان قلة الفضلات تسمح باراحة الكلى وتجدد نشاطها، الى غير ذلك من الفوائد الصحية العظيمة.
لقد أدرك العلماء والأطباء أهمية الصيام على صحة بدن الانسان، حتى انهم ليَعُدُّونه ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السَّويَّة والصحة الكاملة بدونها، فصاروا يستعملونه علاجاً لبعض الأمراض والأسقام، واستحدثوا شبيهاً له أطلقوا عليه مصطلح (الصوم الطبي).
ان المتأمل لهذه الحكم والأسرار وغيرها، ليدرك ويتيقن ان الله تعالى لم يشرع الصوم، ولم يكلف به تعذيباً للعباد، ولا انتقاماً منهم، وانما شرعه رحمة بهم ورأفة بحياتهم، وتيسيراً عليهم، كيف لا يكون ذلك وهو القائل في ختام آية الصيام: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} [البقرة: 185]، فهنيئاً لمن أدرك شهر رمضان، ووفقه الله وأعانه على العبادة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
===============
مبارك عليكم الشهر
تهنئ مبرة الآل والأصحاب الأمة الاسلامية جمعاء بمناسبة قرب حلول شهر الطاعة والمغفرة والرضوان شهر رمضان المبارك، داعين الباري سبحانه ان يوفق الجميع لصيامه وقيامه وأداء حقه وأن يعيده على الأمة الاسلامية باليمن والبركات.
اخوانكم في
مبرة الآل والأصحاب
=============
جدول محاضرات اللجنة النسائية
شهر يوليو 2012 م
اللقاء الرمضاني يوم الأربعاء الموافق 2012/7/25م بعد صلاة التراويح.
وذلك بمقر اللجنة النسائية
العنوان: ضاحية عبدالله السالم- ق1- ش أحمد الهندي – منزل 21. ت/66338161
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
100.9913
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top