مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

آن الأوان

ذكاء اللبّان.. واستثمار الشباب

د.عصام عبداللطيف الفليج
2012/07/07   11:32 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

معظم الناس لا يستخدمون قدراتهم العقلية والفكرية والبدنية بما هو مفيد


يروي الصديق العزيز الكابتن سامي النصف هذه الحكاية التي جرت في مصر قبل فترة من الزمن، حيث كان الكويتيون في الماضي عندما يصطافون في مصر ويستأجرون شققا مفروشة، اعتادوا ان يأتي اليهم اللبان صباح كل يوم ليحضر لهم الحليب والزبادي الطازج حسب الطلب، وذلك قبل انتشار الحليب المبستر المعلب، وكان بعض اللبانين يغشون الحليب باضافة الماء ليزيد كميته.واعتاد خالد – وهو هنا اسم وهمي – عند وصوله للقاهرة ان يوصي اللبان بالكمية التي يريدها كل يوم، وقال له: كل مرة تزيد الحليب ماء، فهذه زيادة 10 جنيهات، ولكن رجاء ليكن الحليب صافيا، فابتسم ووعده بذلك، مع بضعة أقسام مغلظة.
وبالفعل جاء الحليب في الأيام الأولى صافيا، ثم عاد اللبان للغش، فاستوقفه خالد وقال له: ألم تقسم بعدم الغش وخلط الماء؟! ألم تكفك الزيادة المالية التي أعطيتك اياها؟! فأقسم اللبان بعدم الغش، ودعا خالد للذهاب معه ليرى بنفسه كيف يحلب من الجاموسة مباشرة، وتحت سياسة الحق الكذاب حتى آخر الباب، غير خالد ملابسه وخرج معه ليرى بنفسه كيف يحلب بدون غش.
وبالفعل.. توجها الى مزرعة قريبة فيها الجواميس، وأمسك اللبان جاموسة، ووضع السطل تحتها وأخذ يحلب، ثم قدم الحليب مباشرة لخالد الذي وجد نفس الطعم الذي يشربه كل يوم.فقال له اللبان: صدقت الآن أنني لا أغش؟
فقال خالد: شوف.. الحليب غير صاف، ولا أريد ان أضيع وقتي معك بالأقسام المغلظة، خذ هذه 100 جنيه وقل لي كيف غششت الحليب؟!
وبعد الضغط الأدبي والمعنوي والمالي، رفع اللبان رداءه، فوجد خالد أنه قد أخفى تحته كيس نايلون به ماء موصلاً به خرطوماً ضعيفاً يمتد على الذراع تحت الكم الى اليد، وخلال عملية حلب الجاموسة، كان اللبان يضغط الكيس بطريقة آلية لينزل الماء دون ان يشعر أحد.فضحك خالد من فرط المفاجأة، وقال معلقا: ما دامت عندنا هذه العقول التي تفكر، يا ليت الناس تستثمر ذكاءها بما هو مفيد للمجتمع بدل استخدامه في الغش والخداع.
والخلاصة من هذه القصة الحقيقية ان معظم الناس لا يستخدمون قدراتهم العقلية والفكرية والبدنية بما هو مفيد، بقدر ما هي مستخدمة بما هو ضار، أو على الأقل غير مفيد، فكلنا نسمع عن أساليب التهريب المتجددة، وغسل الأموال، والرشاوى، والاستحواذ على المال العام، دون تقديم أي شيء للمجتمع.وأستغرب ابداعات الشباب في تجميل السيارات وتفخيمها بآلاف الدنانير، واقامة المعارض المتكررة، والتقليد الأعمى والتفنن في الموضات والقصات، ولكن دون مردود اجتماعي أو علمي أو ثقافي أو أخلاقي أو قيمي.ولعل ذلك أحد أبرز أسباب جمودنا واستسلامنا للآخرين ليقودونا كيفما شاؤوا، ولأن نكون في آخر الركب العلمي والعملي.
أعتقد أننا بحاجة لتوجيه هذه الطاقات التي تنتشر بين الشباب للارتقاء بها لما فيه الخير للانسانية، وتدارس أسباب عدم نجاح مؤسسات رعاية الشباب المتعددة في استقطابهم، على الرغم من ما أولته الدولة من اهتمام مالي واداري، واهتمام من سمو الأمير حفظه الله، حتى لا تكون رعاية الشباب آلية تقليدية غير متجددة، ومن شخصيات مكررة أو كبيرة بالسن فات عليها الزمن، فلا ارتقاء للوطن بدون الشباب.
٭٭٭
قال طاووس: «اياك ان تطلب حوائجك الى من أغلق دونك أبوابه، وجعل دونك حجابه، وعليك بمن أمرك ان تسأله ووعدك الاجابة».

د.عصام عبداللطيف الفليج
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
323.0149
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top