محــليــات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

د.شافي العجمي يرد على د.طارق السويدان 3 من3

فتح الله عليك في علم الإدارة فيا ليتك تتوجه بخبرتك هذه إلى مصر وتونس

2012/05/21   07:31 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
فتح الله عليك في علم الإدارة فيا ليتك تتوجه بخبرتك هذه إلى مصر وتونس

عمر وعلي ومعاذ وأبوموسى قتلوا المرتد فهل اخطأوا؟
ليس في القرآن حدالرجم للزاني ولا للوطي ولكن جاءت التفصيلات في السنة المشرفة
السنة القولية والفعلية ثبتت على قتل المرتد والأحاديث الواردة في ذلك متفق عليها
هل تعني حرية التعبير ان نترك المنظمات التنصيرية لترتع في بلاد المسلمين وتنصر أهلها؟
ارجع لكتب الفقه فلن تجد فيها واحدا يقول للمسلم بانه حر في ان يرتد أو ألا يعاقب على ذلك


أثار د.طارق السويدان العديد من القضايا الفقهية في معرض رده على مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، التي وصف بعض آراء السويدان فيها بالسفه والردة، فقد تحدث د.طارق السويدان عن حرية الفكر وعدم وجود حد للردة في الاسلام وغيرها من القضايا.
من جانبه رد امين سر رابطة علماء الشريعة في دول الخليج د.شافي العجمي على اطروحات د.طارق السويدان ردا مطولا في حلقات ثلاث حيث فند بعض الآراء وقدم رؤية مخالفة كليا لما طرحه. وفيما يلي نص الحلقة الثالثة والاخيرة من رد د.شافي العجمي:
قولك: الفكر لا يواجه الا بالفكر لا بالقانون والحجة تواجه بالحجة لا بالاكراه فيه اجمال واطلاق وتفصيله وتقييده في الجواب الآتي:
أولا: يقول الله تعالى: {ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.
والآية الكريمة ذكرت ثلاثة أنواع من أنواع الدعوة وكل نوع يناسب نوعا من الناس فالحكمة تناسب الجاهل لتعرفه بالحكم والموعظة الحسنة تناسب العالم بالحكم الغافل عن آثاره والجدال بالتي هي أحسن يناسب المجادل وتركت الآية نوعين آخرين ذكرتهما في آيات أخرى، كقوله تعالى: ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير، وقوله سبحانه: {ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم}.
وقوله: {الا الذين ظلموا منهم} أي: حادوا عن وجه الحق، وعموا عن واضح المحجة، وعاندوا وكابروا، فحينئذ ينتقل من الجدال الى الجلاد، ويقاتلون بما يردعهم ويمنعهم، قال الله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز} (الحديد: 25).
قال جابر: أمرنا من خالف كتاب الله ان نضربه بالسيف.
قال مجاهد: {الا الذين ظلموا منهم} يعني: أهل الحرب، ومن امتنع منهم عن أداء الجزية.انتهى من ابن كثير.
وتصديق ذلك في كتاب الله: قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون}.
وقد قال الطبري بعد عرضه الخلاف في قوله: الا الذين ظلموا منهم: وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال: عنى بقوله: {الا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}: الا الذين امتنعوا من أداء الجزية، ونصبوا دونها الحرب.
فان قال قائل: أو غير ظالم من أهل الكتاب الا من لم يؤدّ الجزية؟ قيل: ان جميعهم، وان كانوا لأنفسهم بكفرهم بالله، وتكذيبهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، ظلمة، فانه لم يعن بقوله: {الا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}. ظلم أنفسهم.وانما عنى به: الا الذين ظلموا منهم أهل الايمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فان أولئك جادلوهم بالقتال.
وانما قلنا: ذلك أولى الأقوال فيه بالصواب، لأن الله تعالى ذكره أذن للمؤمنين بجدال ظلمة أهل الكتاب، بغير الذي هو أحسن بقوله: {الا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} فمعلوم اذ كان قد أذن لهم في جدالهم، ان الذين لم يؤذن لهم في جدالهم الا بالتي هي أحسن، غير الذين أذن لهم بذلك فيهم، وأنهم غير المؤمن، لأن المؤمن منهم غير جائز جداله الا في غير الحقّ، لأنه اذا جاء بغير الحق، فقد صار في معنى الظلمة في الذي خالف فيه الحقّ، فإذا كان ذلك كذلك، تبين ان ألا معنى لقول من قال: عنى بقوله: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ..} أهل الايمان منهم، وكذلك لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وزعم أنها منسوخة، لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر، ولا دلالة على صحته من فطرة عقل.اهـ.
ثانيا: أمرت الآية بجدال المعرضين عن الحق وعدم تركهم يعلنون باطلهم بلا رد بخلاف قول الدكتور طارق السويدان عفا الله عنه ان يترك الكفار يعترضون على الحق والسماح لهم بحرية التعبير سواء رد عليهم أحد أم لم يرد عليهم أحد وفي ذلك منافاة لنصوص الوحي.
ثالثا: مثل من يقول اتركوا الكفار يعلنون كفرهم في بلاد المسلمين كمن يقول اتركوا الكفار يعلنون الفواحش ثم بينوا للناس حكمها، أليس في هذا تناقضا بين ان تبني دولة على مبادئ وأصول وأخلاق وتقول لكل مفسد انشر ما شئت من فسادك وقل ما شئت في كل مكان.
رابعا: يلزم من قولك الفكر لا يواجه الا بالفكر ان نسمح بقراءة التوراة والانجيل المحرفين على مسامع الناس في المنابر والمنتديات والمجامع العامة وتصبح بلاد المسلمين مرتعا لكل نصراني ويهودي ليدعو الى دينه واذا تحول المسلمون الى اليهودية والنصرانية قلنا لهم الفكر لا يواجه الا بالفكر، وعلى ذلك فلا حرج على المنظمات التنصيرية في مشارق الأرض ومغاربها في عملها ولتستمر عليه لأنها منظمات فكرية ويجب السماح لها ولا يجوز منع التراخيص لهذه المنظمات في جميع البلاد الاسلامية وغيرها.
خامسا: يلزم من قولك الفكر لا يواجه الا بالفكر ألا يقاتل النبي أهل مكة ولا أهل الطائف ولا أهل خيبر ولا العرب ولا ان يقاتل الصحابة فارس ولا الروم لأن أفكار الكفار لا تجوز مواجهتها الا بالفكر.
سادسا: يلزم من قولك الغاء أصل الجهاد من كل دين وقانون لأن الجهاد يقوم على نشر فكرة المجاهدين وفي ذلك يقول الله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله وقال سبحانه: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وفي البخاري ومسلم من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأعراضهم وحسابهم على الله».
سابعا: يلزم من قولك الفكر يواجه بالفكر ان قتال المرتدين كان خطأ لأن كثيرا من المرتدين كانوا يقولون لا نؤدي الزكاة الا للنبي وكانوا يقولون نصلي ولا نزكي وهي فكرة ولم يعلنوا الحرب على المسلمين ومع ذلك فقد قاتلهم المسلمون وأعلنوا الحرب الضروس عليهم وسير أبو بكر الصديق أحد عشر جيشا لمواجهة هذه الفكرة المفسدة لوحدة جزيرة العرب.
ثامنا: اتفق العلماء على قتل الزنديق اذا لم يتب مع أنه لم يأت الا بفكرة وقد نقل الاتفاق ابن المنذر والنووي وابن قدامة وابن حزم وابن تيمية وغيرهم ودليلهم في ذلك ما في البخاري: «ان عليا رضي الله عنه أتى بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه»..
قولك: الفكر لا يواجه بالقانون فيه نظر من وجوه:
الوجه الأول: ليس هناك دولة تترك كل الأفكار بلا قوانين بل كل دولة قد نظمت الأفكار فيها فهناك أفكار تسمح بها وهناك أفكار لا ترضى بها وقد اتفق على ذلك المسلمون والكفار فلابد لكل فكرة من قانون ينظمها وتنضوي تحته.
الوجه الثاني: يفهم من قولك هذا ان تترك الدول الاسلامية جميع الأفكار بلا قوانين تبين حكمها وترد عليها ولا أظن الدكتور طارق السويدان جزاه الله خيرا يؤمن بذلك لأن هذا يعني رد الوحي كله وابطال الدين.
الوجه الثالث: يلزم من قولك أخي الدكتور طارق غفر الله لك ان يترك الساحر والفاجر لينشر فجوره وسحره بلا قانون يمنعه وهذا من أبطل الباطل الذي يصد الناس عن الحق.
الوجه الرابع: سأضرب لك مثالا أخي الدكتور طارق بارك الله فيك: لو ان مدينة سمحت لكل واحد ان يعلن عن فكرته فجاءنا رجل وجعل ينشر فكرة تقوم على الفوضى وترك التخطيط وابطال العمل الاداري وأصبح الناس يؤمنون بذلك وظهر الفساد الاداري في كل مكان وضاعت أموال الناس وفسدت أحوالهم وكل ذلك قائم على ان الفكر لا يواجه بالقانون فلكل صاحب فكرة ان ينشر فكرته ولو ترتب عليها الفساد العظيم والشر المستطير.
الوجه الخامس: تنقسم الدول حول تنظيم الفكر بالقوانين قسمين:
القسم الأول: دول تنظم الأفكار وتضع لها قوانين تضبطها فتسمح بفكر وتمنع فكرا آخر ومن ذلك منع اشهار بعض الأحزاب لمنع انتشار أفكارها ومنع الترخيص لبعض الجمعيات لكي لا تنشر أفكارها.
القسم الثاني: دول تمنع جميع الأفكار الا فكرتها ونظامها وتقهر الناس على فكرة واحدة ونظام واحد.
ولم يبق في القسمة المنطقية الا قسم ثالث وهو الدول التي تسمح بكل فكرة ولا تضع لها قانونا ينظمها ويرشدها واذا كانت هناك دولة سمحت بهذا في الماضي أو تفعله الآن فليخبرنا الدكتور طارق السويدان غفر الله له بها للنظر كيف تنظم شؤونها وتضبط أحوالها.
الوجه السادس: لا معارضة بين وضع القوانين التي تنظم الأفكار فتمنع بعضها وتسمح بعضها وبين المناصحة والبيان والدعوة ويشبه هذا من بعض الوجوه وضع القوانين للولد ونصيحته وتعليمه وحال الوالد مع ولده كحال الراعي مع رعيته، والوالد يبين لولده ان هناك خطوطا حمراء لا تجوز مجاوزتها ولا تقبل وأذكر أنني جلست مع الدكتور طارق السويدان بارك الله فيه قبل عشر سنين وتحدثنا حول تخيير الوالد لولده في شؤون حياته فقال لي: يجب على الوالد ان يخير ولده في كل شيء من تخصصاته الحياتية فقلت له: ما تقول لو اختار الولد ترك الدراسة هل يطيعه الأب فقال لي: هذا لا يقبل.
اذن هناك قوانين تنظم العلاقة بين الوالد وولده كما في سنن أبي داود كمن حديث عبدالله بن عمر وبن العاص ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع، ولا يقول أحد ان فكر الولد يواجه بالفكر.
الوجه السابع: يلزم من قول الدكتور طارق السويدان غفر الله له ان أفكار الزوجة تواجه بالفكر دائما وليس للزوج ان يعالج أفكار زوجته بالضرب فلو قالت الزوجة أنت مساو لي ويجب ان توزع الحقوق بيننا في كل شيء فنصحها ووعظها وهجرها في المضجع ولكنها أبت ورفضت فليس له على قول الدكتور ان يضربها لأن الفكر يواجه بالفكر وليس بالقانون أو الاكراه مع ان الله قال: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن}.
قول الدكتور طارق السويدان في حد الردة: يذهب الدكتور طارق السويدان الى ان الردة تدخل تحت الحرية الدينية ولا تجوز معاقبته على فكره بل نحاوره لأن الفكر يواجه بالفكر لا بالقانون ولا بالاكراه ونسب هذا القول الى طائفة قليلة من الصحابة والتابعين وظن ان الحنفية يميلون الى رأي قريب منه.
وأقول للدكتور طارق السويدان وفقه الله لما يحبه ويرضاه: ان أهل العلم قاطبة يرون منع الردة ورفض المرتد وعقوبته وقد اختلفوا في نوع العقوبة واختلفوا في سبب العقوبة وان كان خلافا قليلا، ولم يقل واحد منهم ان المرتد له حرية الردة وله حرية الفكرة وليس لأحد ان يمنعه من ذلك لأن الفكرة تواجه بالفكرة والحجة تواجه بالحجة وليس لنا ان نواجه ذلك بالقانون أو الاكراه وارجع الى كتب الفقهاء فلن تجد فيهم واحدا يقول للمسلم ان يرتد وليس لأحد ان يعاقبه بل كتبهم متفقة على عقوبة المرتد مع اختلافهم يسيرا في العقوبة.
قول الدكتور طارق السويدان غفر الله له ان كتاب الله لم ترد فيه آية واحدة في حد الردة وأنه لا يستقيم ان يذكر الله حد الزنا والسرقة والا يذكر حد الردة، والجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: ان القرآن جاء تبيانا لكل شيء وهدى وموعظة للمتقين، وقد جاء بيان القرآن في أصول العبادات وأصول المعاملات دون كثير من التفاصيل لأن السنة جاءت مبينة لمجمل القرآن، فليس في القرآن حد الرجم للزاني ولا حد اللوطي ولا شروط الحد للزاني والسارق والقاذف ولم يأت في القرآن تفاصيل التعزير وهو باب واسع في العقوبات، وكذلك في تفاصيل أوقات الصلاة وصفتها وتفاصيل الزكاة والصوم والحج والجهاد وأحكام أهل الذمة والبيوع والأنكحة والديات، وكل ذلك قد جاء تفصيله في السنة الصحيحة المشهورة فهل يقول الدكتور طارق السويدان بارك الله فيه ان العبرة بما ورد في القرآن فقط، وما الفرق بين ذكر القرآن لجلد الزاني غير المحصن وعدم ذكره لرجم الزاني المحصن وعدم ذكره لحد اللوطي.
الوجه الثاني: ان بيان القرآن يأتي تارة بدلالة النص وتارة بدلالة الظاهر وتارة بدلالة المنطوق وتارة بدلالة المفهوم ونحو ذلك من أنواع الدلالات، وعقوبة المرتد جاءت بصور شتى: منها دلالة النص في قوله تعالى {تقاتلونهم أو يسلمون} فقد قال ابن عباس أنها في المرتدين.
ومنها دلالة الظاهر مثل قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا ان الله مع المتقين}، وجه الدلالة ان المرتد كافر وهو داخل في عموم الآية ومن أخرجه فعليه الدليل.
ومنها دليل الموافقة: مثل قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون} وجه الدلالة: ان قتال اليهودي والنصراني الذي لايدين بدين الحق يساوي قتل المرتد وهو مفهوم موافقة أولى وهو ما يسميه بعض الأصوليين فحوى الخطاب، ويصلح ان يقاس المرتد على اليهودي والنصراني بعلة ترك التدين بدين الحق.
ومنها دليل القياس وهو ان كل عذاب في الآخرة فله عقوبة مقدرة في الدنيا كما في القتل فقد قال تعالى: و{من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه…} وكما في الزنا والسرقة والقذف واللواط فقد ورد عذابهم في الآخرة، بل ان العدالة تقتضي ان ما قدر الله عقوبته في الآخرة فيجب ان نقدر عقوبته في الدنيا، وهل يصح ان يعذب الله فاعل الجريمة في الآخرة ونعفو عنه في الدنيا، وحتى أهل الذمة فهم معذبون في ديننا بالصغار وبذل الجزية وليس عندنا في الدين جريمة يعاقب صاحبها في الآخرة ويعفى عنه في الدنيا.
قول الدكتور طارق السويدان غفر الله له:
ان أدلة السنة يغلب عليها العموم والاحتمال وفي ذلك نظر بالغ من وجوه:
الوجه الأول: ان أدلة السنة الواردة في قتل المرتد جاءت بدلالة النص عند جماعة من أهل العلم أو الظاهر عند جماعة آخرين، ومجيئه بصيغة العموم تقوية له وليس تضعيفا وذلك ان نصوص الوحي جاءت عامة لتكون شاملة لكل أفرادها ومن المعلوم ان دلالة العام على أفراده ظنية عند الجمهور وليس معنى ظنيتها أنها لا تصلح للاستدلال لأن المقصود الظن الغالب الذي يفيد العلم، وقد ثبتت السنة القولية والفعلية في الصحاح والسنن والمسانيد على قتل المرتد والأحاديث الواردة مثل حديث ابن عباس (من بدل دينه فاقتلوه) وحديث ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة)متفق عليهما، وقد فعله عمر وعلي ومعاذ وأبو موسى واتفقت الأمة الاسلامية على ذلك في زمان الخلافة الراشدة والدولة الأموية والعباسية والعثمانية ومن ذلك قتل الجعد بن درهم وغيلان الدمشقي والمختار بن أبي عبيد، والجهم بن صفوان، وبيان بن سمعان وأبي منصور العجلي والمغيرة بن سعيد،، وبشار بن برد، وصالح بن عبد القدوس والسهروردي المقتول والحلاج ومن ذلك قتل السحرة والزنادقة كما سبق.
الوجه الثاني: ان قاعدة الاحتمال التي ذكرها الشافعي في الرسالة والأم وتبعه الناس عليها هي في الاحتمال الظاهر لا الاحتمال المتوهم والذي لا يظنه الا الأعاجم والأجانب عن لغة العرب، ولو أعملنا الاحتمال المتوهم في كل آية وحديث لما بقي حق وهذه الدعوى هي التي فتحت الباب على مصراعيه لكل مبطل ان يرد ما شاء اذا شاء.
الوجه الثالث: وهل يقبل الدكتور طارق السويدان عفا الله عنه ان نبطل نصوص الوحي بمجرد الاحتمال، ونقول كل حديث دخل عليه الاحتمال فهو مجمل ويسقط الاستدلال به، أليس هذا صنيع أهل الباطل أعاذك الله منهم؟!
الوجه الرابع: قولك (عدم اطراد الفعل النبوي) ثم قلت عدم الاطراد أحد قوادح العلة، وأظنك يا دكتور طارق نقلتها من بعض مصادرك دون ربطها بموضعها لأن عدم الاطراد يتعلق بالعلة المستنبطة عند القياس فيقول الفقهاء هذه علة غير مطردة وليس المقصود ان نبطل قولا بسبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم له في مواطن لأن ذلك مرده الى أفعال النبي ولا علاقة له باطراد العلة بل ينظر الفقهاء في سبب تعارض القول والفعل وعند ذلك يقدمون ما ظهرت دلائله، هذا ما يتعلق بالأصل أما مسألة قتل المرتد فليس هناك تعارض بين الحديث وبين فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولعل الدكتور طارق السويدان غفر الله له يريد بذلك ترك النبي لقتال المنافقين وقد أجبت فيما سبق ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بظاهر اسلام المنافقين ولم يكن المنافقون يعلنون بالكفر أمام النبي صلى الله عليه وسلم أو شهد عليهم اثنان من الصحابة.
قول الدكتور طارق السويدان حول اشكال الجمع بين حرية الاختيار في المعتقد وبين اجبار المرتد على الرجوع، والجواب من وجوه:
الوجه الأول: حرية الاختيار وهذه لمن لم يسلم من أهل الكتاب واجبار المرتد وهذا لمن أسلم، وهذا مثل حرية الاختيار في دخول نسك الحج والعمرة وعدم الخروج عنهما الا باتمامهما وليس بين ذلك تعارض.
الوجه الثاني: ليس بين ذلك تعارض مثل حرية البيع والشراء قبل العقد فاذا تم العقد بين المتعاقدين فقد لزم البيع وليس لأحدهما ان يرجع الا ان يقبله الآخر.
الوجه الثالث: ليس بين ذلك تعارض فالايمان عقد بين العبد ومعبوده فاذا أبرم العقد فليس له ان يفسخ العقد أو ان يرجع عنه لأنه عقد لازم.
نقلك عن الموصلي في الاختيار أنه يقول ان المرتد لا يقتل الا اذا حمل السلاح.
وهذا النقل للأسف - ولا أظنك عامدا – هو عن الصبي المرتد وليس البالغ لأن المؤلف تكلم عن البالغ فقال انه يقتل مطلقا وهاك النصوص من كتاب الاختيار:
فصل (واذا ارتد المسلم والعياذ بالله) عن الاسلام (يحبس ويعرض عليه الاسلام وتكشف شبهته، فان أسلم والا قتل)، ثم قال: (واسلام الصبي العاقل وارتداده صحيح، ويجبر على الاسلام ولا يقتل) ثم قال عن الصبي: وانما لا يقتل لأن كل من لا يباح قتله بالكفر الأصلي لا يباح بالردة، لأن اباحة القتل بناء على أهلية الحراب على ما عرف ولأن القتل عقوبة وهو ليس من أهلها ولأن القتل لا يتعلق بفعل الصبي كالقصاص.واذا كان الصبي لا يعقل لا يصح اسلامه ولا ارتداده.اهـ.ومما يثير عجبي ان كلمة الصبي جاءت بعد الفقرة التي ذكرتها في مقالتك فكيف غابت عن عينيك ولعلك يا دكتور طارق السويدان غفر الله لك تنتبه الى هذا الأمر جيدا وهو ان فهم كلام الفقهاء ليس لكل أحد لأن غير المتخصص يقرأ على عجل ويفهم على عجل ويظن ان السياق يدل على كذا وفهمه مغاير للمقروء.
وفي الختام أقول:
أخي الدكتور طارق السويدان سدد الله خطاك: احفظ عني ما أقول لك:
أولا: لم يتيسر لي ان أجيب على كل اشكال في مقالتك مع أهمية الرد على أشياء كثيرة وقد تركتها لتزاحم المصالح وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.
ثانيا: لقد فتح الله عليك في علم الادارة وكسب الجماهير وهما نعمتان كبيرتان واني أرجو الله ان يوفقك لتوجيههما لصلاح الأمة الاسلامية ولاسيما بعد حصول هذه الثورات العربية فهم في حيص بيص ولم يظهر لي أنهم يفكرون بفقه الدولة بل مازالوا يعالجون الأمور بفقه الحركة وكأنهم في محاضن جماعاتهم، فياليتك ثم ليتك أخي وعزيزي الدكتور طارق السويدان ان تتفرغ لهذا الهدف العظيم وتسدد وتنصح وتشير بما فتح الله عليك بادارة الدولة بعد الثورة لأن تونس وليبيا ومصر واليمن تعاني كل منها أشد المعاناة من العفوية والارتجال والمركزية والفوضى وضعف الأولويات واختلال قاعدة المصالح والمفاسد واضطراب فقه السياسة الشرعية.
ثالثا: اذا أشكل عليك شيء من العلم فقدم سؤالا لمن تثق بعلمه وتقواه وانتظر جوابه فان اطمأننت له والا فاسأل غيره فان وجدت ان السؤال يستحق رأيا جماعيا وحوارا من أهل العلم فقدم سؤالا للمجمع الفقهي أو مجمع البحوث أو الأزهر أو هيئة كبار العلماء أو غيرها من المؤسسات العلمية الكبرى.
رابعا: لقد تجرأ كثير من شباب المسلمين على باب الاجتهاد بحجة أنهم يميزون بين أقوال الفقهاء ويستطيعون الترجيح بين الأقوال ففتح من الشر ما لا يعلمه الا الله فالله الله يا دكتور طارق في نصيحة شباب المسلمين ان يعرفوا قدر الفقهاء والعلماء وأن لا يستعجلوا في الفتوى وأن يعتكفوا على حلق العلم وأن يتعلموا أصول الفقه وأصول النحو ويتلقوا العلم من المتخصصين الذين أفنوا حياتهم في العلم وتعليمه وهم في كل بلد ولله الحمد.
أرجو ان يتيسر اللقاء بيننا على الخير والعلم أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.

أخوك شافي سلطان
d.shafi_alajmy@hotmail.com


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
96.0088
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top