مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أفكار .. وأضواء

لقاء إعلامي .. كويتي – عراقي

خليل علي حيدر
2012/02/27   11:39 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

فكــر


مما يعقد الأوضاع التعدد المذهل في وسائل الإعلام وهي ليست جميعاً حريصة على تقوية العلاقات وزرع الثقة

من المؤسف أن العلاقات بين البلدين وقعت ضحية عناصر داخلية وخارجية شوهت تطورها باتجاه مصالح الشعبين

شهدت الكويت في يناير 2012 انعقاد الملتقى الاعلامي الكويتي – العراقي، والذي حضر افتتاحه وزيرا الاعلام والخارجية من الجانب الكويتي، وكذلك سفير الكويت في بغداد والسفير العراقي في الكويت، الى جانب الاعلاميين من البلدين. وقد شارك في اللقاء فعاليات اعلامية وثقافية من الطرفين، بما فيهم وزير الثقافة العراقي السابق السيد مفيد محمد الجزائري.
هل العراق الجديد مفهوم في الكويت بعد كل هذه السنوات التي قاربت العشر، منذ سقوط النظام السابق؟ لا اعتقد. هل هو سياسيا نظام ديموقراطي منفتح متوازن؟ هل استطاع اقتصاديا ان يضع اسس التخفيف من الاعتماد على دخل النفط بتشجيع الصناعة والزراعة والاستثمار؟ هل نجح اعلاميا وثقافيا في الحد من نفوذ قوى التشدد والجمود والاسلام السياسي والتعصب الطائفي؟ وهل استرد العراق مكانته الثقافية المتميزة المعروفة؟ هل يفهم النظام الجديد في العراق مكانة هذه الدولة عربيا وخليجيا، ومذهبيا كقوة لا يستهان بها في دعم مرجعية النجف على حساب مرجعية قم «مثلا»؟ واين يرى العراق الجديد نفسه في الشد والجذب وتوازن النفوذ بين ايران ودول مجلس التعاون مثلا؟ هذه بعض الاسئلة التي تدور في الاذهان! ثم كيف ينظر العراق الجديد ومؤسساته الاعلامية من صحافة وتلفاز .. الى الكويت واعلامه؟! وهل يمكن حل المشاكل العالقة وتحسين الاجواء وخلق حالة التقارب المطلوبة رغم مشاكل من قبيل انشاء ميناء مبارك والتعويضات المالية الضخمة الناجمة عن كارثة 1990 وتوتر الحدود بين حين وآخر؟ هل درس مسؤولو العراق الجديد تجارب البلدين، وبخاصة مخاوف الجانب الكويتي، التي ما ان تهدأ حتى تثار من جديد؟
واخيرا، هل درس الكويتيون بعمق العراق الجديد سياسيا واقتصاديا؟ وهل بحثوا الامكانيات الاستثمارية والتجارية وغيرها؟
ولا شك في ان بعض هذه الاسئلة تجاهل ظالم لما عاناه العراق منذ عام 2003 ولا يزال، وبخاصة جرائم القتل الارهابية التي تسلطت على النظام الجديد بقسوة، وعلى الشعب العراقي بمختلف طوائفه دون رحمة، وسط تصفيق وتهليل اكثر من بلد عربي واكثر من كاتب واعلامي، لما اعتبر صمودا ومقاومة ورفضا للتدخل الامريكي! كما ان التشوهات المؤلمة التي تركها النظام القديم على الجسد السياسي والاقتصادي والخدماتي، وفي نفوس الناس والشباب والنساء، اكبر بلاشك من قدرة النظام الحالي على معالجتها بهذه السرعة، وبخاصة في ظل انقسامات العراق والاختلافات المعروفة فيها.
ولكن العراقيين والكويتيين، رغم كل جوانب الخبرة المؤلمة هم اليوم امام تحديات الحاضر والمستقبل وحقائق الجغرافيا والجوار الراهنة، حيث يمكن للبلدين والشعبين الاستفادة على نطاق واسع من امكانات كل جانب.
لا يبدو البلدان انهما اليوم في نفس مواقع 1991 بعد طرد قوات النظام المعتدي، وربما حتى في ظروف عام 2003 عندما تم اسقاط ذلك النظام بفضل التسهيلات اللوجستية والعسكرية والسياسية التي قدمتها الكويت قبل عدة اشهر من حملة اسقاط النظام، عندما تكدست آلاف القطع العسكرية الامريكية والبريطانية واعداد هائلة من الجنود شمالي الكويت، وبعد ان رفضت حتى تركيا تقديم مثل هذا التسهيل للقوات الامريكية، وكم هو مؤذ لمشاعر الكويتيين ان يسمعوا من بعض العراقيين وبخاصة انصار النظام السابق وايتامه، ان الكويت سعت لتخريب العراق بهذه التسهيلات! فلا بأس ان يردد مثل هذا الكلام بعض الكتاب والاعلاميين العرب ممن لم تكن يدهم بالنار ولم يذوقوا سنوات حكم صدام المعجونة بالدم والعذاب والاستبداد، اما ان يتنكر اي عراقي لهذا الدور الكويتي التاريخي، وما تلاه من مواقف انسانية تجاه سكان جنوب العراق بالذات، فأمر مؤلم غير مفهوم.
ومن المؤسف ان العلاقات بين البلدين وقعت ضحية عناصر وعوامل داخلية وخارجية شوهت تطورها باتجاه مصالح الشعبين. اذ وقعت العراق بالذات، لاسباب سياسية ومذهبية واستراتيجية، ضحية التوازنات الاقليمية بين ايران والدول العربية وادت النشاطات الارهابية والطائفية فيها الى عرقلة الديموقراطية والتحرر الاجتماعي والاستقرار، كما عمت ادارتها تجليات كثيرة من صور الفساد والاهمال التي تعج بها وسائل الاعلام العراقية نفسها، وتتتواصل الشكوى منها. وهكذا تم «اغراق» النموذج الديموقراطي الذي كان سيهدد بعض الاوضاع» في ايران وسورية وبعض الدول الاخرى، ان كتب له النجاح والازدهار! وعرفت الكويت من جانب آخر، على امتداد عشرين عاما، ظروفا سياسية واجتماعية لا تحسد عليها، فقد برزت فيها القبلية والطائفية والفساد، وتغيرت طبيعة البرلمان والانتخابات، وطمست معالم مشروع بناء الدولة ومحاولات الاستفادة من دروس الاحتلال والتحرير، وبرزت قوى وتيارات غير متحمسة لتقوية العلاقات بين العراق والكويت.
هذه بعض ملامح الواقع العراقي - الكويتي في هذه المرحلة والتي حاول الاعلاميون من الطرفين تطوير علاقات البلدين ضمنها.
الاستاذ الكاتب رشيد الخيون طالب بالجرأة في تناول القضايا وعدم الوقوع ضحية للاكاذيب الاعلامية، وبخاصة من يقول بان الزعيم العراقي الاسبق عبدالكريم قاسم كان قد اصدر اوامره باحتلال الكويت، الاستاذ عبدالكريم حمادي، مدير الاخبار بالتلفزيون العراقي تساءل: لماذا لا تدعو الكويت الاعلاميين العراقيين لحضور مناسباتها الثقافية؟ واضاف بان الحياة السياسية في العراق فيها بعض المؤزمين، ولا ينبغي للكويت او العراق افساح المجال لهؤلاء لان يتسيدوا الاعلام او يطغوا على النشاط الاعلامي.
الاستاذ عبدالله بشارة، الكاتب والمحلل الكويتي، والشخصية المعروفة في هيئات مجلس التعاون، دعا الى تنشيط العلاقة بين البلدين لأن هذه العلاقة من الحتميات وحذر من «الثرثرة الاعلامية»، وزير الاعلام الكويتي الاسبق د.سعد بن طفلة طالب بفسح المجال للجيل الكويتي الجديد والجيل العراقي الناشئ، لأن يتقابلا ويتعارفا وبخاصة انهما لم يعايشا ظروف ازمة 1990 ولابد من اشراك الشباب في مساعي بناء الثقة وروابط التفاهم الجديدة، د.شملان العيسى من قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت حذر من «المزايدة الاعلامية» عندما يجد كل كاتب واعلامي في الكويت والعراق نفسه امام تصريحات متطرفة ومواقف غير مسؤولة فيضطر الى ارضاء القراء والمشاهدين بالرد المنفعل والتهجم غير الموضوعي، الكاتب الصحافي ورجل الاعمال احمد الصراف نبه الحضور الى ضرورة تعزيز العلاقة الاقتصادية بين البلدين، وايجاد مشاريع مشتركة توثق الروابط بين شركات الجانبين، فالعواطف لا تدوم مثل النشاط الاقتصادي.
الى جانب كل هذه الآراء والاقتراحات الوجيهة، يشعر كل من يعرف المجتمعين بقوة الروابط الاجتماعية والثقافية، بينهما رغم مرارة التجربة السياسية، فمعظم مكونات الشعب الكويتي مثلا لها جذور وعائلات من جنوب العراق، والثقافة العراقية شعرا وغناء وكلمات وامثال شعبية جزء مهم من الثقافة الكويتية والخليجية.
وفي هذا المجال بالذات أبدى بعض المشاركين استغرابهم من منع المواد الفنية العراقية في الكويت، كالاغاني والمسلسلات والبرامج الاخرى ، رغم ان السماح لهذا الرابط الثقافي سيدعم الكثير من التوجهات الايجابية بين البلدين ويشجع التقارب والتفاهم، واشتكى اخرون من قواعد اعطاء الفيزا لزيارة الكويت، والتي تعرقل اتساع الروابط وتواصل الناس والعائلات في البلدين.
المؤسف في هذا المجال بالذات انه ما ان تهدأ الاوضاع وتتهيأ الاجواء حتى يصدر تصريح من بعض اطراف الصراع في العراق يهدد الكويت ويتهمها بهذا المخطط او ذاك، ويطالب بالتشدد والتحقيق والضغط، وبذلك يتعكر الجو ويجد الكل نفسه في نقطة البداية!
ومما يعقد هذه الاوضاع التعدد المذهل اليوم في وسائل ومصادر الاعلام والمعلومات وهي ليست جميعا دقيقة او حذرة او حريصة على تقوية العلاقات وزرع الثقة، وقد تقوم الدنيا وتقعد بسبب صورة او مقال او خبر عن سلوك غير ودي، ويكون هذا بمنزلة الحجر التي يلقيها مجنون في بئر، ويعجز خمسون عاقلا عن اخراجها!
من جانب آخر يلمس كل مراقب للشأن السياسي والاعلامي في البلدين تنامي تأثير جماعات الاسلام السياسي بمذهبيه ونرى التعصب الديني والشعارات السياسية الطائفية يروج لها في التلفزيون والانترنت، كما يشعر الكل بتأثير الاستقطاب في الموقف العراقي تجاه الضغوط «الشرقية» من المنطقة، والكويتي تجاه الضغوط المقابلة لها، وتحتاج المناهج التعليمية في البلدين الى متابعة ودراسة في الشكل والمضمون، ولكن وحتى لو اعتدل المنهج وارتقى، فهل المعلمون وعواطفهم تبع لذلك؟
ان ترسيخ العلاقات الكويتية – العراقية، كما شعر الجميع، بحاجة ماسة الى لجنة دائمة تضم الفعاليات الاعلامية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية من العراق والكويت. ولا ينبغي نسيان النساء والشباب والقبائل في مثل هذا التشكيل! ولهذا وجه منظمو اللقاء الى «مشروع المجلس الاعلامي الكويتي العراقي»، لتحقيق قوة منظمة «تدفع في اتجاه التعاون الايجابي واعادة بناء جسر الثقة بين البلدين الشقيقين». غير ان نجاح مثل هذا المجلس في اعتقادي، بحاجة الى قرارات سياسية من البلدين، وتبني بعض المؤسسات والوزارات لها، وهو ما لن يتحقق في القريب المنظور للاسف، ولبعض الاسباب التي اشرنا اليها في ثنايا المقال.
وقد طالب البيان الختامي للملتقى الاعلامي الكويتي العراقي الاول، والذي نشرته الصحافة الكويتية يوم 2012/1/23 الى ضرورة انعقاد هذا الملتقى بصفة دورية كمجلس اعلامي مشترك، والى ضرورة اشراك الشباب وطلبة المعاهد وكليات الاعلام في البلدين، كما طالب المتلقى «بتجنب المواد الاعلامية والنصوص الخبرية التي توزم العلاقة بين البلدين الشقيقين، والتأكيد على حث المسؤولين واصحاب القرار على المزيد من الحوار والسعي الى حل المشاكل عن طريق الحوار».
كما اوصى الملتقى بتشجيع الفعاليات الثقافية والاقتصادية، وبتوفير «قاعدة بيانات حقيقية وواضحة، بالاضافة الى دعوة المسؤولين في البلدين لتسهيل السفر والتنقل بحرية للاعلاميين، وتشجيع التواصل بين منظمات المجتمع المدني».

خليل علي حيدر
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
280.0131
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top