خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

الإيكونوميست

مناهضة الغرب للإسلاميين المعتدلين تدفعهم للتطرف

2012/02/24   05:34 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
مناهضة الغرب للإسلاميين المعتدلين تدفعهم للتطرف



عندما اقتحم الثوريون العرب الساحات العامة في بلدان شمال افريقيا، واطاحوا حكامها الديكتاتوريين المتشبثين بالسلطة منذ وقت طويل، لم يظهر زعماء اسلاميون على مسرح الاحداث آنذاك لخشية الكثيرين منهم من الفشل أو لعدم ارتياحهم من ذلك التغيير السريع بل ولم ينضم هؤلاء القادة لحركة المعارضة المتزايدة اتساعا الا في وقت متأخر، لكن عندما تنافسوا مع التيارات السياسية الاخرى في الانتخابات فيما بعد كانوا اول من احرز النصر على نحو مذهل.
حدث هذا في تونس ثم في مصر، ومن المرجح ان يحدث في ليبيا قريبا بل وسوف يتقدم الاسلاميون الصفوف في سورية ايضا اذ اسقط نظام الاسد.
الواقع ان الاحزاب الاسلامية هذه تشترك على الرغم من اختلافاتها بأصل واحد هو «الاخوان المسلمون»، الحركة الاسلامية المصرية التي ولدت قبل 84 سنة وتجمع بين النشاط السياسي المحافظ والعمل الخيري الديني. امتدت الروابط التنظيمية لهذه الحركة خلال عقود من العمل السري الى فلسطين، الاردن، سورية والكثير من بلدان العالم العربي على الرغم من ان فروعها المحلية تختلف بالشكل والاستراتيجية.
الا ان تأثير الاخوان المسلمين المتزايد اخذ يُقلق ليبراليي المنطقة واقلياتها الدينية من مسيحيين ويهود، وذلك لخشية هؤلاء من ألا يتخلى الاسلاميون عن السلطة بعد نجاحهم في الانتخابات، ويعملوا على فرض الاحكام الاسلامية على مجتمعات كانت علمانية سابقا.
بل وربما يحاول الاسلاميون التغلب على مشكلاتهم الداخلية من خلال التأكيد ان لهم مهمة سماوية، وان أي شخص يقف في طريقهم يتعين قمعه.
غير ألا شيء حتى الآن يشير الى ان هذا الامر يمكن ان يحدث.
فالاخوان المسلمون لا يتوقعون الوصول الى السلطة قريبا، ولم يتحملوا مسؤوليتها بدل العسكر في مصر الا هذا الشهر. وهناك انقسام فيما بينهم حول ما الذي يتعين عمله الآن بعد ان بلغوا السلطة. ففي مصر، التي تمثل مركز ثقل الحركة، ثمة انقسام بين حزب الحرية والعدالة، الذي هو تيار رئيسي، وبين فصائل منشقة اخرى.

أهداف بعيدة

على أي حال، لابد من الاعتراف ان الاضطهاد الذي تعرضوا له لعقود طويلة جعل الكثير من الاسلاميين يتمسكون بالحذر. صحيح انهم يفضلون ان تعود فلسطين عربية ويحبذون فرض الشريعة الاسلامية لكنهم يدركون ان مثل هذه المشاريع لا يمكن تحقيقها الآن وانها تبقى اهدافا بعيدة. لذا تتمثل مهمتهم العاجلة اليوم في تلبية حاجات الناس للوظائف والخدمات الافضل واصلاح البنية التحتية في البلاد.
ولا شك ان هذه المهمة هائلة ومخيفة، فالحكام الجدد – على عكس القدامى الذين سقطوا – سيواجهون المساءلة على نحو دائم امام الشارع المصري اليقظ الآن.

عواقب سلبية

بالطبع يستطيع الغرب تقديم المساعدة، لكن عليه ان يكون حذرا ازاء تولي الاسلاميين السلطة على ضوء ما حدث في ايران عقب ثورتها الاسلامية في 1978 – 1979. وهذا يعني ان من الضروري ابقاء المجموعات التي تدعو للعنف بعيدة عن السلطة. كما يتعين على الغرب عدم اتخاذ مواقف معادية للاخوان لأن لمثل هذه السياسة عواقب سلبية تضر مصالحه. فالربيع العربي بدأ للتو وحكم البلاد ليس امرا سهلا، وهذا عدا عن ان عملية الاصلاح التي سيقودها الاسلاميون تستغرق سنوات عدة. وهنا بمقدور العالم الخارجي عرض مساعدته من نواحي الخبرة وتقديم الاعتمادات. بالطبع ليس هناك ضمانات للنجاح. صحيح ان الاسلاميين يحلمون بقيام حكم ديني في شرقي البحر الابيض المتوسط، لكن على الغرب بالنتيجة تقديم مساعدته حتى لا يخسر الاسلاميون المعتدلون دعاة الاصلاح شعبيتهم امام المتشددين منهم في الانتخابات المقبلة أو يتحولوا هم انفسهم الى متطرفين. وهنا تبرز اهمية عامل التعامل والتعاون معهم لجعل مثل هذا الاحتمال ضعيفا اذ ان زيادة فرص النمو والاستثمار من شأنها ان تعزز الكوابح الدستورية التي تقوي اتجاه التعددية في المجتمع وتساعد في تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية الضرورية حتى وان كانت غير شعبية.
لا شك ان الغرب يفضل التعامل مع العلمانيين الليبراليين لكنه لا يستطيع تجاهل الحقيقة التي تبين ان الاسلاميين هم من يشكل الاغلبية في العالم العربي اليوم.

تعريب: نبيل زلف


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
79.0059
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top