الثلاثاء
14/04/1447 هـ
الموافق
07/10/2025 م
الساعة
01:49
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
العصر 14:57
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
منوعات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=163538&yearquarter=20121&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
منتقى الجمان
2012/01/06
07:38 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 0/5
معبد.. وقرابين النجاح
الشيخ علي حسن
جاء في الخطبة 192 من نهج البلاغة وهي المعروفة بالخطبة القاصعة عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: (واحذروا ما نزل بالأمم قبلَكم من المَثُلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال) وهي دعوة الى دراسة التاريخ بوعي وتدبر، لتتحول هذه الدراسة وهذا الوعي الى واقع عملي (فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم. فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فالزَموا كلَّ أمر لزِمت العزةُ به شأنهم، وزاحت الأعداءُ له عنهم، ومدت العافية فيه عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلَهم) تمعّنوا في أحوالهم في مواطن القوة والضعف، واستفيدوا من تجاربهم لئلا تكرروا الأخطاء، ولتأخذوا بأسباب القوة والنجاح، ولتكن هذه الدراسة دائمة في الرخاء والشدة.
عوامل النجاح والفشل
ويشرع الإمام ببيان بعض أهم العوامل التي حققت لهم النجاحات، ثم يحذر من أهم أسباب دمار المجتمعات: (من الاجتناب للفرقة، واللزومِ للألفة، والتحاض عليها والتواصي بها. واجتنبوا كلَّ أمر كسر فِقرتهم، وأوهن مِنَّتهم قوتهم من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي). ثم يقدم نموذجاً من التاريخ يسلط الضوء على عوامل الضعف والقوة: (وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء. ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالاً؟ اتخذتهم الفراعنة عبيداً فساموهم سوء العذاب، وجرّعوهم المِرار. فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلاً الى دفاع).
اللحظة الحاسمة
وجاءت اللحظة الحاسمة التي ستنقلب فيها الأمور لصالح المؤمنين عندما ثبتوا ولم ينهزموا أمام الباطل والطغيان، ولم يبدّلوا دينهم وقيمهم خوفاً وطمعاً، فكانت استقامتهم وهم في موقع الاستضعاف سبباً لنصرتهم: (حتى اذا رأى الله جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجاً، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكاً حكاماً، وأئمة أعلاماً، وبلغت الكرامة من الله لهم ما لم تبلغ الآمال اليه بهم). وكان ضمان استمرار هذه النجاحات ودوام عزتهم وقوتهم هو وحدة كلمتهم: (فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء الأقوام مجتمعة، والأهواء متفقة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة والبصائر نافذة والعزائم واحدة. ألم يكونوا أرباباً في أقطار الأرضين وملوكاً على رقاب العالمين). ولكنهم لما تخلوا عن ذلك كله تبدلت أحوالهم وعادوا ضعافاً أذلاء: (فانظروا الى ما صاروا إليه في آخر أمورهم حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحازبين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته. وبقي قَصص أخبارِهم فيكم عِبَراً للمعتبرين).
الكويت ومضيق الانتخابات
من الواضح أن المقطع السابق من الخطبة يتناغم مع قوله تعالى: {وَأطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ ان اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (الأنفال: 46-45).. والسؤال الذي يخصنا في الكويت في الأجواء المحمومة للانتخابات: هل سقطنا أمام المد الطائفي والحزبي والقبلي، أم مازال بيننا من يحملون المسؤولية كما حملها أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي قال: (لَقد عَلِمتُم أني أحَقّ الناس بها من غيري، وَوَالله لأسَلِّمَنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين، ولم يَكن فيها جَور الا على خاصَّة، التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه)؟ وهل ستمثل الانتخابات التي نعيش أحداثها الرصاصةَ التي ستطلق لتقضي على كل الجهود الخيّرة التي بُذلت في الكويت لإعادة حالة التعايش بين مكونات هذا المجتمع في صورته الطبيعية التي كان يعيشها فيما مضى، والتي عمل المخلصون من أجل إحيائها في العقود الأخيرة؟ مع التأكيد على كلمة (طبيعية)، فهناك حالة من التعايش يسعى اليها البعض ولكن بصورة مصطنعة يفرضها ظرف سياسي ضاغط أو مصلحة انتخابية مؤقتة أو غير ذلك من العناوين التي لا تعمّق مفهوم التعايش الإنساني الذي طرحه القرآن الكريم: {يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إن أكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أتْقَاكُمْ إن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} (الحجرات: 13)، ليبقى هذا التقارب والتعايش حالة متزلزلة هشة {فَأصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} (الكهف: 45)، وليتخلى عنها دعاتها متى ما تغير الظرف السياسي وتبدلت المصالح الانتخابية.
أما التعايش الذي ننشده فيقوم على أسس فطرية إنسانية إيمانية وأخلاقية متجِّذرة في النفس من خلال العودة الى صفاء الروح وطهارة القلب وتعاليم القرآن حيث قال سبحانه: {وَأطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إن اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال: 45).
مزاج متعصب
أعلم أن هذا المنطق لا ينسجم مع مزاج البعض، خصوصاً من يعيشون جعجعة الحركة الانتخابية بكل أجوائها الطائفية والعنصرية والقبلية، ولكن هل تحولت الانتخابات الى صنم نعبده، ومجلس الأمة هو المعبد الذي نذبح فيه القرابين لها؟ إن كان الجواب بالنفي فعلامَ تناسينا كل المبادئ والقيم الإنسانية والإسلامية في طريق التنافس الانتخابي؟ إننا في الوقت الذي نفتخر فيه بأن الكويت كانت سبّاقة في تأسيس المجلس النيابي والمشاركة الشعبية في ادارة البلاد، إلا أننا لا نريد لهذا الإنجاز في الوقت نفسه ان يغدوَ سبباً لتمزيق البلد وتفكيك المجتمع وتفريق مكوناته.
أنا لا أريد أن أتبرأ من انتمائي لمدرسة أهل البيت، كما ان الآخرين لا يتبرأون من انتماءاتهم المذهبية، ولكن دعونا لا نحوِّل هذه الانتماءات الى معاول هدم للمجتمع من خلال توظيفها سلبياً في الآلة الانتخابية.
بطر ورياء
ثم تحذرنا الآية من هذا النموذج: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (الأنفال: 46)، سواء أكان فرداً أم جماعة، هذا النموذج الذي يعيش حالة من الطغيان في النعمة، وفي القوة وفي الامتداد والنجاح الذي يحققه، ليعيش بذلك حالة من الزهو.. هذا النموذج الذي يعمل، ولكن ليس إخلاصاً للقضية التي يعلن أنه خرج من أجلها.
الكل يتكلم عن الكويت ومصلحة الكويت والمصلحة العامة، ولكن للأسف قليلون هم الصادقون.. والحق أن هذا النموذج إنما خرج رياء وفي حالة استعراضية يحاول من خلاله الإيحاء للناس بقوته، ليراه الناس وليقولوا عنه ما يحب أن يقال فيه من كلمات المدح والثناء، والواقع في حركته أنه يعمل لذاته أو لحزبه أو لجماعته أو لقبيلته، ولذا فلا مانع عنده ان يدمِّر القضية التي يتظاهر بتبنيها والعمل من أجلها، ولا مانع عنده ان يدمِّر المجتمع الذي سانده وانطلق خلفه، مادام ان حركته هذه ستصب في المصلحة الخاصة في نهاية المطاف.
فُلك وريح عاصف
لنتذكر قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى اذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، فَلمَّا أَنجَاهُمْ اذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ انَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثم إليْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (يونس: 23-22). ولنتذكر ان بأيدينا أن نصنع من المرشحين مفسدين يدمِّرون ما بقي من عناصر قوة في هذا المجتمع، وأن بأيدينا ان نوصل الذين يشترون أصواتنا ليبيعونا ويبيعوا مصلحة البلد بعد ذلك في أسواق عصبياتهم ومصالحهم، فالمجلس في نهاية المطاف هو صنيعة أيدينا.
alwalaa@alwalaa.com
===============
المسائل الشرعية
التبرع بأعضاء الميت
مع تقدم العلم وتطوره، أثيرت بقوة بعض العناوين، منها مسألة وهب الأعضاء ونقلها من جثة الإنسان الميت الى جسد إنسان آخر، فما هي فتاوى الفقهاء في هذا الإطار؟
نظرة الإسلام إلى الميت
تنطلق المسألة في جانب منها من منطلق النظرة الى الميت وحرمة جسده، ففي الإسلام هناك احترام لجسد الميت، كما هناك احترام لحياته. ولذلك فرضت في الإسلام دية على قطع الأعضاء والتمثيل بالميت، تماماً كما هناك دية على قطع أعضاء الحي أو قتله، وحيث إن هناك قيمة معينة في مسألة احترام الجسد، فإنه من حيث المبدأ لا يجوز التشريح وانتزاع الأعضاء. ولكن هناك بعض الآراء التي يمكن لها أن تفتح باب الترخيص في هذا المجال، ومفادها أنه عندما يكون هناك ضرورة في مستوى حفظ الحياة لإنسان حي تتوقف على أن نأخذ عضواً من أعضاء الميت، مما يمكن لنا أن نزرعه في جسد هذا الإنسان، فإن من الفقهاء من يجيزون ذلك. وبعضهم قد يتحدث عن دية، وبعضهم يقول إن كل أمر مشروع لا دية فيه.
فتوى المرجع الخوئي
< هل يجوز للشخص أن يتبرع بأجزاء من بدنه في حياته اذا كانت لا تضر بحياته كالكلية، وهل يصح التبرع بعد وفاته؟
- المرجع الراحل أبوالقاسم الخوئي: ليس له التبرع بمثل ذلك من الأعضاء الرئيسية في حياته، ويجوز الإيصاء بها بعد الوفاة.
فتوى المرجع فضل الله
قال المرجع الراحل محمد حسين فضل الله: (ينطلق هذا الترخيص من قبل بعض الفقهاء، ونحن منهم، بناءً على القاعدة الأصولية المسماة «التزاحم» في المذهب الإمامي، وقد تسمى «المصالح المرسلة» في مذهب المسلمين السنّة، وهي أنّه اذا وقفنا أمام أمرين أحدهما يشتمل على مفسدة والآخر على مصلحة، ولا يمكن لنا أن نجمع بينهما، ففي مثل هذه الحالة، لابد أن نوازن لنحدد الحكم الشرعي: فإذا كانت المفسدة أقوى من المصلحة، فتكون النتيجة عندئذ التحريم، واذا كانت المصلحة أقوى من المفسدة، فإن النتيجة هي الحلية، وقد تكون الوجوب. هنا نقول إن السنّة الشريفة ذكرت ان للجسد احترامه، لكن إذا دار الأمر بين ان يعطى هذا الميت الاحترام المعنوي الذي لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة اليه شيئاً، وبين أن ننقذ حياة إنسان، فإن من الطبيعي أن إنقاذ حياة الإنسان الذي يمكن أن يموت لو لم نعطه هذا العضو، هو أهم في نظر الشرع من أن تحفظ حرمة هذا الميت).
وأضاف: (ولو كان لنقل عضو من الميت أثر على توازن حياة إنسان، لا على حياته، كأخذ عين من الميت لزرعها في جسد الإنسان الحي، فإن هناك تحفظات لبعض الفقهاء حول هذه المسألة، ولكننا مع فقهاء آخرين، نجد أن المصلحة في هذا المجال هي توازن حياة هذا الإنسان الحي ليعيش بطريقة أفضل، وهي أكثر أهمية من الاساءة لهذا الميت في جانب معنوي لا علاقة له به. لذلك نحن نقول كلما كانت المصلحة أقوى وأهم من هذه المفسدة المعنوية، فإن المصلحة تتقدم).
وقال: (وهناك نقطة ثالثة، وهي أن الميت قد يوصي ببعض أعضائه، فليست هناك مشكلة من ناحية الاحترام، لأن الإنسان يُحترم من خلال الحرمة الذاتية له، فإذا أهدر هو احترام نفسه، واذا أوصى بذلك، فمعنى ذلك أنه قد تنازل عن هذه الحرمة أو هذا الاحترام، فلا مشكلة عندئذ).
فتوى المرجع السيستاني
جاء في كتابه منهاج الصالحين مسألة 61: إذا أوصى بقطع بعض أعضائه بعد وفاته ليلحق ببدن الحي من غير ان تتوقف حياة الحي على ذلك، ففي نفوذ وصيته وجواز القطع حينئذ إشكال، ولكن الأظهر عدم وجوب الدية على القاطع.
وأما اذا توقفت حياة إنسان على ذلك فقال سماحته في جواب على استفتاء بهذا الخصوص: إلا اذا توقف انقاذ حياة مسلم على ذلك فيجوز حينئذ وإن لم يوصِ بها صاحبها، ولكن تثبت الدية على القاطع إلا مع الوصية بالقطع فلا تثبت الدية عليه.
===============
الاستغناء والطغيان
{كَلاَّ إن الإنسان لَيَطْغَى، أن رآهُ اسْتَغْنَى} (العلق: 6 – 7). قد يتصور البعض ان الآيتين تخصان فقط بعض الأغنياء من أصحاب الثروات الذين يدفعهم هذا الغِنى الى الطغيان، كما قال سبحانه: {انَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا ان مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأ بِالْعُصْبَةِ أولِي الْقُوَّةِ} (القصص: 76)، بحيث يدفعهم الشعور بالغِنى عن الناس الى الترفع عليهم وتحقيرهم والسعي لتسخيرهم وسحق إرادتهم، للسيطرة بالتالي على المجتمع والتصرف في الشؤون العامة كيفما شاؤوا.
طغيان العلماء
إلا أن التمعن في دلالتهما يعطينا بُعداً أوسع، فالشعور بالغِنى قد يكون أيضاً بامتلاك رصيد وافر من العلم الذي يشعر معه الفرد بأن لديه ما ليس عند الآخرين، فيدفعه هذا الى الاستعلاء والطغيان والتكبر عليهم، والاستهزاء بعقولهم، وتحقير معارفهم أو استغلال جهلهم من أجل تحقيق مصالح شخصية. وقد روي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال: (مَن طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس اليه، فليتبوأ مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها).
طغيان الامتداد السياسي
والشعور بالغِنى قد يكون أيضاً من خلال الامتداد السياسي الذي يحققه الفرد أو تحققه الجماعة الدينية أو الحزب، فيكون ذلك منطلقاً لا للارتقاء بالمجتمع وخدمة الناس، وتوظيف هذا الامتداد في حل مشكلاتهم وقضاء حوائجهم، بل للطغيان عليهم وتحقيق المصالح الشخصية أو الفئوية. وغالباً ما يكون المجتمع هو الذي يفتح المجال لبعض الأفراد أو الجماعات أن تكون لهم مثل هذه السيطرة والاستغلال قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأطَاعُوهُ انَّهُمْ كَانُوا قَوماً فَاسِقِينَ} (الزخرف: 51 – 54).
طغيان بالموروثات
والشعور بالغِنى أيضاً قد يكون من خلال العنوان الذي ورثه الإنسان، كالانتساب الى أسرة ذات امتياز سلطوي أو اجتماعي أو ديني، فيدفعه هذا الى الاستعلاء والطغيان والتكبر على الناس، والسعي لتسخيرهم من أجل تحقيق مصالح شخصية. وينطبق عليه قوله سبحانه: {كَلاَّ إن الإنسان لَيَطْغَى، ان رَآهُ اسْتَغْنَى}.
موقفان لسيد الساجدين
وللإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في هذا الإطار موقفان ولا أروع: الموقف الأول: (قيل له عليه السلام: اذا سافرت كتمت نفسَك أهل الرفقة، فقال: أكره أن آخذ برسول الله صلىالله عليه وآله ما لا أعطي مثله). فالإمام يتخوّف ان يصدر منه ما يعتبره نحواً من الاستغلال لانتسابه لرسول الله، من خلال خدمة الآخرين له.. فهو يرى أن لهذا الامتياز النسَبي مسؤوليات تحتم عليه ان يعطي على الأقل بقدر ما يأخذ من خلالها. ولذا قال في موقع آخر: (ما أكلت بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً قط).
والموقف الثاني: (قال طاووس: رأيت رجلاً يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من الصلاة، فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله رأيتك على حالة كذا، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك من الخوف، أحدها: أنك ابن رسول الله، والثاني: شفاعة جدك، والثالث: رحمة الله. فقال: يا طاووس، أما أني ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يؤمنني، وقد سمعت الله تعالى يقول: {فَلا أنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ}، وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني لأن الله تعالى يقول: {وَلا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضَى}، وأما رحمة الله فإن الله تعالى يقول إنها قريبة من المحسنين، ولا أعلم أني محسن). يقول هذا وهو الإمام زين العباد، ذو الثفنات، سيد الساجدين.
قابلياتنا
إن في كل واحد منا القابلية لأن يتحول الى طاغوت، ولو في نطاق ضيق.. ووقود ذلك هو الشعور بالغِنى الممتزج بالتعالي والاحتقار للآخرين.. وهذا ما حرص أمامنا زين العابدين عليه السلام أن يؤكده من خلال الكلمات التالية في دعاء مكارم الأخلاق، قال: {وَأغْنِنِي وَوَسِّعْ عليّ فِي رِزْقِكَ وَلا تَفْتِنِّي بِالَّنَظِر، وَأعِزَّنِي وَلا تَبْتَلِيَنِي بِالكِبْرِ، وَعَبِّدْنِي لكَ وَلا تُفْسِدْ عِبادَتِي بِالعُجْبِ، وَأجْرِ لِلْناسِ عَلى يَدَيَّ الخَيْرَ وَلا تَمْحَقْهُ بِالمَنِّ، وَهَبْ لِي مَعالِي الاَخْلاقِ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الفَخْرِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَرْفَعْنِي فِي النَّاسِ دَرَجَة الا حطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَها، وَلا تُحْدِثْ لِي عِزّاً ظاهِراً إلا أحْدَثتَ لِي ذِلَّةً باطِنَةً عِنْدَ نَفْسِي بقَدَرِها).
===============
عام مضى.. وآخر أطل
نجيب فضل الله
عام أفل ومضى مسرعاً في الزمن، وكأنه غادرنا في عجل، وعام مجهول في الطريق الينا من غياهب المستقبل، يحث الخطى مسرعاً.. وأمام هذه المحطة الزمنية، تقفز الى الذهن عدة خواطر:
الكثيرون حول العالم احتفلوا بالسنة الجديدة بشكل لاهٍ وعابث، ويحار المراقب في سبب احتفالهم بهذه الطريقة، هل هم فرحون لأنهم مازالوا على قيد الحياة بعد مرور سنة، أم أنهم احتفلوا بالسنة الجديدة كأنها مولود جديد، أم أنهم لا يعرفون الغاية وراء احتفالهم هذا، والذي ربما يعود الى الصخب الذي تحدثه وسائل الإعلام وشركات إنتاج الألعاب وغيرها في ذهن الناس، لتدفعهم الى الاحتفال اللاعقلاني بهذا الحدث؟!
وأمام هذا الأسلوب من الاحتفال، قد يطرح المرء سؤالاً مشروعاً: ألا يعتقد هؤلاء أنهم قد اقتربوا من الموت أكثر؟ فالحياة تشبه ساعة رملية، كلما مر الوقت خفت كمية الرمل فيها، وهكذا العمر.. أفلا تستاهل الحياة نظرة تأمل، والى أين نحن ماضون؟!
مر العام الفائت بأفراحه وأتراحه، بفترات الرخاء فيه وساعات الشدة، بإيجابياته وسلبياته.. وأظن أن ما مررت فيه جدير بفترة تأمل ودراسة، فلتجلس وحيداً لتجيب عن هذه الأسئلة:
< هل نجحت في علاقتك مع أفراد عائلتك، زوجتك، والديك، إخوتك…؟
< أين أصبت في عملك أو في دراستك أو في علاقاتك مع محيطك؟
< ماذا حققت من طموحاتك الثقافية والاجتماعية والاقتصادية؟
< هل قمت بواجباتك الدينية مع الله سبحانه وتعالى، هل أديت عباداتك على أكمل وجه؟
< هل ظلمت أحداً، هل أسأت في علاقتك الى أحد، هل كانت علاقتك مع الناس متوافقة مع مرضاة الله؟
وعلى ضوء إجاباتك عن هذه الأسئلة، تحدد خطواتك في السنة المقبلة، فتحاول اكمال ما بدأته في أمر وأجدت فيه، أو تبدأ من جديد في أمر آخر.
لن ينفع أن تعيش الندم على ما فاتك من فرص، أو على أمور أسأت القيام بها، بل اعقد العزم الجدي والحثيث على التغيير، وعلى البدء من جديد، بأن تضع خطة عملية، مع تواريخ وأهداف واضحة، فهذا وحده هو الذي ينفعك مقابل عجلة الزمن السريعة. ونستذكر هنا ما نقل عن الإمام علي عليه السلام: (من تساوى يوماه فهو مغبون)، فلا تصبح السنوات كلها مثل بعضها البعض، بل أن نسير بشكلٍ تصاعدي.
أخيراً، إن علينا أن نعيش مسؤولية الزمن، فأعمارنا تمر كالسحاب، وهي تنفذ بشكل سريع، وهي رأسمالنا الوحيد في طريقنا الى الله سبحانه وتعالى، فعن الإمام علي عليه السلام: (نَفَسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ الى أجَلِهِ). فهل نستفيد من دعوة الله الدائمة لنا لنصحح ما قد أخطأنا فيه ونستمر فيما أصبنا فيه؟
{يَا أيُّهَا الإنسان انَّكَ كَادِحٌ الَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ، فَأمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً، وَيَنقَلِبُ الَى أهْلِهِ مَسْرُوراً، وَأمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ، فَسَوْفَ يَدْعُو ثبُوراً، وَيَصْلى سَعِيراً} (الانشقاق: 6 – 12).
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
77.9991
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top