خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

الغارديان هل إنقاذ الآثار القديمة النفيسة مهم مثل إنقاذ البشر؟

2015/05/22   08:43 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
الغارديان هل إنقاذ الآثار القديمة النفيسة مهم مثل إنقاذ البشر؟



بقلم – جواناثان جونز:
هل للأثار القديمة أهمية كبيرة بالمقارنة مع الأرواح الانسانية؟ هذا السؤال المؤلم يفرض نفسه كلما تعرض موقع أثري من جديد لتهديد مطارق و«بلدوزورات» جيش تنظيم الدولة الاسلامية الاراهبي «داعش».
لقد بات الأمر بمثابة سيناريو مكرر محزن كئيب قابض للنفس كلما وضع هذا التنظيم المخيف يده على واحد من كنوز العالم الثقافية التي تعج بها سورية والعراق. لذا ليس غريبا ان يشعر مفكروا الغرب بالاختناق لفقدان جزء من الحضارة الانسانية مع كل انطلاقة لاولئك المعادين للصور والتماثيل والمعتقدات المأثورة للقيام بعملهم الوحشي.
لكن بعد انجلاء الغبار وزوال هذه الصروح الخالدة، يبقى السؤال بنظر الكثيرين: وما أهمية ذلك؟ صحيح ان الأمر ينطوي على مأساة ان يتم تدمير مثل هذه الأثار، لكن هذه المأساة ليست شيئا بالتأكيد بالمقارنة مع فقدان حياة انسان حي بل وكيف تبكون من أجل أحجار صماء بينما الأطفال يموتون؟
لهؤلاء أقول ان أحدث موقع أثري يتعرض اليوم لخطر الدولة الاسلامية هو تدمر في سورية. وهذا اسم ليس كبقية الأسماء الأخرى فالتهديد الذي يحف به الآن يثير لديك شعورا رومانسيا طاغيا بالحزن والأسى. لذا لم يكن مستغربا ان تلقيت قبل بضعة أيام رسالة تعبر عن مدى الهلع الذي يشعر به الكثيرون من محبي الفن وهم يترقبون ما يمكن ان يحدث لأثار هذا الموقع التاريخي التي هي في الحقيقة ملك لكل الحضارة الانسانية.
ان من السذاجة بمكان بل من الخطأ الاعتقاد ان هناك تناقضا بين الحزن على الناس والحزن على الفن والصروح العمرانية القديمة المفقودة، فالماضي تاريخ انساني وجزء لا يتجزأ من حياتنا وهو أيضا مثل ذكريات طفولتنا التي تبقى متعشعشة في أعماقنا مهما تقدم بنا الزمن. والحقيقة أني عثرت على ذلك الدليل المادي لهذه العلاقة العاطفية التي لا تنفصل بين الفن والحياة الواقعية في المتحف البريطاني بلندن.
اذ ثمة جدار مليء بصور أناس بالحجم الطبيعي من تدمر القديمة. هي صور متنوعة وعديدة نابضة بالحياة لشباب ونساء وكلهم معروفون باسمائهم الحقيقة المنقوشة مع عبارات الرثاء والوداع في أسفل هذه الصور.
من يقول ان الماضي ليس سوى حجر بارد؟ انها صور لأشخاص مثلي ومثلك واضحة بجلاء ومفعمة بالحياة. ولا شك ان روعة أثار تدمر هذه تبين مدى الحاجة الماسة للمحافظة عليها بكل السبل الممكنة. بل واذا اعتقد أي شخص ان هناك فرقا بين انقاذ الحجر وانقاذ البشر، عليه النظر الى وجوه سكان تدمر القدماء. فالماضي ليس مكانا قصيا بل هو مرآة أنفسنا. ان الاعتزاز بالتاريخ والفن يعني أيضا الاهتمام بالمستقبل.
لكن فقط اذا استطعنا ان نتخيل أنفسنا جزءا من القصة الانسانية التي تربط تلك الوجوه القديمة في تدمر مع الناس الذين من حولنا نستطيع عندئذ ان نصف انفسنا ب«المتحضرين» والا سوف نكون مجرد حيوانات بلا ذاكرة.
ان آثار تدمر ليست «ميته» بل هي حيه وهذا يعني ان من الواجب حمايتها بالضربات الجوية اذا تطلب الأمر من أجل ان نحافظ على تاريخ الانسانية.. ومن أجل الا نصبح جميعا بلا ذاكرة.

تعريب: نبيل زلف


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
75.9981
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top