مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

رُبما نتفق

مَن الذي يبني ضريح السوريين على الثلج؟

انتصار المعتوق
2015/01/17   10:35 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

السوريون لا يريدون إنسانيتكم الموسمية ولكنهم يريدون بيوتكم وقلوبكم


على الحدود اللبنانية والأردنية والتركية والعراقية والمصرية تترامى أجساد النازحين السوريين الذين يتعدون المليوني انسان.. نصفهم من الأطفال.
في لبنان وحسب ما ورد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فان عدد اللاجئين السوريين المسجلين أو في طور التسجيل بلغ 716 ألفا، وفي المملكة الأردنية الهاشمية 515 ألفا، وفي تركيا 460 ألفا وفي العراق 168 ألفا و110 آلاف في جمهورية مصر العربية.
دول الجوار المحاذية لسورية تخشى التبعات التي ستلحق بها جرّاء استضافة المزيد من الأخوة السوريين.. فالأعمال الاستخباراتية ستظل هي الشبح الذي يلاحق النازحين العُزّل من السوريين ولعنة النظام السوري ربما ستطاردهم للأبد.
وعلى الحدود الأردنية اللبنانية يرتفع تدفق اللاجئين السوريين الذين هربوا من جحيم بشار وفرّوا من موت محقق فوجدوا قبورهم تُحفر على الجليد.. وفي كل عام وفي مثل هذا التوقيت الشتوي تُقرع طبول الاستغاثة المحلية والاقليمية والدولية لجمع الأغطية والأحذية - أجلكم الله - لأشخاص عاشوا أعزّاء في أوطانهم أذلاّء اليوم فوق الجليد.
السوريون لا يريدون أغطية تُخفي تحتها صراخ الضمير العربي، ولا يريدون أحذية من الفرو لتداس بها قلوب صغارهم الذين يموتون من البرد.
السورييون لا يريدون انسانيتكم الموسمية ولا مشاعركم الوقتية، انهم يريدون حلولاً جذرية، يريدون بيوتكم وقلوبكم، فهل تجرؤون؟
أعلم أنه من الصعب على البعض سواء في الخليج العربي أو الشرق الأوسط أو حتى العالم أجمع ان يقول بملء فيه: أتشرف باستضافة احدى الأسر السورية النازحة في بيتي!
تصعب على قلوبنا مُشاهدة مَشاهِد العَطف التي تتبناها الدول الاسلامية ذاك الذي يأتي به مِعطف الشتاء ويرحل بقية العام دونَ عطف.
منذ ثلاث سنوات والسوريون محكومون بواقع سياسي واجتماعي واقتصادي مخيف، منهم نازحون الى خارج سورية يتجمدون اليوم على الحدود العربية، ونحن نكتفي بتبادل صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مصحوبة بدعاء ودينار وقُبّعة شتاء.
ولسان حال السوريين فوق الجليد: سنناضل ليس من أجل ان نعود الى الوطن، بل من أجل البقاء..!
هل تعلم ماذا يعني ان يناضل الانسان في العراء وحيداً من أجل ان يبقى حياً، وهو يعلم يقيناً ان وكالات الأنباء العربية والاسلامية تلتقط له صوراً حصرية وهو يموت من الجوع والبرد وتأخذ من تشرّده لقطات تذكارية لتتصدر بالسبق صحفها العربية؟؟
وهل علمتَ يوماً ماذا يعني لرجل يرى أطفاله يتجمدون ويتصلّبون أمام عينيه من البرد.. ويشعر بأوعيتهم الدموية تتقلص بسبب تجمد أنسجة أجسادهم الضعيفة ويحس بانقطاع الأكسجين عن أعضائهم المتجمدة حتى يتغير لون جسمهم ثم يفقدون الاحساس بأقدامهم وأيديهم ثم يصنع لهم قبراً من الثلج؟
هل جرّبت هذا الشعور؟
أيها العرب الذين تحرّك مشاعرهم صورة، ويتهاون كلما اهتزت التنورة، مشاعركم الموسمية تجاه الشعب السوري اللاجئ لن تُدفّئ أجسادهم، مشاعركم الشتوية هذه شريكة في بناء قبور السوريين على مقابر من ثلج.

انتصار المعتوق
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1064.0038
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top