خارجيات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

آفاق

عنب السلطة وبلح أمراء الحرب

2014/11/28   08:15 م
شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0



حينما لا تكون معطيات معادلة مثلث السلطة في العراق الجديد قادرة على الحفاظ على ثوابتها الوطنية، فان أي حديث عن مؤتمرات للمصالحة لا تكون الا مجرد كلام زائف لذر الرماد في العبون، هذا التنافس الذي بدأ في الحضارات القديمة على الماء والكلأ، سرعان ما تحول الى نماذج متجددة من المنافسة الدولية، وانتهى اليوم الى نموذج الحرب على تنظيم داعش ودولة الخلافة الاسلامية المزعومة.
كل ما تقدم مطلوب وضعه على طاولة اية مفاوضات للمصالحة، وهو ما لا يحصل اليوم في العراق الجديد حينما توزعت المناطق الجغرافية الى مناطق نفوذ كردية او شيعية او سنية، دون ان تخرج معادلة مثلث السلطة عن حدود ما تفرضه المليشيات المسلحة في مناطق نفوذها، ونماذج ولاء ديني سياسي متمذهب، ورجال مال لا يجدون في مصطلح «وطن» الا نموذجا للاثراء في اشكال متعددة من تجارة الحرب والفساد السياسي العام.
لذلك لا يستطيع القائمون على قيادة هذه المثلثات الاجتماعية فرض ارادة امراء الحرب على الشعب في اغلبيته الصامتة، وهم لا يعترفون بحدود وطنية لعلاقاتهم مع من يحقق لهم مصالحهم الانية مثلما فعل قادة المعارضة العراقية، حكامها الجدد، عندما وجدوا ان التحالف مع الفوضى الخلافة، لكن بعد عقد من الزمان على تجرية الديموقراطية التوافقية في عراق اليوم، نرى الكثير من تلك الفرضيات المزعومة عن تحرير العراق تصطدم بقوة بمواقف امراء الحرب والارادات الاقليمية والدولية التي همشت الدولة وجعلت سلطانها مجرد وعاء لاحتواء أفعال الغير داخليا وخارجيا في سياق حرب مضطردة على الارهاب الداعشي الذي يمثل أيضا نموذجه في ادارة السلطة.
كيف يمكن لأي مؤتمر يدعو للمصالحة الوطنية ان يبدأ في طرح فرضيات خارج اضطلاع هذا المثلث؟؟ المشكلة اليوم ان الكثير من القوى الشيعية تستحضر على طاولة المفاوضات حقوق مسلوبة منذ 14 قرنا برؤية مذهبية صارخة، والسنة يجدون ان تهميشهم يتطلب مواقف عربية ودولية اكثر قوة بل هناك من يجد ان داعش ومن قبلها القاعدة نموذج القوة المقابلة للنفوذ الايراني «الصفوي»، اما الاكراد فهم الأكثر دراية بفنون اللعبة الدولية والاقليمية في رقعة شطرنج العراق، فيما يحاول الجميع من خارج العراق توظيف أدوارهم لخدمة مصالحهم الوطنية، وليس هناك أي عراقي يبحث اليوم وهو على سدة الحكم عن مصالح العراق كوطن خارج حدود مصالح مكونه الاجتماعي ونفوذ امراء الحرب عليه.
في ضوء ما تقدم لا تبدو فرضيات التفاوض على المصالحة الوطنية في العراق او غيره من الأقطار العربية التي تواجه ازمة ترجيح مصالح الغير على مثلث السلطة الوطنية، مثل هذا الكلام قد يزعج البعض من المتصديين للشأن العام في عراق اليوم، لأنه يعبر عن رغبة ملحة للأغلبية الصامتة العراقية وربما العربية وحتى الاسلامية بأهمية تبني حلولا وطنية لمشاكل خارجية بمواقف تمكن الشعب من الحفاظ على لحمته الوطنية، هذه اللحمة التي ضاعت في عصف الارهاب المتبادل بين» مليشيات شيعية «، وارهاب داعش والجماعات المسلحة التي ترى انها تدافع عن «مستقبل السنة في المنطقة»، ومتى ما سقطت فرضيات امراء الحرب وانتهى دورهم، يمكن عندها ان تبدأ المفاوضات للحوار الوطني، اما ان تكون هناك مفاوضات لمثل هذا الحوار في أجواء العصف الداعشي، فأنها لن تغادر فرضيات اثبات الولاء لمثلث السلطة ليس لقيادة الدولة، بل لقيادة امراء الحرب، وهو ما سبق لواشنطن وان سعت لموازنة معادلة نفوذ أمراء الحرب من خلال تأسيسها الصحوات ومبادرتها اليوم لتشكيل ما يعرف بأفواج الحرس الوطني، لكن النتائج تبقى النار تحت الرماد ما دام الكثير من قادة العراق الجديد يتعاطون مع متطلبات الغير، الاقليمي والدولي، دون الاصرار على متطلبات وطنية، تبقى مفاتيح الحلول العراقية ما بين عنب السلطة وبلح امراء الحرب!!!

بغداد - مازن صاحب
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
84.0015 		 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top