الخميس
16/04/1447 هـ
الموافق
09/10/2025 م
الساعة
06:37
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
الظهر 11:35
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
منوعات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=400399&yearquarter=20144&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
الأزمنة والأمكنة
2014/11/18
06:20 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 5/0
هيلة.. يا رُمَّانة
هذا حديث عن الرمان، الفاكهة المحبوبة التي يقبل عليها الناس كلما حان وقت ورودها إلى الكويت، وهي جديرة بأن يخصص لها هذا المقال، فقد عرفناها منذ القدم، حتى صارت من مأكولات أبناء الكويت، ولاتزال كذلك.
يأتي الرمان إلينا منذ زمن قديم، ومصدره – آنذاك – يكاد أن يكون ثابتا فهو يرد إلينا من موقع في إيران يسمى (حمدان)، وله وقت معلوم إذا حان امتلأ سوق الخضرة بهذا النوع من الفاكهة اللذيذة، وصرنا نسمع نداء الباعة في هذا السوق عاليا عليها. وهم يقولون: رمان حمداني.. رمان حمداني..
يشتري الأهالي الرمان من السوق، وبعد أكله يقومون بتجميع القشور وتجفيفها جيدا، ثم يقومون باستعمالها في صبغ ثياب النساء السوداء التي تلبس فوق (الدراعة) داخل البيت وخارجه، والنساء حين يخرجن فإنهن يضعن فوق الثوب العباءة المعروفة لمزيد من الستر.
أما حب الرمان؛ فإنه يُجفَّفُ ثم يطحن، وبعد ذلك يضاف إلى بعض المأكولات لكي يضيف إلى طعمها حموضة لذيذة. فهو يضاف إلى المرق وإلى حشوة ملفوف ورق العنب الذي كنا نطلق عليه اسم (براق).
لا تستغني المرأة في كويت الأمس عن سلة تُدعى: سلة روط. وهي سلة كبيرة تُستعمل لحفظ الثياب. وقد سميت السلة بهذا الاسم لأنها تصنع من أغصان شجرة الرمان وهذه الأغصان سهلة الانحناء والتشكُّل، فهي تتمايل بسهولة ولهذه الصفة يطلق عليها لفظ: روط، ويقال فلان يتروَّط إذا كان يتَثنَّى في مشيه، وكذلك غصن الرمان فإنه لسهولة تثنيه فإنه يصنع منه هذا النوع من السلال.
السلة كما قلنا كبيرة، ومستديرة من الأسفل ثم تتسع حتى يمكن استغلالها لما تريد المرأة ان تستعملها من أجله، فيكون أعلاها دائرة واسعة ثم تأتي قطعة مشابهة توضع عليها فتكون غطاء لها. وفوق هذا الغطاء يوضع شكل مستدير مصنوع من الروط – أيضا – يفيد في مسك الغطاء وفتح السلة.
وقد ورد ذكر الرمان كثيراً في الكتب القديمة وفي الكتب الحديثة، وأشارت إليه بعض مواقع الانترنت.
وقد قسمت الكتب (القديمة) التي تحدثت عن الأعشاب والفواكه: الرمان إلى أقسام، فهو عندهم بري وبستاني، وهو حلو وحامض.
وذكر هؤلاء أن خير الرمان وأجوده هو الكبير الحجم، الناعم الملمس، شديد الحمرة، رقيق القشرة الداخلية، الممتلئ بالماء ضمن حباته المجتمعة في الثمرة.
وللحامض فوائد طبية، وللحلو فوائد أخرى غير أنه ينبغي ان يستبعد عن أصحاب الحميات على عكس الحامض ذي المنافع الطبية الكثيرة. كما يرون، وكما كتبوا:
وفصل ابن حمدوش الجزائري في كتابه: «كشف الرموز في بيان الأعشاب» بين نوعي الرمان. وقد جعل الرمان في مادتين من مواد الكتاب. المادة الأولى منهما هي: الرمان الحامض، وشبه طعمه بالحصرم من العنب بسبب حموضته. واضاف المؤلف إلى ذلك فوائد أخرى للرمان الحامض.
أما المادة الثانية فهي عن الرمان الحلو، وقد قال عنه إنه نافع للصدر، قاطع للسعال، مسخن للمعدة والكلى، وأكله على الطعام يمنع فساده في المعدة.
ثم أورد حديثاً مشابهاً عن الرمان، أورده من كتاب داود الأنطاكي الذي سبق لنا أن تحدثنا عنه، وقدمنا بعض ما ورد فيه عن الأعشاب والفواكه، وذلك في مقالات سابقة من «الأزمنة والأمكنة» ولا ينبغي أن يغيب عن البال أن كتاب الانطاكي من الكتب المهمة في باب العلاج بالأعشاب، وفي وصف النباتات بشكل عام.
وتناول الحديث عن الرمان كتاب: «مفتاح الراحة، لأهل الفلاحة» وهو لمؤلف مجهول، وقد نشره قسم التراث العربي بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.
وقد ذكر أساليب زراعة هذه الشجرة، والطرق التي ينبغي أن تُتَبَعَ فيها حتى تؤتي ثمارها الطيبة. متحدثاً عن الأرض وطبيعتها والتسميد والبذار والمتابعة، ثم عرض بعض الأمور التي يستفيد منها الفلاح إذا أراد غرساً منتجاً، وإذا رغب في إنتاج سليم غير متشقق، ولقد قدم بعض الأمور المثيرة للعجب مما ينبغي أن يصعنه المرء إذا أراد إطالة شجرته، أو أراد أن يعظم قدرها وغير ذلك.
ثم قال: «وبين الرمان والآس صداقة، من غرس أحدهما مع الآخر أنجب، وقد بينا أن في النبات الذكر والأنثى، وذكر الرمان هو الجلنار، إذا علق منه على الشجرة وقد تأخر حملها: أسرعت في الحمل، وإذا علق على الحاملة كملت، ويدفع العوارض عنها...»
وقد أورد هنا ثلاثة أبيات قالها أبوفراس الحمداني في الجلنار وهي:
وجلنار مشرق
على أعالي الشجرة
كأن في أغصانه
أحمره وأصفره
قراضة من ذهب
في خرقة معصفرة
هذا ومما كنا نعرفه عن الجلنار أنه زهر الرمان، والله أعلم.
ومما ورد لدى الكتاب المحدثين عن الرمان أن شجرته ذات أزهار بيضاء وحمراء لها منظر جميل، وتتحول هذه الأزهار – فيما بعد – إلى ثمار الرمان المعروفة شكلاً وطعماً، والرمان فاكهة غنية عن الوصف لأنها معروفة في كل مكان، فإن لكل رمانة قشرة تحتوي على مئات من الحبيبات الحمراء اللامعة المليئة بالعصير، وبعض هذه الحبيبات ذات لون أبيض.
وشجرة الرمان عالية كثيفة نوعا ما، قد ترتفع الى علو ستة امتار، وأغصانها متدلية الشكل تحتوي على بعض الشوك، وأوراق هذه الشجرة تسقط في فصل الخريف لتعود بعد ذلك إلى اخضرارها تمهيداً للإزهار ثم الإثمار.
وشجرة الرمان معروفة منذ القدم، وهي شجرة معمرة، وقد انتقل الرمان عبر البلاد العربية إلى الأندلس، وبقي في اسبانيا بعد أن جلا عنها العرب ومنها انتقل إلى أمريكا، وهو الآن في انتشار واسع وبخاصة في اسبانيا وتونس واليمن.
وللرمان استخدامات كثيرة في الطب التقليدي، ومثلها في الطب الحديث، وقد ورد تفصيل واسع عن فوائده التي تمت معرفتها عن طريق البحوث الطبية في مختلف مراكب البحوث، وعبر عدد كبير من الدول، ولا مجال هنا إلى تعداد ذلك.
ولكننا نقول بإيجاز:
-1 الرمان في الطب الحديث علاج وقائي للسرطان، وهو مفيد للغاية كما ورد في المعلومات التي نشرت حول فوائده.
-2 فيه علاج لأمراض القلب والأوعية الدموية.
-3 مضاد للميكروبات وللالتهابات.
-4 مفيد للنساء الحوامل.
-5 مكافح لهشاشة العظام.
-6 مخفف لمشاكل المصابين بالزهايمر.
-7 يقلل نسبة الكولسترول في الدم.
-8 يقلل مخاطر مرض السكري.
-9 تحتوي قشوره على مضادات الأكسدة.
-10 يمنع تليف الكبد.
وكل هذه فوائد مهمة لهذه الفاكهة الجميلة. والعهدة في مدى صحة ما ذكر على من أورد هذه البيانات في شبكة الإنترنت، وإن كان معذوراً في ذلك لأنه نقل كافة المعلومات عن مراكز البحوث الطبية التي تصدر بين حين وآخر بيانات عن أبحاثها، لكي تعلم الناس بما توصلت إليه من نتائج.
تفضل علينا ربنا سبحانه بالفاكهة، رزقنا إياها في الدنيا، ووعدنا بها في الآخرة، فمما ذكره جل وعلا في الدنيا قوله الكريم في سورة عبس (الآية رقم 24 وما بعدها»: {فلينظر الإنسان إلى طعامه، أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا، فأنبتنا فيها حبا، وعنباً وقضباً، وزيتونا ونخلا، وحدائق غلبا، وفاكهة وأباً متاعا لكم ولأنعامكم}، ومن ذلك- أيضا- قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض، وإنا على ذهاب به لقادرون، فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب، لكم فيها فواكه كثيرة، ومنها تأكلون} (المؤمنون الآية رقم 18 وما بعدها).
وأما قوله تعالى عن الفواكه التي وعدنا بها في الآخرة فمنه ما جاء في سورة الصافات (الآية رقم 39 وما بعدها): {وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين، أولئك لهم رزق معلوم، فواكه وهم مكرمون، في جنات النعيم}.
وفي سورة الواقعة (الآية رقم 17 وما بعدها) حيث يقول جل شأنه: {يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين، لا يصدعون عنها ولا ينزفون، وفاكهة مما يتخيرون}.
وهناك آيات كثيرة في كتاب الله تتحدث عن منه وكرمه علينا بالفواكه. أما الرمان فجاء عنه ما يلي في الكتاب الكريم من سورة الأنعام (الآية رقم 141): {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات، والنخل والزرع مختلفاً أكله، والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه، كلوا من ثمره إذا أثمر، وآتوا حقه يوم حصاده، ولا تسرفوا، إن الله لا يحب المسرفين}. وفي السورة ذاتها آية تعبر عن قدرة الله سبحانه فيما يتعلق بالمزروعات بكافة أنواعها، وهي الآية رقم (99)، فيها قوله تعالى:
{وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء، فأخرجنا منه خَضِراً نُخِرجُ منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية، وجنات من أعناب والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه، انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه، إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون}.
(قنوان: جمع قنو، وهو العذق في الفصحى وفي لهجتنا: العثق)
ما أجمل الآيات الكريمة التي يُفَصِّلُ بها الله سبحانه وتعالى آثار نعمته على عباده، ومن يتأمل القرآن الكريم ويقرأه قراءة متأنية فكم من الفوائد يجد فيه، وكم من الأمور الدالة على عظمة الخالق في آياته الكريمة.
ولذا فإنه لا غنى للمرء عن متابعة تلاوة كتاب الله الكريم والتمعن بما فيه من حكم، ودلالات على صنع الله القادر.
وعن الرمان لفتت انتباهي قصة يابانية جميلة كتبها الكاتب الياباني الكبير ياسوناري كاواباتا الذي مات في سنة 1972م، وكان من أكبر كتاب الرواية والقصة من اليابانيين وكانت أعماله مشهورة على المستوى العالمي، وهو حاصل على جائزة نوبل لسنة 1968م.
نشرت هذه القصة القصيرة مجلة العربي في عددها الصادر في شهر أغسطس لسنة 2014م، بعد أن قام بترجمتها الأستاذ حسين عيد، وهو كاتب من مصر.
عنوان القصة هو: «ثمرة الرمان» وهي تحكي حكاية حب مكتوم بين فتى وفتاة من تلك البلاد، في البيت الذي تعيش فيه الفتاة وأمها شجرة رمان جردتها - في ذلك الوقت - رياح قوية من أوراقها فتساقطت هذه الأوراق على الأرض محدثة دائرة حول جذع الشجرة.. دخل على الأم والفتاة ابن شقيقة الأم وكان في السابعة من عمره، ملأت الفتاة (كيميكو) السعادة حين رأته. وكان قد لاحظ الرمانة التي برزت بين أغصان الشجرة فتسلق لينقل إليهما أن الثمار كثيرة في الأعلى ولكنه لا يستطيع أن يقطف منها لأنه إن أمسك بها فلن يقدر على الهبوط لإن احدى يديه تكون مشغولة بحمل الثمر.
وقد أرادت الفتاة أن تسعده فهزت الشجرة بعصا طويلة حتى سقطت الثمرة، وعندما حدث ذلك أحست بالأسف لأنها ظنت أنها ارتكبت خطأ، فما كان لها أن تضرب الشجرة التي لا ذنب لها.
ومضى الوقت وكانت الفتاة تخيط في أعلى البيت حين سمعت أحد اقاربهم الذي دخل من جهة الحديقة. وكان هذا هو كيكيشي الذي جاء مودعاً لأنه ذاهب الى الحرب. وقد أشعرته كيميكو أنه فعل طيباً حين جاء إليهم، ثم ناولته الرمانة التي اسقطتها ولكنه كان على عجلة من أمره فغادر المنزل تاركاً الرمانة وراءه. وبعد حديث بين الأم وابنتها عادت كيميكو الى غرفتها، وقد لاحظت أنها لم تأكل من الرمانة شيئاً. ويبدو أنها كانت تريد أن تتركها تذكاراً لزيارة كيكيشي، لأنه قضم منها بعض الحبات وهي تحتفط بما ترك.
القصة قصيرة وكلها تدور خول شجرة الرمان، وما عليها من ثمر، وعلى الأخص الثمرة الأخيرة التي أسقطتها الفتاة فصارت رابطاً بينها وبين ذلك الشاب. وهكذا أدخل ياسوناري كاواباتا الرمان ضمن إبداعه القصصي الجميل.
٭٭٭
يأتي ذكر الرمان في العاب الأطفال عندنا وبخاصة في ألعاب الفتيات. ومن ذلك الأهزوجة التي يرددنها وقت اللعب، حين يجتمعن لذلك. وهذه الأهزوجة تتكون من هذا النص:
هيلة يا رمانة هيلة يمه
(فلانة) زعلانه هيلة يمه
أو ليش زعلانه هيلة يمه
منهو إيراضيها هيلة يمه
صايغ تراجيها هيلة يمه
ليست الفتاة راضية، وقد وضع اسم فلانه بين قوسين للدلالة على أن هذا الموضع يخصص لاسم المقصودة، وفي كل مرة يتغير. وهن يبحثن عمن يقوم بإرضائها ولكنهن أخيراً لا يجدن إلا صائغ الذهب الذي يصنع أقراطها فتفرح بها وترضى.
وقد قام الأستاذ الفنان عبدالحميد السيد باختيار كلمات تتماشى مع كلمات هذه الأهزوجة، مع تغيير بسيط، ولحنها لحناً مقارباً هو الآخر. وقد كتب الكلمات الجديدة الشاعر: علي الربعي، وقام الفنان السيد بغنائها بعد تلحينها في سنة 1970، فانتشرت انتشارا واسعا، ورددتها إذاعة الكويت، وكذلك تلفزيونها.
أما الكلمات الجديدة فهي:
هيلة يا رمانه الحلوه زعلانه
من هو يراضيها أنا أراضيها
وبروحي أفديها ولا ألا قيها
في يوم زعلانه
من شاف طلعتها زادت حلاوتها
من شاف طَلَّتها ما تغمض أجفافه
يا روحي يا عمري يا حبِّي العذري
مليت من صبري والروح ولهانه
هيله يا رمانه
هذا ولفظ (هيلة) من الألفاظ المستعملة قديما في الكويت وكان يستعملها البحارة كثيرا، كما يستعملها غيرهم من الناس وهي تقابل اللفظ العربي (هيا)، وإذا أردنا مزيدا من الإيضاح قلنا إن أصلها: هيا لله، ولكنها اندمجت في لفظ واحد هو قولهم (هيلة) أو (هيا لله) بحسب نطق البحارة.
٭٭٭
وجرى استغلال اسم الرمان ومعناه في الألغاز الشعبية المتداولة بين الكبار والصغار على حد سواء.
ومن الألغاز التي قيلت، وذكر فيها الرمان قولهم:
رمانتي شقفتها... لقفتها.
فيها سحر، فيها بحر.
فيها اعيون تبتحر.
إن مطلق اللغز يقول: هذه هي رمانتي، أرسلتها إلى أعلى (شقفتها)، ثم تلقفتها بيدي، ونظرت إليها فإذا فيها سحر، وفيها عيون تتطلع إلي.
وبعد أن يستمع المستمع إلى هذه العبارات الملغزة فإنه لابد وأن يجيب عن تساؤل قائلها عن معنى ذلك. والجواب هو: (المرآة) أو ما يسمى بلهجتنا (المنظرة) حيث ينظر المرء إلى وجهه. وهي من أنواع الزجاج العاكس لصورة من ينظر إليه. واستعمالها لهذه الغاية قديم حتى لقد ذكرها الشاعر الأموي المعروف ذو الرمة في قوله:
لها أُذُنٌ حَشْرٌ، وَذِفْرَى أسيلة ووجهٌ كمرآة الغريبة أسجح
(حشر: إذن لطيفة محددة. والذفرى: عظم ما خلف كل أذن من أذني البعير، وأسجح: سهل).
أما قوله: مرآة الغريبة. فقد خص به هذه المرآة لأن المرأة المغتربة عن أهلها؛ لا تستطيع أن تعرف عن حالها أو وجهها على الأخص شيئا إلا بواسطة المرآة لأن من معها من الناس ليسوا على استعداد لتنبيهها إلى وجود أي عيب يعتري وجهها، على جهة الخصوص. ولذلك فهي تهتم بمرآتها وتصقلها دائما.
والبيت من قصيدة طويلة وجهها الشاعر إلى محبوبته (مي) التي اشتهر بها، وشهرها في شعره ومطلعها:
أمنزلتي مي سلام عليكما على النأي والنائي يود وينصح
والفواكه ومنها الرمان يكثر ذكرها في قصائد الغزل، ويكثر تشبيه الحسان بها. ومن ذلك ما ورد في قصيدة للشاعر حافظ جميل كتبها عن فتاة تعلق قلبه بها وصارت له معها قصة طويلة نشرها بنفسه في إحدى المجلات القديمة الصادرة في سنة 1946م، أما القصيدة فقد كتبها قبل سنة 1940م، وقد جاء فيها:
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
يا خير ما أجنت الأغصان والكتب
يا مشتهى كل نفس مسها السغب
يا برد كل فؤاد مسه الوصب
وأبيات القصيدة لا سبيل إلى ذكرها لطولها.
وقد ذكر عن شعراء الأندلس أنهم كانوا يكثرون من ذكر الفواكه بأنواعها المختلفة في شعرهم، وقد قاموا بوصف كل ثمرة على حدة حتى صرنا نرى في شعرهم وصفا للرمان والتفاح والسفرجل والعنب وغير ذلك، ومما قاله أحدهم وهو الشاعر أحمد بن محمد بن فرح في ذكر الرمان:
ولابسة صَدَفا أحمرا
أتتك وقد مُلئت جوهرا
كأنك فاتح حق لطيـ
ـف، تضمن مرجانه الأحمرا
ومن هذا النوع من الشعر كثير.
واستُغل الرمان في شعر الغَزَل، فقد ذكره الشعراء كثيرا في هذا المجال، ولو أردنا أن نقدم أمثلة لذلك لوجدنا من قصائد الغزل التي تشير إلى الرمان شيئا كثيرا.
ولكننا هنا نريد الإيجار فنكتفي بذكر ما قاله الشاعر الرقيق بشارة الخوري (الأخطل الصغير) في مداه الغزلي.
إنه يحكي ما جرى بين أم وابنتها، وكانت الفتاة في بداية بلوغها، وفي قت شعورها بالتغيرات التي بدأت تظهر على جسمها من جميع نواحيه. فذهبت إلى أمها التي كانت جميلة مثلها، ومن ذلك بدأت الحكاية التي تضمنتها القصيدة التي كانت بدايتها كما يلي:
أتت هند تشكو إلى أمها
فسبحان من جمع النيرين
فقالت لها إن هذا الضحى
أتاني وقبلني قبلتين
لقد أضاف إلى وجهها إشراقا، وعندما جاء الدجى، وهبها من شعره خصلتين وضمها إليه وألقى على فمها نجمتين، فصار فمها باسما جميلا، وكحل مُقلتيها بذوب من سواده. ومضى ثم جاءت إلى الروض فحدثت أمها عما حدث لها منه قائلة:
وجنت إلى الروض يا روضتي
وهم ليفعل كالأولين
فخبأت وجهي ولكنه
إلى الصدر يا أم مد اليدين
ويا دهشتي حين فَتَّحْتُ عيني
وشاهدت في الصدر رمانتين
واستمرت الطبيعة تمنحها من مظاهر الجمال ما شاءت، وبعد استكمال ذلك قالت:
فها أنا أشكو إليك الجميع
فبا لله يا أم ماذا ترين
ولم تتردد أمها في أن تبلغها أن ما تحس به من تغيرات إنما تأتي لأمر طبيعي يمر به كافة النساء. وأنا – أمك – قد مررت بهذا الدور وعرفت هؤلاء الذين منحوك الصفات التي بدت لك من أفعالهم، وهاهو المشهد يتكرر لي مرة أخرى، ولكنه معك:
عَرَفْتُهُمُ واحدا واحدا
وذقتُ الذي ذقتِهِ مرتين
إنها حكاية بين فتاة وأمها، تتناول ما يجري في الحياة أبدعها شاعر كبير هو أمير الشعراء الثاني بعد أحمد شوقي. واستغل الرمان في تعبيره استغلالا جميلا.
٭٭٭
هذا هو ما لدينا عن الرمانة. وإلى اللقاء في مقال آخر.
المزيد من الصور
أخبار ذات صلة
الأزمنة والأمكنة
الأزمنة والأمكنة
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
145.9939
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top