الخميس
16/04/1447 هـ
الموافق
09/10/2025 م
الساعة
08:34
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
الظهر 11:35
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
منوعات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=395002&yearquarter=20144&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
الأزمنة والأمكنة
2014/10/28
06:02 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 5/0
الجوز واللوز.. تغذية ومنفعة
الجوز واللوز صنفان من أصناف المكسرات التي يحرص الناس على تناولها في المناسبات التي يلتقون فيها مع أصدقائهم ومع أهلهم. وهما من أبرز الأصناف، وإقبال الناس عليهما أكثر من إقبالهم على غيرهما.
الجوز معروف في الكويت منذ القدم يباع عادة عند بائعي الحلويات وعند البقالين، يحبه الاطفال جدا، ويلعبون به لعبة موسمها في وقت الشتاء حيث يتجمع عدد منهم في الباحات الكائنة بين منازلهم فيلعبون لعبة يسمونها «مكاسر يوز» أي جوز، فهم يشترون من البقال المجاور لهم بعض الجوزات ثم يبادرون إلى أخذ الرهان على الحبة من الجوز التي تكون قوية لا تخضع للكسر حين يضربون بعضها ببعض، يمسك أحد هؤلاء الصغار الجوزة في يده، ويمسك في اليد الأخرى جوزة يكون صاحبها واحدا من اللاعبين معه، فيقوم اللاعب بضرب الجوزتين ببعض فإذا انكسرت جوزته أخذها المراهن، وإذا انكسرت الأخرى كانت من نصيب اللاعب.
وكانوا يهتمون جدا بهذه اللعبة، ويقوم بلعبها أكثر من طفل في وقت واحد، ويحدثون بذلك ضجيجا كبيرا ويهتمون بحبة الجوز التي تعبر التحدي وتبقى في الضربات، فيقومون بأخذ شيء من لب المكسورة، ويدهنون به جسم الجوزة كله لأنهم يرون أن هذا يزيدها قوة وصلابة.
كانت لعبة شعبية جميلة، وذلك كان في وقت شحت فيه أنواع الألعاب عندنا فوجد أبناء البلاد معها ما يسليهم بالجوز.
وجاء ذكر الجوز في الأمثال الشعبية الكويتية فضربوا المثل بالجوزة للرجل الشديد الذي لا يتراجع عن عزمه، ولا يرده شيء عما هو عليه بأنه: «جوزة ما تأكلها ليما تكسرها»، أي انك لا تستطيع أكل لبّها إلا بعد أن تقوم بكسر قشرها الخارجي القاسي بمثل قساوة هذا الرجل. ويقال أيضا للرجل الشديد انه «جوزامكاسر» وهذا المثل يشبه في معناه المثل السابق.
وضربوا المثل – أيضا – بالجوز للشيء الذي يراه الرجل فيظن أنه من الأمور التي يعرفها جيدا، والواقع أنه ليس أي شيء يراه مشابهاً لما يعرفه سابقا كما ان: «ما كل مدلقم جوز» أي ليس كل شيء مكور يُعدُّ من الجوز، ولذا فإن المرء لابد أن يأخذ جانب الاحتياط في رؤيته للأشياء.
ونشير هنا إلى أن من أسماء النساء الكويتية القديمة اسم: جوزة، وهذا الاسم لا علاقة له بثمرة الجوز على الاطلاق، ولكنه مرتبط باسم كوكب منير مشهور هو «الجوزاء» وعند النطق العامي يلفظ هكذا: جوزة، ولبهائه وشدة انارته سميت بعض النساء باسمه، على التشبيه به في الإضاءة.
وهذا الذي نسميه عندنا الجوز يسمى في أماكن اخرى: «عين الجمل» وهو يتفوق على جميع انواع المكسرات المعروفة الاخرى من حيث احتوائه على أعلى معدل من معدلات مضادات الاكسدة، وهذه المضادات لها دور في حفظ بناء الجسم وابقائه بعيدا عن التدهور، فهي تقاوم كثيرا من الامراض، وتساعد على تقليل خطر الاصابة بمرض أو أمراض القلب، وتحمي المرء من فقر الدم، ثم إن الجوز ينشط الدماغ، ويحفظ المعدة من أية أشياء ضارة تعلق بها، ويبعث القوة في الكليتين والرئتين، وفوق كل ذلك فإنه مهدئ للأعصاب، يفيد الجلد الإنساني، وله دور كبير في معالجة تشققه، والتئام جروحه، ومن ناحية أخرى فقد ورد أن الجوز مضاد لأنواع الفطريات، طارد لكل ما يضر الإنسان مما يتكون بالجهاز الهضمي من ديدان وغيرها. وله دور كبير في المساعدة على الشعور بالارتياح، وقيل انه يؤدي إلى تحفيز إفراز الانسولين في الجسم مما يساعد على محاربة داء السكري من النوع الثاني.
هذا وقد وردت معلومات كثيرة عن ثمر الجوز، نراها في بعض الكتب، والموسوعات العلمية، وحتى الانترنت، وسوف نقدم هنا نماذج لما قيل عنه في مختلف المراجع دون ان نسهب في ذلك مراعاة للوقت والمكان.
مما قيل عن شجر الجوز انه من الاشجار المعروفة، وعلى الأخص في جبال لبنان، وفي سورية، كما يُرى هذا النوع من الشجر في اليونان وفي عدد من بلدان آسيا كإيران والهند وغيرهما، وورد الى الكويت من ثمار الجوز اخيرا ما هو ناتج من اشجار تنمو في اوكرانيا، والجبال العالية من المواطن الجيدة لنمو هذا الشجر، بحيث نجده على ارتفاع اربعة الاف قدم أو سبعة آلاف قدم ناميا منتجا لا تؤثر فيه برودة تلك الاجواء، واذا كان لون الجوز الذي نعرفه عندنا في الكويت وفيما حولها بنيا فاتحا، فانه منه نوعا آخر ينمو في شمالي امريكا له لون اسود.
وحبة الجوز تتكون من جزءين هما: اللب، والقشرة المحيطة به، وتركيب اللب يكون من السكريات والصمغ، والملاح المعدنية وبعض الفيتامينات.
اما القشرة فلها تركيب خاص يكون فيه: الزيت والصمغ والزلال وبعض الموارد المعدنية، وغير ذلك.. فانظر مدى ما في الجوز لبا وقشرة من المواد، وكلها مما يفيد الانسان.
والقشرة التي نتحدث عنها هنا هي التي تحيط باللب، وهي قشرة قاسية الى حد ما. ولكن حبة الجوز حين تكون فوق الشجرة لها قشرة اخرى تغطي القشرة القاسية، وتلك تكون لينة خضراء تسهل ازالتها، فإذا تم ذلك بدا لنا القشر الجاف الملتصق باللب.
ثم بعد هذا الذي ذكرنا ما الذي نريد أن نعرفه من الأمور التي تتعلق بثمر الجوز؟ والواقع أننا كلما استعنا بالذاكرة وجدنا ما يمكن ان يقال وعلى سبيل المثال فإننا نجد من فصّل تفصيلا واسعا حتى غَطَّى بتفصيله كافة جوانب الشجرة وثمرها، وبدأ بالأوراق فقال إنها ذات أثر مهم فهي قابضة ومنظفة ومعقمة أيضا. أما القشرة الخضراء التي أشرنا إليها فلها تأثير ملين للطبيعة البشرية، وإضافة إلى ذلك فإن للأوراق فائدة أخرى هي أنها مفيدة في علاج الأمراض الجلدية، وبخاصة ما يطلق عليه اسم: الالتهابات الفيروسية، والجوز يمنع الترهل ويجدد نشاط الإنسان، وقشرته الخضراء تقتل الديدان التي في البطن، وبخاصة الدودة الوحيدة.
وهو مانع لسقوط الشعر، ويساعد على التئام جروح الجسم، ويخفض السكر في الدم. وإذا تم تدليك مسامير الأقدام به أو بالقشرة اللينة الخضراء زالت هذه المسامير. هذا بالإضافة إلى فوائد أخرى.
وعند تتبعنا للكميات المنتجة من الجوز وجدنا ان الانتاج العالمي منه قد تزايد في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا، وكانت الزيادة الأكثر وضوحا من هذه المادة في آسيا فقد بلغ الإنتاج العالمي في سنة 2010م خمسمائة وخمسين ألف ومليوني طن متري من ثمار الجوز، وانتجت الصين أكبر مقدار من هذه المادة المهمة غذائيا وصحيا.
هذا وقد وردت دراسة علمية جامعية على الجوز قام بها علماء بارزون. وقد ظهر من نتيجة ذلك:
- أكدت نتائج دراسة قام بها خبير من جامعة تكساس أن تناول أربع جوزات يومياً يرفع من مستوى (أوميغا) في الدم بالمقدار الذي يحتاجه جسم الإنسان، وهذا المقدار يستمر معه متناول الجوز لمدة أسبوعين حتى لو توقف عن تناول هذه الثمار.
- وقد تبين – وهو أمر أشرنا إليه فيما مضى – أن الجوز هو أغنى الثمار بأوميغا (3) من بين كل أنواع المكسرات، وهو في ذلك يتساوى مع تناول الأسماك أو زيتها.
- وردت دراسات علمية منشورة في محله (التغذية الأمريكية) تفيد بأن تناول الجوز يساعد على تنظيم النوم وعلى حث الجسم للدخول فيه، وأنه – بالإضافة إلى ذلك – يساعد على تحسين مستوى القدرات الذهنية والعقلية.
- وورد في الدراسات العلمية أن تناول الجوز يخفف من حدة التفاعلات في حالة وجود الالتهابات إذا كانت في المفاصل، أو في الرئتين، أو الجلد.
٭٭٭
هذا وفي كثير من المراجع نرى ما يدلنا على أن بعض المكسرات سُميِّت بغير الأسماء التي نطلقها عليها في الكويت، إذ إن للجوز أسماء عندهم يكاد يقترب – إن لم يتطابق – مع الاسم المحلَّي، فهذا كتاب اسمه: «المسوعة العربية الميسَّرة الذي نشرته الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، قد ذكر الجوز على الصفة التي ذكرناها هنا فعدد كثيرا مما يطلق عليه هذا الاسم، وعلى سبيل المثال فإننا نراه يورد مايلي:
-1 الجوز: وهو المعروف عندنا، وقد قال باختصار إن الجوز يزرع لخشبه وثمره، وهناك نوع سماه «الجوز العجمي» أو «الانجليزي»، وهما يزرعان في كاليفورنيا الأمريكية وهو يؤكل نيئا أو في الحلوى، والجوز الأسود وموطنه شرقي الولايات المتحدة، واستعماله يكون من أجل إكساب الأطعمة والأشربة نكهة طيبة، ثم قال: ولخشب الجوز قيمة كبيرة في صناعة الأثاث، وتستعمل أغلفة الجوز في الصباغة (وهو يقصد الأغلفة الخضراء اللينة).
ثم بعد ذلك ذكر أنواعا أخرى منها ما أطلق عليه اسم جوز استراليا، وجوز البرازيل وجوز الفوفل، وجوز القيء وجوز الكاشيو الذي نسميه: الكازو، وجوز الهند: الناريل أو النارجيل.
ومما ينبغي أن نشير إليه هنا أن داود الانطاكي ذكر الجوز في كتابه: «تذكرة أولي الألباب والعجب العجاب» وبيَّن أنه أنواع كثيرة ومما يسمى الجوز (النارجيل) وهو الناريل عندنا ولكنهم يضيفون إليه فيقولون (جوز الهند)، وقد بين الأنطاكي مواعيد غرسه وتحويله من مغرسه إلى المكان الدائم الذي يتم اختياره له، وذكر أن شجر الجوز ينتج بعد ثلاث سنوات من غرسه، أما شجرته فتُعمِّر إلى مائة سنة، ثم تحدث عن الفوائد الطبية لثمرة الجوز فقال إنها دواء لأوجاع الصدر والقصبة والسعال المزمن وسوء الهضم، وحذَّر من استعمال الجوز القديم ذاكرا أنه ضار بل وسام.
ثم ذكر عدة أنواع من النباتات والاثمار يأتي في أسمائها اسم الجوز، وكما ذكر جوز الهند فإن من المعروف إلى اليوم جوز أو جوزة الطيب، وكان يسمى قديما «جوز بوا»، وجوز «مائل» ويعرف باسم الداتوره وهو منوم، هذا إلى جانب أسماء أخرى لا نعرفها الآن وهي بحسب وصفه لها لا تشابه الجوز بأي حال، هذا وبعضها له فائدة والبعض الآخر لا فائدة له إلا أن يمزج مع غيره من الثمار أو الأعشاب.
إذن فإن اسم الجوز ينطبق إذا أطلق بدون أية إضافة على الجوز الذي نعرفه في الكويت، وقد وصفنا وضعه عندنا، وكيف كان يستعمل.
وبخلاف الانطاكي فان ابن منظور صاحب لسان العرب ذكر ان اسمه ورد إلينا من أرض فارس وقال: «والجوز واحدته جوزة، والجمع: جوزات ونقل عن أبي حنيفة الدينوي أن شجر الجوز كثير بأرض العرب، وذكر – أيضا – ان الجوز قد جرى في كلام العرب وأشعارها، ووصف خشبه بأنه شديد الصلابة والقوة، وتمثل لذلك بقول الشاعر الجعدي:
كان مقطَّ شراسيفه إلى طرف القُتب فالمنقبِ
لُطِمْنَ بتُّرس شديد الصِّفا ق من خشب الجوز لم يُنقبِ
(يصف حصانه بالشدة، والشراسيف جمع شرسوف وهو رأس الضلع مما يلي البطن، وما لحق ذلك مواضع في بطن الدابة.
قوله: لُطمْنَ أي لُصِقن: الجلد الذي يليه الجلد الذي عليه الشعر يقول الشاعر: ذلك الموضع من الحصان كأنه ترس لمتانته).
وللنابغة الجعدي – أيضا – قصيدة ذكر فيها خشب الجوز ومطلعها:
الحمد لله لا شريك له من لم يقلها فنفسه ظلما
المولج الليل في النها ر وفي الليل نهاراً يُفَرِّجُ الظلما
وهنا قال ابن منظور ان هذا الشاعر زعم أن سفينة سيدنا نوح قد بنيت من خشب أشجار الجوز، وإنما قال ذلك لصلابة هذا النوع من الخشب وجودته، وبهذا قال:
يرفع بالقار والحديد من الجو ز طوالا جذوعها عُمما
نودي قم واركبن بأهلك إن الله مُوفٍ للناس ما زعما
(عُمما: جمع عميم، وهو كل ما اجتمع وكثر، يقال للنبات إذا طال: قد اعتمَّ). وكل هذا يدلنا على أن أصل كلمة الجوز عربي.
٭٭٭
إذن فهذا هو الجوز، وتلك هي أنواعه وفوائده للإنسان. وهو من المكسرات التي تنتشر في أماكن عدة فنرى الناس يقبلون عليها، فيأكلونها نيئة، أو يأكلونها مطبوخة مع بعض الحلويات التي تتفنن ربة البيت في صنعها، وبخاصة في المواسم المختلفة. وعرفنا مما تقدم – أيضا – المصادر التي يرد إلينا منها الجوز بكافة أنواعه وقد تبين لنا – كذلك – مدى الاهتمام به في الكويت لدى الكبار ولدى الصغار.
٭٭٭
وننتقل الآن إلى الحديث عن اللوز، واللوز ثمرة من الثمار المعروفة في الكويت قديما، وكان يسمى عندنا باسم «البيذان». ومنذ القدم ونحن نعرف من اللوز ما يلي:
-1 لوز نسمِّيه لوز البحرين، وهو يأتينا من هذا البلد الشقيق، فيقبل عليه الناس يأكلون غلافه الذي كان في الأمر أحمر اللون، ثم يكسرون النواة لاستخراج ما بها من لب لذيذ الطعم. ونادراً ما يأتي مسافر عائد من تلك البلاد إلا ويحمل معه هدايا لمن يحب أولها: لوز البحرين. ومع الأسف فإن كمياته قليلة، نتمنَّى أن ينال الرعاية بحيث تتم زيادة أشجاره، ويكثر محصولها.
-2 شربت البيذان، أي شراب اللوز، وهو نوع من المشروبات التي تستعمل في صناعتها هذه الثمرة يضاف إليها مقدار من السكر، وبعض المنكَّهات. وكان - قديماً - يأتينا من الهند، ولا يزال لم ينقطع عن عادته في الوصول إلى بلادنا منذ وقت سحيق، والناس هنا تقبل عليه في شهر رمضان المبارك. ولكنه الآن صار يقدم في الديوانيات على مدار السنة. وصار يأتي بالإضافة إلى مصدره الهندي من مصادر أخرى منها: إيطاليا وفرنسا والنمسا.
-3 يأتي من اللوز ما هو مغلف بطبقة حلوة ذات ألوان متعددة. كان يُعَدُّ محلياً، ثم صار يجلب من الخارج ونحن نسمي هذا النوع من اللوز المغطى بالمادة السكريَّة الملون باسم: بيض الصعو. وقد تحدثنا عنه في مقال قديم من مقالات «الأزمنة والأمكنة». انظر المقال الصادر منها في: 2013/8/21م.
فإذا تجاوزنا هذا الحديث فإننا سوف نذهب إلى البعيد فنقول عنه ما يلي: كان اللوز في العصور العربية الماضية مشهوراً، له عدة استعمالات في الطبخ، ولاسيما في صنع الحلويات، ومن ذلك أنهم كانوا يحشون به القطائف.
وهي حلوى معروفة عندنا اليوم، يقوم لها سوق في شهر رمضان المبارك، فنرى في الجمعيات أركانا تصنع بها عجينتها ثم تؤخذ إلى البيوت فتُحشى ثم تُقلى، ثم يوضع عليها سائل سكري يكسبها حلاوة، وهذا السائل نسميه: الشِّيرة. ولئن كان القدماء يحشون القطائف باللوز، فهي اليوم تُحشى بأحد نوعين هما: الجوز أو القشطة التي نسميها القيمر.
وكان قدماء الشعراء ولاسيما في العصر العباسي يكثرون في شعرهم من ذكر أنواع الحلوى، ومنها القطائف، وقد جاء في أحد كتب الأدب: «ومن مليح ما قيل في القطائف قول علي بن يحيى بن أبي منصور المنجِّم:
قطائف قد حُشيت باللوز
والسكر الماذي حَشوَ الموز
يسبحُ في آذيِّ دهن الجوز
سُررتُ لماَّ وقعت في حوزي
سرور عباس بِقْربِ فوز
(الماذي: العسل، الآذي: المعرج، حوزى: نصيبي عباس وفوز: الشاعر العباس بن الأحنف، ومحبوبته فوز، وهما مشهوران بسبب أشعار العباس حول علاقته بها).
ومن أصناف الحلوى القديمة ما كان يُطلق عليه اسم: اللوزينج، ومن اسمه تبدو علاقته باللوز، فهو يصنع من عجين القمح ويضاف إليه السكر ودهن اللوز، وعنه قال ابن الرومي قولاً ذكرهُ قدماء الأدباء فقالوا: إنه لا أحد قبله ولا بعده وصف اللوزينج بهذا الوصف:
لا يُخطئنِّي منك لوزينج إذا بدا أعجب أو عَجَّباَ
لو شاء أن يذهب في صخرة لَسَهَّلَ الطِّيب له مذهبا
لم تُغلق الشهوة أبوابها إلا أبت زُلفاهُ أن يُحجبا
وهذه القصيدة من أطول قصائد ابن الرومي، وقد قالها مهنئاً أحد رجال عصره بابن ولده، وأولها:
شمس وبدر أنجبا كوكباً أقسمت بالله لقد أنجبا
وابن الرومي شاعر غني عن التعريف هو من شعراء العصر العباسي البارزين، له ديوان شعر كبير مطبوع، وقد اشتهر بحب الأكل حتى قال عنه أبو اسحق ابراهيم بن علي الحصري القيرواني في كتابه: «زهر الآداب وثمر الألباب»: «وكان ابن الرومي منهوماً في المآكل، وهي التي قتلته».
كما اشتهر بالتطيُّر وخوف النحس حتى وردت عنه في هذا الشأن حكايات كثيرة وغريبة.
وإذا انتقلنا من مجالنا هذا إلى مجال آخر، فإننا نرى أنفسنا ملزمين بالحديث عما ورد في الكتب القديمة، ومنها كتاب داود الأنطاكي الذي ذكرناه عند حديثنا عن الجوز وهو بالإضافة إلى ذلك تحدث عن اللوز فقال:
إنه من نوعين أحدهما برِّي والآخر بُستاني، ثم قال: إن منه ما هو حلو، ومنه ما هو مر، وهو نتاج شجرة تشبه الرمان، ويصلح نباته في المناطق الباردة، وفي الأرض البيضاء أو على الجبال. والمقصود عند اطلاق هذا الاسم وهو: اللوز: الثمر، وهو – أيضاً- من نوعين أحدهما رقيق القشر يفرك باليد فيستخرج بذلك اللب. والثاني غليظ لا يظهر لُبه إلا بواسطة الكسَّارة.
وذكر- كذلك- أن له فوائد صحية كثيرة من الصعب علينا أن نوردها جميعها في هذا الموضع، وذلك لكثرة ما أورده منها من جهة، ولعدم تيسُّر ما يؤكد كل ما قاله من جهة أخرى، وهذا الأمر الأخير هو ما سرنا عليه في أحاديثنا حول سائر الأعشاب والمواد ذات الصفة الطبية. وقد لجأنا إلى ذلك لأن الحذر مطلوب في مثل هذه الأمور، ولابد من الاحتياط.
٭٭٭
طوفنا مع الجوز واللوز، وذكرناهما في الكويت وفي غيرها كما أشرنا إلى منافعهما الغذائية والصحية. ولكن الحديث عنهما لا ينتهي، ولئن كنا قد ذكرنا بعض الأبيات مما قاله عدد قليل من الشعراء يذكرون فيها كلا من الجوز واللوز؛ فإن حول هاتين المادتين شعر كثير من القديم ومن الحديث وكانت الأندلس من البلدان التي تزدهر فيها أشجار الجوز واللوز، وتبدو فيها أزهار اللوز الجميلة الفاتنة.
ولذا فقد وجدنا من أبناء الفردوس المفقود من يشير في شعره إلي هذا ويعجب له. ومن ذلك الذي وردنا شعر لأبي عامر بن مسلمة واسمه محمد بن عبدالله، وكان شاعراً وأديباً من أهل الأندلس، قيل إنه من بيت علم وشرف ووزارة، وأنه ولد في مدينة قرطبة وأخذ عن علمائها الأجلاء علوم الأدب واللغة.
ومما قاله يذكر زهر اللوز:
يا زَهَرَ اللوز لقد فقت في الـ إحسان و
الحسن فأنت البديع
قد حزت حسنين وحازت نوا وير الرُّبى حسنا فأنت الرفيع
تعلو بهار الروض حسناً فقد أصبحت مخصوصا بحب الربيع
وضرب الشاعر عبدالرحيم بن علي المعروف بالقاضي الفاضل مثلاً للرجل الذي لا يعود إلى الحق ولا ينتفع به أحد إلا إذا ضرب، وعند ذلك يذعن ويسلِّم بالأمر الواقع فهو كالجوز لا تستطيع أكله إلا بعد كسره، والعود (البخور) الذي لا تجد له رائحة شذية إلا بعد حرقه:
الجوز تكسرُهُ وتأكل قلبه والعود تحرقه فَيَنفَحُ طيبه
في الناس من لا يُرتَجى نفعه إلا بضربٍ من يديك يصيبه
والقاضي الفاضل من وزراء صلاح الدين الأيوبي، وكان من مواليد مدينة عسقلان بفلسطين وانتقل منها إلى الاسكندرية ثم القاهرة حيث زاول أعماله. ونظم أشعاره.
ومما ورد في الشعر الحديث عن اللوز قصيدة كتبها الشاعر محمود درويش، وهو كعادته يكتب على طريقة الشعر غير العمودي واسمها: زهر اللوز، يتحدث القسم الأول من القصيدة عن صعوبة الكتابة حول موضوع اللوز فالشاعر يقول:
لوصف زهر اللوز
لا موسوعة الأزهار تُسعفني
ولا القاموس يسعفني
سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة
والبلاغة تجرح المعنى
وتمدح جرحه
كمذكَّر يُملي على الأنثى مشاعرها
فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا؟
وأنا الصدى؟
ويضيف أن اللوز الذي اتحدث عنه إنما هو شفيف كأنه ضحكة مائية نبتت على الأغصان، وقد كان ظهورها بسبب النَّدى المتساقط مع الفجر، فوق أغصان شجرة اللوز.
ثم إنه يحاول أن يتجنب وصفه لهذا الزهر، لأنه يرى أن في الأمر فلسفة مغيبة لا يستطيع الوصول إلى أغوارها:
لوصف زهر اللوز تلزمني
زيارات إلى اللاوَعْي تُرشدُني
إلى أسماء عاطفة
معلقة على الجدران
ثم يقوم بربط المنظر اللوزي بالمشهد الوطني، فهو يستغني عن هذا الربط بحكم أنه شاعر من شعراء الثورة الفلسطينية الذين يسخرون إبداعهم لهذه الثورة:
لا وطن ولا منفى، هي الكلمات
بل ولَعُ البياض بوصف زهر اللوز
فها هو في تعاليه على الألوان والكلمات
ثم تخيل أن مؤلفاً قام بكتابة مقطع عن زهر اللوز فوصفه بما كتب، وحينذاك انكشف الأمر الذي كان يرمي إليه الشاعر محمود درويش، فإن هذا النشيد الذي ابتدأه بذكر زهر اللوز له سبب، وله داعٍ مهم في ذهن الشاعر والدليل على ذلك هو قوله:
لو نجح المؤلف
في كتابة مقطع في وصف زهر اللوز
لا نحسر الضباب
عن التلال
وقال شعب كامل:
هذا هو
هذا كلام نشيدنا الوطني
٭٭٭
لا نريد أن نفيض في الحديث عن الجوز واللوز بأكثر مما ذكرنا منذ بداية المقال إلى نهايته. ولعل ما جرى به القلم كاف للتعبير عن أهداف هذا الموضوع.
أخبار ذات صلة
الأزمنة والأمكنة
الأزمنة والأمكنة
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
81.0043
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top