مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

داعش بين المنظورين الجيوبوليتيكي والأثنوسياسي

د. عبدالله يوسف سهر
2014/09/06   11:35 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا

الجيوبوليتك بمعناه العلمي يتجاوز مجرد الوصف للجغرافيا السياسية الى ما يدخل في صلب التكتيك السياسي من خلال منظور جغرافي يستهدف تغيير الخارطة الواقعية لأخرى تصورية تحاكي مستقبلا تتغير فيه لعبة القوة والمصالح. أما الأثنوسياسية فهو مصطلح يتناول التوزيع السياسي للمجاميع العرقية أو الدينية وغيرها حيث تتقاطع بينها حواف الصراع والتعايش.
للولايات المتحدة الامريكية والكتلة الغربية المتحالفة معها تنظر للشرق الأوسط من خلال نظرة جيوبوليتيكية تضمن من خلالها مصالحها الحالية والمستقبلية.وهذا المنظور بطبيعة الحال لابد أن يتعاطى مع العديد من المتغيرات لا سبيل لحصرها ولكنها اجمالا تلك التي تؤثر في معادلة الهيمنة أو على الأقل التأثير في الواقع سواء من خلال القيادة أو الادارة عن بعد.بعد التغيرات الهيكيلة للنظام الدولي التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتي وتبدل نظام القطبية العالمية وجنوحها للشكل المتعدد للقوى، أخذت الولايات المتحدة بوصفها الخاسر والمتأثر الاكبر من تلك التغييرات بترتيب سياساتها العالمية ومنها تلك التي في الشرق الأوسط، وهذا ما يتمثل بافصاح الكثير من ساستها عما سموه بالشرق الأوسط الجديد.
نظريات الشرق الأوسط الجديد، وعلى الرغم من تشابهها في استهداف ضمان القيادة للمنطقة، الا انها لم تستقر على شكل محدد حيث كانت في محل تنافس استراتيجيتين الأولى تتمثل في دعم التحول للديموقراطية أما النظرية الاخرى فهي تستقر على اجراء التحولات الاقتصادية مع دعم محدود للتغييرات السياسية الكلية التي تقتصر على تطبيع العلاقة مع اسرائيل.
وبالتجربة العملية فشلت التطبيقات المخبرية التي أجريت في الواقع لكلا النظريتين وذلك لعدة اسباب على رأسها استفحال الحركات الاسلامية وخاصة المتطرفة والتي صنفت على انها منظمات ارهابية، علاوة على معارضة بعض دول المنطقة مثل ايران وحتى بعض الدول الصديقة والتي منها دول خليجية لسياسات واشنطن الجديدة.
وعلى أثر ذلك بدأت تبرز أفكار مكافحة الحريق بالحريق باستخدام «الداء» لوصف الدواء والذي يتمثل في الدعم غير المباشر لبعض الجماعات المتطرفة ضد الخصوم التقليديين سواء أكانوا دولا أو منظمات.وعلى الرغم من ان هذه الاستراتيجية لا توفر القيادة مثل سابقيها بيد انها تعمل على توفير الادارة لحركة الواقع.كما ان الدعم غير المباشر يكون أكثر ملاءمة في ضوء الخبرة التي امتلكتها الولايات المتحدة من خلال تعاطيها المباشر مع بعض الحركات الاسلامية مثل القاعدة حيث تستطيع التحلل منها أو توظيفها بسهولة وفقا لمستجدات الواقع.ومن هنا يتضح صعود جماعات متطرفة تلبس الثوب الاسلامي مثل النصرة وداعش بدلا من القاعدة.كما ان هذه الحركات الجديدة تعمل على تحويل أهدافها الارهابية من الجبهة الغربية التي تمثل الولايات المتحدة وحلفاءها الى الجبهة الشرقية وما تمثله من دول المنطقة وجماعات اسلامية أخرى.ومن الجدير ذكره أن تكتيك «الادارة والتحكم عن بعد» لهذه الجماعات لا يحمَّل الدول المستفيدة منها أي وزر سياسي سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي لحكوماتها، علاوة على امكانية توظيفها كورقة ضغط على الحكومات في المنطقة سواء كانت صديقة أو معادية. وهذا بالفعل ما تحقق حيث تلعب داعش اليوم هذا الدور المراد منه على المدى البعيد التغيير الجيوبوليتيكي للمنطقة بأسرها.والخطورة تكمن في مثل هذه الاستراتيجية انها تستخدم تكتيكاً يقف على تحفيز العوامل الأثنوسياسية وخاصة التي تكمن في التصعيد المذهبي بين السنة والشيعة.فمن جهة يمكن للعديد من الأطراف سواء أكانت دولا أو مجموعات تسمي نفسها بالاسلامية الاستفادة من معزوفة الوتر الطائفي وذلك من خلال ما تجنيه من فوائد التجييش واكتساب الشرعية، الا ان الأعراض الجانبية وتداعياتها ستكون كارثية وبخاصة على دول المنطقة. ففي كلا الحالتين سواء استمرت هذه الجماعات المتطرفة ونجحت في تثبيت أركانها السياسية فانها ستتحدى شرعية ووجود دول المنطقة، أو ان لم يكن نصيبها الاستمرار حيث ستعود كوادرها لمواطنها ولتتلاقح من الخلايا النائمة والمناصرة من أجل شن حرب ثأر جديدة في مواطنها.ولذلك فان بعض الأطراف من دول المنطقة قد تستفيد تكتيكيا من أخذ دور الوسيط والناقل لهذا الدعم، لكنها ستخسر استراتيجيا في حال الاستمرار وهذا ما اتضحت ملامحه في تهديدات داعش لبعض هذه الدول.وعليه، فان أخذ دور الوسيط في نقل الدعم المعنوي أو الاعلامي أو المادي هو خطأ استراتيجي كبير على المدى البعيد سواء على جميع دول المنطقة وشعوبها، وحتى على من صنع تلك الجماعات ولعب دورا غير مباشر في دعمها، فالتحكم عن بعد سوف يفقد فعاليته حتى بعد محاولات شن الحرب على «وحش هوليوود» بعد خبرة دعم «وحش تورابورا».

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1619.0103
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top