مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

إضاءة

المثقف.. «نائب» عن الأمة

فاخر السلطان
2014/05/27   10:47 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

بعضهم يكتبون كتابات لا يستطيع الشخص العادي أن يهضمها أو يفهمها


حينما نتساءل هل المثقف هو نائب عن الأمة؟ نقصد من ذلك هل يجب على المثقف ان يكون حريصا على ان يوافقه الناس؟ بالطبع الجواب هو بالنفي.
المثقف حريص على أمور أخرى كثيرة، أبرزها حرصه على ان يكون وسيطا بين الحقيقة وبين الواقع.أي ان يسعى الى نقل آخر النظريات العلمية (الحقيقة العلمية) الى الشعب من خلال لغة مفهومة، من أجل تغيير وتعديل واقع الشعب وتحسين وضعهم الحياتي والمعيشي والسعي لوصلهم بحقوقهم.
بالمقابل، لا يجب على المثقف ان يكون ناطقا باسم الناس.يجب ألاّ يشترط أن ما يقبلونه لابد ان يقوله، وما لا يقبلونه لن يتفوّه به.فانْ قبِل بذلك فسيكون تحت امرة الناس، تابعا لهم، في حين هو حلقة الوصل - كما قلنا - بين الحقيقة وبين تحسين واقع الناس.هو يقف في المنطقة التي تفصل بين الحقيقة وبين الناس، فيسعى الى نقل هذه الحقيقة اليهم «ليقلّل من آلامهم» حسب تعبير المفكر الايراني مصطفى ملكيان.فالمثقف هو «الحَكَم». لابد ان ينتقد الناس اذا دعت الحاجة الى ذلك.أي عليه - على سبيل المثال - ان يقول لهم بأن هذه الأمور التي تؤمنون بها صحيحة أو غير صحيحة.
كما عليه ان يساهم في الارتقاء بحياة الناس.وهو ارتقاء لن يتحقّق الاّ بتبنّيه لغة يفهمها الناس.غير ان بعض المثقفين يكتبون كتابات لا يستطيع الشخص العادي ان يهضمها أو يفهمها.وأتساءل هنا، ما الهدف من هذا النوع من الكتابات؟ لكني لا أجد الا اجابة واحدة عن السؤال وهي ان بعض المثقفين يصرّون على ان يبقوا نخبا، على الرغم من ان دور المثقف ليس ذلك.فالنخب هم المتخصصون، لا المثقفون الذين يجب ان يعوا ما يقولون.في حين نجد بعض المثقفين لا يعون ما يقولونه، لأن كل ما يصدر عنهم هو تكرار لأقوال الآخرين، فينقطع حبل الفهم بينهم وبين الناس، ويتلاشى أي تأثير لهم في تغيير حياة الناس.
فالقول من شأنه ان يصبح عميقا اذا وصل الى أذهان الناس.وفي حال لم يصل لن يصبح عميقا، لأن الذي يجب ان يحكم عليه بأنه عميق لم يفهم القول.فيأتي التقليد هنا ليستولي على موقع الفهم، فيكرّر الشخص أقوال الغير من دون أي فهم.
ان الكثير من المثقفين يتحاشون الاشارة الى أنهم لم يفهموا عبارة خاصة أو فكرة معينة أو نظرية ما، لكي يبعدوا شبهة عدم الفهم عن أنفسهم أمام الناس.لذلك، يفضلون، وبغرور واسع، ان يردّدوا بعض العبارات الغامضة غير المفهومة على ان يقولوا للناس بأنهم لا يعرفون.لذلك، فشلوا في ايصال بعض المفاهيم الحيوية المهمة الى الناس.
فحينما تم الحكم بسجن بعض المدونين في تويتر في ظل وجود مادة واضحة في الدستور الكويتي تدافع عن حرية الرأي والتعبير، لم يكن رد الفعل الشعبي في الدفاع عن حق هؤلاء في ابداء آرائهم يضاهي أحكام السجن بما يجعل الناس ينتقدون تلك العقوبات، لماذا؟ لأسباب متعددة، أبرزها ان المثقف لم ينجح في ايصال مفهوم حرية الرأي والتعبير بصورة صحيحة وواضحة وشفافة الى أفهام الناس بما يجعلهم يعتبرونه أهم من العقوبات وتكميم الآراء وسجن أصحابها.
فبعض المثقفين دافعوا عن الديموقراطية، لكنهم فشلوا في ربطها بمبدأ حرية الرأي والتعبير الذي لا يمكن بتاتا فصله عن الشأن الديموقراطي، وبطبيعة الحال أدى ذلك الى ان البعض أصبحوا لا يهتمون بسجن صاحب الرأي، فيما البعض الآخر أيّدوا السجن وطالبوا بعقوبات أقسى.فلو كان المثقف قادرا على وصل حبل حرية الرأي بجسم الديموقراطية، باعتبار ان الديموقراطية ستكون مزيفة من دون وجود رقابة تستند الى حرية الرأي والتعبير، لرأينا اختلافا بالموقف الشعبي من رفع قضايا على المدونين وسجنهم.
يقول ملكيان «اذا فتحت كتابا ولم تفهم ما ورد فيه، فلا تلم نفسك فورا وتقل بأنني لا أملك ذهنا واعيا ولايزال مستوى تفكيري وفهمي متواضعا ولابد ان أتعب على نفسي بمزيد من القراءات، بل لابد ان تسأل مؤلف الكتاب، لِمَنْ ألّفه؟ هل ألّفه لنا لكي نفهم؟ نحن لم نفهم، اذاً الكتاب فاشل».

فاخر السلطان
fakher_alsultan@hotmail.com
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
449.9937
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top