مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

على المحك

«المعارضة والحكومة والإصلاح»

عبدالرحمن المسفر
2014/02/24   12:55 ص

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

ليعلم الائتلاف أن كثيراً من أعضائه قد رسبوا في امتحان إنقاذ الوطن


«إخفاق القوى التي أطلقت على نفسها المعارضة في قيادة قاطرة الإصلاح سبباه: افتقادها إلى مشروع وطني مقنع وانعدام الثقة في غالبية رموزها» - من مشاهد الحالة السياسية الكويتية - .
اقترفت التجمعات المعارضة خطأين جوهريين أديا إلى تفككها سريعاً وانحسار رقعة المناصرين لها، الأول ويتعلق بمحاولتهم استنساخ جملة من الصور الثورية التي اجتاحت بعض البلدان العربية ومن أبرزها المظاهرات ورفع سقف المطالبات والعنف اللفظي والتمرد السلوكي، وقلنا وقتها إن أدوات إصلاح البيت الكويتي ينبغي أن تكون وفق خصوصيته، لأسباب أربعة وجيهة عادة ما تدفع الشعوب للانقلاب على أنظمتها - ولا يتوافر أي منها في الحالة الكويتية - أولها ويتصل بسوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار ظواهر الفقر والعوز والأمراض، وثانيها ويرتكز على الاستئثار المطلق بالسلطة وعدم تمكين الشعوب من المشاركة السياسية بأي شكل من الأشكال، وثالثها ويتلخص في سيادة الاستبداد والقهر وانهيار فاعلية التكوين المؤسسي ولاسيما القضائي والتشريعي، ورابعها ويتمثل في حظر الأنشطة والتجمعات العامة والتضييق على الحريات العامة واقتياد المتهمين إلى السجون خارج إطار القانون.
ونحن هنا لا ندعو إلى الرضوخ إلى سطوة الفساد أو الاستسلام إلى العابثين بمقدرات البلد، ولكننا نختلف مع من يلعب بورقة «الشارع» لفرض ارادته، حيث رأينا بأم أعيننا كيف دارت أحوال ثورات الخريف العربي!!، كما أننا لا نبرئ ساحة بعض الأجهزة الحكومية المحلية من ارتكاب بعض الممارسات المشينة، فضلا عن سوء تقديرها للموقف ازاء الموجات الاحتجاجية المتلاحقة، غير أنه لابد من التأكيد على حقيقة جوهرية قبلها من قبلها وأنكرها من أنكرها ومفادها: أن نظام الحكم في الكويت لا ينتهج القمع سلوكاً ولا يعتنق العنف مذهباً، وكل ما حدث لا يعدو أن يكون في نطاق ردود الأفعال.
أما الخطيئة الثانية التي وقعت في شباكها المعارضة فتمثلت في مراهنتهم على الطريقة نفسها التي استخدموها في إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد وحل برلمان 2009، الا أن الحشد في ساحة الارادة والمظاهرات المتحركة لم يفلحا في التأثير على مجريات الأمور تجاه أزمة «الصوت الواحد»، ولعدم وجود قضية وطنية عميقة وراسخة، إضافة إلى انكشاف أهداف بعض الرموز المعارضة وضحالة بضاعتها، أصبح الحراك المتوهج أشتاتا ثم سرعان ما انطفأ كأنه لم يكن.
ولم تكن القوى السياسية التقليدية على دراية بما كان ينتظرها في نهاية نفق معركة الصوت الواحد، ولذا كانت الهزيمة السياسية مدوية، وكان المشهد التالي هو «المكابرة السياسية» بعدم المشاركة في الانتخابات ذات الآلية التصويتية الجديدة، على الرغم من ان عالم السياسة لا يرحم من يسرف في استعمال حماسته على حساب ذكائه، وها هي أطراف المعارضة نفسها تكرر أخطاءها من خلال محاولة استنهاض الشارع من بوابة الاعتراض على «الاتفاقية الأمنية» ولكن من دون جدوى!!.
في الممارسة السياسية الذكية يستعمل مصطلح «وسائل الضغط والتأثير» بدلاً من المواجهات البشعة أو التظاهرات العشوائية، ففي الأولى يمكن تغيير قناعات متخذي القرار أو التأثير عليها كما حدث مع «الاتفاقية الأمنية»، أما في الثانية فلن نجني الا مزيدا من التصلب في المواقف، والمشكلة الكبرى ان من يعدون أنفسهم من مخضرمي العمل الوطني لم يقرأوا تاريخنا السياسي جيدا وانما يريدون ان يقفزوا على حقائقه.
أجزم أن المدخل الحقيقي لإصلاح أوضاعنا الراهنة ينبغي أن ينطلق بحوارات هادفة ومتواصلة من داخل السلطة، أولاً لترتيب البيت الداخلي وثانياً لصياغة ملامح عصرية للدولة، وخلافاً لذلك، سيكون جهدنا «كلام في كلام»، وثمة شخصيات فعالة ومقبولة من داخل أسرة آل الصباح الكريمة الطيبة يمكن أن ترسم هذه الأدوار متى ما توافرت لها الفرصة المواتية للقيام بترتيب أولويات هذا الملف المهم، ويجب ألا نتناسى أنه يكمن في إطار تلك الأسرة مركز صنع القرارات الفعالة، وما رئاسة الحكومة وقراراتها المفصلية إلا انعكاس لما يجرى هناك، وكان حرياً بمن يطلقون على أنفسهم «المعارضة» أن يفتحوا قنوات حوارية مع أركان الأسرة لتصحيح الأوضاع الخاطئة والمجاهدة بالدفع بعجلة التنمية والبناء، عوضا عن اضاعة الوقت في مطالبات غير مقنعة من قبيل: الإمارة الدستورية وحكومة منتخبة ورئيس وزراء شعبي، فكل تلك الأمور، ليست الوصفة العلاجية لأسقامنا المزمنة.
معارضة الشارع لن تنجح في تحقيق أمنيات الإصلاح المأمولة وكذلك العمل على محاصرة الفساد المالي والإداري وغيرهما، وعلى «ائتلاف المعارضة» أن يستوعب الدرس ويغير من نهجه إذا أراد ان يستعيد شيئا من بريقه، ثم عليه أيضا أن يحيل الحرس القديم «المهذري» إلى التقاعد ويستبدله بعناصر شبابية وطنية تعرف ماذا تقول، وليعلم ذلك الائتلاف أن كثيراً من أعضائه قد رسبوا في امتحان «إنقاذ الوطن» أمام الشعب، ولذا لابد من تقديم آخرين أكثر احترافا وتقبلا.
أخيرا: بالحكمة والموعظة الحسنة نبني وطننا... ولكن أين هم الحكماء؟!


عبدالرحمن المسفر
Almesfer2013@hotmail.com
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
344.0128
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top