مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

رحرحة

الدولة الرخوة

أسامة غريب
2014/02/15   10:15 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



قرأنا بالصحف وشاهدنا بالتلفزيون تسريباً عن محادثة جرت بين الرئيس المعزول محمد مرسي ومحاميه الدكتور سليم العوا داخل حرم المحكمة التي انعقدت لمحاكمة مرسي.. وفي هذا الشأن فإن أهل الاختصاص القانوني ذكروا أن ما حدث يعتبر جريمة لم تقع في حق المتهم ومحاميه فقط وإنما هو انتهاك جرى بحق المحكمة واستهانة لا حدود لها يتعين على القاضي أن يتخذ ازاءها الإجراءات الرادعة التي تكفل معاقبة مرتكبيها وتضمن عدم تكرارها. قبل ذلك شاهدنا برنامجاً تلفزيونياً تقوم فكرته بالأساس على ارتكاب جريمة، وهذه الجريمة هي إذاعة محادثات خاصة تم التنصت عليها وتسجيلها بواسطة جهات غير معروفة لبعض السياسيين والنشطاء، ويقوم المذيع بارتكاب هذه الجريمة وتقديم هذه التسجيلات بحسب انها مادة إعلامية حصل عليها منفرداً في سبق إعلامي خطير!
أعتقد ان تكرار الخروج على القانون وانتهاك خصوصية المواطنين بهذا الشكل وعدم الخوف من العقاب بل والتباهي والزهو بالجريمة قد يترتب عليه أن يهجر الناس القانون المكتوب وأن يُعرضوا عن الدستور الذي أقروه أخيرا ويتعايشوا مع منظومة قانونية مختلفة لكنها واقعية تقوم على أن ارتكاب الجرائم حق مكتسب للأقوياء الذين يمكنهم الافلات من العقاب. وفي الحقيقة ان انتشار هذه الأخبار خارج البلاد قد يشجع الجانحين والخارجين على القانون من كل بلاد العالم على القدوم الى مصر والاستقرار بها باعتبارها وطناً آمناً لمرتكبي الجنايات بل باعتبارها جنة المجرمين التي لا تعاقب على جرائم يعاقب عليها العالم كله.. ومَن يعلم.. فقد يأتي هذا ببعض الاستثمارات من جانب أصحاب الثروات الحرام الذين لا يستطيعون العمل وفق القوانين السارية في بلاد العالم الطبيعية. ومع ذلك فهناك مشكلة في هذا الخصوص لا يمكن إهمالها وهي ان الدول ذات الطبيعة الرخوة كما كتب عنها أساتذة فضلاء ليست هي التي تتغاضى دائماً عن تطبيق القانون وتسمح للجريمة ان تقع ويفلت مرتكبوها من العقاب.. لا.. الأمر أعقد من هذا، إذ ان الدولة الرخوة هي التي تسمح بانتهاك القانون حيناً ثم تلتزم بتطبيق نفس القانون حيناً آخر، وهي التي تترك مرتكباً للجرم يفلت بفعلته وتعاقب على نفس الجرم شخصاً آخر وذلك بدون أسباب واضحة.. بمعنى ان المجرمين لا يستطيعون في الدولة الرخوة ان يطمئنوا تماماً ويستسلموا للدعة والراحة، فهناك من يمسك بمقبض الحنفية يفتحها حيناً ويغلقها حيناً آخر، وهناك اعتبارات تتعلق بالمنافسة قد تبطش ببعض المجرمين على حين غفلة وتترك البعض الآخر، وهناك اعتبارات إرضاء الرأي العام أحياناً بتقديم كبش فداء أو الرغبة بالظهور بمظهر محترم أمام العالم، وهذا التذبذب قد يطيح بمن كنا نظنهم بمأمن من العقاب، كذلك قد يحدث تغير في الآليات المطبقة لأسباب تتعلق بالمزاج والكيف الخاص بأهل السلطة دون ان يكون لذلك علاقة بأي محددات منطقية.. لذلك فالدولة الفاسدة المستقرة أفضل كثيراً من الدولة الرخوة أو الدولة الفاشلة بالنسبة لأصحاب النشاط الاجرامي جنائياً كان أو اقتصادياً. وعلى هذا الأساس فإننا نناشد السلطة ان تتخلص من رخاوتها التي تحير المواطنين والمستثمرين الأجانب على السواء وان تستقر على حال نستطيع ان نقيس عليه.. فإما أن تكون دولة قانون واستقامة لا يذاع بها برامج تضم تلصص على الناس أو أن تكون دولة جنوح وجريمة خالصة.. نطلب ذلك رفقاً بالعقول.. ليس أكثر!


أسامة غريب
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
279.9922
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top