الاقتصاد  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

وقفة تأمل

الميزانية والمجتمع

2014/02/02   07:47 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
الميزانية والمجتمع



كثرت التصريحات في الآونة الأخيرة للمسؤولين حول ميزانية البلاد ومدى تواؤمها وقدرتها على الوفاء بالتزامات الدولة المستقبلية تجاه مواطنيها وهو أمر محمود ويتسم بنوع من المكاشفة.
أحسنت صنعاً وزارة المالية عندما قامت بنشر بعض بيانات الميزانية خلال منتصف شهر يناير المنصرم وقدمت من خلاله بعض الأرقام التي قد تنم عن عجز في مضمونها عن أمر ما يعكس عجزاً محتملا فيما بين الايرادات والمصروفات وكأنها رسالة الى المواطنين ونواب الأمة بوضع المستور وكشفه أمام الجميع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل أرادت وزارة المالية ان تضع الجميع أمام الأمر الواقع وتدعو الجميع الى تحمل مسؤولياتهم في ظل نية الحكومة اعادة هيكلة الميزانية واعادة النظر في أبوابها ومن ضمنها ترشيد الدعم في العديد من الخدمات دون ان يمس السلع الأساسية أم أنها مجرد بيانات أرادت الوزارة ان تفصح عنها فقط؟
ربما ان الهدف من نشر تلك الأرقام التي أعلنت كان بمثابة تبيان للمواطنين والنواب وجميع المتابعين لأرقام الميزانية ان هذا هو الوضع الذي تعيشه الكويت وعلى الجميع تحمل المسؤولية، وهذا محتمل ان يكون قصد الوزارة تحديداً انها لن تستطيع ان تستمر في تقديم كل ما تقدمه من خدمات دون ترشيد للاستهلاك أو الدعم.
وأياً كانت الرسالة فلا شك ان الكويت تعاني بشكل واضح من احتمالية وجود عجز في ميزانيتها وان ثلاثة وزراء متعاقبين على وزارة المالية وأخيراً الوزير الحالي أنس الصالح تطرقوا جميعهم الى ضرورة ترشيد الدعم وهو ما يعني ان هناك خللاً ما قادم ما لم ننتبه ونبحث عن حلول ونستعد من الآن.
وفي واقع الحال فإن حديث الحكومة بشكل مباشر عن ضرورة اعادة النظر في أبواب الميزانية مع تضخم الباب الأول للرواتب يضعنا أمام معضلة قد تولد مشكلة في يوم ما وقد تؤدي الى صدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويجعل مساحة الوفاق بينهما بعيدة الى حد ما في ظل استمرار ما يسمى بنواب الخدمات بالوقوف ضد تنفيذ أي مسار اصلاحي في الميزانية وهو الأمر الذي يجعل الدولة أمام ما هو مطلوب منها قد يستحيل لها ان تنفذ مطالب بعض هؤلاء النواب.
لذا ومن الأجدى ان يكون هناك اجتماع بين الطرفين بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن البحث عن مصالح آنية أو المتاجرة بالأم الوطن وكشف كل المستور ومصارحة الجميع به على ان يخرجوا علينا بعد ذلك بقرارات متفق عليها يعمل الطرفان على تنفيذها مع الوضع في الحسبان المواطن محدود الدخل والمواطن الأولى بالرعاية.
قد يتطلب هذا الأمر جهداً كبيراً من قبل الدولة والمجتمع متمثلا في نواب الأمة الا ان البحث عن صيغة توافقية تمكن الدولة من تحمل مسؤولياتها دون المساس بفئة معينة من المجتمع وتمكن النواب من ممارسة دورهم التشريعي والرقابي بات ضرورياً مع اتباع أسلوب المكاشفة بين الشعب والنواب والحكومة شريطة ان تكون القرارات التي سيتم الاتفاق عليها محل تنفيذ لفترة زمنية محددة تلتزم الحكومة فيها بتنشيط خطة تنمية ومشاريع بنى تحتية ويلتزم فيها النواب بالصبر على الحكومة ومنحهم الوقت الكافي لها ومن ثم محاسبتها في نهاية تلك الفترة.
وفي النهاية بات المواطن على علم بأن الدولة لن تستطيع ان تتبناه طوال العمر سواء في السكن أو الدعم أو الكهرباء أو غيرها من الخدمات دون ان يتحمل معها ولو جزءاً من المسؤولية فالشباب الآن بات أدرى بما يواجه الدولة من مصاعب وبالتالي يمكن استثمار هذا الشعور من قبل السلطتين لإعادة النظر في الميزانية والدعم والخدمات دون ضرر شريطة ان يرى المواطنون اصلاحاً هيكلياً كاملا يلامس حياتهم اليومية وربما حينها لا يمانع في تحمل مسؤوليته مع جدية السلطتين في البحث عن حلول ناجعة لتنمية مستدامة.

د. خالد يعقوب المطوع
kmutawa@hotmail.com


التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
98.0151
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top