مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

خطوات على الطريق

في وداع شاعر

علي يوسف المتروك
2014/02/01   09:15 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



مع ما يربطني بأخي الأستاذ سليمان ماجد الشاهين وزير الدولة لشؤون الخارجية السابق، لم أكتشف أنه شاعر مرهف الحس يمتلك ناصية القوافي فتخضع ليراعه الا بالأمس حين قرأت مقاله المنشور في جريدة القبس الغراء بتاريخ 2014/1/24 تحت عنوان (سليمان الجار الله شد الرحال ومضى) فقد أظهر المقال ما بين الشاهين والمرحوم سليمان الجار الله الصلة الوثيقة التي تربطهما معا حين عبرا عنها كلاهما شعرا وجدانيا يستحق القراءة.
ففي قصيدة أرسلها المرحوم سليمان الجار الله يشكو بها معاناته فيقول فيها:

أخي ابا عمار لم تدري بي
قد هدّ لي عزمي داء عضال
بلواي لا يرضى عدوي بها
قد صيرتني هي في شر حال
حك بجسمي دائم مغلق
والجرح مني دائما باندمال

فيرد عليه الاستاذ الشاهين بقوله:

أدميت قلبي بعد عيني أخي
بلواك لا يقوى عليها المقال
أقدارنا تملي علينا الحياة
سطرا من الاكدار أو من زلال

وفي آخر القصيدة يقول:

والله في أحوالنا معجز
فقد يحيل الصعب قيد المنال

ويصدر المرحوم سليمان الجار الله ديوانه المؤلف من خمسة أجزاء، فيكتب اليه الاستاذ الشاهين تقريضا لهذا الديوان فيقول:

سلام على من بالوداد موافيا
وأنعم بمن دانت اليه القوافيا
هو الشهم من يأبى الدنايا ويجتبى
كرام السجايا سلّما للمعاليا
وهل غيره من جاء بالحرف طائعا
فصاغ قصيدا رائع النظم ساميا
سليمان اذ يأتي بحكمة عارف
فيغني عن الأقوال ما كان ضافيا
أبا خالد والشعر منك رسالة
فقولك محشوم وغيرك جافيا

وهذه المساجلات الشعرية بما تحمل من معان، وأحاسيس عميقة، تعبر عن الود احيانا، وعن المعاناة أحيانا أخرى، فتترك للقراء ومحبي الشعر والأدب رافدا ومعينا يثري الساحة الأدبية، التي كادت هذه الأيام ان تضمحل وتجدب لقلة روادها.
شيء مؤسف أنني لم اقترب كثيرا من شاعرنا الفقيد المرحوم سليمان الجار الله، لعدم معرفتي به، ولكنني لفتُّ انتباهه، وحركت مشاعره بعمق، حين قرأ لي قصيدة في رثاء المرحوم الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت الراحل، بعنوان أمير العطاء والوفاء، ومما جاء في هذه القصيدة هذه الأبيات:

بربك قل لي هل رأى الناس أدمعا
أذلت فلول البعث فانهزم الكفر
فأشرق فجر النصر بعد انكساره
وعاد على الباغين فعلهم النكر
رأيتك في الخطب الجليل ارادة
يصون تراب الدار عسكرها المجر
فما هزمتك الحادثات مغيرة
ولا نال من أدنى عزيمتك الغدر
وكنت وقد ألقت مراسي خطوبها
بأرضك حتى مل وطئتها القفر
صبورا على الجلى اذا هي أقبلت
كما أنت معقود لرايتك النصر
تهش لك الأرض التي ضاق رحبها
فقلت لها لا ضاق عن همك الصدر
رعى الله أرضا ضم جسمك تربها
فضمخها من طيب ما قد حوت عطر
ولا غاب صوت ظل يهدر بالحمى
سيبقى عطاءً من تميزه ثر

فكتب الي هذه القصيدة بتاريخ 2007/1/16 تعبيرا عن اعجابه فقال:

علي ابن متروك لك الطيب والفخر
على كلمات فهت فيها هي الدر
لك الله قد أبدعت فيما نظمته
فهذا لعمري ما يقال له الشعر
تجليت يافذا تفوه صادقا
بما قاله يأتيك في نظمه السحر
أجدت وقد أثلجت منا صدورنا
أهنيك فيما قلته أيها الحر
أتيت بشعر الأقدمين نظمته
ومثلك من يأتي به إنك البحر
أتانا امرؤ القيس القديم وطرفة
وجئت بشعر فاه قبل به عمر

وعلى أثر هذه القصيدة الذي ارسلها المرحوم الجار الله زرته في ديوانه وأهديته ديواني بعنوان (للشعر صوت) فسرّ بذلك كثيرا ودار الحديث حول الشعر والشعراء في جو عابق بالمودة والاخوة التي ابداها في ذلك اللقاء، ولكن مع الأسف لم تتكرر، وعزاؤنا الوحيد أنه ترك لنا خمسة أجزاء من ديوانه الشعري، اثراءً للساحة الأدبية والثقافية.
ويبقى الموت حقيقة أزلية لم يثر حولها الجدل، وتبقى هذه الحياة معبراً الى عالم آخر هو عالم البقاء لقوله تعالى {وَانَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (العنكبوت 29) ومعنى الآية أنها هي الحياة الدائمة، والعجيب ان الانسان في الحياة يعيش عشرات السنين ويطول به العمر، فينقلب احساسه في العالم الآخر ان حياته لم تتعد يوما أو بعض يوم، ففي سورة طه يقول سبحانه وتعالى عن أحدهم {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ اذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ان لَّبِثْتُمْ إلا يَوْمًا} (طه 104).
وربما تصور آخرون أنهم لبثوا في الحياة الدنيا أقل من يوم مصداقا لقوله تعالى في سورة النازعات {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها} (النازعات 46) وذلك لأن أيام الآخرة تختلف عن أيام الدنيا لقوله تعالى {وَانَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (الحج 47) ومن هنا يتغير احساس الناس بقياس الزمن بين أيام الآخرة وأيام الدنيا.
وتلك هي الحياة بين مولود ومفقود فهنيئا لمن تركها يتقدمه عمله يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم.

علي يوسف المتروك
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
809.0107
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top