مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

بقعة ضوا

الله يرحم حالنا

عزيزة المفرج
2014/01/06   08:51 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

لا أحد في ديارنا يريد أن يفهم أن الاختلاف نعمة والتعايش مع الآخر أمان


أُرسل الأنبياء للناس في شرق الكرة الأرضية وغربها، ولمناطق الشام والعراق ومصر وجزيرة العرب، فالحال كانت تبكي البشر والشجر والنهر والحجر.
العلل والأمراض كثيرة فينا، وكم هو تحايل على العقول، ان نسبغ على أنفسنا أبهى وأحلى وأجمل الصفات، متناسين ان (الميه تكذب الغطاس)، وأن (اللي في الجدر طلّعه الملاس) من زمان، وأصبح بامكان الجميع رؤيته، فلا نحن أكرم الخلق، ولا نحن أنظفهم، ولا نحن أكثرهم شفقة ورحمة، ولا نحن أكثرهم تديّنا كما ندعي، وما نحن – في الحقيقة والواقع - الا أناس قساة، بغاة، عصاة، اعتدنا على ان نتهم غيرنا بما هو فينا، باطنا وظاهرا. يعيش العالم حولنا بأمان وسلام، يتعلّمون ويعملون وينجزون ويعمّرون، ويسيرون في الأسواق، أما نحن فمشغولون باثبات أننا الأفضل، وأننا الأحسن، وأننا الفئة المرضيّ عنها، الناجية من النار. بلادنا من الشمال الى الجنوب تحترق وتشتعل فيها النيران بسبب أطماعنا، وأنانيتنا، وغبائنا، وقصر نظرنا. في كل يوم يقتل عشرات الأبرياء على يد هذا الفصيل، أو ذلك الرئيس، أو هذه العصابة، أو تلك الجماعة، وما أكثر القتلة الموجودين على الساحة، المتبارين في تصفية بعضهم البعض بدم بارد، حتى لم يعد للروح التي خلقها الله قيمة أو حشيمة. هذا يقتل ذاك لأنه رافضي، وذاك يقتل هذا لأنه وهابي. الأول يقتل الثاني لأنه خارج على الجماعة، والثاني يقتل الأول لأنه يطمح الى الحكم.هذا يقتل غريمه لأنه يختلف عنه، وغريمه يقتله لنفس السبب. كل يدعي أنه يمتلك الحقيقة، وكل يظن أنه على الطريق الصحيح، وكل يظن ان الحق معه، ونسوا قول الرسول الكريم بأنه اذا تقاتل مسلمان، فالقاتل والمقتول في النار. أراضي المسلمين فقدت هدوءها وأمنها واستقرارها، وتحولت الى بلاد للنار والدمار، والسقام والانتقام، والبلاء والفناء، وصار واجبا ان يختم مع فيزا زيارة أي منها عبارة ادخلوها بهلع خائفين. في بلاد (الأعداء الفرنجة) كما يراهم الاسلاميون، لا نرى الا جمالا مصورا للبحار والأنهار، والمدن والحدائق والمباني والفنون والميادين والساحات ووو، كل شيء رائع، مرتب، منظم، مزدهر، هادئ، مطمئن، نظيف، راق، آمن، غني، على عكس الوضع عندنا، القلق، المتوتر، القبيح، القذر، الدامي، المتململ، المتردّي، الفوضوي، الفقير في كل شيء.أمراضنا كانت وما زالت كثيرة جدا، ولذلك نشاهد تلك الحالات من القمع، والظلم، والاستباحة للانسانية من كل طرف يتصدر مركز الحكم والقوة والثراء في المجتمع، اللهم الا القليل النادر ممن يخشون الله. لا أحد في ديارنا يريد ان يفهم ان الاختلاف نعمة، وأن التعايش مع الآخر وقبوله وتقبله أمان واطمئنان، وأن العدل والمساواة والحرية ازدهار ونماء، وأن الاصرار على العيش في الماضي واجترار معارك وخلافات الموتى، ليس في مصلحة أحد. في بلادنا لا أحد يريد ان ينتبه أو يقتنع بأن ما نفعله بأنفسنا وبلادنا فيه مضيعة للجميع.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
542.0117
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top