مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

كلام بجد

جعلوني بديلاً.. ومؤقتاً!!

أحمد البرنس
2012/09/07   11:25 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



إيماناً بالمثل الشعبي الدارج الذي يردده بسطاؤنا «وقوع البلا ولا انتظاره».. أراهن - بأقل قدر من المخاطرة - على عدم نجاح المحاولات التي تقوم بها الشراذم السياسية التي يطلق عليها تجاوزاً القوى والتيارات الليبرالية في منع «أخونة الدولة»، باعتبارها - الاخونة وليست تلك القوى- الحل الوحيد لتجسير فجوة مساحتها 60 عاماً عرقلت التعاقب الطبيعي لمراحل التاريخ المصري الحديث في سياق الحتمية التي تحدثت عنها مراراً في هذا المكان، وهو ما أدى بالضرورة الى ما نحن فيه وسنظل لفترة ليست قصيرة.
وقبل الاسترسال فيما أنا بصدده الآن، الفت النظر الى اني لم اقصد الاساءة الى القوى الليبرالية - وبينها أناس مخلصون شرفاء - عندما وصفتها بالشراذم بقدر ما أردت وصف حالتها الراهنة وصفاً دقيقاً يعبر عما آلت اليه من تردي كياناتها الهلامية وفعالياتها المشلولة وتأثيراتها المنعدمة.
وربما في هذا السياق يتعين علينا اولا - اذا كنا نتمتع بقدر من الشفافية والصدق مع النفس - الاعتراف باننا عشنا خلال الـ 60 عاماً الماضية في وهم التطور وسراب التحديث المجتمعي، بينما كنا في واقع الامر مغيبين ولا نراوح مكاننا فقط، بل نندفع بعنف الى الخلف.
وليس من قبيل المبالغة القول باننا - كمصريين - كنا نعيش في تلك الفترة عالة على بقايا الإرث الحضاري والمجتمعي الذي أفرزته حقبتا محمد علي وولده اسماعيل، والاخير - على عكس ما هو شائع - كان الاكثر تأثيراً لأن عصره شهد وضع حجر الاساس للفكرة الليبرالية والتي تبلورت فيما بعد واستمرت لاكثر من 86 عاما انتهت عند عتبة منتصف القرن العشرين، بل يمكن افتراض احتراقها من بين ما أتى عليه حريق القاهرة عام 1952، والذي كان حدثاً مفصلياً لم تقتصر خسائره على بضعة محلات ودور سينما وكازينوهات احترقت في وسط العاصمة، بل امتدت تداعياته لتشكل ارهاصات حقبة أكثر ارتباكاً وخلطاً للأوراق، خاصة بعد ان رافقتها حركة الجيش التي فرضت واقعاً جديدا وفريداً، لا يمكن اعتباره استكمالاً للمشوار الحضاري للمجتمع ولا يصلح - في نفس الوقت - للبناء عليه، لان شواهده كانت تؤكد وجود عوامل فنائه سواء طال عمر التجربة ام قصر، وهو ما أكدته النكسات المتوالية سواء على الصعيد العسكري ام الاقتصادي ام حتى الاجتماعي والثقافي.
وفي اطار فهم ما جرى - وهذه قناعة شخصية ادعي موضوعيتها ولا الزم بها أحداً - وفي سياق محاولة استشراف ما سوف يجرى أتوقف عند عدة نقاط ارجو ألا تكون صادمة لأحد.
اولها ان ميراث الدم الناجم عن صراع جماعة الاخوان منذ نشأتها قبل 82 عاما مع الانظمة والحكومات السابقة يدفعها الى عدم التخلي طواعية وبسهولة عن مكتسباتها في المرحلة الراهنة، خاصة وانها بسبيل السيطرة على كافة مفاصل الدولة المصرية، وبمعنى أكثر وضوحاً، سوف يكون من الوهم تصور ان الجماعة سوف تتخلى عن السلطة بعد اربع سنوات وفق مقتضيات الصندوق التي أتى بها، وهناك حيل وألاعيب شتى في هذا الشأن.
ثانيها ان ما يسمى بـ «اخونة الدولة» لم تبدأ في واقع الامر مع مجيء الاخوان الى الحكم، لكنها عملية مستمرة وممنهجة وفق خطط مدروسة بدأت منذ زمن بعيد، ومراحلها الاولى استهدفت فقط تهيئة الارض والاجواء من خلال بناء المستوصفات والمدارس وتقديم المساعدات، لذا فالتصور الموضوعي يفترض ان تستمر حتى يتم استكمال كافة اركان الدولة الدينية بعد ان تكون الجماعة واجهزتها المختلفة قد أحكمت سيطرتها على مفردات ما يطلق عليه مصطلح «الدولة العميقة» اي البنية التحتية التي ما زالت خارج السيطرة، وان كان المتوقع خضوعها عاجلا او آجلا.
ثالثها ان كافة التغييرات التي تمت خلال الشهرين الماضيين في بعض هياكل الدولة، وتلك التي سوف تتم بالضرورة لاستكمال الاحكام والسيطرة، مؤقتة الى حين - وهذا الحين سوف يحين - في اقرب التصورات المتفائلة - عقب الانتخابات البرلمانية، بافتراض اكتساحها اخوانياً اي ان العمر الافتراضي لكل من تولى منصباً خلال المرحلة الراهنة لن يزيد على ستة اشهر على أقصى تقدير.
ماذا لو كان السيد الأستاذ الدكتور محمد مرسي هو الآخر رئيساً مؤقتاً وتستخدمه الجماعة مسوغاً لالتصاقها بالكرسي، حيث تعتبره - على طريقة ميدفيديف - محللا لمدة اربع سنوات حتى يستطيع رجل الجماعة القوي خيرت الشاطر توفيق أوضاعه، لإزالة كافة العوائق القانونية التي تحول بينه وبين الكرسي.
الافتراض ليس مستبعداً، واملاءات الجماعة ومكتب ارشادها على مؤسسة الرئاسة لا تخفى على احد، بل انها تبدو احياناً على قدر من الفجاجة يهدف تكريس نوع متطور من ولاية الفقيه، وما يعزز فرضية تلك الفكرة ومفعوليتها ان مرسي من البداية لم يكن على قائمة اولويات الجماعة ترشيحا للمنصب الرئاسي، ولكن تم الدفع به في اللحظات الاخيرة بعد خروج الشاطر من السباق، ولا نستطيع ان ننفي - او حتى نؤكد - ان الاخير مازال الزخم الرئاسي يراوده ولو على سبيل التعويض عن الفترة المريرة التي قضاها في سجون مبارك، وهذا حقه كإنسان له طموحات وتطلعات وربما أطماع .
أين يقف الشعب واقصد بسطاءه على وجه التحديد وسط تلك المعادلات المعقدة؟
واقع الامر انه على هامش الكادر تماما، وليس ضمن اولويات احد، وخروجه في يناير من العام الماضي ثم انفلاته بعد ذلك، ليس سوى طفرة حماسية تنتابه كل قرن تقريبا، يهدأ بعدها ويستكين، ومن يراهن على غير ذلك فمآله الخسارة لا محالة، ومظاهرات 24 و30 اغسطس الماضي خير شاهد على ما اقول.

أحمد البرنس
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 
مقالات ذات صلة بالكاتب

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
812.0143
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top