منوعات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

منتقى الجمان

2012/07/13   07:21 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
منتقى الجمان



المرجع فضل الله

شجاعة الفكر والقول والعمل

الشيخ علي حسن:

{قُلْ إنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ان تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ} (سبأ: 46)، تدعو الآية لامتلاك الإنسان من الإرادة والشجاعة ما يدفعه للابتعاد عن العقل الجمعي الذي ينساق وراءه دون تفكير في مدى صحة متبنياته فيتبعه غالباً اتباع الأعمى ويردد مقولاته دون وعي، وكما جاء في بعض النصوص العلمية: (العقل الجمعي يمانع بطبيعته عملية التغيير بعكس العقل الفردي، اذ يميل الإنسان بمفرده لحساب العواقب، وهذا الحساب هو ما يميز العقلانية عن اللاعقلانية، ولكن اذا انجرف العقل الفردي لشروط العقل الجمعي فحينئذ سيصاب حتمياً بمعظم آفاته كالانفعال والغضب). بالطبع فإن هذا لا يعني ان يكون الإنسان متمرداً على القرارات الجماعية، فليس هذا هو المراد من العقل الجمعي، بل المقصود ألا يقع الإنسان تحت تأثير آراء الآخرين بالمستوى الذي يلغي فيها عقله، ويجمّد تفكيره، ولا يحاول ان يكوّن لنفسه رأياً وفق الأسس السليمة.

فضل الله والعقل الفردي

وهذه الميزة من الأمور التي تجلّت في شخصية المرجع والمفكر الراحل السيد محمد حسين فضل الله ونحن نعيش الذكرى السنوية الثانية لرحيله. صحيح أن شجاعته هذه وابتعاده عن العقل الجمعي جعله عُرضة لكثير من النقد والتجريح والإساءة البالغة التي لم تكف عنه حتى بعد ان غادر هذه الدنيا الفانية الى جوار ربه، إلا أنها قدّمت منهجاً علمياً رصيناً، وفتحت آفاقاً رحبة في فهم الدين وعلاقته بالحياة، وحمّلتنا مسؤولية ان نفكر قبل ان نقول نعم أو لا، وهو الذي كان دائماً يكرر: (لا تعيروا عقولكم للآخرين، ولا تسمحوا لأحد بأن يملأ عقولكم).
في عام 2003 حاورته جريدة الرأي العام حول فتواه في الاستنساخ وسأله الصحافي ان كان قد خاف أو تردد في طرح رأيه في الأمر فقال: (لم يكن عندي خوفٌ من المعارضة للرأي، لأنَّني أعتقد ان على الإنسان ان يقول كلمته بغضّ النظر عن ردود الفعل، طالما هو يؤمن بأنَّ كلمته تمثِّل الحقيقة.. واذا كانت هناك أيّة وجهة نظر أخرى، فأنا مستعد لأن أدخل في الحوار معها. فإذا اكتشفت الخطأ فإنَّ لديّ الشجاعة للتراجع عن رأيي).
إنها في الواقع شجاعة في اطلاق الفتوى، وشجاعة في الحوار، وشجاعة في التراجع إن قام الدليل على وقوع الخطأ.. شجاعة ترجمها الى الإفتاء بما قام عليه الدليل ولو خالف فتاوى الفقهاء على مدى قرون.. وشجاعة قلل من خلالها كثيراً من (الاحتياط الوجوبي) غير المبرَّر الذي يعقّد حياة المكلَّفين.. وشجاعة دفعته للأخذ بالمعطيات العلمية اليقينية في تشخيص الموضوعات ولم يكتفِ بفرض (ان كان كذا فكذا، وإن لم يكن فلا)، فقدّم للناس الفتوى عن علم وتشخيص خارجي للمسألة.
وبعد هذا فهي شجاعة علمية في مواجهة ردود الفعل العنيفة حتى من أقرب الناس اليه، وهو ما كرره في أكثر من موقف: (هذا ما أتحدث به دائماً. ولهذا، في كل مسيرتي لن أجامل أحداً.. قلت لهم عندما ترونني لا أمثل اقتناعاتي، فلن أكون موجوداً).

شجاعة عن وعي

وفي اقتناعي ان شجاعته انطلقت عن وعي لأهمية هذا العنصر في تركيبة الشخصية الرسالية بما يمكّنها من أداء دورها لا في حالات الرخاء فقط، بل ان تتجلى كلمة الحق وينبلج الموقف الحاسم عند الشدة، دون تردد أو تلكّؤ بداعي التوقف عند الشبهات، أو الهروب من الفتنة، أو الخوف على المصلحة العامة، مما قد يُبعد الإنسان عن تأدية الواجب، أو التخلي عن مسؤولية (القائد) حين تلتف الساق بالساق.
وأراه يتمثّل ما كتبه هو ضمن حديثه عن جده أمير المؤمنين على عليه السلام: (كان كل شيء في شخصيته عليه السلام في خدمة الله، وهكذا كان سيفه وبطولته وشجاعته، لا في خدمة الذات، وانما في خدمة الله. لم تكن الشجاعة والبطولة عنده حالة ذاتية، ولم يكن السلاح ملكاً شخصياً له، فهو يعتبر ذلك ملكاً لله، لهذا كان لا يحرك سلاحه إلاّ في المواقع الذي يريد، التي تتطلب منه أن يحرك سلاحه فيها، كان ينتظر أمر الله وينتظر المعركة التي يشعر ان الله يرضى بها، ولا يسمح لنفسه ان يدخل في أي معركة يمكن ألا تكون في رضا الله، أو يمكن ان تسيء الى الإسلام) بمثل هذه الرؤية لشجاعة علي عليه السلام انطلق في حياته ليكون الشجاع لا في خدمة الذات، وإنما في خدمة الله.

دعوة للآخرين

ولذا كان يطالب الآخرين بأن يعالجوا مشكلة التردد والخوف عندهم كي يكونوا بمستوى المسؤولية، سواء في المجال العلمي والفكري أم في المجال السياسي أم في المجال الدعوي، وهو القائل: (لنكن مقاومة في الفكر تواجه كلَّ الظالمين والمستكبرين، مقاومةً تحاول ان تنتج عناصر القوّة من داخل الأمة، تنتج عناصر القوّة حتى نتواصى بالحق فلا يسقط الحق بيننا، ونتواصى بالصبر فلا نسقط أمام الجزع. تعجبني كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أرسل شخصاً ورجع يُجبّن أصحابه ويجبّنونه في وقعة خيبر، وأرسل شخصاً ثانياً ورجع يجبّن أصحابه ويجبّنونه، قال: «لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرار» لنكن هذا الرجل، حتى نشجِّع أصحابنا ويشجعونا. ولنتحدّث عن الشجاعة ولا نتحدّث عن الضعف).

شجاعة سياسية

نعم، لم يهب (السيد) كل محاولات الاغتيال والصواريخ والمتفجرات التي استهدفته شخصياً، وراح ضحيتها المئات من الأبرياء، واشتركت فيها دول استكبارية وجهات استخبارية عديدة كانت ترى فيه الأب الروحي للعمل الإسلامي المقاوم، فأرادت ان تُسكت ذلك الصوت، ولكنهم لم يعرفوا من هو محمد حسين فضل الله.. حسبوا أن رصاصتهم (التي إن لم تصب ستُدْوش) وتُزعج وتُفقد (السيد) توازنه، ليقبع بعدها في زاوية حجرته، مفضلاً الدور التقليدي لعالم الدين.. ولكنَّ كيدهم عاد الى نحورهم، وفي كل مرة ينطلق (السيد) من جديد في ميدان المواجهة مع العدو كجدِّه حيدرة عليه السلام أسداً هصوراً ازداد قوة الى قوته وعزيمة الى عزيمته. وكما أنه لم يهب محاولات التصفية الجسدية فانه كذلك لم يهب مواجهة كل محاولات القتل المعنوي الذي يبقى معه الإنسان حياً جسداً إلا أنه يفقد حرية التفكير وحرية الكلمة وحرية الموقف، ليكون خاضعاً لهذا الشخص أو لتلك الجهة خضوعاً ذليلاً، وآمن أن عليه ان يكون شجاعاً في مواجهة الأمرين معاً. وهكذا كان الشجاع أيضاً في الموقف السياسي، وهو الذي عاش في بلد لم يذق طعم الراحة منذ أمد بعيد، في أجواء الحرب الأهلية، وفي الاحتلال الصهيوني، وفي كل النزاعات الطائفية والحزبية، وفي التدخلات الإقليمية، وفي كل الخروقات الأمنية وأجواء الصراع، فعاش (السيد) في عمق الحدث، فكانت تحليلاته الدقيقة تسبق الحدث، وكانت توجيهاته الأبوية تفرض احترامها على القريب والبعيد، لا يداهن في ما يقول، ولا يجامل على حساب المصلحة العامة، ولذا عرف الجميع في موقفه السياسي: الإخلاص والصدق والبصيرة.. والشجاعة. كما أنه لم يؤطّر نفسه في حدود لبنان، بل كانت حركته السياسية فكراً وتفاعلاً وإحاطة وتربية وتوجيهاً ذات شمولية واسعة، فقصدته الوفود الدولية والشخصيات من ذوي الاهتمام السياسي لينهلوا من عطائه الذي لا يعرف المجاملة السياسية. أعلى الله مقام المرجع الراحل وجعله في أعلى عليين مع أجداده الطاهرين.

alwalaa@alwalaa.com




================




تصحيح العلاقة بالدين

الشيخ علي حسن

خلال الأسبوعين الماضيين راجعني عدد من الإخوة والأخوات حول موضوع صلاة المريض على الكرسي، كما راجع آخرون عدداً من المشايخ بهذا الخصوص أيضاً، الأمر الذي عكس اهتماماً شديداً من قبلهم بالشأن الشرعي في واحدة من مفرداتها، وهذا في حد ذاته يمثل حالة صحية إيجابية تدل على الاهتمام بالصلاة التي هي عمود الدين.
إلا أن نفس هذا الاهتمام قليل النظير يؤكد من جديد عدم الاتزان في التفاعل مع القضايا وفقدان الصورة المتكاملة للعلاقة بالدين. فلو طُرحت قضية يغفل عنها الناس، وهي ذات بُعد اجتماعي حساس، تنهدم من خلاله العلاقة الزوجية مثلاً، أو اشكالية عقائدية تنخر في عقيدة الأبناء، أو تحدٍّ أخلاقي يدمر الروحية، لما وجدنا معشار هذا الاهتمام الذي يبديه الناس على مستوى المسائل الشرعية الفردية.
فضيق الأفق في فهم العلاقة بالدين وحصره غالباً في اطار المسائل الشرعية الفردية التي نستغرق فيها على حساب الكثير من القضايا الهامة يعد حالة سلبية تحصر الدين في زاوية ضيقة جداً وتفقده حضوره في الحياة بما يحقق السعادة للإنسان. وهذا ما يمكن انتزاعه من الآية القرآنية: {لَّيْسَ الْبِرَّ ان تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ اذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة: 177).
فعندما عاش المسلمون تحدي تغيير القبلة بعد الهجرة النبوية الى المدينة المنورة بعام أو أكثر، وأثار اليهود حولها الكثير من اللغط، انشغل المسلمون في المسألة فتحولت وكأنها القضية المركزية في حياتهم، فجاءت الآية الشريفة لتطلب منا ألا نضيّق مفهوم البر، ونستغرق في نقاشات حول مسألة شرعية كمسألة تحديد القبلة وكأنها التحدي الأكبر الذي يواجه المسلمين في كل أجواء التحدي الفكري والأخلاقي والروحي والسلوكي وننسى التحديات الحقيقية على تلك المستويات.
وأنا شخصياً أتلمس هذا الأمر بوضوح، فبعد محاضرةٍ أتناول فيها عدة مفاهيم ايمانية أو أخلاقية أو غير ذلك، وعندما ينفتح باب السؤال أجد قسماً كبيراً من السائلين يسألون عن مسائل شرعية ترتبط بالوضوء مثلاً، وكأن الحديث الذي طُرح لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد.
ويجب أن نقر أن الخطاب الديني السائد في أوساطنا يتحمل المسؤولية الأكبر في ذلك، من خلال تركيزه على المسائل الشرعية الفردية، مما خلق عقلية دينية أطّرت نفسها بهذا الإطار، بل وأحياناً بالمستوى الذي جعل من الأحكام الشرعية وكأنها عقدة في مسيرة الإنسان في حياته، تضع له العراقيل والحواجز، بل وتتحول في بعض الأحايين الى حالة وسواسية مفتعلة ليس لها أساس نفسي ولا عقلي.
إنها دعوة الى الجميع ان يهتموا ببقية الأمور التي تمس العقيدة وتمس الأخلاق وتمس الحياة على الأقل بالمستوى الذي يولونه لتلك المسائل الشرعية ذات البُعد الفردي.


================

نظرة علمية للإحساس بالذنب

الإحساس بالذنب دائماً مؤلم، إلا أنه ليس دائماً أمراً سلبياً. أحياناً يكون عذاب الضمير مفيداً، ويصبح شعوراً بنّاءً يشجع الناس على التعاطف مع بعضهم البعض، كما أنه يشكل معياراً جيِّداً للتمييز بين الخير والشر. (الإحساس بالذنب هو تجربة عاطفية غير مُحبّبَة للإنسان، حيث يصاحبها شعور بالتوتر والقلق وعدم الاستقرار النفسي) يقول (لوران بيغ) أخصائي علم النفس الاجتماعي. ويضيف: (لكن الشعور بالذنب قبل أن يكون ظاهرة مزعجة، هو علامة على أن صحتك النفسية جيِّدة، فالذي لا يساوره الشعور بالذنب أبداً هو إنسان غير سوي). هذا الإحساس هو علامة تُبيّن للإنسان أنّه أساء التصرف، وحاد عن القيم والأخلاق التي يؤمن بها. مثلاً، يقول (لوران): (أغضب دائماً من نفسي عندما أفقد أعصابي، وأرفع صوتي على عاملة الصندوق في السوبرماركت. كان أمامي خيار آخر، وهو أن أكون أكثر صبراً وتفهّماً لكني لم أفعل. لا أحب أن أفقد السيطرة على أعصابي أو ان أجرح الآخرين. لهذا، أندم كثيراً على الكلمات التي تصدر عني في حق الآخرين وأنا غاضب).
من جهة أخرى، يقول (لوران بيغ): (ذكريات الآلام التي تصاحب الشعور بالذنب، تدفعنا الى ان نكون مخلصين مع الآخر ونعامله معاملة جيِّدة، سواء أكان إنساناً أم حيواناً، وتجعلنا متعاطفين أكثر، وأكثر حساسية واستشعاراً بمعاناة الآخرين، ومبادرين الى مسامحتهم). إذن، الشعور بالذنب هو وسيلة جيدة منبهة للإنسان، لكي يبقى سائراً على الطريق المستقيم وضامناً ان يبقى واعياً بما هو خير وما هو شر.

شعور كوني

(شأنه شأن الشعور بالفرح أو بالغضب، الشعور بالذنب هو أيضاً شعور كوني لدى كل البشر، وهو شعور قديم قدم الأزل، وُجد مع الإنسان منذ بداية خلقه، شعور متجذر في داخل الإنسان) يقول المحلل النفسي (جاك لاكان). أما (ميلاني كلين) المحللة النفسية، ومن أكبر المتخصصين في الطفولة المبكرة، فتقول: (يظهر الشعور بالذنب لدى الإنسان منذ الشهور الأولى من حياته، وينتج عن تعدد المشاعر التي يشعر بها الطفل تجاه أُمّه، فقد يشعر الطفل بالذنب ويوبّخ نفسه، لأنه في لحظات ما كره أمه، على الرغم من أنها تلك المرأة الرائعة، التي يعتمد عليها في كل أمور حياته).

شعور خادع

أن تشعر بالذنب لا يعني أنك مذنب فعلاً، فهناك فرق كبير بين الاثنين. انظر مثلاً الى حالة الشعور بالذنب لدى شخص يقول: (أشعر بالذنب لأنني الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، في حين توفي كل من كانوا معي على متن الطائرة المنكوبة)، أو الأم التي تقول: (لماذا أنا بصحة جيدة بينما طفلي الصغير مريض جدّاً؟). انظري الى الأُم التي تترك رضيعها للمربّية وتذهب مع زوجها الى مكان ترفيهي، انها تشعر بالذنب أكثر مما يشعر به سائق سيارة صدم من دون قصد أحد الراجلين بسيارته! إذن، لماذا هذه الأحاسيس الخادعة؟ لأن من أصعب الأشياء على الإنسان ان يميز الحدود التي تفصل بين السلوكيات الخيرة والسلوكيات الشريرة. ويقول (لوكان) الأخصائي النفسي، ان الشيء الوحيد الذي يمكن ان نكون مذنبين فيه، هو ألا نتحمل نتيجة رغباتنا، وأن نكون «جبناء» معنوياً. بمعنى ان الخروج من الشعور بالذنب لابد ان يمر عبر معرفة الذات، والاعتراف برغباتنا الحقيقية، وأخطائنا العارضة. وكلما حاول الإنسان الهروب من الجوانب المظلمة في شخصيته، أو تلك غير المقبولة اجتماعياً زاد شعوره بالذنب حدة.



================


البخل في نهج البلاغة

في نهج البلاغة حديث متنوع عن البخل، يطرق أبواباً عدة بياناً وتحليلاً وتحذيراً، ومن ذلك:
1 - في بيان قبح هذه الصفة: (البخل جامع لمساوئ العيوب، وهو زمام يُقاد به الى كل سوء) فهو يدفع الى الكذب خوفاً من مطالبة الآخرين له بالمساعدة، ويمنع الإنسان من العطاء الواجب كالزكاة والمستحب كالصدقة، ويحرّض على كسب المال ولو من الطرق غير المشروعة.. إلخ.
2 - في بيان سبب البخل: (.. فإن البخلَ والجُبنَ والحِرصَ غرائزُ شتى يجمعها سوءُ الظن بالله) أي ان البخل انعكاس لخلل عقائدي يعاني منه البخيل، فلو كان مؤمناً بوعد الله: {قُلْ إن رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: 39)، لما تردد في الانفاق على نفسه وعلى الآخرين بالمستوى الذي يرضى به الله سبحانه، ولكن سوء ظنه بالله يدفعه للبخل خوفاً من عدم تعويض ما ينفق.
3 - في بيان الخسارة المترتبة على بخل البخيل على المستوى الشخصي وتجاه الآخرين: (قال عليه السلام وقد مرّ بقذر على مزبلة: هذا ما بخل به الباخلون) فهي خسارة للبخيل، اذ لو أنه أعطى المحتاجين مما فاض عنده من طعام مثلاً، لما أبقاه عنده بُخلاً حتى فسد ورماه مع القاذورات متحسراً على ما فقد دون ان يتمتع به.
4 - في بيان بعض النتائج الاجتماعية المترتبة على البخل: (واذا بخل الغني بمعروفه باع الفقيرُ آخرتَه بدنياه) فالحاجة قد تدفع هذا الفقير الى ارتكاب المعصية سرقة أو غشاً أو ارتشاءً أو بغير ذلك، لرفع حاجته، أو ارتفاعاً بمستواه المعيشي، الأمر الذي قد يسبب تفشّي المفاسد الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والأمنية كما نشهده في العديد من الدول الفقيرة.
5 - في معاناة البخيل في الدنيا والآخرة: (عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الذي ايَّاهُ طَلَبَ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحَاسَبُ فِي الآخِرَةِ حِسَابَ الأغنِياءِ) وهي مفارقة عجيبة حقاً، فالمعاناة تلاحقه في الدنيا باختياره، والمسؤولية لا تنفك عنه في الآخرة بسوء تصرفه وتقديره.
6 - في التحذير من صداقة البخيل: (وإياك ومصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون اليه).
7 - في التحذير من مشورة البخيل وجهها الى حاكم مصر مالك الأشتر: (ولا تُدخلن في مشورتك بخيلاً يعدِلُ بك عن الفضل، ويعدُك الفقر) الأمر الذي يوقف عجلة التنمية في البلاد، ويثير أحقاد المواطنين على الحاكم.
8 - في التحذير من بخل الحاكم نفسه: (وقد علمتم أنّه لا ينبغي ان يكون الوالي على الفروج والدّماء والمغانم والأحكامِ وإمامةِ المسلمين البخيلُ، فتكون في أموالهم نهمتُه) وبالتالي لن يتورع عن نهب المال العام، وهو من أهم عناصر تفشّي الفساد في أي بلد.

================

المسائل الشرعية

أنواع الصوم

ينقسم الصوم في الأصل من حيث حكمه الى أربعة: وهي الصوم الواجب والمستحب والمكروه والمحرم، وكل واحد منها له أفراد كثيرة.

الصوم الواجب

هو صوم شهر رمضان، وهو أهمها، وصوم الكفارة، وصوم النذر واليمين والعهد، وصوم بدل الهدي في الحج، وصوم القضاء.
< في صوم شهر رمضان يجب الإمساك طوال النهار، فلا يجوز الإفطار فيه خلال النهار بدون عذر.
< يجوز الإفطار في صوم القضاء قبل الظهر ولا يجوز بعده اذا كان يقضي عن نفسه، ويجوز اذا كان يقضي عن غيره.
< في صوم الكفارة في الأيام التي يجب التتابع فيها لا يجوز الإفطار قبل الظهر ولا بعده، وفي غير أيام التتابع يجوز الإفطار قبل الظهر لا بعده.
< الصوم الواجب بالنذر ونحوه اذا لم يُعيَّن له وقت فإنه يجوز الإفطار فيه قبل الظهر وبعده، والأحوط استحباباً ترك الإفطار بعد الظهر. وأما ما حُدِّد له وقت معين فلا يجوز الإفطار فيه، لا قبل الظهر ولا بعده.

الصوم المستحب

أمثلته كثيرة، وأشهره صيام رجب وشعبان، وثلاثة أيام من كل شهر، ويوم الغدير، ويوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرها.
هذا النوع من الصيام يجوز فيه الإفطار قبل الظهر وبعده، ما عدا صوم الاعتكاف فإنه لا يصح الإفطار فيه لمن يريد الالتزام بشروط الاعتكاف.

الصوم المحرّم

هو في يوم العيدين الفطر والأضحى، وأيام التشريق لمن كان في منى، سواء أكان في حج أم لم يكن، وصيام يوم الشك بنيَّة أنه من شهر رمضان، والصوم المنذور شكراً لله تعالى على معصية فعلها، والصوم الذي يَصِلُ فيه الليل بالنهار قاصداً ذلك ناوياً له كذلك، ولا يضرّ عدم الإفطار الى اليوم الثاني من دون نية الوصال، وصيام الزوجة المستحب مع مزاحمته لحقّ الزوج، وصوم الصمت عن الكلام تمام النهار أو بعضه، بنحو يجعله في نيته من قيود الصوم، وصوم المريض أو من يضره الصوم، وكل صوم يتعَنْوَن بعنوان محرّم، كصوم الولد مع كونه موجباً لإيذاء والديه إشفاقاً. وغير ذلك.

الصوم المكروه

منه: صيام الولد نافلة بدون اذن والده، والضيف من دون إذن مضيفه، ويوم عرفة عند الشك في هلال ذي الحجة مع احتمال كونه عيد الأضحى، أو صومه لمن خاف أن يضعف عن الدعاء.


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
79.0111
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top