الثلاثاء
14/04/1447 هـ
الموافق
07/10/2025 م
الساعة
12:32
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
العصر 14:57
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
مقالات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=176871&yearquarter=20121&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
رحرحة
يا ضارباً في الحَشوم
أسامة غريب
2012/03/04
01:11 ص
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 0/5
تعودنا أن يظهر لنا الدرويش ذو الاسمال البالية كلما جلسنا على المقهى بالحسين. كان في اقترابه بخطواته المتوجسة وعينيه اللتين تدوران في محجريهما يبعث القلق في نفوس الجالسين لأن أحداً لم يكن يعلم هل هو مجنون أم متيّم في الحب الالهي أم من الذين أجهدتهم الحياة وأفقدتهم القدرة على المقاومة فاستسلم وهام على وجهه في الشوارع.كنت ألاحظه يرقب الرائحين والغادين ثم يطلق بين الحين والآخر صيحة يرددها بصوت جهوري: يا ضارباً في الحَشوم.كنا نضحك ونتبادل النكات كلما سمعنا صيحته، ولم ينجح أحد في ان يفهم ما هو هذا الحشوم؟ وكيف يكون الضرب فيه، ثم وهو الأهم الى مَن يوجه خطابه وماذا يريد من هذا الضارب في الحشوم؟.كان الرجل يرفض بإباء أي محاولة لاعطائه مالاً، ولم يكن يتردد في إهانة من يتجرأ ويفعلها، لكنه كان يتنازل أحياناً ويقبل ان يجلس معنا لتناول السندوتشات والشاي.ترددَت عن الرجل أقاويل كثيرة، فمن قائل إنه كان ناظر مدرسة محترماً وقف في وجه السلطة فاعتقلوه وعذبوه حتى جُن من قسوة التعذيب، ومن قائل بل هو جرّاح مخ وأعصاب من النوابغ المعدودين وقد تعرض الى تجربة قاسية بعد خيانة زوجته له وضبطها مع أحد تلاميذه، ومن قائل بل هو ممن لطمتهم كامب دافيد ومصالحة العدو وافتتاح سفارة لاسرائيل على نيل القاهرة، ومن وقتها لم يتمكن من استيعاب الحياة والتواؤم معها.لم نعرف حقيقته أبداً كما لم نعرف له اسماً، لكن ما لم أشك فيه ان هذا الرجل كان في سابق الأيام متعلماً بل مثقف، ويمكن للراصد ان يلمح هذا من بعض أبيات الشعر التي كانت تفلت منه من وقت لآخر، على الرغم من ان رجاءنا له بأن يعيد ما قال مرة أخرى كان يذهب أدراج الرياح.
ذات ليلة أقبل كالمعتاد واقترب من مجلسنا ووقف عند عمود جانبي ثم أخذ ينظر للسائرين ويقترب منهم ثم يعود الى عموده.ظل يتقافز من رصيف الى رصيف وهو يحدق في وجوه المارة بصورة أثارت فزعهم. في هذه الليلة بدا غريباً علي غرابته المألوفة وكانت عيناه تلمعان ببريق مخيف.لم يكن يقول جديداً..نفس صيحته الشهيرة «يا ضارباً في الحشوم» لكنه كان يقولها وكأنه يستشعر هولاً عظيماً لا يحس به سواه.نظرت اليه فرأيت دموعه تنسال وتختفي داخل لحيته. لمحني أرمقه فبادلني نظرات راجية..لم أفهم أي رجاء تحمِل ولم أتصور أنني بضغطي عليه أستطيع ان أظفر بشيء، لكنني شعرت بألمه وتمنيت لو أخفف عنه.ازداد انفعاله وتسارعت حركاته فصار يجري بسرعة قصوى عبر الطريق فيختفي ويغيب عن ناظرينا ثم يعاود الظهور بنفس السرعة ويلوذ بالعمود يقف الى جواره يطالع الناس من جديد.وعلى الرغم من ان جانباً من الجالسين كان يعرفه ولا يفزع من شكله، وعلى الرغم من ان السياح الذين كانوا يفدون على المكان يومياً كانوا في العادة يقتربون منه ويأخذون معه الصور باعتباره من الأشكال الفولكلورية المميزة للمكان، الا أنه في هذه الليلة أفزع السياح وجعلهم يجرون مبتعدين عنه خوفاً من ان يلحق بهم الأذى.كنت واثقاً بأنه لا يمكن ان يؤذي أحداً، ومع هذا فقد نهضت وعبرت اليه وسألته ان يأتي ليجلس معنا. فعلت هذا بعد ان لمحت الغضب في نفوس العاملين بالقهوة وسمعت الجالسين حولي يتحدثون عن وجوب طلب الشرطة للمعتوه الذي أخاف أطفالهم.لم يقبل ان يأتي معي. حاولت جذبه فتشبث بالأرض وقال لي: وما الفائدة؟.قلت له: قد يؤذونك. ضحك قائلاً: أنت رجل ذو مروءة..قد يؤذونك أنت!.قال هذا ثم التفت للخلف وأطلق صيحته الخالدة في الفضاء. قبل ان أتركه سألته: ألا تنوي ان تخبرني بمعنى جملتك هذه؟.حدّق في عينيّ وهو يفتح عينيه على اتساعهما على نحو أربكني، لكني أدركت أنه ينظر لي ولا يراني، أو لعله كان يرى ما لا يمكنني ادراكه ثم قال في هدوء: سوف يخبرك الدهرُ من الأمرِ بما لم تعلمِ.
في تلك الليلة تلقى الدرويش صفعة هائلة من عامل المقهى نتيجة استيائه من هروب الزبائن الذي توالى وتركهم المكان خوفاً من منظر الرجل.كان للصفعة دوي هائل، رأينا بعدها الدرويش يكوّر يده في غضب ويرفعها في الهواء تهيئة لتسديد ضربة للقهوجي الذي انكمش على نفسه وتضاءل وهو يحس بفداحة ما ارتكب.لا أدري لماذا أحسست في هذه اللحظة أنني أرى مشهداً من فيلم «هالك» أو الرجل الأخضر عندما كان البطل يتحول من بشري الى وحش، وشعرت ان الدرويش سيستطيل ويتعملق ثم يهدم الجدران على رؤوس الجميع..لكن للغرابة أبصرته يسحب يده قبل ان تسحق رأس من صفعه، ورأيت قسمات وجهه تتحول للهدوء وهو يمسح على رأس القهوجي ويساعده على النهوض من وضع القرفصاء الذي اتخذه بسبب الخوف.انصرف بعدها في صمت ومضى رافضاً الرد على كل من حاول محادثته، وتابعناه يبتعد حتى ابتلعه الظلام.
في اليوم التالي وصلني الخبر بالعثور على جثة الدرويش في أحد الأروقة المجاورة.قيل ان لصوصاً هاجموه بغية سرقته..لكني أعرف أنه مات بعد ان أراه الدهر من الأمر ما كان يجهل!.
أسامة غريب
أخبار ذات صلة
عيب يا «الوطن»
7 كيلو من الحياء
وزارتي الداخلية والتجارة.. امنعا البقيات
قبل فوات الأوان وارتماء مصر في أحضان إيران
حرام ما حدث في جلسة الأمة
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
مقالات ذات صلة بالكاتب
حول فاجعة باريس
أسامة غريب
17/01/2015 10:20:00 م
النذر والوفاء
أسامة غريب
13/01/2015 09:17:06 م
إنهم يحسدون الشحاذ!
أسامة غريب
10/01/2015 09:59:44 م
المتنبي وبوشكين
أسامة غريب
06/01/2015 09:07:21 م
المكوجي الزنيم
أسامة غريب
03/01/2015 10:13:22 م
الحكيم.. محفوظ
أسامة غريب
31/12/2014 06:49:12 م
من خبرات السفر
أسامة غريب
27/12/2014 09:45:00 م
مقياس فوزي عباس
أسامة غريب
23/12/2014 08:48:48 م
سكة نوبل
أسامة غريب
20/12/2014 09:18:23 م
الصديق العالق
أسامة غريب
16/12/2014 09:44:56 م
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
729.0186
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top