مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

قمة القمم في الدين والدنيا الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)

السيد ابوالقاسم الديباجي
2012/02/08   12:33 ص

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



هو الامام جعفر ابن الامام محمد الباقر ابن الامام علي زين العابدين ابن الامام الحسين السبط الشهيد ابن الامام علي (ع)، وبهذا، تكون جدته: العلياء فاطمة الزهراء (ع)، ويكون جدّه الأعلى رسول الله الأكرم محمداً (ص).. ومن هنا عرّفه الذهبي بـ: العلوي الهاشمي، وهو الامام السادس من أئمة اهل البيت الطاهر (ع) ولقب بالصادق لصدقه في مقاله، ومن اشهر الاقوال في ولادته الغراء انه (ع) ولد يوم الجمعة عند طلوع فجر السابع عشر من شهر ربيع الاول وهو اليوم المبارك الذي ولد فيه رسول الله (ص) سنة 80 او 83 هجرية.. وذلك في المدينة المنورة.
واما مناقبه وصفاته فتكاد تفوق عدد الحاصر، ويحار في انواعها فهم اليقظ الباصر، حتى ان من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى، صارت الاحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقتصر الأفهام عن الاحاطة بحكمها، تضاف اليه وتروي عنه.
قال ابن الصباغ المالكي: كان جعفر الصادق (ع) من بين اخوته، خليفة ابيه، ووصيه والقائم بالامامة من بعده، برز على جماعة بالفضل، وكان أنبههم ذكراً واجلهم قدرا، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في البلدان، ولم ينقل العلماء عن احد من اهل بيته ما نقلوا عنه من الحديث.
وقال المنصور الدوانيقي عن الامام الصادق (ع): ان جعفر بن محمد كان ممن قال الله فيه: «ثم أورثنا الكتاب الذي اصطفينا من عبادنا» وكان ممن اصطفى الله وكان من السابقين بالخيرات.
وقال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: ابو عبدالله جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)، وهو من عظماء أهل البيت وساداتهم (ع)، ذو علوم جمة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بينة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستفتح عجائبه، ويقسم أوقاته على انواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكر الآخرة، واستماع كلامه يزهد في الدنيا والاقتداء به يورث الجنة، نور قسماته شاهد انه من سلالة النبوة، وطهارة افعاله تصدع بأنه من ذرية الرسالة.
وكان مالك بن انس اذا حدث عنه قال: «حدثنني الثقة بعينه».
نعم، انك اذا تتبعت كتب التاريخ والتراجم والسير تقف على نظير هذه الكلمات واشباهها، كلها تعرب عن اتفاق الامة على امامته في العلم والقيادة الروحية.
وقد امتازت الفترة التي عاشها الامام الصادق (ع) بأنها مرحلة نمو العلوم، وتزاحم الثقافات المتنوعة، وذلك لانفتاح البلاد الاسلامية على الاسم الاخرى، ولانتشار الترجمة التي ساعدت على نقل الفلسفات الغربية الى العرب. فبدأ الغزو الفكري باتجاهاته المنحرفة، وعاداته الهجينة، ونشأت على اثره تيارات الالحاد، وفرق الكلام، والآراء الغريبة، والعقائد الضآلة.
وقد تطلبت تلك الظروف ان ينهض رجل، عالم، شجاع، يرد عادية الضلال عن حصون الرسالة الاسلامية. فكان ان قيض الله جل وعلا وليه الامام الصادق (ع) الذي فاضت حياته بالعطاء، والعلوم الغزيرة المتعددة، من: الحديث، والتفسير، والعقيدة، وسائر ابواب الفقه، والشريعة. ونقلها (ع) نقلا امينا، عن معارف النبوة المحمدية الخاتمة، ونقلا نزيها عن منابع التشريع، والرسالة، حتى لقب (ع) بـ«المحقق»، و«كاشف الحقائق».
لأنه (ع) كان مرجع الامة بحق، وامامها الذي تتلمذ على يديه مئات الاعلام من الفقهاء، والمشايخ، بعد ان فتح لهم باب التخصص العلمي في العلوم العقلية، والطبيعية، كالكلام، والكيمياء، والرياضيات، اضافة الى ابواب الشريعة الاسلامية.
كما وضع (ع) القواعد الواضحة لمسائل الاصول، والفقه، ليربي في تلامذته ملكة الاجتهاد، والاستنباط، كقاعدة الاستصحاب، والبراءة، والضمان، والتخيير، وغيرها.
وبما ان الغزو الفكري الغربي قد رافقته حرية غير موجهة، وانفتاح في ابداء الآراء، لذا احدث ذلك الغزو ارتباكا في عقائد المسلمين، فجند الامام الصادق (ع) جهوده العلمية الهائلة لمواجهة الانحراف والتحريف، بمواقف علمية، وعقائدية، وذلك كان من خلال اجابته (ع) على كل المسائل، ورد كل الشبهات، وافحام كل التشكيكات، والاضاليل، وبيان كل امر من امور الدين، والدنيا، مما يُتساءَل عنه.
حتى استطاع (ع) بذلك الجهاد العلمي المؤيد برعاية الله وعنايته، ان يوقف الزحف الضلالي على العالم الاسلامي، ويكشف زيفه، ويبين أباطيله.
ومن مظاهر شخصيته العظيمة واخلاقه العملية نكرانه للذات وحبه للتواضع وهو إمام الملايين، وكان من تواضعه انه كان يجلس على الحصير، ويرفض الجلوس على الفرش الفاخرة، وكان ينكر ويشجب المتكبرين حتى قال ذات مرة لرجل من احدى القبائل: «من سيد هذه القبيلة؟» فبادر الرجل قائلا: انا، فأنكر الإمام (ع) ذلك، وقال له: لو كنت سيدهم ما قلت: أنا..».
ومن اخلاقه مع عبيده وخدمه انه كان رؤوفا بهم، يراعي ضعفهم واستكانتهم، وكان يجازيهم بالاحسان اليهم والرفق بهم، وإن أساؤوا اليه.
ففي يوم من الايام بعث غلاما له في حاجة فأبطأ، فخرج ابو عبدالله (ع) على اثره لما ابطأ، فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه، فلما انتبه قال له ابو عبدالله (ع): «يا فلان، والله ما ذلك لك، تنام الليل والنهار؟ لك الليل ولنا منك النهار».
ومن الصفات البارزة في الامام (ع) الصبر وعدم الجزع على ما كان يلاقيه من عظيم المحن والخطوب، ومن مظاهر صبره انه لما توفى ولده اسماعيل الذي كان ملء العين في ادبه وعلمه وفضله دعا (ع) جمعاً من اصحابه فقدم لهم مائدة جعل فيها أفخر الاطعمة واطيب الالوان، ولما فرغوا من تناول الطعام سأله بعض اصحابه، فقال له: يا سيدي لا ارى عليك اثرا من اثار الحزن على ولدك؟ فأجابه (ع): «وما لي لا اكون كما ترون، وقد جاء في خبر اصدق الصادقين - يعني جده رسول الله صلى الله عليه وسلم- الى اصحابه اني ميت وإياكم».
نعم، لقد كان الإمام جعفر الصادق (ع) قمة القمم في الدين والدنيا والعبادة والاخلاق العملية فسلام الله عليك ما بقيت وبقي الليل والنهار.

السيد ابو القاسم الديباجي
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
437.0143
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top