

	الثلاثاء 14/04/1447 هـ الموافق 07/10/2025 م الساعة 01:49 توقيت الصلاة العصر 14:57

مقالات

A A A A A

رحرحة

الصُلح خير يا جماعة!

أسامة غريب

2012/02/02

01:48 ص

شكرا لتصويت

التقيم

التقيم الحالي 5/0

تمر العلاقة بين السلطة السياسية في مصر والإدارة الأمريكية هذه الأيام بمنعطف يتم فيه تبادل الرسائل الخشنة على نحو غير معهود في العلاقة التي كان يغلب عليها الود دائماً والتي ربطت بين طرفين طالما جمع بينهما احتقار الشعب المصري وتجاهل ارادته وتلبية كل المطالب والإملاءات الأمريكية التي هي بالمناسبة..إسرائيلية أيضاً.فهل هي صحوة وطنية تلك التي دفعت المجلس العسكري الحاكم الى اتخاذ إجراءات تصعيدية في الآونة الأخيرة ضد المنظمات الغربية العاملة في مجال حقوق الإنسان والدول التي تساندها، أم ان وراء الأمر ما وراءه من أسباب لا نعلمها بعد؟.
بدأ الأمر باتهامات تم تسريبها ونقلتها الصحف عن تحريض تقوم به واشنطن من أجل منع وصول المساعدات التي طلبتها حكومة مصر من الدول العربية، ثم أعقب ذلك حملة المداهمات التي انقضت على منظمات المجتمع المدني التي قيل أنها تتلقى مبالغ ضخمة من دول غربية على رأسها الولايات المتحدة من خلف ظهر الدولة المصرية وذلك بهدف تحقيق مصالح على حساب أمن مصر.ثم تطور الأمر بعدما منعت سلطات المطار عدداً من المواطنين الأمريكيين ممن طالتهم التحقيقات في موضوع المنظمات الحقوقية من السفر ومن ضمنهم ابن وزير النقل الامريكي سام لحود. هنا كشرت الإدارة الأمريكية عن أنيابها وصدر تهديد صريح بعدم اعتماد المعونة العسكرية لهذا العام وقدرها مليار وثلاثمائة مليون دولار..تلك التي يحصل عليها الجيش المصري منذ عقود.
في واقع الأمر لا يستطيع المرء أن ينكر على الدولة المصرية حقها في مراقبة النشاط الحقوقي الذي يجري على أراضيها ومتابعة مصادر تمويله، وقد بح صوت الشرفاء في هذا الوطن من أجل رتق ثوب الوطن المستباح الذي ترتع فيه تنظيمات ومؤسسات بعضها محترم وله مصداقية حقوقية وبعضها مشبوه وله امتدادات صهيونية معروفة، لكن كانت الصيحات تذهب أدراج الرياح ولا تجد من يتدخل لضبط الأمر خصوصاً وان هذه الجمعيات الحقوقية كانت كثيراً ما تتغاضى عن انتهاكات السلطة ضد الاسلاميين والقائهم في السجون ومصادرة أموالهم عن طريق البلطجة، في حين تتبنى ما من شأنه ان يزكي الصدام الطائفي وتتحدث عن قضايا غامضة مثل تمكين المرأة أو الدفاع عن مدون سب الدين لربنا ونشر السباب على مدونته.لكن للأسف لا يستطيع المرء أن يسعد للإجراءات التي اتخذت ضد منظمات المجتمع المدني لأكثر من سبب.. أولاً لأنها اهتمت بالمنظمات ذات التمويل الغربي في حين أهملت عمداً تلك التي يتم تمويلها بواسطة أطراف عربية يستحوذ الاسلاميون على النصيب الأكبر منها. ثانياً لأن الهجمة وان اتخذت شكلاً قانونياً وجيهاً الا أنها لم تحدث الا بعدما شعر المجلس العسكري بأن هذه المنظمات كان لها الدور الأكبر في نشر الانتهاكات التي حدثت في الشارع على يد جنود الجيش والشرطة على أوسع نطاق مثلما حدث في موضوع التعذيب عند المتحف المصري وفضيحة كشف العذرية ثم مذبحة ماسبيرو ومجزرة محمد محمود وموقعة مجلس الوزراء، الأمر الذي شكّل فضيحة نالت من مصداقية المجلس في الداخل والخارج. ثالثاً لأننا لا نستطيع ان نهضم ان السلطة التي طالما تغاضت عن كل أشكال الانتهاكات والتدخل في شؤوننا التي يقوم بها الأصدقاء الأمريكان منذ أيام المخلوع السوداء وحتى أيامنا هذه تستطيع ان تتحول في لحظة الى بطل صنديد يواجه الأمريكان ويتحداهم!.
و الحقيقة ان موضوع المعونة الذي يهدد الأمريكان بقطعها هذا من الموضوعات المؤلمة التي تسبب غصة لكل حر غيور على وطنه، ذلك ان القوى الكبرى مثل طائر الحدأة لا يمكن ان ترمي لنا كتاكيت ومعوناتها مشروطة دائماً بالخضوع والإذعان، فضلاً عن أن فوائدها شبه معدومة لأنها ترغم الطرف المتلقي على شراء بضائعهم والتحميل على سفنهم وعمل دراسة للمشروعات في بيوت خبرتهم أي أنهم يستردون ما يدفعونه ومعه كرامتنا. وحتى لو كانت هذه المعونات غير مشروطة ويتم تقديمها لوجه الله فانها تبلغ من الضآلة حداً مضحكاً يجعل الحديث عن أهميتها الاقتصادية جالباً للسخرية، وتستطيع حكومتنا الميمونة بترشيد الإنفاق الحكومي السفيه ان توفر أضعاف مبلغ المعونة، هذا غير ان نهب المال العام إذا توقف فإننا نستطيع أن نغطي كل احتياجاتنا بدون التسول ومد اليد، كما ان استرداد المصانع التي باعتها عصابة اللصوص بتراب الفلوس ثم بيعها بقيمتها الحقيقية قد يوفر لنا مبلغ المعونة في مئة سنة وأكثر. ولطالما أضحكتني فكرة أن رجلاً مثل أحمد عز تكسب شركاته التي منحته إياها العائلة الفاسدة كل سنة أكثر من مبلغ المعونة.. هذا غير الصناديق الخاصة المملوءة بالأموال والتي تختص وزارة الداخلية بالنصيب الأكبر منها. لهذا كله فإن الحديث عن المعونة وبقائها أو قطعها لا أراه أكثر من وصلة من وصلات الخصام والدلال والهجر والصد التي تقع بين المحبين الذين لا يستغني طرف فيهم عن الآخر، وهذا في الحقيقة يؤكد غرابة أن نرى المجلس العسكري الذي عيّره بعض مسؤولي المنظمات التي تحصل على المعونة الأمريكية بأنه مثلها لا يستغني عن المعونة السنوية من الأمريكان..نراه كما لو كان يمضي عمداً في سكة التصعيد وكأنه يريد فعلاً للأمريكان أن يقوموا بقطع المعونة بعدما فقد الرجاء في الاستمرار في السلطة، وربما بمظنة ان هذا الإجراء قد يساعد داخلياً في استرداد شيء من الرصيد الذي كان!.

أسامة غريب

أخبار ذات صلة dot4line

التعليقات الأخيرة

All Comments

أكثر المواضيع مشاهدة

مقالات ذات صلة بالكاتب

Tweets by WatanNews !function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");

324.0135


موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة