مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

عشر وصايا.. في مذكرة الناخب

عبدالله بشارة
2012/01/15   11:23 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



في الأيام القليلة القادمة، يذهب الناخب الكويتي الى صندوق سري يضع فيه أسماء مختارة من لائحة المرشحين لانتخابات مجلس الأمة الكويتي، في ممارسة نظيفة لحق المواطن في المشاركة في القرار المؤثر في مسيرة الكويت المستقبلية.
ويتواجد الناخب في مركز الانتخابات في أجواء حرة بلا قيود عليه، ولا رقيب يرصد أسماء من يختار، ولا عيون مخفية تتلصص عليه، ولا مباحث غامضة تتعقبه، وأهم شيء لا يوجد من يسأله عن لائحة الاختيار.
هذه الظاهرة فريدة، في عالم السياسة العربية، وأحسب، وبكل ثقة، بأن الانتكاسات والهزائم وحالات الشلل التي عاشها العالم العربي هي حصيلة الاستبداد والقمع وغياب الحرية.
يكتب السيد سامي شرف سكرتير الرئيس عبدالناصر للمعلومات، ورجل الأخبار والأسرار، في الجزء الثاني من مذكراته [مع عبدالناصر] في صفحات تبدأ من 240 الى 250 عن اجتماعات الاتحاد الاشتراكي في أغسطس 1967، بعد كارثة الهزيمة، ويدون وبوضوح، ان الرئيس جمال عبدالناصر يريد معالجة الوضع بعد الهزيمة في مناخ خال من الخوف ومملوء بالحرية لأنه اكتشف بأن الوطنية المستبدة ليست خيارا واقيا من النكسات والهزائم.
هنا يختار الناخب الكويتي وفق قناعاته بلا خوف، وبحسابات يراها مرضية ومريحة لضميره في انتقاء يتصوره مفيدا للكويت وفي اعلاء مصالحها، وفي تشييد مجتمع عصري Nation Building، يمكن ان يتحقق اذا أحسن الاختيار وفق مبادئ من ضمنها هذه الوصايا:
أولا – لا يمكن قبول لائحة القبيضة في داخل البرلمان، فهذه اللائحة في مفرداتها، تعني بيع الضمير للمشتري والاستسلام لسلطة المال، والانحناء لمباهج الثروة في التحلل من الحس الوطني، والتخلي عن الولاء للأرض مع التمدد على حساب ثرواتها والاستخفاف بثقافتها، ومن يبيع الوطن من أجل المال، لا يستحق ان ينتمي الى هذا الوطن، ولا مكان له في قاعة البرلمان.
ثانيا – لا مكان لمن يوظف الطائفية لتحقيق أهداف سياسية وربما لا يتصور من يستحسن الطائفية في الحياة السياسية حجم الدمار الذي يصيب الوطن وما يترتب عليه من صراعات وصدامات وتوترات ربما تصل الى الغليان والفوضى المدمرة، فمن يتخذ الطائفية نهجا للوصول الى البرلمان سيخضع لاملاءاتها بدلا من مصالح الوطن، وسيندفع نحو الحضن الطائفي بدلا من الاعتزاز بهوية المواطنة.
ثالثا – من الصعب هضم نتاج الفرعيات ومرشحيها الذين جاءوا في صدارة اللائحة من الأسماء ليس من كفاءة معترف بها، ومن علم يبرر التزكية، وانما من أعراف متوارثة لخدمة القبيلة والالتزام بضوابطها والطاعة لاعلاء مصالحها، وترسيخ مكانتها في الخريطة السياسية.
الفرعيات من فنون الممارسة الطاردة للعمل الوطني الجماعي وترسيخ لذهنية متوارثة لا تتسع لاجتهاد المستقبل.
وهي ممارسة تحرم الكويت من كفاءات من أبناء هذه القبائل مؤهلة وتحمل أراء ومفاهيم حديثة متجددة تفيد المجتمع بما فيها أهل القبيلة.
رابعا – ليس من المقبول، بعد هذه السنوات الطويلة من التجربة البرلمانية، ان تعود الى المجلس شريحة نواب الخدمات، وهم نواب المخالفات الذين يتوافدون على الوزراء ويتواجدون في المكاتب للدفع باجراءات لا تتفق مع القانون، في تجاهل تام للآخرين المطيعين للضوابط المنتظرين حقوقهم وفق القانون.
خامسا – لا أحب شخصيا مرشحي العموميات الذين يجدون حماية في الكلام الواسع المغلف الذي لا يحدد موقفا واضحا، وانما يرتاح في الغموض المربك.
نحن مع نواب المواقف ونواب الالتزام، المجاهرين بالصوت والمعبرين بالأفعال والذين تلتقي أفعالهم مع أقوالهم، وليس سرا بأن الذين عملوا على تعرية القبيضة هم نواب المواقف الذين لا يتهيبون في المجاهرة بالصوت ولا يخشون من ضياع فرص الاستغناء.
سادسا – سأختار من يلاحق الفساد ويفضح المفسدين وينشر غسيلهم ومن يلاكمهم بلا تردد.
لذا نضع دعم الفرسان المحاربين ضد الفساد من الأولويات في الاختيار، فبدون الحروب ضد الفاسدين من عشاق المال، ومن المنافقين الذين ينقلبون وفق المنافع لن يتحقق احترام القانون والامتثال لنصوصه.
سابعا – لا ترتاح الكويت لاطروحات نواب التطرف الذين يريدون الدفع تجاه التشدد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الكويت بلد قائم على التوافق عبر تاريخه، وتنتصر قضاياه دائما بالاعتدال، ومشارب حكامها وأهلها تنبع من الاعتدال والتوافق.
فلا توجد مصلحة للكويت في سحب البرلمان في جدل لا ينتهي عن المسموح والمرغوب وما تسمح به التقاليد وما فيه انتهاك للأعراف، وهي ممارسات أدخلت الكويت في بيئة مملوءة بالجفاف والضيق والملاحقات من أصحاب الفكر الجامد.
ثامنا – ندعو الناخب الى الابتعاد عن أبطال التأزيم، وهم طبقة النواب المؤزمين الذين يقضون أوقاتهم بحثا عن ثغرات لاستغلالها للمواجهات والصراعات والاستئساد على الحكومات الضعيفة السابقة، والمبالغات في تصيد الأخطاء الصغيرة وتضخيم هفواتها، وهو أسلوب نجح المؤزمون في اللجوء اليه لخلق مناخ متشدد مشكك في أسلوب الحكومة ومعادي لبرامجها، وقاسي في مواجهتها، مما أدى الى تكرار الاستجوابات في حق رئيس الوزراء الذي لم يجد في النهاية حلا سوى الاستقالة والخروج من دائرة التضييق.
كتائب المؤزمين ليست من نصيب الكويت فقط، وانما ظاهرة مستوطنة في كل البرلمانات بما فيها مجلس العموم البريطاني الشهير، لكن الفرق هنا موجود في قدرة هذه الكتيبة الصغيرة على القيادة والتأثير والاحراج، لان النظام البرلماني الكويتي لا تسنده المؤازرة الحزبية وانما يعتمد على السماحة وعلى قيم التوافق دون التشدد.
تاسعا – هذا فصل الشباب الحالمين بالمستقبل الزاهر، المتصدين للعجز، الرافضين للكسل والجمود، والمجاهرين في غضبهم ضد من لا يستحق ان يتصدى ويقود، والشباب في الكويت يحمل الآن شعلة التحرك ويتسيد الطريق ويملك قوة المصارحة وجرأة التحرك.
فلا مكان للعواجيز الذين أدمنوا حياة الامتيازات واعتادوا على التجمل بالمقام النيابي، دون ان يعطوا هذا المقام الاحترام والهيبة، والتوقعات ان تأتي شخصيات من شباب وشابات مسلحين بالعزم وبالثقة لتحريك الحياة النيابية نحو فعالية منتجة.
عاشرا - نلتزم كلنا بالدستور ومبادئه ونصوصه وروحه، وليس هناك أفضل من سيادة القانون التي جسدتها مفردات الدستور، ونقول في هذا الصدد بأن الدستور وثيقة اجماع تسمح بالنقد وتتقبل المعارضة، لكنها معارضة الاسلوب والأولويات والاختيارات في التنمية وفي السياسة وفي القيادات، لكنها ليست معارضة تقويض، وهي ليست حكومة الظل التي تشكلها المعارضة في النظام البريطاني كبديل عن الحكومة القائمة، ووجود المعارضة في الكويت هو قوة للدستور وصيانة لسلامة التصرف وحماية للأحكام التي يلتزم بها النظام السياسي، دون تعريض بالثوابت التي يدافع عنها المجتمع والتي أبرزها الدستور في بنوده.
هذه الوصايا ليست من عندي وانما هي مخرجات من تواصل مع الرأي العام في الكويت.
وخير ما تحتاجه الكويت الآن نظافة الاجتهاد وحسن الاختيار..

عبدالله بشارة
رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
367.0062
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top