الاقتصاد  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

في ندوة نظمها «الوطني» حول مستقبل الأسواق العالمية في 2012

جورج ريشاني: انفراط عقد منطقة اليورو مستبعد والدولار مازال ملاذاً آمناً

2012/01/08   07:56 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
جورج ريشاني: انفراط عقد منطقة اليورو مستبعد والدولار مازال ملاذاً آمناً

نتوقع أن تبقى أسعار الفائدة الأمريكية منخفضة على الأقل حتى منتصف العام 2013
السياسات الخاطئة تؤدي إلى ركود في الاقتصاديات المتقدمة.. وإجراءات التقشف قد تكبح جماح النمو


كتب محمود عبدالرزاق:
كعادته في مطلع كل عام، استعرض بنك الكويت الوطني تطلعاته حول مستقبل الاسواق المالية العالمية في عام 2012 وذلك في ندوة نظمها امس في فندق شيراتون الكويت ودعا اليها عددا كبيرا من عملائه من الشركات، تحدث فيها رئيس مجموعة الاستثمارات والخزينة في البنك جورج ريشاني.
وتحدث ريشاني عن مدى صعوبة اجراء التوقعات الاقتصادية لأداء الاسواق في عام 2012 في ظل هذه الأوقات الصعبة وغير المسبوقة، والتاريخية في الوقت ذاته.

الدين والسياسات

وتناول العناوين الرئيسية التي طغت في العام الماضي والتي كان بعضها امتدادا للعام 2010 ولكن مع تركيز أكبر على الدين والسياسات. ورأى ريشاني ان السياسات الخاطئة قد تؤدي الى ركود في الاقتصادات المتقدمة، وخصوصا ان اجراءات التقشف قد تكبح جماح النمو في العديد من الدول المدينة التي تحتاج الى نمو من أجل معالجة ديونها. كما ان الأمور السياسية وحالة عدم اليقين في العديد من الدول هذا العام قد تدفع الى المزيد من تفاقم الوضع. ويمكن للجمود السياسي في أوروبا والولايات المتحدة ناهيك عن سياسة الحلول المجتزأة أو تأجيل الحلول ان تجنّب الأزمات المالية العاجلة، ولكنها تكون فقط قد أجّلت التصحيحات التي لابد منها.
وقال ريشاني انه من المفروض ان تكون الأسواق استوعبت دروسا هامة ومجانية من الأزمة فيما يخص المخاطر واعادة تعريف الأصول الخالية من المخاطر، والرفع المالي والترابطات والتنويع وخطر انتقال العدوى والمعنى الجديد لما هو طبيعي، ولكن يبدو ان المستثمرين ينسون كالعادة، ويقنعون انفسهم بأن هذا الوقت هو مختلف عن الظروف السابقة.

الأزمة الأوروبية

وتناول ريشاني الأزمة الأوروبية بالتفصيل، بمنظاريها التاريخي والفلسفي، مفصلا الخط الزمني للأزمة، وكيف تنتقل العدوى الأوروبية لسائر العالم، مستطلعا كذلك الترابط بين أزمة الديون السيادية ووفرة السيولة لدى البنوك الأوروبية ومسائل الملاءة، موضحا ان ضعف النمو العالمي ليس مشكلة دورية ولكنه يعتبر من المشاكل الهيكلية والأساسية طويلة المدى، والتي تحتاج للمعالجة على مستوى عالمي بدلا من التركيز على الأمر كما لو أنه مرحلة ركود دورية كغيرها. ولذا لابد للمشاكل غير المسبوقة من حلول غير مسبوقة.
وحذر ريشاني من ان الوضع في أوروبا قد يتأزم ما لم يقدم السياسيون الأمور الأساسية على مصالحهم الشخصية قصيرة المدى، وما لم يدركوا ان اعتماد سياسة واحدة في معالجة أمور مختلفة فيما يختص بالعملة وسعر الفائدة يمكن ان يكون ناجعا فقط اذا كان لدينا وحدة مالية تتيح تحويل الأموال من المناطق الغنية في أوروبا الى المناطق الفقيرة.
وأضاف أنه ما لم تتم معالجة التباعد في التنافسية بين عمق أوروبا وأطرافها، فان المشكلة لن تحلّ، وستبقى اجراءات التقشف محدودة التاثير، كما ان لسياسة شدّ الحزام بشكل مفرط ان تضر بالنمو. حيث ان انكشاف البنوك الأوروبية الكبير على مخاطر الدين السيادي الأوروبي لم يكن نتيجة قرارات خاطئة فحسب، ولكنه كان ناجما عن اخطاء واضعي الأنظمة الذين يقع عليهم جانب من المسؤولية، وممارسات وكالات التصنيف التي اعتبرت كل السندات السيادية في العالم المتقدم خالية من المخاطر ولا تحتاج الى علاوة لحمايتها من التدهور.

تكلفة باهظة

وتساءل ريشاني عن سبب لوم الأسواق للدول التي اقترضت مثل دول أطراف أوروبا دون لوم تلك التي أقرضت بافراط مثل بنوك عمق أوروبا في دول مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، مبينا ان تكلفة الخروج من الوحدة النقدية لأوروبا هي تكلفة عالية جدا على الدولة الخارجة، وبالتالي فان كل الجهود ستنصبّ على انقاذ منطقة اليورو. ولكن اذا ما استمر التناحر السياسي أو حالة عدم الحل أو عدم الحسم، فانه لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال على الرغم من تكلفته الباهظة.
ورأى ريشاني ان انفراط عقد منطقة اليورو هو أمر بعيد الاحتمال، وأن اعادة تشكيل منطقة اليورو من دول عمق أصغر وأكثر قابلية للحياة هو أمر أكثر احتمالا، لكنه لم يستبعد احتمال وقوع حالة من التخبّط تؤدي الى ركود في كل أوروبا.
وبالنسبة للولايات المتحدة، رأى ريشاني ان أرقام النمو قد تحسنت قليلا في الأشهر القليلة الماضية وأن أسواق الأسهم قد أبلت بلاء حسنا نسبيا. ولكن بالنظر الى مستقبل الولايات المتحدة في المدى البعيد، فانه رأى ان ثمة اختلالات أساسية فيها لا تزال قائمة، مثل عبء الدين الثقيل، وعدم تمويل التزامات مثل الراتب التقاعدي والرعاية الصحية، ومكونات الانفاق الحكومي، واستمرار تدفق رؤوس الأموال الى الولايات المتحدة بالاضافة الى العدوى من الأزمة الأوروبية من خلال القنوات التجارية والمالية عبر تعرض البنوك الأمريكية للمخاطر.

استبدال الدولار

ولكن ريشاني مع ذلك، قال انه لا يرى امكانية استبدال فوري للولايات المتحدة كملاذ آمن طالما بقي الدولار الأمريكي عملة احتياط مطلوبة جدا من قبل الجميع بسبب عمق سوقها ومدى اتساعه ومرونته، الى جانب وجود قوانين وتطبيق العقود والشفافية والوضوح في العملية السياسية برغم ان هذه الأخيرة قد تأثرت سلبا بعدم التوصل لحل بشأن الميزانية نتيجة استمرار التناحر المتزايد بين السياسيين. وبالنسبة للدين الأمريكي، أكّد ريشاني ان الحكومة الأمريكية تقترض 40 سنتا وتفرض الضرائب على 60 سنتا من كل دولار تنفقه، وأن الستين سنتا من الايرادات الضريبية تغطي فقط المدفوعات الالزامية وأن الأربعين سنتا التي تقترضها تذهب بالكامل الى تمويل الانفاق الاختياري بما فيه القوات المسلحة والأمن، وأن هذا وضع غير مستدام حتما في المدى الطويل، وما لم يتم ايجاد حل أساسي فان الأسواق ستستفيق يوما وتضطره الى دفع ثمن غال على الرغم من وضعه كملاذ آمن وحيد، وذلك عن طريق طلب أسعار أعلى أو خفض سعر الدولار أو كلا الأمرين.
اما مسألة الدين الحكومي فهي مخففة بعض الشيء من واقع ان معظم الملكية الأجنبية من دين الخزينة الأمريكية الذي يمثل نحو %46 من مجموع الدين الحكومي أو نحو 4.6 تريليونات دولار هو ملك لبنوك مركزية لادارة الاحتياط النقدي، وبالتالي يشكل أدوات قصيرة المدى. وفي هذه الأثناء، وطالما ظلت الأزمة الأوروبية متواصلة، فان الدولار الأمريكي سيواصل احتفاظه بوضعه الآمن وسيستفيد من ذلك.
وأكّد ريشاني ان الدولار الأمريكي لا زال حيا يرزق ويمثل ملاذا آمنا وأن المستثمرين يشترون الدولار الأمريكي عند التوجه نحو تجنب المخاطر وعند سيطرة حالة الخوف على الأسواق.
وشدّد ريشاني أنه من أجل التوصل الى حلول لتلك الاختلالات العالمية، فان ذلك يجب ان يأتي على شكل واحد وأخير، وهو دفع الولايات المتحدة ودول العالم الغربي الى الادخار أكثر، ودفع الأسواق الناشئة الى الانفاق أكثر.

السياسة النقدية

أما فيما يخص السياسة النقدية، فرأى ريشاني ان أسعار الفائدة ستبقى منخفضة لوقت طويل لأن التضخم ليس مصدر قلق الآن، ولكن مصدر القلق هو الركود والانكماش، ولأن البنوك المركزية بما فيها مجلس الاحتياط الفيدرالي تعهدت بابقاء أسعار الفائدة منخفضة حتى منتصف العام 2013.
وستبقى أسعار الفائدة على المدى الطويل منخفضة أيضا لأنه من مصلحة الحكومات ان تخفض أسعار الفائدة الحقيقية أو حتى ان تجعلها سلبية لترفع الطلب من ناحية، ولتخفض عبء سداد الدين من ناحية أخرى.
وشرح ريشاني ان السياسات النقدية التقليدية لم تنجح حقيقة وأن ذلك هو سبب اعتماد البنوك المركزية الرئيسية سياسات غير تقليدية مثل التسهيل الكمي الذي يمثل أسلوبا مقنعا لطبع النقود لتمويل الخزينة للسماح للبنوك المركزية بشراء ديون الخزينة لتمويل الحكومات.
ويمكن لذلك ان يؤدي الى التضخم في المدى الطويل، ولكن حتى هذا لا ينفع الآن، ببساطة لأن ما نشهده الآن ليس ركودا دوريا ولكنه ركود طويل المدى بسبب تخفيض الرفع المالي وبسبب فخ السيولة حيث تختزن البنوك السيولة التي توفرها لهم البنوك المركزية ولا تعيد اقراضها للاقتصاد الفعلي. وتدفع الاجراءات الجديدة الخاصة برأس المال البنوك لتخفيض الرفع المالي عبر تقليل أصولها المحملة بالمخاطر عن طريق تخفيض الأصول من الجانب المخصص لها في الميزانية.

النمو الأمريكي

وفي توقعاته، أفاد ريشاني بأن النمو الذي تحققه الولايات المتحدة مازال غير كاف، اذ يجب ان نتذكر ان نسبة البطالة البالغة %8.6 لا تزال مرتفعة بمقاييس تاريخية وأن الانتعاش هذه المرة هو غير اعتيادي بمعنى ان هذه هي المرة الأولى على الاطلاق التي نشهد فيها انتعاشا بدون تحسن سوق الاسكان في الولايات المتحدة، ما يجعلنا نشك في ان يكون هذا انتعاشا حقيقيا أو مجرد ظاهرة مؤقتة ستتلاشى عقب الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر المقبل خاصة وأن تنفيذ اجراءات التقشف يبدأ على افتراض ان السياسيين الأمريكيين سيفعلون الصواب في النهاية أو يخاطرون. وذكر ان مؤشر البؤس الأمريكي الذي يقيس التضخم والبطالة معا هو في أعلى مستوى له منذ العام 1973، ويمكن لذلك ان يكون له تأثير على الانتخابات الأمريكية.
ورأى ان آفاق الدولار الأمريكي تعتمد على الحالة في أوروبا. فاذا استقر الوضع، يقع الدولار الأمريكي تحت الضغط. ولكن اذا استمرت الأزمة مع استمرار السياسيين بتأجيل الحل، فان الدولار الأمريكي سيستفيد من وضعه كملاذ آمن.
وتوقع ريشاني ان تبقى أسعار الفائدة الأمريكية منخفضة على الأقل حتى منتصف العام 2013 كما أفاد مجلس الاحتياط الفيدرالي، ولا يرى مخاطر من التضخم في المدى القريب. ويمكن ان تكون الأخطاء في السياسات كبرى المخاطر في المستقبل، ويتوقع ألا تكون طريق المستقبل ممهدة بل ستكون حافلة بالمطبات. وبالنسبة للذهب، يرى ريشاني احتمال ان يتخطى حاجز الألفي دولار ليس بسبب مخاوف من التضخم (مخاوف التضخم هي مخاطر الغد – وليس اليوم) كما يعتقد معظم الناس، بل بسبب استمرار مخاطر الانكماش.


==========


2012 سنة «الأنين» أو «التقنين»

بروح من الدعابة، خاطب ريشاني اولئك الذين يعتقدون بالفلك قائلا: ان هذه السنة حسب التقويم الصيني هي «سنة التنين» والتي يمكن ان تؤخذ على سبيل المزاح على أنها سنة «الأنين» أو «التقنين».


==========

نصائح للمستثمرين

نصح ريشاني المستثمرين بالبحث عن طرق للبقاء وليس للرخاء، وبالتركيز على استراتيجيات تضمن عودة رؤوس اموالهم وليس تحقيق عوائد عليها. وبالنسبة للشركات، ينصح ان تكون يقظة، مشيرا الى ان الاجراءات التالية يمكن ان تكون مفيدة في معالجة هذه التحديات:
-1 ادارة التكلفة (خفض التكلفة اذا أمكن).
-2 ادارة الأسعار.
-3 مركزية في قرارات التسعير.
-4 الابتكار عن طريق خلق احتياجات استهلاكية جديدة.
-5 استكشاف أسواق التصدير.
-6 تغيير اللعبة عن طريق القيام باستثمارات أو تملك الشركة المنافسة.
-7 تقييم التأثير على حساب الدخل عن طريق النظر الى حساسية الأسعار لدى كل من الموزعين والمستهلكين.
-8 تقييم التأثير على كشف الميزانية مثل النقد والمبالغ النقدية التي يحتاجها رأس المال العامل والاستثمارات الثابتة.
-9 تنظيم الهيكلية لتحسين الشفافية، واتخاذ القرار، والتواصل ووضع سيناريوهات لمحاكاة الأوضاع، وتطبيق اشارات تحذير مبكر.
-10 الاهتمام بخفض المخاطر عن طريق التغطية.


==========

أداء متواضع للأسواق الناشئة

قال ريشاني: تاريخيا فإن زيادة الأجر في الساعة كانت تقيد التضخم فحين ترتفع الأجور والمداخيل ببطء وبوتيرة أقل من التضخم، يميل المستهلكون لتخفيض انفاقهم الاختياري لسد حاجاتهم الاساسية. وفي الولايات المتحدة لاحظ ان التضخم كان أعلى من الزيادات في الأجر والدخل، ولذا فان للسعر أهمية عالية الآن لدى المستهلكين، متوقعا فترة من الجمود تحمل في طياتها التضخم القليل الى المتوسط وانخفاض النمو، حيث يرى ان الولايات المتحدة ستشهد انتعاشا هزيلا والمملكة المتحدة ستشهد ركودا تقنيا والأسواق الناشئة ستشهد أداء متواضعا.


أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
78.9993
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top