الثلاثاء
14/04/1447 هـ
الموافق
07/10/2025 م
الساعة
05:13
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
المغرب 17:27
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
منوعات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=163712&yearquarter=20121&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
في وقت السعي المحموم لتحقيق النصر المزعوم لابد من وقفة مع أدب الاختلاف
2012/01/07
07:10 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 0/5
بقلم الشيخ د.جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين
في الانتخاب أوالترشيح ينبغي أن تحكمه ضوابط الحوار وألا يخرج عن الإطار المحدد لذلك شرعاً وقانوناً
لنا –أبناء الكويت- أسوة حسنة في الآباء نتأسى بها عند اختلاف الآراء وتنازع القضايا من غير إسفاف ولا تهجم ولا اتهام
اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في أمور خطيرة يحكم على أصحابها بارتكاب كبيرة في رأي ولا يحكم عليهم بشيء في رأي آخر ومع هذا كانوا متحابين متآلفين
ينبغي أن يظل قائماً بين المختلفين الاحترام والتقدير وحسن الظن والعمل بالقاعدة المعروفة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»
الحوار أحد الأساليب الشائعة في اللغة العربية، وهو يجمع كثيرا من السمات الفنية التي تنتج عن يقظة الوعي، وحضور الفكر، وسلامة الحجة، وقوة التعبير، وبلاغة التصوير، وغيرها من الخصائص الأسلوبية التي بها يثري الحوار، ويجذب الأذهان.
وقد استخدم القرآن الكريم أسلوب الحوار في مواقف متعددة، وذكر أدلة المخالفين وحججهم، ثم ردّ عليها وأزال الشُّبَه منها.
ونحن –المسلمين- لنا في أساليب الحوار القرآنية أسوة نتأسى بها عند اختلاف الآراء، وتنازع القضايا من غير اسفاف ولا تهجم، ولا اتهام لأشخاص أو هيئات، مع التزام الصدق وقبول الآراء المخالفة ان التزمت بالحق وقامت على الدليل.
ولا أدل على ذلك من اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في الأمور الفقهية.
صور لاختلاف الصحابة مع بعضهم في الأمور الفقهية:
1 - الاختلاف بين عمالقة الأمة فأبو بكر رضي الله عنه يرى سبي نساء المرتدين وعمر رضي الله عنه لا يرى ذلك، وفي الأرض المفتوحة كان أبو بكر يرى قسمتها وكان عمر يرى وقفها ولم يقسمها عند خلافته، فرضي الله عنهم لم يفسد الخلاف في هذه المسائل الكبيرة الحب والود بينهم.
2 - بين عمر وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما:
أ - قول الرجل لامرأته «أنت علي حرام»:
2 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أنها طلقة واحدة.
3 - ابن مسعود رضي الله عنه يرى أنها يمين.
ب - اختلافهم في رجل زنى بامرأة ثم تزوجها:
1 - عمر رضي الله عنه لا يرى أنهما زانيان بعد الزواج ويُعتبر أوله سفاحا وآخره نكاحا.
2 - ابن مسعود رضي الله عنه يرى أنهما لايزالان زانيين ما اجتمعا حتى بعد الزواج قال ابن القيم في اعلام الموقعين: ان المسائل الفقهية التي خالف فيها ابن مسعود عمر رضي الله عنهما بلغت مائة مسألة.
اختلاف قريب:
نعين اليوم خلافات واسعة في بلدنا في مفردات العمل السياسي والنيابي، واختلاف الآراء بين الناس أمر طبيعي ان لم تغب عن المختلفين حول هذا الشأن القاعدة المعروقة: «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» ولو ان مثل هذا الأمر وردت فيه نصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة، لما كان هناك اختلاف.ولكن النصوص الواردة ليست قطعية الدلالة على المنع أو الايجاب ولذا فان فيها مجالا لاختلاف الآراء، دون ان نقول: ان هذا الرأي هو الصواب، وان ذلك الرأي هو الخطأ، فتعدد وجهات النظر في المسائل غير القطعية أمر ورد كثيرا في كتب الفقه والأصول، اذ ان الأحكام الظنية هي مجال الاجتهاد سواء أكانت أحكاما لا نص فيها، أو فيها نص ظني الدلالة أو ظني الثبوت أو ظنيهما معا، ومذهب الامام أحمد –وهو يقوم على تتبع الأثر- فيه روايات متعددة في المسألة الواحدة، وكتاب الانصاف دليل على ذلك.وصدر الاسلام –في هذا الاطار- يتسع لاختلاف الآراء ولا يضيق عن الجهاد.
يسعنا ما وسع السابقون:
ومن الممكن ان تتناقض أو تضارب آراء الفقهاء والمفكرين بناء على فوارق كثيرة بينهم، بحيث يجيز بعضهم ما لا يجيزه الآخر، دون ان يكون لهذا التناقض أو الاختلاف أدنى أثر في الطعن على بعضهم بعضا أو احداث أي خصومة بينهم أو غير ذلك مما يحدث الآن بين المختلفين، وينبغي ان يسعنا ما وسع السابقون الاختلاف، فقد اختلفوا في أهم الأمور التي يجب ان يعنى بها المسلم وهي الصلاة.
فالامام الشافعي بناء على فهمه للنصوص يقرر ان قراءة الفاتحة فرض في الصلاة، والامام أبو حنيفة يقرر ان قراءة أي شيء من القرآن تكفي، وبقية الأئمة لهم آراء مختلفة في هذه المسألة، وكذلك اختلفوا في وجوب القراءة خلف الامام أو عدم وجوبها، وغير ذلك مما اختلف فيه الأئمة دون ان يطعن أحدهم على الآخر، ودون ان يَزْوَرَّ المسلمون أجمعون عن رأي بعينه، وانما الآراء معروضة أمام الجميع، مستندة الى النصوص التي استمدت منها، والناس أحرار في اختيارهم للرأي الذي يجدونه أقرب الى الحق وأدنى الى القصد، دون ان يُخرج أي فريق منهم الآخر من اطار الحق الى اطار الباطل، لأن مرونة الشريعة وسعتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان يمكن ان تنظر للشيء الواحد من وجوهه المختلفة، وحديث «لا يصلين أحد العصر الا في بني قريظة» أصل في هذا الموضوع حيث أجاز النبي صلى الله عليه وسلم رأي كل فريق من الفريقين ولم يأمر فريقا باعادة الصلاة أو ينبهه الى خطأ وقع منه، مما يدل على سلامة تصرف الجميع.فلم يكن الذين نظروا الى مقاصد الحديث ومراميه مخطئين، ولم يكن الذين وقفوا عند ألفاظ الحديث مخطئين.
ولقد وضع الله على الحق معالم، وجعل على الصراط المستقيم منائر ولذلك كان الاستثناء {ولايزالون مختلفين الا من رحم ربك} فهداية الله للحق متحققة {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه} فالنفوس اذا تجردت من أهوائها، وجدّت في تلمّس الحق، فانها مهدية اليه، فأصول الدين وأمهات الفضائل، وأمهات الرذائل بينها الله بنصوص بينة لا تقبل تحريفا ولا تأويلا، وقد جعلها الله أم الكتاب، وما دون هذه الأصول فقد عذر الله الخلق اذا ما اختلفوا فيها ورفع الحرج عنهم، بل جعل للمخطئ أجرا وللمصيب أجرين.
وما دام الأمر كذلك فان اختلاف التكتلات السياسية الاسلامية في مسار العملية الانتخابية واليوميات الميدانية لا ينبغي ان يخرج عن حدود الخلاف الذي حدث بين السابقين الأولين في صلاة العصر في بني قريظة، طالما ان النصوص الشرعية لم تفصل في يوميات العمل السياسي كما في ربع العبادات، بل تركت للناس ان يجتهدوا في ضوء القواعد الشرعية والنصوص العامة والمعطيات الواقعية والاجتماعية المختلفة بحسب الأحوال والظروف، وهذا ما سار عليه الفقهاء في غير الأمور القطعية الدلالة كأحكام المواريث والأعداد والمقدرات وغيرها.
وقد أردنا ان نذكر بهذا الأصل قبل ان نعرض لآداب الحوار.
ونذكر في ايجاز شديد بعض المصطلحات المستخدمة وهي:
أولا: الحوار: هو المراجعة في الكلام.
ثانيا: المجادلة: هي تبادل الأدلة والبراهين بين الأطراف دعما لما يراه كل منهما من فكر، وما يعتقده من رأي.
أصل الاستعمال للجدل: يستعمل لمن خاصم بما يُشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب وهو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة فكل واحد من المتجادلين يحاول ان يُفتل صاحبه استعمل في مقابلة الأدلة لظهور أرجحها.
مراد الحوار والجدل في مصطلح الناس ومقاصده: مناقشة بين طرفين أو أطراف يُقصد بها: (1) تصحيح كلام (2) اظهار حجة (3) اثبات حق (4) دفع شبهة (5) رد الفاسد من القول والرأي.
وهناك مقاصد فرعية منها:
(1) ايجاد حل وسط يُرضي الأطراف (2) التعرف على وجهات النظر كتمهيد للحوار (3) البحث والتنقيب من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرُّؤى والتصورات المتاحة من أجل الوصول الى نتائج أفضل وأمكن.
ثالثا: الاختلاف: ان ينهج كل شخص طريقا مغايرا للآخرين ومن استيضاح النصوص القرآنية المتحدثة عن الخلاف، والاختلاف يتبين أنه يراد به.
مطلق المغايرة في القول أو الرأي أو الحالة أو الهيئة.
فالاختلاف الظاهري دال على الاختلاف في الآراء والاتجاهات والأغراض قال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أُمة واحدة ولايزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم} قال الفخر الرازي «والمراد اختلاف الناس والأديان والأخلاق والأفعال» أ.هـ. فالله سبحانه خلق الناس بمقتضى حكمته:
أ - كاسبون للعلم لا مُلهمين.
ب - عاملون بالاختيار لا مجبورين ولا مضطرين.
ت - متفاوتون في الاستعداد وفي كسب العلم.
استدراك:
أما قول الله تعالى: {ولذلك خلقهم} في الآية فليس المراد أنه سبحانه خلق الناس ليختلفوا، وانما الكلام للعاقبة والصيرورة أي أنهم حين يختلفون سيؤولون الى فريقين – فريق في الجنة وفريق في السعير.
قال محمد رشيد رضا في اختلاف الناس انهم «خُلقوا مستعدين للاختلاف والتفرق في علومهم وآرائهم ومشاعرهم، وما يتبع ذلك من ارادتهم واختيارهم في أعمالهم ومن ذلك الايمان والطاعة والمعصية».
أدب الحوار والاختلاف:
يقولون «الوقاية خير من العلاج» ومنع أسباب المرض أفضل من علاجه بعد ان يقع، ولذلك ورد في الحديث «المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء» فحتى لا يقع الخلاف المذموم بين الناس لابد من مراعاة أصول الحديث والاستماع والأخذ والعطاء، كما أنه من الضروري معرفة ما يجوز وما لا يجوز فيه الخلاف، ووجود الحوار في الناس أمر لابد منه، وفوائده يحتاجها الداعية في طريقه كالمسافر لحديث رفيق السفر من أجل قطع الملل، ورفع الضجر، وتهوين البعد، قال سليمان بن عبدالملك بعد ان عدد عظيم نعم الله عليه وما هو فيه من ملك قال: وما أنا اليوم الى شيء أحوج مني الى جليس يضع عني مؤونة التحفظ، ويحدثني بما لا يمجه السمع، ويطرب اليه القلب، ولهذا الأمر سنتحدث عن الحمية التي مع وقوع الاختلاف في الحوار من خلال عدة محاور:
المحور الأول: اتباع أصول الحوار الصحيح:
1 - بدء الحديث والحوار بمواطن الاتفاق وذلك من أجل:
أ - ان يتحقق في الحوار الهدوء والاتزان واصابة الهدف.
ب - فتح آفاق الاتفاق والتلاقي.
ت - الابتعاد عن تغير القلوب وتشويش الخواطر.
ث - التقليل من روح التحفز في الرد والتتبع للثغرات والزلات.
2 - سلوك الطرق العلمية في الحوار والتزامها:
أ - تقديم الأدلة المثبتة للدعوى.
ب - صحة النقل في الأمور المنقولة.
وبهاتين الطريقتين جاءت القاعدة «ان كنت ناقلا فالصحة، وان كنت مُدّعيّا فالدليل».
3 - قبل البدء بالحوار لابد من الاتفاق على المسلمات العقلية والدينية:
فقبل البدء بالحوار لابد من التأكد من ان المسلمات العقلية ثابتة نحو حُسن الصدق، قُبح الكذب، شكر المُحسن، معاقبة المذنب، وكذلك الاتفاق على المسلمات الدينية، الايمان بربوبية الله وعبوديته اتصاف الله بصفات الكمال، وجوب الحكم بما أنزل الله، وجوب حجاب المرأة، حرمة الزنا والخمر والربا، فالحجاب للمرأة أمر محسوم بجملة نصوص منها: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن} فأصل الحجاب ليس محلا للاجتهاد، وقد يسوغ النقاش في فرعيات الحجاب كمسألة كشف الوجه والكفين.
4 - التجرد وقصد الحق والبعد عن التعصب في الحوار:
قال الامام الغزالي أبو حامد «التعاون على طلب الحق من الدين، ولكن له شروط وعلامات، منها ان يكون في طلب الحق كناشد ضالّة، لا يُفرق بين ان تظهر الضالة على يده أو على يد مُعاونه، ويرى رفيقه معينا لا خصما، ويشكره اذا عرفه الخطأ وأظهره له».
5 - وضوح قطعية النتائج ونسبيتها عند المتحاورين:
من المقرر ان الرأي الفكري نسبي الدلالة على الصواب أو الخطأ والذين لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام فيما يُبلغون عن ربهم سبحانه، وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ..يحتمل الصواب» ولذلك فانه ليس من شرط الحوار الناجح ان ينتهي أحد الطرفين الى قول آخر، يقول ابن قدامة في المغني «وكان بعضهم يعذب كل من خالفه في المسائل الاجتهادية، ولا يكلفه ان يوافقه فهمه».
6 - الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل اليها المتحاورون والالتزام الجاد بها، وبما يترتب عليها، قال الامام الشافعي رضي الله عنه «ما ناظرت أحدا فقبل مني الحجة الا عظم في عيني».
الأخذ بأصول الحوار:
1 - الابتعاد عن الغلظة في الخطاب، ففي الحديث «أن الله يُحب الرفق في الأمر كله».
والغلظة في القرآن لم تأت الا في موضعين:
أ - في قلب المعركة {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ويجدوا فيكم غلظة}.
ب - في تنفيذ العقوبات الشرعية على مستحقيها وتضييق الحدود {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}.
2 - الابتعاد عن سوء الظن بالآخرين والنظر اليهم من خلال منظار أسود، يخفي حسناتهم، ويضخم سيئاتهم.
3 - معرفة مراتب الأحكام الشرعية، وأنها ليست في درجة واحدة من حيث ثبوتها وبالتالي من حيث جواز الاختلاف فيها.
الأخذ بالاعتبار طبيعة الفروق الفردية بين البشر:
مما لا شك فيه ان مستويات فهم الناس للكلام تتفاوت، مع تساويهم من حيث الجملة أمام الرؤية بالعين المجردة، قال ابن الجوزي: ما أكثر تفاوت الناس في الفهوم، حتى العلماء يتفاوتون التفاوت الكثير في الأصول والفروع، لذلك لابد من مخاطبة الناس على قدر أفهامهم، قال بن مسعود: «ما من رجل يُحدث قوما حديثا لا تدركه عقولهم الا كان فتنة لبعضهم».
التسليم في الحوار ببشرية الناس في كونهم خطائين:
ومثال ذلك كثير فعلى سبيل ذلك ابن حزم على ما عنده من فضل ومن علم، ولكنه فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم على العشرة المبشرين، فقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله «وبالجملة فهذا قول شاذ لم يسبقه اليه أحد من السلف» وهذا ليبقى الناس في بشريتهم قال ابن القيم رحمه الله: «ان العالم قد يزل ولابد اذ ليس بمعصوم فلا يجوز قبول كل ما يقوله وينزل قوله منزلة المعصوم».
المحور الثاني: من أدب الحوار: الالتزام بأخلاقيات الحوار:
1 - التزام القول الحسن وتجنب منهج التحدي والافحام:
قال تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}، وقال سبحانه {وجادلهم بالتي هي أحسن} وقال تعالى في بيان أرقى صور الحوار {وانا واياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} وذلك لأن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف.
وقد تُفحم الخصم ولكنك لا تقنعه، وقد تسكته بحجة ولكنك لا تكسب تسلمه واذعانه، ولذلك لابد من الابتعاد عن:
أ - اغلاظ القول.
ب - رفع الصوت أكثر من الاحتياج.
حسن الاستماع:
قال الحسن لابنه: «يا بني اذا جالست العلماء فكن على ان تسمع أحرص منك على ان تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام وان طال حتى يمسك» وبين ابن المقفع أشكال ومظاهر حسن الاستماع بأنها:
أ - امهال المتكلم حتى ينتهي.
ب - الاقبال بالوجه على المتكلم والنظر اليه.
ت - الوعي لما يقول.
تقدير الخصم واحترامه:
فيخاطب بالعبارات اللائقة والمستحبة، وأن لا يظن ان الحق لا يغار عليه ولا يحبه ولا يدافع عنه ولا يتبناه الى هو، وأن ينتبه وهو في دائرة الحوار من حظوظ النفس.
الابتعاد عن العجب:
قال ابن القيم رحمه الله في المدرج أنك ان تبيت وتصبح نادما، خير من ان تبيت قائما وتصبح معجبا.
التجمل بالصبر والرفق:
فلابد للمحاور من طلاقة الوجه، والتبسم دون تكلفة، قال شيخ الاسلام ابن تيمية في بعض ما يعين على حسن الخلق: لابد من هذه الثلاثة «العلم، والرفق، والصبر» العلم قبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرفق معه، والصبر بعده.
ومن مظاهر الرفق في الحوار:
من المقرر «ان الرفق لا يكون في شيء الا زانه ولا ينزع من شيء الا شانه» ومظاهر الرفق كثيرة منها:
1 - التمهيد للأمر بالحسنى.
2 - اجتناب الألفاظ القاسية والعبارات الجافة.
3 - المناداة بأحب الأسماء.
4 - الابتعاد عن التعبير.
5 - الابتداء بالتلميح دون التصريح.
مثال الرفق:
تأمل امتثال موسى لما أُمر به كيف قال لفرعون: {هل لك الى ان تزكى وأهديك الى ربك فتخشى} فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض لا مخرج الأمر، وقال {الى ان تزكى} ولم يقل الى ان أُزكيك، فنسب الفعل اليه هو، وذكر لفظ التزكي دون غيره لما فيه من البركة والخير والنماء، ثم قال: {وأهديك الى ربك} أكون كالدليل بين يدك الذي يسير أمامك، وقال {الى ربك} استدعاء لايمانه بربه الذي خلقه ورزقه، ورباه بنعمة صغيرا ويافعا وكبيرا.
وعلى المحاور ان يعرف، أنه ليس المقصود اقامة الحجة على الناس وانما دعوتهم للخير ونهيهم عن الشر امتثالا لأمر الله والكلمة قد لا تؤتى ثمارها في وقتها، ولكنها تؤتى بعد حين.
الابتعاد عن التطرف بالرأي في الحوار:
أ - التعصب للرأي تعصبا لا يعترف مع الآخرين بوجود.
ب - اتهام من يخالفه في الرأي بالجهل واتباع الهوى كأنما جعل نفسه نبيا معصوما، ومن قوله وحيا يوحى، وهذا العنصر يجيز لنفسه ان يجتهد في أعوص المسائل ولكنه لا يجيز لعلماء العصر المتخصصين ان يجتهدوا في رأي يخالف ما ذهب اليه.
ت - ارهاب المقابل لا بالعصا بل بالاتهام بالبدع والاستهتار بالدين.
الحوار الهادئ وإعطاء الناس مكانتهم سبيل لكسبهم:
اننا نرى ذلك في قصة حصين الخزاعي والد عمران حين جاء وفد قريش فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: أوسعوا للشيخ، فقال حصين: ما هذا الذي بلغنا عنك انك تشتم آلهتنا، فقال صلى الله عليه وسلم: يا حصين كم تعبد من إله؟ قل سبعا في الأرض وواحدا في السماء، فقال فاذا أصابك الضر فمن تدعو؟ قال الذي في السماء، قال فاذا هلك المال فمن تدعو؟ قال الذي في السماء، قال: فيستجيب لك وحده وتُشرك معه! يا حصين أسلم تسلم، فأسلم فقام اليه ولده عمران فقبل رأسه ويديه ورجليه، فلما أراد حصين الخروج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شيعوه الى منزله.
استخدام التلميح والتعريض:
التعريض والتلميح من صور القول الحسن، ولذلك كان الغالب في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، في الخطاب «ما بال أقوام يفعلون كذا ويقولون كذا».
المحور الثالث: وحدة الصف ونبذ الخلاف المذموم:
ان الاسلام ما أكد على شيء مثل تأكيده على الايمان والأخوة، أو بعبارة أخرى تأكيده على «كلمة التوحيد» «وتوحيد الكلمة» قال تعالى: {ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} والخلاف عندما يفقد أخلاقياته يسقط المجتمع فريسة سهلة للتآكل الداخلي، والتنازع والتناحر الذي أورثنا معيشة ضنكا وذهاب الريح، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} والخلاف منه ما هو مرفوض وما هو مقبول، وسلف هذه الأمة اختلفوا لكنهم لم يتفرقوا لأن وحدة القلوب والغايات والأهداف كانت أكبر من ان ينال منها شيء، والاختلاف حين لا يتجاوز حدوده، وحين يلتزم الناس بآدابه يكون ظاهرة ايجابية لها آثار، منها:
1 - التعرف على جميع الاحتمالات التي يمكن ان يكون الدليل أومأ اليها بوجه من وجوه الأدلة.
2 - الاختلاف الملتزم بالآداب يعتبر رياضة للأذهاب وتلاقحا للأراء.
حالة الأمة في الأحقاب الأخيرة ومسألة الخلاف:
الأمة في الفترة الأخيرة من الدولة العثمانية الى سقوط الخلافة الى سيطرة ما يُسمى بالأنظمة الثورية عاشت في مجموعة احباطات من خمول في العقيدة، وزعزعة في الايمان والسلوك والاستقامة ومع هذا الواقع بدأت فئات كثيرة من أبناء الأمة تدرك الحقيقة الكبرى «أن آخر هذه الأمة لن يصلح الا بما صلح بها أولها» وظهر ما تم الاصطلاح عليه بـ«الصحوة الاسلامية» فبدأت المعركة مع هذه الصحوة في الداخل والخارج، وأخذت الصحوة تتعثر عند صخرة الخلاف المقيتة فعلى اطار المسائل الفقهية بدأ الصراع بين من ينتسب الى المذهبية ومن يدعو الى اللامذهبية، وبدأت الاتهامات حتى وصلت الى التفسيق والتبديع، وفي هذا الصراع كانت هناك غفلة عما يتعرض له الاسلام من هجمات خارجية شرسة، وعند التحقيق نرى ان الجميع يأخذ من الأئمة الكبار! فلماذا لا يلتزمون بآداب الاختلاف التي عاش في كنفها كرام الأئمة من السلف، ولعل ما نعيشه من اختلاف بعيد عن آداب الحوار يرجع الى الجهل بالاسلام أو العلم الناقص به وهذا يستلزم أموارا منها:
1 - ان شباب الدعوة لابد ان يأخذوا بالأدوات التي يتعاملون بها من منبع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكتب العلماء.
2 - التعامل مع الشريعة بالمقصد الذي جاءت به من ادخال السعادة على الناس في الدنيا والآخرة.قال تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وتحقيق المقاصد والكليات الخمس.
3 - ادراك ان من أهم واجبات المسلمين ان يدركوا ان أخوة الاسلام ووحدة صفوف المسلمين تأتي في أولويات العمل، كما أنه لابد من معرفة خطورة عدم الالتزام بآداب الحوار وسياج هذا كله مراقبة الله سبحانه في كل تصرف ولفظ.
سوء الأدب وأمراض القلوب
ان مما يقسي القلب ويضعف التقوى ويفتك بالدين الصراع على الدنيا وجاهها ومالها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الامام أحمد في مسنده: ما ذئبان جائعان أرسال..... لدينه.
ولهذا رأينا ان ننبه الى عظيم ما يصاب به الانسان من حرصه وقتاله على الجاه والمال من بلاء في البدن والقلب، أما البلاء البدني والاعتلال الجسمي فقد برع أهل زماننا فيه حتى راحوا يعالجون بالمناظير والليزر ما كان علاجه قديمًا ضربًا من المستحيل.
أما اعتلال القلوب فقد صعب علاجه، واشتد مراسه الا عن القليل القليل، ولننظر طرفاً من هذه الأدواء وما لها من شفاء عند سلفنا، فهم أهل هذه الصناعة وبضاعتهم خير بضاعة.
أمراض القلوب وشفاؤها: قال الله تعالى عن المنافقين: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً}(1)، وقال تعالى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ}(2)، وقال سبحانه: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا الَّا قَلِيلًا}(3) وقال: {َلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}(4) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}(5) وقال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ الاَّ خَسَارًا}(6) وقال سبحانه: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}(7).
ومرض البدن اختلال صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه، يفسد به ادراكه وحركته الطبيعية، فادراكه اما ان يذهب كالعمى والصمم، واما ان يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه، كما يدرك الحلو مرًا، وكما يخيل اليه أشياء لا حقيقة لها في الخارج، وأما فساد حركته الطبيعية فمثل ان تضعف قوته عن الهضم، أو مثل ان يبغض الأغذية التي يحتاج اليها ويحب الأشياء التي تضره ويحصل له من الآلام بسبب ذلك.
ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك، بل فيه نوع قوة على ادراك الحركة الارادية في الجملة، فيتولد من ذلك ألم يحصل في البدن، اما بسبب فساد الكمية، أو الكيفية، فالأول اما لنقص المادة فيحتاج الى غذاء، واما بسب زيادتها فيحتاج الى استفراغ، والثاني كقوة في الحرارة والبرودة خارجًا عن الاعتدال فيداوى.
وكذلك مرض القلب هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره وارادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه وارادته، بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل الضار، فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب، كما فسر مجاهد وقتادة قوله تعالى في سورة البقرة {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً} بشهوة الزنى كما في سورة الأحزاب: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}(8).
ولهذا صنف الخرائطي كتاب اعتلال القلوب، أي مرضها، وأراد به مرضها بالشهوة، والمريض يؤذيه مالا يؤذي الصحيح فيضره يسير الحر والبرد والعمل ونحو ذلك من الأمور التي لا يقوى عليها لضعفه بالمرض، والمرض في الجملة يضعف المريض بجعل قوته ضعيفة لا تطيق ما يطيقه القوي، والصحة تحفظ بالمثل وتزال بالضد، والمرض يقوى بمثل سببه ويزول بضده، فاذا حصل للمريض مثل سبب مرضه زاد مرضه وزاد ضعف قوته حتى ربما يهلك، وان حصل له ما يقوى القوة ويزيل المرض كان بالعكس، ومرض القلب ألم يحصل في القلب كالغيظ من عدو استولى عليك، فان ذلك يؤلم القلب، قال الله تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}(9).
فشفاؤهم بزوال ما حصل في قلوبهم من الألم، ويقال فلان شفى غيظه، وفي القود استشفاء أولياء المقتول، ونحو ذلك، فهذا شفاء من الغم والغيظ والحزن، وكل هذه آلام تحصل في النفس، وكذلك الشك والجهل يؤلم القلب قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا اسألوا اذ لم يعلموا، فانما شفاء العيي السؤال»(10)، والشاك في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين.
ويقال للعالم الذي أجاب بما يبين الحق قد شفاني بالجواب، والمرض دون الموت، فالقلب يموت بالجهل المطلق، ويمرض بنوع من الجهل فله موت ومرض وحياة وشفاء، وحياته وموته ومرضه وشفاؤه أعظم من حياة البدن، وموته ومرضه وشفاؤه، فلهذا مرض القلب اذا ورد عليه شبهة أو شهوة.
هوامش:
1 - سورة البقرة – من الآية 10.
2 - سورة الحج – من الآية 53.
3 - سورة الأحزاب –الآية 60.
4 - سورة المدثر – الآية 31.
5 - سورة الأحزاب –الآية 53.
6 - سورة المدثر – الآية 31.
7 - سورة التوبة – الآية 15،14.
8 - سورة الأحزاب – من الآية 32.
9 - سورة التوبة – من الآيتين 15،14.
10 - أبو داود في الطهارة (284) من حديث جابر رضي الله عنه.
أخبار ذات صلة
بطاقات الزواج في الماضي
جاهزية «المبارك» و«العميري» و«بورسلي» للعرس الديموقراطي في «الطريق إلى المجلس»
عضو في «الشورى» السعودي: لا نص قرآنياً أو نبوياً يحرم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم الدينية
اكتشاف خلايا جذعية في العين
طبيبة شرعية تسرق جزءا من عمود فقري لتدريب كلبها
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
80.0009
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top